خطبة عيد الفطر للشيخ حمود بن ناصر آل وثيلة

محمد بن شعبان
1442/09/30 - 2021/05/12 14:51PM

إِنَّ الْحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَه، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُه .

أما بعد : إخوة الإيمان : أبشروا، فقد أَدَّيتم فَرضَكم، وأَطَعتُم ربَّكم، وصُمتُم شَهرَكم، وقمتم لياليه، وأديتم زكاة فطركم، والآن تَحضُرُون عِيدَكُم، وتُصَلُّونَ لِرَبِّكم، تُكَبّرونه وَتَحمَدُونه وتَشكُرونه على ما هَداكم ويَسَّرَ لكم، فأبشروا ((وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا)) فَأَسعَدَ اللهُ أَيَّاَمَكم، وبَاركَ لكم في عِيدِكُم، وتَقَبَّلَ منَّا ومنكم، وبُشراكم بإذن الله فَوزكم بالأجر العظيم، فربُكم مُحسِنٌ كريم، لا يُضِيعُ أَجرَ مَن أَحسنَ عَملاً (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) فالله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، عباد الله، إن يَوْمَكُمْ هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ، يومُ عِيدٍ وفَرحٍ وسرور، أَوْجَبَ اللهُ عَلَيْكُمْ فِطْرَهُ، وَحَرَّمَ عَلَيْكُمْ صَوْمَهُ، يَتَلَاقَى الْمُسْلِمُونَ فِي هذا العيد بِالْبِشْرِ وَالتَّهْنِئَةِ وَالسَّلَامِ، فالأَعْيَاد فِي الإِسْلَامِ شُرِعَتْ لِإِظْهَارِ البَهْجَةِ وَالسُّرُورِ، وَإِذْهَابِ الأحقاد مِن الصُّدُورِ، وَلِإِبْرَازِ شَعَائِرِ الإِسْلَامِ، وَشُكْرِ اللهِY عَلَى مَا تَفَضَّل به مِنَ الإِنْعَامِ، فلا تفرحوا بفعل أو قول محرم ولا تقابلوا نعمة الله بمعصية الله ، وبادِروا فِي هَذَا اليَوْمِ الْـمُبارَكِ بِصِلَةِ أَرْحَامَكُمْ، وَزُورُوا إِخْوَانَـكُمْ وَجِيرَانَـكُمْ، وَاجْبُرُوا خواطِرَ ضُعَفَائِكُمْ، وَأَعِينُوا فُقَرَاءَكُمْ، وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَينِكُم؛ قَالَ اللهُI {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} عباد الله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم «اتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ، وَصَلُّوا خَمْسَكُمْ، وَصُومُوا شَهْرَكُمْ، وَأَدُّوا زَكَاةَ أَمْوَالِكُمْ، وَأَطِيعُوا ذَا أَمْرِكُمْ ، تَدْخُلُوا جَنَّةَ رَبِّكُمْ» فَهَذَا حَدِيْثٌ عَظِيْمٌ فِي بَيَانِ الْأَسْبَابِ الْمُقْتَضِيَةِ لِدُخُولِ الْجَنَّةِ، أَمَرَكُمْ فِيْهِ نَبِيُّكُمْ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَتَّقُوا اللهَI بِاجْتِنَابِ الْمَنْهِيَّاتِ -وَأَعْظَمُهَا الشِّرْكُ-، وَأَدَاءِ الْوَاجِبَاتِ -وَأَعْظَمُهَا التَّوْحِيدُ- :  وقد بدأ يظهر الإلحاد في بعض شباب المسلمين بسبب عدم اهتمام الدعاة والمربين بالدعوة إلى التوحيد والتحذير من مسائل الشرك والكفر وإن من أعظم الشرك دعاء غير الله كقول أحدهم يا حسين ويا بدوي وكذلك كتابة يا محمد في لوحات وتعليقها في المجالس أو كتابتها على السيارات ، بل وحتى كتابة محمد بمساواة لفظ الجلالة الله شرك لا يجوز ، وإن مما يهدم التوحيد السحر الذي انتشر بين بعض الجهلة وفي بعض أوساط النساء وانتشر معه الاتصال بالسحرة والمشعوذين الذين يتسمون بمعالجين شعبيين وكذلك ما يسمى بقراءة الحظ والأبراج التي يعلن عنها في بعض الصحف والقنوات ووسائل التواصل وكلها من باب سؤال الكاهن المحرم بنص حديث النبي صلى الله عليه وسلم كما في مسلم ( من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة ) وهذا بمجرد السؤال والاتصال أو تصفح موقعه وقراءة ما كتبه أما إذا صدقه فقد كفر بما أنزل على محمد كما في الحديث الآخر وما أكثر الذين يسألونه وما أكثر الذين يصدقونه فيكفرون من حيث لا يعلمون بسبب طلب الشفاء من غير طريقه الشرعي أو بسبب كيد النساء وغيرتهن التي توقعهن في الكفر والعياذ بالله .

