خُطْبَةُ عِيْدِ الفِطْرِ 1440هـ

محمد بن مبارك الشرافي
1440/09/21 - 2019/05/26 18:06PM

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ , اللهُ أَكْبَرُ (9 مرات)

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَاشْكُرُوهُ عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْكُمْ مِنْ إِتْمَامِ الصِّيَامِ وَالْقِيَامِ، وَاسْأَلُوهُ أَنْ يَتَقَبّلَ مِنْكُمْ وَيَتَجَاوَزَ عَمَّا حَصَلَ مِنَ التَّفْرِيطِ وَالْإِهْمَالِ، وَاحْمَدُوا رَبَّكُمْ حَيْثُ جَعَلَ لَكُمْ عِيدًا عَظِيمًا، وَمَوْسِمًا جَلِيلًا، يَتَمَيَّزُ عَنْ أَعْيَادِ الْكُفَّارِ فَيَخْتَصُّ بِخَيْرِهِ وَمَصَالِحِهِ وَبَرَكَاتِهِ, عِيدٌ عَظِيمٌ, مَبْنِيٌّ عَلَى التَّوْحِيدِ وَالإِيمَانِ، قَائِمٌ عَلَى الْإِخْلَاصِ وَالتَّمْجِيدِ لِلرَّحْمَنِ, عِيدُ الْإِفْطَارِ، عِيدُ الْفَرَحِ وَالاسْتِبْشَارِ، فَافْرَحُوا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ بِعِيدِكُمْ, وَأَدْخِلُوا السُّرُورَ عَلَى أَهَالِيكُمْ وَأَقَارِبِكُمْ وَكُلِّ مَنِ اسْتَطَعْتُمْ, وَإِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ عِيدًا وَهَذَا عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ.

اللهُ أَكْبَرُ, اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ , وَاللهُ أَكْبَرُ, اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدِ

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: تَذَكَّرُوا بِجَمْعِكُمْ هَذَا, يَوْمَ الْجَمْعِ الْأَكْبَرِ حِينَ تَقُومُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ قُبُورِكُمْ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ، حَافِيَةً أَقْدَامُكُمْ, عَارِيَةً أَجْسَامُكُمْ، شَاخِصَةً أَبْصَارُكُمْ, قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ}, يَوْمَ تُنْشَرُ الدَّوَاوِينَ وَتُوضَعُ الْمَوَازِينُ, فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ، وَأَعِدُّوا لِهَذَا الْيَوْمِ عُدَّتَهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.

اللهُ أَكْبَرُ, اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ , وَاللهُ أَكْبَرُ, اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدِ

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّنَا بِهَذَا الاجْتِمَاعِ نَتَذَكَّرُ اجْتِمَاعًا آخَرَ أَكْبَرَ مِنْهُ فَنُحَافِظَ عَلَيْهِ أَشَدَّ الْمُحَافَظَةِ, وَنَتَجَنَّبَ كُلَّ مَا يُخِلُّ بِهِ, إِنَّهُ اجْتِمَاعُنَا عَلَى وُلاةِ أَمْرِنَا مِنْ عُلَمَاءَ وَأُمَرَاءَ. فَإِنَّ مِمَّا تَكَاثَرَتْ بِهِ نُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْحَثَّ عَلَى اتِحَّادِ صَفِّ الْمُسْلِمِينَ, وَالْمُحَافَظَةَ عَلَى وَحْدَةِ الْكَلِمَةِ, وَالسَّمْعَ وَالطَّاعَةَ لِوُلاةِ الْأَمْرِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ, قَالَ اللهُ تَعَالَى {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}, وَلَنْحَذَرْ - أَيُّهَا الْعُقَلاءُ - مِنَ التَّصَرُّفَاتِ الْهَوْجَاءِ أَوِ الْأَفْكَارِ الْعَوْجَاءِ مِمَّا يُنَادِي بِهِ بَعْضُ السُّفَهَاءِ, وَلْنَحْمَدِ اللهَ عَلَى مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ نِعْمَةٍ, وَلْنَعْتَبِرْ بِمَنْ حَوْلَنَا مِنَ الْبُلْدَانِ الَّتِي قَدِ اخْتَلَّ زِمَامُهَا وَانْفَرَطَ نِظَامُهَا, نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَرْحَمَ الْمُسْلِمِينَ وَيُصْلِحَ شَأْنَهُمْ وَيُوَلِّي عَلَيْهِمْ خِيَارَهُمْ.

