خطبة عيد الفطر 1443هـ

عبدالعزيز بن محمد
1443/09/27 - 2022/04/28 01:47AM

الحمدُ اللهِ رَبِّ العالمين، خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى {الرَّحْمَٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ *  لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَىٰ * وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى * اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ} أَشْهَدُ بِمَا شَهِدَ اللهُ بهِ لِنَفْسِهِ، وبما شَهِدَ بِه الملائكةُ المُسَبِحةُ بِقُدْسِه، وبما شَهِدَ بِه أولو العِلمِ مِن جِنِّهِ وإِنْسِه {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ  لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}

الله أكبر..  الله أكبر..   الله أكبر..  لا إله إلا الله والله أكبر

الله أكبر..    الله أكبر..    الله أكبر   كبيراً

وأَشْهَدُ أَن محمداً عبدهُ ورَسُولُه، اصطفاه اللهُ واجتباه. وأَرسَلَه للعالمينَ بشيراً ونذيراً. فهدى بِه مِن الضلالة، وأَرشَدَ بِهِ من الغِواية، وبَصَّرَ بِهِ مِن العَمى. صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابِه أجمعين. أما بعدَ فاتقوا الله عباد الله لعلكم ترحمون.

أيها المسلمون: أيها الصائمونَ سَلاماً.. صَوْمُكُمْ في اللهِ رَابِح. أيها القائمون سَلاماً سعيكم في الله راجِح.  تِجارَتُكُم مع اللهِ لَنْ تَبُوْرْ، وظَنُكُم باللهِ لَن يَخِيْب، دُعيتمُ إلى الصيامِ فَصُمْتُم، ورُغِّبْتُم في القيامِ فَقُمْتُم.  صَبَرْتُمْ في النهارِ على ظَمَأْ وَجُوْع، وفي الليلِ تجافَت جنوبُكُم عن المضاجِعِ.. والغافِلُونَ في سَمَرٍ أَو لَهْوٍ أَو هُجوع.  تَبْتَغونَ من اللهِ فَضلاً، وترجونَ مِنه جزاءً. آمَنْتُم باللهِ وصَدَّقْتُم بِموعُوْدِه {..وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ  فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ  وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}

{وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} الحياةُ كَنزٌ.. إِنْ عُمِرَت بِها منازِلُ الآخِرَة. وهي غَبْنٌ وخُسرانٌ.. إِنْ بُدِّدَتْ في لهوٍ وضياعٍ وعَبَث. وَهلْ أَدْرَكَ أَهلُ النعِيْمِ أعالي الدرجاتِ.. إلا بصالِح الأعمالِ وخالِصِ القُرُبات. عَمَلُوا في الدنيا قليلاً، ففازوا في الآخرةِ كثيراً

وَلَّى النَّصَبُ وزالَ التَّعَبُ، وبَقِيَ الأجرُ وطابَ الجزاءَ.  تَرَكْوا في الدُّنيا لأجلِ اللهِ شَهواتِهم.  هَجَرْوا الحرامَ، جَانَبْوا الآثام، وللنفوسِ حنينُ للهوى.. وشوقُ النفسِ للشهواتِ يُوهِنُ كُلَّ عَزْمِ.  ومَنْ استَعانَ بالله أَعانَه. ومَن أَقَامَ ذِكْرَ الآخِرَةِ في قَلْبِهِ. أَخْمَدَ في نَفْسِهِ لهيبَ الشهوات

الله أكبر..  الله أكبر..   الله أكبر..  لا إله إلا الله والله أكبر

الله أكبر..    الله أكبر..    الله أكبر   كبيراً

أيها المسلمون: لئن تفاخَرَتِ الأُممُ والدولُ بأعيادِها. فهذا هو عيدُنا أَهلَ الإسلام، جاءَ بِشَرِيْعَةٍ إلهيةِ، وبهديٍ نَبَوي.  لَمْ يَقُم على عُنصُرِيَّةِ، ولا على جاهليةٍ، ولا على حدودٍ جُغرافية.  بل عيدٌ جاءَ وَيَتَجَدَّدُ كُلَّ عامٍ بعد أداءِ رُكْنٍ عظيمٍ من أركان الإسلامِ.  يُكَبَّرُ فيه اللهُ ويُذْكَر، ويُحمدُ فيه اللهُ ويُشْكَر. فَمَا مِنْ مُسْلِمٍ على وَجْهِ الأَرْضِ إِلا وهذا العيدَ عِيْدُه.  فأظهروا في هذا العيدِ سرورَكُم، ولا تَبْعَثوا فيه سالِفَ مصائِبِكُم. جَدِّدُوا في هذا العيدِ للرَّحِم وَصْلاً. رَسِّخوا فيهِ معاني الأُخُوَّةِ وَأَدُّوْا فِيْهِ حُقُوْقَها. تَعَاهَدُوا فِيْهِ أَصْحَابَكم، وأَصْلِحُوا فيه شِقاقَكُم، واجمعوا فيه شَتَاتَكُم.  فإِن أَهنأ الناسِ عيشاً من جَعَل الصَّفحَ لَه سَجِيَّة. 

