خطبة عيد الفطر 1440هـ
أ.د عبدالله الطيار
الحمدُ لله ربِّ العالمين، الرحمنِ الرحيمِ، مالكِ يومِ الدينِ، والعاقبةُ للمتقينِ ولا عدوانَ إلا على الظالمين، الَّلهُم لكَ الحمدُ كلُّه، لا مَانعَ لما بَسطتْ، ولا باسطَ لما قَبضتْ، ولا هَاديَ لما أضللتْ، ولا مُضلَّ لمنْ هديتْ، ولا مُعطيَ لما مَنَعتْ، ولا مانعَ لما أعطيتْ، ولا مقرِّبَ لما باعدتْ، ولا مُباعدَ لما قرَّبتْ.
اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ.
اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، لا إله إلا اللهُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، وللهِ الحمدُ.
اللهُ أكبرُ كبيراً ، والحمدُ للهِ كثيراً، وسبحانَ اللهِ بكرةً وأصيلاً.
أحمدُ اللهَ وأشكرهُ وأُثني عليهِ الخيرَ كلَّه، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحده لا شريكَ له، الكريمُ في عطائِه، الحليمُ على خلقِه، وأشهدُ أنَّ نبيَّنا محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُه، كان قدوةَ الخلقِ في عبادِة ربِّه فكانَ عبدًا شكورًا، صلى اللهُ عليه وآلهِ وصحبهِ، والتابعينَ لهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ وسلَّم تسليماً كثيراً. أما بعدُ: فيأيها المسلمونَ والمسلمات، مباركٌ علينا وعليكم عيدُ الفطرِ المبارك، أعادَه اللهُ علينا وعليكم بالأمنِ والإيمانِ، والسلامةِ والإسلامِ، وأحلَّ علينَا وعليكم من بركاتِ العيدِ. وأُوصيكم ونفسي بتقوى اللهِ، فهي الوصيةُ الأولى لعبادِه وخلقِه.
عبادَ اللهِ: عليكم أنْ تودِّعوا شهرَكم بشكرِ مولاكم أَنْ بلَّغكم إياه، وأعانَكم فيه على الصيامِ والقيامِ، وسائرِ الأعمالِ، وعليكم بالاستمرارِ على طاعةِ ربِّكم، والحرصِ على ما أمرَكم به من الفرائضِ وغيرهَا من نوافلِ الأعمالِ. أسألُ اللهَ جلَّ وعلا أنْ يجعَلنَا وإيَّاكم من المقبولين، وممن أعتق الله رقابهَم من النَّارِ.
اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، لا إله إلا اللهُ. اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، وللهِ الحمد.
أيُّها المسلمونَ والمسلماتَ: أتى هذا العيدُ المبارك بعدَ أدائِكم للطاعةِ من الصيامِ والقيامِ والصدقةِ وتلاوةِ القرآنِ، فهنيئاً لكم الفرحةَ به، ومكافأةَ ربِّكم العظيمة. فعن جُبيرِ بن نُفيرٍ قال: كان أصحابُ النبِّي صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يومَ العيدِ، يقولُ بعضُهم لبعضٍ: تقبَّلَ اللهُ منا ومنك. (رواه أحمد).
إخوتي في الله: إنَّ فرحتَنا بعيدِنا أَنْ يرى الله منا صلاحَ قُلوبِنا، وسلامةَ صُدورِنا وتبدَّلَ أحوالِنا، والتزامَ أمرِه ونهيِه، والسيرَ على طريقِه وهديِه، وأن نقتَديَ بخيرِ خلقِه صلى اللهُ عليهِ وسلم.
وأن نستمرَّ في العبادةِ بعدَ رمضان، فقد قال نبيُّنا صلى الله عليه وسلم: (أحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ تعالى أدومُها، وإن قلَّ)(رواه البخاري ومسلم) وألا نعودَ إلى المعصيةِ والتقصيرِ والغفلةِ مرةً أخرى، وأن نتعاهدَ أنفسَنا بصلاحِها، وقلوبَنا بتزكيتِها وطهارتِها من أمراضِها.
اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلا اللهُ.. اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، وللهِ الحمدُ.
أيُّها المسلمون والمسلمات: وهذا العيدُ فرصةٌ عظيمةٌ لإزالةِ الأحقادِ والضغائنِ من القلوبِ والنفوسِ، بعيدينَ فيهِ عن الظلمِ والإثمِ والعدوانِ، والتباغضِ، والتقاطعِ، والتدابرِ، والسعيدُ في هذا اليوم مَنْ وَصَلَ رحمَه وعفى وصفحَ وبذلَ الإحسانَ إلى أهلِه وأقاربِه ومَنْ حولِه احتساباً للأجرِ من الكريمِ المنانِ.
اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلا اللهُ.. اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، وللهِ الحمدُ.
عبادَ اللهِ: ومما يُستَحبُّ القيامُ به في هذهِ الأيامِ المباركةِ التهنئةُ بالعيدِ بين المسلمين؛ فيقولُ المسلمُ لأخيهِ (عيدٌ مباركٌ علينًا وعليكم)، أو (تقبَّلَ اللهُ منَّا ومنكم)، وما أشبَهَ ذلكَ من عباراتِ التهنئةِ المباحةِ.
وكذلك التوسعةُ على الأهلِ والعيالِ في هذا اليومِ من غيرِ بذخٍ أو تبذيرٍ أو إسرافٍ.
وإدخالُ السرورِ على الوالدينِ، والزوجةِ والعيالِ، والإخوةِ والأخواتِ، والأقاربِ والجيرانِ. والبذلُ في هذهِ الأيامِ على الفقراءِ والمساكيِن وأصحابِ الحاجاتِ، فكمْ من بيتٍ مسلمٍ لا يجدُ حاجتَه ليفرحَ بالعيدِ كما يفرحُ الناس.
اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلا اللهُ.. اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، وللهِ الحمدُ.
عبادَ الله: على الجميعِ تَجنُّبَ الإسرافِ والتبذيرِ في موائِد العيدِ، والمناسباتِ، وتجنُّبِ خُروجِ النساءِ مُتبرجاتٍ متعطراتٍ، وخاصةً في الحدائقِ والمتنزهاتِ العامةِ والخاصةِ، والبعدُ عن الاختلاطِ والتكشفِ وخاصةً في المناسباتِ العائليةِ، وليحْذرَ أولياءُ الأمورِ من شراءِ الألعابِ النَّاريةِ لما فيها من الأذى والضررِ وإضاعةِ المال.
بسم الله الرحمن الرحيم: {وَالْعَصْر* إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْر* إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْر}[العصر].
اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلا اللهُ.. اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، وللهِ الحمدُ.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسُولُه، صلى اللهُ وسلمَ عليه وعلى آلهِ وصحبهِ ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ، وسلَّم تسليما كثيراً. أما بعد:
فاتقوا اللهَ حقَّ التَّقوى، واعلموا أنَّ بلادَكم مستهدفةٌ من أعدائِها، فاحرصوا على اجتماعِ الكلمةِ ووحدةِ الصفِّ، والدعاءِ لوليّ الأمرِ، فهذا دأبُ سلفِكم الصالِح، واحذروا من الشائعاتِ والأراجيفِ التي تصبُّ في مصلحةِ الأعداءِ، وكونوا صمامَ الأمانِ لبلادِكم من تربصاتِ ومكرِ أعدائِكم.
وتكاتَفوا، وترابَطوا، وتماسَكوا؛ فالعزُّ كُلُّ العزِّ في التَّمسكِ بهذا الدينِ، والتآلفِ بين الراعِي والرعيةِ، واحمدوا اللهَ تعالى على نعمةِ الأمنِ والإيمانِ، ونعمةِ رغدِ العيشِ، التي تتقلبونَ فيها وقد حُرِمها غيرُكم.
اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلا اللهُ.. اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، وللهِ الحمدُ.
عبادَ اللهِ: لقد مرّ خلالَ هذا العامِ أحداثٌ مفجعةٌ وأحوالٌ لا تسرُّ المؤمنينَ، مَرَّت بكثيرٍ من البلادِ من حولِنا، يندى لها الجبينُ وتبكي لها العيون، وبلادُنا وللهِ الحمدُ والمنّةُ حفظها اللهُ تعالى من كثيرٍ من الشرورِ، فحفظَ عليها دينَها، وأمنَها، وسلامتَها، ورغدَ عيشِها، واجتماعَ كلِمتها، ووحدةَ صفِّها، فنحمدُ اللهَ جلَّ وعلا على هذهِ النعمِ العظيمةِ ونسألهُ تعالى أن يديمَها علينَا وعلى سائرِ بلادِ المسلمين.
ولعلَّ من آخرِ ما شرَّفها به تلكَ القِمّمْ التي تَمَّت في أشرفِ بقعةٍ وزمانٍ، وتحقَّقَ بها خيرٌ كثيرٌ، أسَألُ اللهَ أن نرى ثمرتَها في القريبِ العاجلِ وجزى اللهُ خادم الحرمين الشريفين خير الجزاء على هذه الدعوةِ لهذه المؤتمرات واختيار الزمان والمكان المناسبين لها.
اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلا اللهُ.. اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، وللهِ الحمدُ.
عباد الله: وصيتي لكلِّ امرأةٍ مسلمةٍ أن تتقيَ اللهَ جلَّ وعلا، وأن تحافظَ على فرضِها، وأن تطيعَ زوجهَا، وأن تحافظَ على وقتِها من تضييعِه في غيرِ ما يُرضي الله، وأن تحرصَ على حجابِها الشرعي، طاعةً لأمرِ ربِّها، وألا تزاحمَ الرجالَ أثناءَ انصرافِهم من الصلاةِ، وأن تجتنبَ مَسَّ الطيبِ أثناءَ خروجِها من بيتِها، وأن تُحافظَ على نفسِها وبناتِها وألا تنشغلَ بالمباحاتِ عن الفرائضِ.
اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلا اللهُ.. اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، وللهِ الحمدُ.
عباد الله: يُسنُّ للمسلمِ إذَا دخلتْ عليهِ أيامُ شهرِ شوالِ أن يَصومَ ستًّا منها بدايةً من ثاني أيامِ العيدِ تعجلاً بالطاعةِ، ومتابعةً لها، لقولِه صلى اللهُ عليه وسلم: (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتّبَعُه سَتًّا مِنْ شَوالِ فَكأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ)(رواه مسلم).
ومنْ كانَ عليِه قضاءٌ من رمضانَ فليبادرْ إلى صيامِه قبلَ صيامِ السِّتِ من شوال، لأنَّ دينَ اللهِ أَحقُّ بالقضاءِ، والواجبُ مُقدمٌ على المسنونِ.
هذا وصلوا وسلموا على الحبيب المصطفى فقد أمركم الله بذلك فقال جل من قائل عليماً: [إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً] (الأحزاب:٥٦).
أعاد الله علينا وعليكم من بركات العيد، وتقبل الله منا ومنكم وسائر المسلمين صالح الأعمال، والحمد لله رب العالمين.
1- 10- 1440هـ