خطبة عيد الفطر 1442هـ

خالد التميمي
1442/09/30 - 2021/05/12 14:03PM
عيد الفطر 1442
الْحَمْدُ لِلَّهِ الرَّحِيمِ الْغَفَّارِ، الْعَزِيزِ الْجَبَّارِ، مُكَوِّرِ النَّهَارِ عَلَى اللَّيْلِ، وَمُكَوِّرِ اللَّيْلِ عَلَى النَّهَارِ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَأَشْكُرُهُ عَلَى سَابِغِ فَضْلِهِ وَخَيْرِهِ الْمِدْرَارِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ، وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَ بِمِقْدَارٍ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، الْمُصْطَفَى الْمُخْتَارُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ الْأَطْهَارِ، وَصَحَابَتِهِ الْأَبْرَارِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَوْمِ الْقَرَارِ.
اللَّهُ أَكْبَرُ (تِسْعَ مَرَّاتٍ).
اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
وبعد … فاتقوا الله أيها الناس… واحَمدُوه عَلَى بُلُوغِ التَّمَامِ وَالْكَمَالِ، احَمدُوه عَلَى نعْمة الِاجْتِمَاعِ وَالْوِصَالِ.
( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ).
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى حِفْظِ الْأَدْيَانِ وَعَافِيَةِ الْأَبْدَانِ وَأَمْنِ الْأَوْطَانِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى نِعَمٍ ظَاهِرَةٍ وَبَاطِنَةٍ تَسْتَحِقُّ الشُّكْرَ وَالْعِرْفَانَ.
أيها الأفاضل : حُقَّ لنا أنْ نَفرحَ بعيدِنا، فَنَحنُ في يوم الجَوائِزِ، أدَّيتم فَرْضَكُم وَأَطَعْتُمْ ربَّكُمْ، وَصُمتُم شَهْرَكُم، فأَحْسِنُوا الظَّنَّ بِرَبِّكم، وَانْشُروا المَحبَّةَ بينَكُم، وتَزَاوَرُوا وتَبَادَلُوا التَّهَانِيَ وَالدَّعَوَاتِ، وَتجنّبوا الْمُعَانَقَةَ والمُصَافَحَةَ لِئلا يَنْتَقِلَ الوَبَاءُ .
اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
العيدُ هو يومٌ لتناسي الهمومِ، هو يومُ التبسّطِ، هو يومُ التيسيرِ على النفسِ والأهلِ والناسِ بالمباحات .
العيدُ هو يومُ الأطفالِ يفيضُ عليهم بالفرحِ والمرحِ.
العيدُ هو يومُ الفقراءِ يلقاهم باليسرِ والسعةِ.
العيدُ هو يومُ الأرحامِ يجمعُهم على البرِ والصِّلةِ.
العيدُ هو يومُ الأصدقاءِ يجددُ فيهم أواصرَ المودّة ودواعي الصُحبة .
هو يومُ النفوسِ الكريمةِ تتناسى فيه أضغانَها، فتجتمعُ بعدَ افتراقٍ، وتتصافى بعدَ كدرٍ، وتتصافحُ بعدَ انقباضٍ.
تقول أُمُّنا عائشةَ-رضيَ اللهُ عنها-: "دخلَ عليَّ رسولُ اللهِ ﷺ وعندي جاريتانِ تُغَنِّيانِ - تُنْشِدانِ-وليستا بمغنيتين -، فاضطجع على الفراشِ وحوّلَ وجهَهُ، ودخلَ أبو بكرٍ- رضيَ اللهُ عنه - فانْتَهَرَني، فأقبل عليه رسولُ اللهِ ﷺ فقالَ: دَعْهُما، يا أبا بكرٍ، إِنَّ لكلِّ قومٍ عيدًا، وهذا عيدُنا".
اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
أيها المسلمون : هَذَا الشَّهْرُ الَّذِي وَدَّعْنَا أَيَّامَهُ، مَزْبُورٌ بِمَعَانٍ إِيمَانِيَّةٍ جَلِيلَةٍ عَمِيقَةٍ، وَكَأَنَّمَا هُوَ مَوْعِدٌ يَعُودُ كُلَّ عَامٍ لِيُذكّرنَا بِمَبَادِئَ رَاسِخَةٍ، وَثَوَابِتَ خَالِدَةٍ، لَعَلَّ مِنْ أَهَمِّهَا: أَنَّ هَذَا الْإِمْسَاكَ عَنِ الْمُفْطِرَاتِ فِي الظَّاهِرِ، يَحْكِي عُبُودِيَّةً عَظِيمَةً يُحَقِّقُهَا الْمُسْلِمُ فِي الْبَاطِنِ؛ هِيَ (عُبُودِيَّةُ الِامْتِثَالِ).