اللهُ أَكْبَرُ, اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ , وَاللهُ أَكْبَرُ, اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدِ

أَيُّهَا الشَّبِابُ: أَنْتُمْ عِمَادُ الْأُمَّةِ وَمُسْتَقْبَلُهَا الزَّاهِرُ بِإِذْنِ اللهِ, وَأَنْتُمْ أَمَلُهَا بَعْدَ اللهِ, فَإِنْ صَلَحْتُمْ صَلَحَتْ, وَإِنْ كَانَتِ الْأُخْرَى: فَالْهَلَاكُ وَالشَّرُّ يَنْتَظِرُهَا, إِنَّ الشَّابَّ الْمُسْلِمَ هُوَ الطَّائِعُ لِرَبِّهِ تَعَالَى, الْمُتَشَرَّفُ بِاتِّبَاعِ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, مُحَافِظٌ عَلَى الصَّلَاةِ فِي أَوْقَاتِهَا حَيْثُ يُنَادَى بِهَا, حَرِيصٌ عَلَى الْقُرْآنِ تِلَاوَةً وَحِفْظًا وَفَهْمًا, إِنَّ الشَّابَّ النَّاجِحَّ: هُوَ ذَاكَ الْبَارُّ بِوَالِدَيْهِ, الْوَاصِلُ لِأَرْحَامِهِ, الْحَرِيصُ عَلَى إِيصَالِ الْخَيْرِ لِلنَّاسِ بِكُلِّ مَا اسَتْطَاعَ, إِنَّهُ يَغُضُّ بَصَرَهُ عَنِ الْحَرَامِ, وَيَحْفَظُ سَمْعَهُ عَنِ الْحَرَامِ, وَلِسَانُ حَالِهِ وَمَقَالِهِ يُرَدِّدُ قَوْلَ اللهِ تَعَالَى (إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ), إِنَّ الشَّابَّ الْمُسْلِمَ بَعْيدٌ عَنِ الْمَعَاصِي بِأَنْوَاعِهَا مُتَنَزِّهٌ عَنِ الْفَوَاحِشِ بِأَشْكَالِهَا مِنَ الزِّنَا وَاللِّوَاطِ أَوْ غَيْرِهَا, إِنَّهُ بَعِيدٌ عَنْ إِيذَاءِ النَّاسِ بِنَفْسِهِ أَوْ سَيَّارَتِهِ أَوْ قَلَمِهِ أَوْ لِسَانِهِ, إِنَّهُ يَحْتَرِمُ أَمْوَالَ النَّاسِ فَلا يَنْتَهِكَهَا بِغَصْبٍ أَوْ سَرِقَةٍ, لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا), وَقَالَ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَعَنَ اللهُ السَّارِقَ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

اللهُ أَكْبَرُ, اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ , وَاللهُ أَكْبَرُ, اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدِ:

إِنَّ الشَّابَّ الْعَاقِلَ يُدْرِكُ خَطَرَ الْمُخَدِّرَاتِ والْمُنَبِّهَاتِ وَالْمُسْكِرَاتِ, إِنَّهُ يَعْلَمُ ضَرَرَهَا عَلَى دِينِهِ, وَيَعْرِفُ دَمَارَهَا لِدُنْيَاهُ, إِنَّهُ يَرَى وَيَسْمَعُ مَاذَا حَلَّ بِمَنْ سَقَطَ فِيهَا فَضَاعَ حَاضِرُهُ وَمُسْتَقْبَلُهُ, إِنَّهُ يَعْلَمُ وَيَسْمَعُ كَمْ فِي السُّجُونِ مِنْ ضَحاَياَ الْمُخَدِّرَاتِ, وَكَمْ فِي الْمُسْتَشْفَيَاتِ مِنَ مَرْضَى الْمُنَبِّهَاتِ وَالْمُسْكِرَاتِ, وَكَمْ تَهَدَّمَتْ بُيُوتٌ وَضَاعَ بِسَبَبِهَا البَنُونَ وَالْبَنَاتِ, إِنَّهُ يَسْمَعُ وَيَعْلَمُ بُكَاءَ الآبَاءِ وَأَنَّاتِ الْأُمَّهَاتِ, وَذَلِكَ قَلِيلٌ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ ضَحَايَا الْمُخَدِّرَاتِ وَالْمُنَبِّهَاتِ.