في العِيْدِ سُرُوْرٌ مَحْفُوْفٌ بِطُهْرٍ. وأُنْسٌ مَقْرُونٌ بِتَقْوَى. فالعِيْدُ عِيْدُ الشَّاكِرِيْن.   الشَاكِرُوْنَ لِرَبِهم.. أَنْ كانَ للخَيْرَاتِ هادٍ. أَن كانَ للتقوى مُعين.  أَن مَدَّهُم بالشهرِ ضاعَفَ أَجْرَهُم. أَنْ أَسْبَغ الإِحْسَانَ بِالحسَنَاتِ.  أَن كَفَّرَ الغَدَرَاتِ والزَّلاتِ. فَرَحٌ يُرَفْرِفُ في قُلُوبِ الصائمين. فالعِيْدُ عِيْدُ الشَّاكِرِيْن. لا يُجاهِرُونَ يومَ العيدِ بِمُنكَرٍ، ولا يسْتَخِفُّوْنَ فيهِ بِمَعصِيَةٍ، ولا يَسْتَهِينُونَ فيهِ بِذَنْب. فذاكَ نَهْجُ الجاهلين.

أيها المسلمون: شَهرٌ تَرَحَّلَ.. هُذِّبَت فيهِ أَخلاقٌ، وقُوِّمَت فيه أَنْفُسٌ، وشُيِّدَ فيه للتقوى صُروح.  شُمُوخٌ أَنْ تَدُوْمَ على صَلاحٍ كُنتَ فيهِ. لا تَهِدِمِ البُنيانَ بَعدَ ارتِفاعِهِ، لا تَنْكِث الغَزلَ بعدَ اشتِدادِهِ.  فإِنَّ أَعقَلَ الناسِ مَنْ إذا غَنِمَ غُنْماً أَحَاطَه، وَمَن إذا حَقّقَ مَكْسَباً حَفِظَه {وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا..} هَجَرْتَ معصيةً لأجل اللهِ في رَمضان.. إِيَّاكَ أَنْ تَعُوْدَ أَدْرَاجَكَ إليها.  أَلِفْتَ أعمالاً صالحةً في رمضانَ.. أَثْبِتْ لِنَفِسِكَ طريقاُ إليها. فاللهُ يُحِبُّ عبداً على عَمَلِ الصالحاتِ لَه إقامةٌ وثبات.  عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلى اللهِ تَعَالى أَدْوَمُها وإِنْ قَلّ" متفق عليه

دِيْنُكَ دِيْنُكَ.. إِياكَ أَن يُخْتَرَم، إياكَ أَن يَضِيْع.   صَلاتُكَ فارعَها.. هي عَمودُ الدينِ.. احفظْها تُحْفَظْ، أٌقِمْها تَسْتَقِيم. {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} مَنْ لَمْ يَرعَ لِصلاتِه قَدراً تَخَطَّفَتْهُ الشياطين.  مَنْ لَمْ يُقِم لها وَزْناً زَلَّت بِه القَدَمُ إلى أسفَلِ سافلين {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ}  أَقِم صلاتَك في وَقتِها {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا} مفروضةً في أَوقاتٍ معلومةٍ.