رسّخ فينا مَبْدَأَ التَّسْلِيمِ لِلشَّرْعِ، فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى وَقْتِ إِمْسَاكٍ وَلَا مُفْطِّر… لِتَمْتَلِئَ الصُّدُورُ بَعْدَهَا بِالرِّضَا والِامْتِثَالِ لله الْكبير الْمُتَعَالِ (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) .
اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
يَا أَهْلَ الْإِيمَانِ وَالتَّسْلِيمِ: التَّسْلِيمُ لِنُصُوصِ الْوَحْيَيْنِ لَيْسَ هُوَ اعْتِرَافًا بِصِحَّةِ نِسْبَتِهَا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَقَطْ، التَّسْلِيمُ الْحَقُّ هو أَنْ يَتَلَقَّى الْعَبْدُ أَوَامِرَ الشَّرْعِ وَنُصُوصَهُ بِالْحَفَاوَةِ فَلَا يستهين ، وَبِالِامْتِثَالِ فَلَا يُعرض ، وَبِالْحُبِّ فَلَا يُكرَهُ ، معتقدا أَنَّ شريعة الإسلام هِي الْأَهْدَى وَالْأَكْمَلُ… لِيَكُونَ حَالُهُ مَعَ كُلِّ عَاصِفَةٍ فِكْرِيَّةٍ :(وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا) 
بِالتَّسْلِيمِ يَحْصُلُ اجْتِمَاعُ الكلمة وطاعة وليِّ الأمر، وَيجَفُّ التَّطَرُّفُ ، وَيتحَقَّقُ الِاعْتِدَالُ .
نَتَوَاصَى بِالتَّسْلِيمِ لِلنُّصُوصِ الشَّرْعِيَّةِ؛ لِأَنَّنَا نَعِيشُ وَاقِعًا مُنْفَتِحًا وَمَفْتُوحًا، فَالِانْحِرَافَاتُ الْفِكْرِيَّةُ وَمُغَذِّيَاتُهَا أَصْبَحَتْ تَعْبُرُ الْحُدُودَ، وَتَتَجَاوَزُ السُّدُودِ، وَتَغْزُو الْبُيُوتَ عَبْرَ الشَّاشَاتِ وَالْهَوَاتِفِ ، وأصبح طائفة مِنْ أَبْنَائِنَا وَبَنَاتِنَا يَبْحَثُونَ عَنِ التَّغْيِيرِ أَيًّا كَانَ نَوعُهُ - والتغيير للأفضل مطلوب - ولكن لينتبهوا بأنّ ديننا لايقبلُ التنازلَ عن المسلَّمات، ولا التهاونَ في التشريعاتِ .
دين الإسلام ليس مقصورا على مسجدٍ وسجادةٍ وسِواك… بل هو مهيمن على العمل والسوق والسياحة .
ما أجمل تورع الصائم وهو يسأل عن قطرة العين ، والأجمل أن تحفظ تلكم العين والوجه والجسد عن مزالق الحرام .
ما أبهى وجهَ المرأة وهو تتبتّل لله بكّاءةً في قُنوتها ، والأبهى أن يكسوه الحياء بعد الصلاة ، وأن يُصانَ في الأسواق والمتنزهات .
دين الإسلام الذي قال { فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ } هو الشرع القائل (من غشنا فليس منا)
القائل{ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي } هو القائل { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى }
إن الفصل بين الدين وبين شؤون الحياة إنما هو هدف كلِّ مستعمرٍ أومستغرب …
هم يريدون جيلا يصلي في المسجد ولكنه لا يجد حرجا في الفواحش.
هم يريدون جيلا يصوم عن الطعام والشراب… لكنه لا يتورع عن الفسوق والعصيان،.
هم يريدون جيلا يصلي ويصوم ولكنه يتقبل الربا والتبرج والاختلاط المفسد والخلوة الخاطئة
يَا أَهْلَ الْإِيمَانِ : قوةُ الإيمانِ وصلاحُ الدين…حصنٌ من المزالق،وأمانٌ من النكبات،وحرزٌ من المهالِكِ وقوةٌ في النائبات.