اللهُ أَكْبَرُ, اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ , وَاللهُ أَكْبَرُ, اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدِ

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّنَا نَعِيشُ فِي عَصْرٍ تَوَالَتِ الْفِتَنُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ, وَلا يَكَادُ أَحَدٌ إِلَّا وَقَدْ أَصَابَتْهُ هَذِهِ الْفِتْنَةِ, وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ.

وَإِنَّ مِنَ الْفِتَنِ فِي هَذَا الْعَصْرِ فِتْنَةَ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الْحَدِيثَةِ وَخَاصَّةً الْجَوَّالاتْ التِي صَارَتْ فِي يَدِيِ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ وَالْعَاقِلِ وَالسَّفِيهِ وَالرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ, وَغَالِبُ مَا فِيهَا غَيْرُ مُفِيدٍ بَلْ مُضِرٌّ . وَإِنَّنَا قَدْ ابْتُلِينَا بِهَا جَمِيعًا, حَتَّى صَارَ الْبَعْضُ يَظُنُّ أَنَّهُ لا يَسْتَطِيعُ الْعَيْشَ بِدُونِهَا, وَقَدْ عَاشَ النَّاسُ رَدْحًا مِنَ الزَّمَنِ بِدُونِ جَوَّالاتٍ بَلْ بُدُونِ حَتَّى التِّلِفُونَاتِ أَوِ التِّلِفِزْيُونَاتِ, وَكَانَتْ حَيَاتُهُمْ أَهْدَأَ وَعَيْشُهُمْ أَهْنَأَ.

وَأَمَّا أُنَاسُ الْيَوْمِ فَقَدِ انْغَمَسُوا فِي وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ بِشَكْلٍ مُخِيفٍ, وَتَنَوَّعَتْ اسْتِخْدَامَاتُ النَّاسِ لَهَا, بَيْنَ مُقَلٍّ وَمُسْتَكْثِرٍ وَهُمُ الْأَغْلَبُ, حَتَّى صَارَ بَعْضُنَا يَتَزَيَّنُ بِتَحْمِيلِ هَذِهِ الْبَرَامِجِ وَبِمَعْرِفِةِ تِلْكَ الْمَوَاقِعِ, هَذَا فِي عُقَلاءِ الرِّجَالِ, فَمَاذَا عَسَانَا أَنْ نَقُولَ فِي الشَّبَابِ أَوِ الْأَطْفَالِ أَوِ النِّسَاءِ؟

إِنَّهُ لَأَمْرٌ مُفْزِعٌ, وَشَيْءٌ مُقْلِقٌ! فَكَمْ مِنَ السَّاعَاتِ أُهْدِرَتْ ؟ وَكَمْ مِنَ الْأَمْوَالِ صُرِفَتْ ؟ وَكَمِ مِنَ الشُّبَهِ أُلْقِيَتْ ؟ وَكَمْ مِنَ الشَّهَوَاتِ أُثِيرَتْ, حَتَّى صِرْنَا فِي حَيرَةٍ مِنْ أَمْرِنَا, لا نَدْرِي مَاذَا نَقُولُ وَلا مَاذَا نَفْعَلُ.

وَإِنَّهُ لا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَمْنَعَ النَّاسَ مِنَ هَذِهِ الْأَجْهِزَةِ إِلَّا رَبُّهمْ عَزَّ وَجَلَّ, وَلَكِنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْنَا جَمِيعًا أَنْ نَعْمَلَ عَلَى تَرْشِيدِ اسْتِخْدَامِ هَذِهِ الْأَجْهَزِةِ وَأَنْ لا نَتَّبِعَ كُلَّ جَدِيدٍ وَنُطَارِدَ كُلَّ حَدِيثٍ, وَأَنْ نَقُومَ بِوَاجِبَاتِنَا الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيِّةِ, وَلا َتْمَنَعَنَا هَذِهِ الْأَجْهِزَةُ مِنْ ذَلِكَ.

