خطبة عيد الفطر 1442هـ قصيرة

يوسف العوض
1442/09/27 - 2021/05/09 12:04PM

الخطبة الأولى :

الْحَمْدُ لِلَّهِ كثيراَ واللَّهُ أَكْبَرُ كبيراً وسبحانَ اللهِ بُكْرَةً وأصيلاً ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَضِيَ مِنْ عِبَادِهِ بِالْيَسِيرِ مِنْ الْعَمَلِ ، وَتَجَاوَزَ عَنْ تَقْصِيرِهِم والزَّلل ، امتنَّ عَلَيْهِم بِالنِّعْمَة ، وَكَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ . أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَأَشكُرُهْ ، كَافِي مَنِ استكفاه ، ومجيب مَنْ دَعَاه ، كَفَى بِرَبِّك وليًّا وَكَفَى بِرَبِّك نصيرًا ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، شَهَادَة عَبْدِه وَابْن عَبْدِه وَابْن أَمَتِه ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا محمدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ، أَرْسَلَه رحمةً لِلْعَالَمِين ، وقدوةً لِلْعَامِلَيْن ، ومحجَّةً لِلسَّالِكِين ، وحجَّةً عَلَى الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ ، صلاةً وسلامًا تامّين دائمين ، وسلَّم تسليمًا كثيرًا مزيدًا إلَى يَوْمِ الدين، أَمَّا بَعْدُ :

اللَّهُ أَكْبَرُ ، اللَّهُ أَكْبَرُ ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ

أَيّهَا الْمُسْلِمُونَ : هَا قَد رَحَلَ عَنَّا شَهْرُ الْجُودِ وَالْكَرَمِ ، شَهْرُ الصِّيَامِ وَالْقِيَامِ وَالْقُرْآنِ ، شَهْرُ الْبَرِّ وَالْجُودِ وَالْإِحْسَانِ ، رَبِحَ فِيهِ مِنْ رَبِحَ وَخَسِرَ فِيهِ مِنْ خَسِرَ ، فَلَيْتَ شِعْرِي مَنْ الْمَقْبُولُ مِنَّا فَنُهنِيه ، وَمَن الْمَطْرُودِ الْمَحْرُومِ مِنَّا فَنُعزِيه ؟
َأَيُّهَا المُْسلِمُون : إنَّ يَوْمَكُمْ هَذَا ، يَوْمٌ عَظِيمٌ ، وَعِيدٌ كَرِيمٌ ، فِي هَذَا الْيَوْمِ الَّذِي تَوَّجَ اللَّهُ بِهِ شَهْرَ الصِّيَامِ ؛ تُعْلَنُ النَّتَائِجٌ وتُوزعُ الْجَوَائِزُ ، فِي هَذَا الْيَوْمِ يَفْرَح الَّذِين جَدُّوا وَاجْتَهَدُوا فِي رَمَضَانَ ، سَبَقَ قَوْمٌ فَفَازُوا ، وَتَأَخَّرَ آخَرُون فخَابُوا ، فِي هَذَا الْيَوْمِ يَفْرَحُ الْمُصَلُّونَ ، وَيَنْدَمُ الْكُسَالَى النَّائمُون والعَابثون اللاَّعِبُون .

اللَّهُ أَكْبَرُ ، اللَّهُ أَكْبَرُ ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ

أَيُّهَا المُسلِمُونَ : إنَّ الْجَوَائِزَ الْإِلَهِيَّةَ وَالْمِنَحَ الرَّبَّانِيَّةَ الَّتِي تُوَزَّعُ الْيَوْمَ مَا هِيَ إلَّا جُزْءٌ مِنَ الْجَوَائِزِ الْعَظِيمَةِ وَالْمِنَحِ الْكَرِيمَةِ وَالْعَطَايَا الْجَلِيلَةِ الَّتِي يَخُصُّ اللَّهُ بِهَا عِبَادَهُ الصَّائِمِين يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( قَالَ اللَّهُ : لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا : إذَا أَفْطَرَ فَرِحَ ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصومه) ، إنَّ الْعَاقِلَ الْفَطِنَ لاَ يُفَكِّرُ فِي الْعِيدِ ؛ بِقَدْرِ تَفْكِيرِه وَاهْتِمَامِه بِقَبُول اللَّهِ تَعَالَى لِعَمَلِه ، إذْ أَنَّ مُصِيبَةَ الْمَصَائِب أَنْ تَصُومَ ثُمَّ يُرُدُّ عَلَيْك صِيَامُك ، وَإِن تُصَلِّي فَلَا تُقْبَلُ صَلَاتُك ، وَهَذِهِ وَاللَّهِ مُصِيبَةُ الْمَصَائِبِ ، قَالَ عَلِيٌّ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ قَال : ( كُونُوا لِقَبُولِ الْعَمَلِ أَشَدَّ اهتماماً مِنْكُم بِالْعَمَلِ ، أَلَمْ تَسْمَعُوا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ : ( إنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ ) ، وَسَأَلْت عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - رسولَ اللَّه – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ : ( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا ءاتَواْ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ) قَالَت : أهُم الَّذِين يَزْنُون ويَسرقُون وَيَشْرَبُون الْخَمْرَ ؟ قَال : ( لا يَا ابْنَةَ الصِّدِّيق ، وَلَكِنَّهُمُ الَّذِينَ يُصلّون وَيَصُومُون ويَتصدَّقون ، وَيَخَافُونَ أَنْ لَا يُتقبَّلَ منهم) وَكَانَ بَعْضُ السَّلَفِ يظْهَرُ عَلَيْهِ الْحُزْنُ يَوْمَ عِيدٍ الْفِطْرِ فَيُقَالُ لَهُ : إنَّهُ يَوْمُ فَرَحٍ وَسُرُورٍ فَيَقُول : صَدَقْتُم ، وَلَكِنِّي عَبْدٌ أَمَرَنِي مَوْلايَ أَنْ أَعْمَلَ لَهُ عَملاً فَلَا أَدْرِي أيَقبلُه مَنِيٍّ أَمْ لَا ؟ فَنَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَتَقَبَّلَ عَمِلْنَا وَعَمَلَكُم وصيامَنا وَصِيَامَكُم .