أخذُ الدين بقوة… هو قبولٌ لكُلِّ أوامِرِهِ ونواهيه، وأحكامِه وتشريعاتِه بانقيادٍ تامٍ واستسلامٍ كامل… من غير ترددٍ ولا توَقُّف، ولا تخبطٍ ولا انتقاء { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } فمن لَزَمَ هذا الصراطِ ألبسَه الله تاج العِزِّ، وأقامَه مقام القوةِ، وأمدَّه بالعونِ والتمكين.
اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ{ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }
 الخطبة الثانية
أَمَّا بَعْدُ فَيَا إِخْوَةَ الْإِيمَانِ: وَلِلْمَرْأَةِ وَاجِبٌ عَظِيمٌ، فِي الِامْتِثَالِ وَالتَّسْلِيمِ، وَالرِّضَا بِتَشْرِيعَاتِ الْعَلِيمِ الْحَكِيمِ، فِي طَاعَتِهَا لِزَوْجِهَا، وَحِجَابِهَا وَحَيَائِهَا، وَتَرْبِيَةِ أَوْلَادِهَا عَلَى الْخُلُقِ وَالدِّينِ، وَلِتُبَشَّرَ بَعْدَ هَذِهِ الِاسْتِجَابَةِ بِالدَّرَجَاتِ الرَّفِيعَةِ وَالْأُجُورِ الْوَفِيرَةِ، وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ:" إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ "
اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
مَعَاشِرَ الأَبْنَاءِ وَالبَنَاتِ: صَلاتُكم نُورُكُم، وَصِلَتُكُم بِربِّكم هي سَبَبٌ لانشِرَاحِ صُدورِكُم، وَتَيسيرِ أُمورِكم. اللهَ اللهَ لا يَغلِبَنَّكُم عن الصَّلاةِ شُغلٌ ولا هَوَى، ولا شَيطَانٌ ولا صديقُ سُوءٍ! وَاتَّقوا اللهَ فِي وَالِدِيكُمْ، واغتنموا خَيرَهُمَا وبِرَّهُمَا ورَدِّدوا : { رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرا }.
أيها الإخوة : اليَوْمُ هُوَ يَوْمُ التَّصَافِي وَالتَّهَانِي ، كُنِ أنت الْوَاصِلَ والْمُبَادِرَ فانْطَلِقُوا بِعِيدِكُمْ مُبْتَهِجِينَ مُسْـتَـبـشِرِينَ وَقَابِلوا أَهلِيكُم وأَصْحَابِكُمْ وَجِيرَانِكُم وَالعُمَّالَ بِالبِشْرِ والتِّرْحَابِ والبشاشة والبِشْر ، و هَنِيئًا لِمن يَزْرَعُ الْبَهْجَةَ ويُعْطِي مِنْ نَفْسِه عَفْوًا وَتَسَامُحًا وَتَوَاضُعًا .
اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
أَسْبَغَ اللَّهُ عَلَيْنَا نِعَمَ الْخَيْرَاتِ، وَتَقَبَّلَ مِنَّا وَمِنْكُمْ صَالِحَ الطَّاعَاتِ، وَأَعَادَ عَلَيْنَا شَهْرَنَا الْغَالِيَ وَنَحْنُ نَرْفُلُ في الْعَافِيَةِ والجِدَةِ وَالْمَسَرَّاتِ.
اللَّهُمَّ أَحْيِنَا مُؤْمِنِينَ وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ، وَأَلْحِقْنَا بِالصَّالِحينَ غَيْرَ خَزَايَا وَلاَ مَفْتُونِينَ.
اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ تَوْبَتَنَا، وَاغْسِلْ حَوْبَتَنَا، وَاشْفِ صُدُورَنا، وَطَهِّرْ قُلُوبَنَا، وَحَصِّنْ فُرُوجَنَا، وَارْحَمْ أَمْوَاتَنَا، واشْفِ مَرْضَانَا، وَاقْضِ دُيونَنَا وَاهْدِ ضَالَّنَا ، وَأَدِمْ أَمْنَنَا، وَانْصُرْ جُنُودَنَا، وَوَفِّقْ وُلاةَ أُمُورِنا، وَأَصْلِحْ أَحْوالَ أُمَّتِنَا يَا رَبَّ الْعَالَمِيِن.
{ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار }.
{ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ. وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }.
المرفقات

1620828194_‎⁨ ‏‎⁨عيد الفطر 1442⁩⁩.docx

1620828194_‎⁨ ‏‎⁨عيد الفطر 1442⁩⁩.pdf

المشاهدات 1316 | التعليقات 0