وَأَمَرَكُمْ فِيْهِ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَإِنَّهَا عِمَادُ الدِّينِ، مَنْ حِفَظَهَا فَقَدْ حَفِظَ دِينَهُ، وَمَنْ ضَيَّعَهَا فَهُوَ لَمَا سِوَاهَا أَضْيَعُ، وقد خف ميزان الصلاة لدى بعض الشباب فأصبح لا يراعي طهورها ولا رواتبها ولا أذكارها التي بعدها بل ولا يصليها مع جماعة المسلمين بل منهم من يتركها حتى يخرج وقتها بحجة النوم أو العمل من بعض العمال ويتعمد تأخيرها حتى يخرج وقتها وهذا كفر كما أفتى بذلك الشيخ ابن باز رحمه الله وما كنا نتصور من قبل أن يترك أحد الصلاة وقد وجد في هذا الزمان وتقع المسؤلية على الأوياء والأباء والأمهات بتنشئتهم على الاهتمام بالصلاة وعدم اهمالهم وترك الحبل على الغارب بتوفير المال لهم وفتح وسائل التواصل دون حسيب أو رقيب .

 وَأَمَرَكُمْ فِيْهِ بِأَدَاءِ زَكَاةِ أَمْوَالِكُمْ طَيِّبَةً بِهَا نُفُوسُكُمْ، وقد تهاون فيها بعض الناس أو دفعها لغير مستحقها أو دفعها لجهات مشبوهة وهي ركن من أركان الدين ينبغي الاهتمام بها ووضعها في أهلها ومما يكثر السؤال عنه هذه الأيام زكاة الإبل وقد تأخر خروج عامل الزكاة بسبب هذه الجائحة التي نسأل الله أن يرفعها وسوف يعلن عن خروجه فيما بعد أما من كان يعلف إبله أكثر من ستة أشهر بالحشائش أو المكعبات أو بالرعي في حصائد المزارع وبقايا التبن فليس عليه زكاة بالكلية ولا يحمل نفسه ما لا يجب عليه .

وَأَمَرَكُمْ فِيْهِ بِصَوْمِ شَهْرِكُمْ، واعلموا أن مقصود الصيام هو تقوى الله وأن من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه كما صح في الحديث وأن الصوم جنة مالم يخرق بالغيبة .

 وَأَمَرَكُمْ فِيْهِ بِطَاعَةِ وُلَاةِ أَمْرِكُمْ: وَوَجَبَ اعْتِقَادُ إمَامَتِهِمْ، وَالدُّعَاءُ لَهُمْ بِالصَّلَاحِ وَالتَّوْفِيقِ، فَإِنَّ صَلَاحَهُمْ صَلَاحٌ لِرَعِيَّتِهِمْ؛ وَوجَبَ اجْتِنَابُ الْخُرُوجِ عَلَيْهِمْ أَوْ سَبِّهِمْ وَالْقَدْحِ فِيْهِمْ وَإشَاعَةِ مَثَالِبِهِمْ، فَإِنَّ فِي ذَلِكَ شَرًّا وَضَرَرًا وَفَسَادًا كَبِيرَاً؛ علينا أن نحمد الله على ما من به علينا من نعمة الأمن والاستقرار واجتماع الكلمة، والتلاحم بين الراعي والرعية، وإن من أعظم وأوضح علامات الزيغ والضلال الدعاء على ولاة الأمور أو بغضهم كما قال الإمام البربهاري ( إذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فاعلم أن صاحب هوى وإذا رأيت الرجل يدعو للسلطان بالصلاح فاعلم أنه صاحب سنه ) نسأل الله جل وعلا أن يديم علينا هذه النعم، وأن يرزقنا شكرها، وَاعْلَمُوا عباد الله، أنَّهُ لَيْسَ السَّعِيْدُ مَنْ أَدْرَكَ العِيْدَ ولَبِسَ الجَدِيْدَ، إِنَّمَا السَّعِيْدُ مَنِ اتَّقَى اللهَ وَفَازَ بِجَنَّةٍ نَعِيْمُهَا لَا يَفْنَى وَلَا يَبِيْدُ، ونَجَى مِنْ نَارٍ حَرُّهَا شَدِيْدٌ، وَقَعْرُهَا بَعِيْدٌ، فداوموا على طاعة اللهI، فليس للعبادة منتهى حتى الموت (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، وَحَافِظُوا عَلَى الْعُهُودِ، مُرُوا بِالْمَعْرُوفِ، وَانْهَوْا عَنِ الْـمُنْكَرِ. بارك الله لي ولكم...

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَه إِلَّا اللهُ رَبُّ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ وَقَيَّومُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرَضِين، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى الْمَبْعُوثِ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَعَلَى مَنْ سَارَ عَلَى هَدْيِهِ وَاقْتَفَى أَثَرَهُ إِلَى يَوْمِ الدِّين. 