خاسِرٌ مَن أضاعَ صلواتِه، مَن أضاعَ أَوقاتها.. مَن أطاعَ هواهُ، مَن اتَّبَعَ شهَواتِه، يَنامُ عَن الصلاةِ المكتوبةِ لا يُبالي.. يَنْقُرُها نَقْراً متى ما استيقظ، في حديثِ رُؤيا النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: (أتانِي اللَّيْلَةَ آتِيانِ، وإنَّهُما ابْتَعَثانِي، وإنَّهُما قالا لي انْطَلِقْ، وإنِّي انْطَلَقْتُ معهُما، وإنَّا أتَيْنا علَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ، وإذا آخَرُ قائِمٌ عليه بصَخْرَةٍ، وإذا هو يَهْوِي بالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ، فَيَتَدَهْدَهُ الحَجَرُ ها هُنا، فَيَتْبَعُ الحَجَرَ فَيَأْخُذُهُ، فلا يَرْجِعُ إلَيْهِ حتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كما كانَ، ثُمَّ يَعُودُ عليه فَيَفْعَلُ به مِثْلَ ما فَعَلَ المَرَّةَ الأُولَى قالَ: قُلتُ لهما: سُبْحانَ اللَّهِ ما هذانِ؟ قالَ: قالا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ قالَ: فانْطَلَقْنا.. ــ وفي تمام الحديث ــ قالَ: قالَا لِي: أَمَا إنَّا سَنُخْبِرُكَ، أمَّا الرَّجُلُ الذي أتَيْتَ عليه يُثْلَغُ رَأْسُهُ بالحَجَرِ، فإنَّه الرَّجُلُ يَأْخُذُ القُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ ويَنَامُ عَنِ الصَّلَاةِ المَكْتُوبَةِ..) رواه البخاري.   {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} بارك الله لي ولكم..


الحمد الله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، وأشهد أَن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، جامع الناسِ ليومٍ لا ريبَ فيه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابِه وعلى من تبعهم بإحسانِ إلى يوم الدين وسلم تسليماً.  أما بعد فاتقوا الله عباد الله لعلكم ترحمون.

أيها المسلمون:   {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ..} نِعَمُ اللهِ علينا كَبِيْرَةٌ.. وَفَضْلُهُ عَلَيْنا عَظيم. والأُسرةُ مِنْ أَجَلِّ النِعَم لَو تَشْعُرُون

أُسرةٌ تتكامَلُ وتتكافَل.. مأَوى أمانٍ، وحصْنُ طُمأنينة.  على تقوى من الله ورضوانٍ قامَت. وعلى هُدى وبصيرةٍ استقامَت. بِرٌّ للوالدينِ، وتربيةٌ للأولاد، رَحْمَةٌ بالصغيرِ، وتوقيرٌ للكبير، عَطفٌ بَين أفرادِ الأُسرةِ ومَوَدَّة. تعاوُنٌ على البر ونُصحٌ وإخاء.

أًسرةٌ لها وَلِيٌ يَرعى شُؤُوْنَها وَيَحْمِيْهَا، يَقُوْمُ على مَصَالِحها، ويكابِدُ في تحقيقِ مكاسِبها، سيادَةُ الأُسْرَةِ عائدةٌ إليه، وولايَتُها ورعايتُها موكلَةٌ إليه. تَبقى الأُسرةُ في قوةٍ ومَنَعَةٍ.. ما كانَ لها وَلِيٌّ مُصٍلِحٌ لا يُنازَعُ في ولايَتِه.   تاهَتْ أُسرَةٌ أَوْهَنَت أَمرَ وَلِيِّها وراعيها. تَعْدُو عليها العَوَادِي، وَيَجْتَرِئُ عليها العِدا. وخاَبَ وَلِيٌّ أضاعَ الولايَةَ أَو استَهانَ بِحقوقِها.  

أُسرةٌ مؤمنةٌ.. تَبْقَى في مَأَمَنٍ مًا أُحِيْطَتْ بالإيمان.   شبابُها على الكَرَمِ والنخوةِ والشَّرَفِ قَدْ نَشَؤُوا.  وفتياتُها على العِفَّةِ والحياءِ والحجابِ قَد تَرَبَيْن.

فتاةٌ مُؤمنةٌ.. آمَنَت بِرَبِها وعلى شريعته استقامَت. خاطَبها القُرآنُ ففهِمَت خِطابَه. وأَمَرَهَا وَنَهاها فكانت لأَوامِرِه أسرعَ اسْتِجَابَة.  تأَلَّقَتْ في سماءِ الطُّهرِ، وارْتَقَت في دُرُوْبِ العِفَّة. مُعتَزَّةً بقِيَمِها، مُسْتَمْسِكَةً بِدِيْنِها، ثابِتَةً على أَخلاقِها، فَخورَةً بمبادئها.  فتاةٌ مُؤمنةٌ.. عَصَفَت حولَها رياحٌ الشبهاتِ والشهوات..  فلاذتْ بكَهفٍ من الإيمانَ يكفي. واحْتَمَتْ بِـحِصنٍ من الإيمانِ يَقِي. 

فتاةٌ مُؤمنَةٌ.. لها مِن الجَمَالِ ما يُغني. ولها من الأناقَةِ ما يُبْهِر. قَرَنَت جمالَها بصِدْقِ تَدَيُّنِها. وأَوثَقَت أناقَتَها بصدقِ حيائها.  تَسْتَمتِعُ في الحياةِ بما أَحَلَّهُ اللهُ لها {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ..}

 تَلْبَسُ من اللباسِ أَرقاهُ، ومن الحُلِيِّ أحْلاهُ، ومِنَ الزِّينةِ َحسَنها.  ولها كَمالُ عَقْلٍ، وَوَفْرَةُ فَهْمٍ، وحدَّةُ ذكاءٍ.. تُدرِكُ بِه أَن كُلَّ شيءٍ في الحياةٍ قابِلٌ لِمُسايَرَةِ الموضةِ ومجاراةِ المدَنِيَّةِ.. ما لَمْ يُتَخطى حواجِزَ الشَّرِيعةِ وأَوامِرَها. فأَوامِرُ اللهِ لا تُعصى، ونواهيهِ لا تُنتَهَك، دِيْنٌ تَدِيْنُ للهِ بِه، وبِه تلقى رَبها يوم أَن تَقِفَ بَينَ يديه.

فتاةٌ مُؤمنَةٌ.. عَلِمَت أَنَّ الحجابَ ليسَ عادةً مُجتَمَعِيَّة، ولا خِياراً ذاتياً. وإِنما فَرِيْضَةٌ جاءَت في نَصِّ الكتابِ في آياتٍ محكمات {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} حجابٌ تَحْجِبُ بِهِ عَن الرجالِ زِينَتها، وتُـخْفِي بِهِ عنهم مفاتِنها، فَلَزِمَت الحجابَ كما شُرِعْ.      * فتاةٌ مُؤمنَةٌ.. رأَتِ الحجابَ الذي شَرَعَه الله لها. يُعرَضُ في صورٍ وأشكالٍ من الفِتْنةِ لا حُدُوْدَ لها. لِيْصَيَّرِ بِذاتِه مَصْدَراً للفِتْنَةِ وشعاراً للزِّيْنَة. يُرَوَّجُ لَه في متاجِرِ أَهْلِ الفِسْقِ، ويُعرَضُ في معارِضِ أَهل الهوى.

فَغارَتِ المؤمنةُ على هذه الشَّعِيْرةِ أَنْ تُزْدَرى، وعلى هذا الحجابِ أَن يُخْتَرَق. فَلَجَأَت إلى رَبها تَسْأَلُهُ العِصْمَةَ. ونادَت في جموع المؤمناتِ: الثباتَ الثبات.   فتاةٌ مُؤمنَةٌ.. رضي الله عنها ..  لها من اللهِ أَكرمُ وعدٍ، ولها من الله أجزلُ جزاء {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً  وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}

إِن الحياةَ لَن تَدومَ كريمةً إلا بإقامةِ شريعةِ اللهِ في قلوبِنا، وبين أَهلينا وفي مُجتَمَعِنا،  وشعيرةُ الأمرِ بالمعروفِ والنهي عَن المنكرِ..  بها تُسْتَجْلَبُ رحمةُ اللهِ ويُدْفَعُ عِقابُه، وبها يُرفَعُ صَرْحُ الدينِ ويُحمى جَنابُه.  شعيرةُ الأَمرِ بالمعروفِ والنهي عن المنكرِ.. شعارٌ للرحمةِ والنُّصْحِ والمودةٍ بين المؤمنين. هي وسامُ شَرَفٍ على صدرِ كلِّ مؤمنٍ ومؤمنة {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ  يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ  أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ } فأبقوا هذه الشَّعِيْرَةِ قائمةً بين أَظْهرِكُم. تُحمى ظهوركم. وارفعوا شأنها فيكم تبقى ممالِكِكُم. {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ}

اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها..

المرفقات

1651371818_خطبة عيد الفطر 1443هـ بعد التعديل.docx

المشاهدات 1666 | التعليقات 0