اللَّهُ أَكْبَرُ ، اللَّهُ أَكْبَرُ ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ

 

الخطبة الثانية:

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْكَرِيمِ الْمَجِيد الَّذِي أَنْعَمَ عَلَيْنَا بفرحةِ الْعِيد ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى الْإِمَامِ الرَّشِيد وَعَلَى آلِهِ وَصَحَابَتِهِ الجِيل الْفَرِيد ، وَبَعْد :

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ، اللَّهُ أَكْبَرُ ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ .

أَيُّهَا المُسلِمُونَ : إنَّ هَذَا الْعِيدَ فُرْصَةٌ حَقِيقِيَّةٌ للفَرْحةِ الشَّرْعِيَّةِ ، قال تعالى : " قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ " فَافْرَحوا يَا مُسْلِمُون ، وَتَذَكَّرَوا مَعْنَى الْعِيدِ الْحَقِيقِيِّ ، فأعيادُنا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عِبَادَةٌ ، أعيادُنا تَكْبِيرٌ وَصَلَاةٌ وصَدَقَةٌ كذلك وهي مُسْتَحَبَّةٌ فِي هَذَا الْيَوْمِ ، فعَنِ عَبدِاللهِ بنِ عَبَّاسٍ قالَ : شَهِدْتُ صَلَاةَ الفِطْرِ مع نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، فَكُلُّهُمْ يُصَلِّيهَا قَبْلَ الخُطْبَةِ، ثُمَّ يَخْطُبُ، قالَ: فَنَزَلَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَيْهِ حِينَ يُجَلِّسُ الرِّجَالَ بيَدِهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ يَشُقُّهُمْ، حتَّى جَاءَ النِّسَاءَ، وَمعهُ بلَالٌ، فَقالَ:( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ )، فَتَلَا هذِه الآيَةَ حتَّى فَرَغَ منها، ثُمَّ قالَ: حِينَ فَرَغَ منها "أَنْتُنَّ علَى ذَلِكِ؟" فَقالتِ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ، لَمْ يُجِبْهُ غَيْرُهَا منهنَّ:"نَعَمْ يا نَبِيَّ اللهِ" لا يُدْرَى حِينَئِذٍ مَن هي!!  "فَتَصَدَّقْنَ" ، فَبَسَطَ بلَالٌ ثَوْبَهُ، ثُمَّ قالَ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ : : "هَلُمَّ فِدًى لَكُنَّ أَبِي وَأُمِّي "، فَجَعَلْنَ يُلْقِينَ الفَتَخَ، وَالْخَوَاتِمَ في ثَوْبِ بلَالٍ " رواهُ مسلمٌ وجاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : قَالَ اللَّهُ أَنْفَق يَا ابْنَ آدَمَ أُنْفِقْ عَلَيْك ) رَوَاه البخاريُّ ومسلمٌ .


اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، اللَّهُ أَكْبَرُ ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ .

وَصَلَّوْا وَسَلِّمُوا عَلَى الْبَشِيرِ النَّذِيرُ ؛ حَيْثُ أَمَرَكُمْ بِذَلِك الْعَلِيمِ الْخَبِيرِ ؛ فَقَال : (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) .
اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنَّا الصِّيَامَ وَالْقِيَامَ وَأَكْرِمْنَا يَوْمَ لِقَائِك بِدَارِ السَّلَامِ .
اللَّهُمّ اصْرِف عَن الْوَبَاءَ وَالْغَلاءَ وَالزَّلَازِلَ وَالْمِحَنَ وَسُوءَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ .
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَانْصُر الْمُسْلِمِين .
اللَّهُمَّ أَلْفْ بَيْنَ قُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ ، وَأَجْمَع كَلِمَتَهُم عَلَى الْحَقِّ وَالدِّينِ . .

المشاهدات 1979 | التعليقات 3

اقتباس


جزاك الله خيرا


كل عام وانت طيب