اللهُ أَكْبَرُ, اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ , وَاللهُ أَكْبَرُ, اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدِ

أَيَّتُهَا الْمُسْلِمَاتُ: إِنَّ عَلَيْكُنَّ أَنْ تَتَّقِيْنَ اللهَ فِي أَنْفُسِكُنَّ، وَأَنْ تَحْفَظْنَ حُدُودَهُ، وَتَرْعَيْنَ حُقُوقَ الْأَزْوَاجِ وَالْأَوْلَادِ، {فَٱلصَّـٰلِحَـٰتُ قَـٰنِتَـٰتٌ حَـفِظَـٰتٌ لّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ ٱللَّهُ} , فَاحْذَرِي أَيَّتُهَا الْمُؤْمِنَةُ التَّبَرُّجَ والسُّفُورَ فَإِنَّهُ حَرَامٌ وَمَهْلَكَةٌ وَطَرِيقٌ لِهَتْكِ الأَعْرَاضِ وَسَبِيلٌ إَلَى النَّارِ, قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا)، وَذَكَرَ: (وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا) , فَلا تُلْبِسْنَ بَنَاتِكُنَّ أَلْبِسَةً مُخَالِفَةً لِلشَّرِيعَةِ, إِمَّا قَصِيرَةً أَوْ شَفَّافَةً أَوْ مُشَابِهَةً لِأَلْبِسَةِ الْكَافِرَاتِ, فَأَنْتِ مَسْؤُولَةٌ عَنْ بَنَاتِكِ وَأَبْنَائِكِ, فَأَحْسِنِي تَرْبِيِتَهَمُ عَلَى طَاعَةِ اللهِ. أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ .

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ للهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ, وَالصَّلَاةُ وَالسَّلُامُ عَلَى رُسُولِهِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ. اللهُ أَكْبَرُ(7 مرات)

أُمَّةَ الإِسْلَامِ: إِنَّ مَمَّا أَقَضَّ مَضَاجِعَ الْمُؤْمِنِينَ وَأَطَارَ لَذَّةَ النَّوْمِ عَنِ الْمُوَحِدِّينَ تِلْكُمُ الْهَجْمَةُ الشَّرِسَةُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ عُمُوماً وَعَلَى الْمَرْأَةِ السُّعُودِيَّةِ خُصُوصًا, مِنَ الْغَرْبِ الصَّلِيبِيِّ الْكَافِرِ وَمِنْ أَذْنَابِهِ النَّاعِقِينَ وَرَاءَهُ مِنْ أَهْلِ العَلْمَنَةِ وَالنِّفَاقِ, لِيُخْرِجُوا الْمَرْأَةَ عَنْ دِينِهَا، وَيُبْعِدُوهَا عَنْ مَنْزِلِهَا، وَيَنْزَعُوا عَنْهَا حِجَابَهَا وَيَهْتِكُوا عَفَافَهَا .

أُمَّةَ الإِسْلَامِ: مَاذَا يُرِيدُ مِنَّا هَؤُلاءِ الْغَرْبُ وَمَنْ تَرَبَّى فِي أَحْضَانِهِمْ وَرَضَعَ مِنْ أَفْكَارِهِمْ، وَحَمَلَ سُمُومَهُمْ مِنْ أَبْنَاءِ جِلْدَتِنَا، وَمِمَّنْ يَنْتَسِبُونَ لَدِينِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِلُغَتِنَا ؟ أَيُرِيدُ مِنَّا هَؤُلاءِ أَنْ نُخْرِجَ لَهُمْ نِسَاءَنَا ؟ أَمْ يُرِيدُونَ أَنْ تُهْتَكَ أَعْرَاضُنَا ؟ أَمْ يُرِيدُونَ ضَيَاعَ أُسَرِنَا ؟ نَعَم, إِنَّهُ مُرَادُهُمْ قَالَ اللهُ تَعَالَى (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ), إِنَّ المنَافِقِينَ مِمَّا ابْتُلِيَتْ بِهِ الأُمَّةُ قَدِيماً وَحَدِيثاً, وَهُمُ الطَّابُورُ الخَامِسُ ضِدِّ المسْلِمِينَ, وَقَدْ سَمْاهُمُ اللهُ أَعْدَاءً, قَالَ اللهُ تَعَالَى {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} وَيَكْمُنُ خَطَرُهُمْ فِي أَنَّهُمْ يَعِيشُونَ بَيْنَنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا, وَرُبَّمَا أَظْهَرُوا الشَّفَقَةَ عَلَينَا, وَلِذَلِكَ انْخَدَعَ بِهُمْ كَثِيرُونَ وَوَقَعُوا فِي شِرَاكِهِمْ, وَقَدْ أَنْزَلَ اللهُ فِي شَأْنِهِمْ سُورَتَيْنِ مِنْ كِتَابِهِ, هُمَا سُورَةُ التَّوْبَةِ وَسُورَةُ المنَافِقُونَ, وَقَدْ بَيَّنَ اللهُ صِفَاتِهِمْ وَحَذَّرَ مِنْ أَفْعَالِهمْ, وَإِنَّهُمْ قَدْ يَتَسَمَّوْنَ بِأَسْمَاءَ تَكُونُ رَنَّانَةً, وَلَها مَعَانٍ جَمِيلَةٌ فِي الظَّاهِرِ, وَلَكِنَّهَا تَحْمِلُ السُّمَّ وَالبَلَاءَ, كَالعَلْمَانِي أَوِ الِّلبْرَالِي أَوِ التَّنْوِيرِي أَوْ غَيْرِهَا, وَلَكِنَّ جِنْسَهُمْ وَاحِدٌ وهَدَفَهُمْ وَاحِدٌ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ طُرُقُهُمْ, فَكُونُوا عَلَى حَذَرٍ مِنْهُمْ, قَاتَلَهُمُ اللهُ أّنَّى يُؤْفَكُونَ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: يَا أَهْلَ الغَيْرَةِ :إِنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْنَا أَنْ نَقِفَ صَفًّا وَاحِدًا مَعَ عُلَمَائِنَا وَأُمَرَائِنَا لِحِمَايَةِ أَعْرَاضِنَا وَلا يَأْلُو كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا – بِحَسَبِهِ - أَنْ يُدَافِعَ عَنِ الْمَرْأَةِ بِقَلِمِهِ أَوْ بِلِسَانِهِ أَوْ بِمَالِهِ, قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)