أَيَّتُهَا الْمُؤْمِنَاتُ الْـمُبَارَكَاتُ: شَكَرَ اللهُ سَعْيَكُنَّ، وَتَقَبَّلَ طَاعَتَـكُنَّ، وَجَعَلَ الجَنَّةَ مَأوَاكُنَّ، أَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَأَحْسِنَّ إِلَى أَزْوَاجِكُنَّ، وَقُمْنَ بَأَدَاءِ الْوَاجِبِ فِي تَرْبِيَةِ أَوْلَادِكُنَّ، وَالإِحْسَانِ إِلَى جِيرَانِكُنَّ، تَمَسَّكْنَ بِدِينِكن، وَتَخَلَّقْنَ بِأَخْلَاقِ القُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَاهْتَدِينَ بِسُنَّةِ الرَّسُولِ الْكَرِيمِr، وَاقْتَدِينَ بِسِيرَةِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَy؛ وأبشرن، فقد قال رسول اللهr "إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ" اتقين الله في تربية أولادكن علموهم التوحيد والسنة والطهارة والصلاة وقراءة القرآن نوروا بيوتكم ما استطعتم فإن البيت الذي يقرأ فيه القرآن يتسع على أهله ويكثر خيره وتحضره الملائكة وتهجره الشياطين وإن البيت الذي لا يقرأ فيه القرآن يضيق على أهله ويقل خيره وتهجره الملائكة وتحضره الشياطين ، فحصنوهم بالعقيدة والصلاة والذكر والقرآن وأبعدوا الشياطين من البيوت التي تجتمع على مزامير الشيطان وعلى صور العري والمجون فتكثر الأمراض والآهات وتضيق الصدور وتحل الشقاوة وترحل السعادة عن تلك البيوت ، احذرن من كثرة اللعن وكفران العشير وكثرة الدعاء على الأولاد فقد توافق ساعة إجابة تكون سببا في شقاوة الأبناء دنيا وآخرة .

عباد الله : حاربوا الإرهاب بشتى صوره ، أعينوا ولاة الأمر وأجهزة الأمن في القضاء عله والبلاغ عن كل ما يزعزع الأمن ويخلخل الصف وإن من الإرهاب العظيم شبح المخدرات بشتى أنواعها من حشيش وهيروين وكبتاجون وما يسمى بالترامادول التي انخدع بها بعض الناس وهي من أشرها وأخبثها ، احتسبوا الأجر في البلاغ عن المروجين فهو جهاد عظيم وتعاون على البر وتناهي عن الإثم والعدوان وكم من صالح بسبب المخدرات قد انحرف وكم من موظف قد فقد عمله بل وكم بسببها من جرائم قد ارتكبت وأعراض قد هتكت وبيوت قد تهدمت وأسر قد تشتتت .

 عباد الله، لِنَكُنْ قُدْوَةً حَسَنَةً فِي الْاِلْتِزَامِ بِالْإِجْرَاءَاتِ الصِّحِّيَّةِ لِمَنْعِ انْتِشَارِ الوَبَاءِ، وَذَلِكَ بِلُبْسِ الْكَمَّامَةِ وَالتَّبَاعُدِ وَتَرْكِ الْمُصَافَحَةِ، والابتعاد عن التجمعات، لئلا نكون سببًا في فقد أحبابنا -لا قدر الله- وَعَلَيْنَا بِالْحِرْصِ عَلَى أَخْذِ اللِّقَاحِ لِتَعُوْدَ حَيَاتُنَا كَمَا كَانَتْ، وَنَعُوْدَ لِمَسَاجِدِنَا مُتَرَاصِّينَ مُحَصَّنِينَ، نَسْألُ اللهَ لِلجَمِيْعِ الْعَافِيَةَ، واعلموا رحمكم الله، أنه يجوز ابتداء صيام الستّ من شوال من اليوم الثاني لشهر شوال، قال النبي "من صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال كان كصيام الدهر".

أيها الإخوة لا ننسى بهذه المناسبة رجالاً يبذلون أرواحهم ودماءهم لأجلنا، يرابطون على الثغور دفاعًا عن دينهم ووطنهم، نسأل الله أن يجزي القائمين على أمن هذه البلاد خير الجزاء، وأن يثبت أقدامهم ويسدد رميهم وينصرهم على عدوهم، وأن يوفق ولاة أمرنا لكل خير وهدى وصلاح.

اللهم أعز الإسلام والمسلين... اللهم أنج إخواننا المستضعفين... اللَّهُمَّ إِنَا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الْوَبَاءِ وَالْغَلَاَءِ وَالرِّبَا والزِّنَا، وَالزَّلَازِلِ وَالْمِحَنِ وَسُوءِ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ. ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾

تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، وأعاد علينا رمضان أعواما عديدة وازمنة مديدة ونحن والمسلمون بخير وعافية... وصلى الله على نبينا ...

المرفقات

1620831079_خطبة عيد الفطر للشيخ حمود بن ناصر آل وثيله.docx

المشاهدات 1185 | التعليقات 0