اللهُ أَكْبَرُ, اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ , وَاللهُ أَكْبَرُ, اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدِ

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: اعْلَمُوا أَنَّ الْعِيدَ فُرْصَةٌ طَيَّبَةٌ لِصَلِةِ الْأَرْحَامِ, وَنَشْرِ الْمَحَبَّةِ وَالْوِئَامِ, وَالتَخَلُّقِ بِأَخْلَاقِ الْإِسْلَامِ مِنَ العَفْوِ وَالإِكْرَامِ وَإِصْلاحِ ذَاتِ البَيْنِ, بَيْنَ الْجِيرَانِ وَذَوِي الْأَرْحَامِ قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ), وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَاعْلَمُوا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ(مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ) رَوَاهُ مُسْلِم.

اللهُ أَكْبَرُ, اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ , وَاللهُ أَكْبَرُ, اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدِ:

اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ  صَحَابَتهِ أَجْمَعِينَ، وَأَهْلِ بَيْتِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ, وَعَنْ مَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَارْضَ عَنَّا مَعَهُمْ بِمَنِّكَ وَإِحْسَانِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ, اللَّهُمَّ أَعَزَّ الإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ وَاجْمَعْ كَلِمَتَهُمْ وَوَحِّدْ صُفُوفَهُمْ، وَاهْدِهِمْ سُبُلَ السَّلَامِ، وَأَخْرِجُهْمْ مِنَ الظَّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ, اللَّهُمَّ أَصْلِحْ أَحْوَالَ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ, وَوَلِّ عَلَيْهِمْ خِيَارَهُمْ وَاكْفِهُمْ شَرَّ شِرَارِهِمْ, اللَّهُمَّ أَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ وَدَمِّرْ أَعْدَاءَ الدِّينِ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمُنَافِقِينَ, إِنَّكَ أَنْتَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ, اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ نَصْرَ الْإِسْلَامِ وَعِزَّ الْمُسْلِمِينَ، وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ, اللَّهُمَّ وَفِّقْ وُلاةَ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ عَمَلَهُمْ بِرِضَاكَ، وَارْزُقْهُمْ الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ وَأبْعِدْ عَنْهُمْ بِطَانَةِ السُّوءِ ي, اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَ الإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ بِسُوءٍ اللَّهُمَّ اشْغَلْهُ بِنَفْسِهِ، وَاجْعَلْ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ، وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُ تَدْمِيرًا لَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.

عِبَادَ اللهِ : قُومُوا إِلَى بَعْضِكُمْ وَتَصَافَحُوا وَتَزَاوَرُوا وَاشْكُرُوا اللهَ الذِي وَفَقَّكُمْ لِإِتْمَامِ صِيَامِ رَمَضَانَ وَقِيَامِهِ وَاسْأَلُوهُ الْقَبُولَ.

المرفقات

عِيدِ-الفِطْرِ-1440هـ-‫‬

عِيدِ-الفِطْرِ-1440هـ-‫‬

المشاهدات 3483 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا