خطبة عيد الفطر المبارك 1436 هـ

إبراهيم بن صالح العجلان
1436/09/28 - 2015/07/15 00:19AM
خطبة عيد الفطر 1436هـ


الحَمْدُ للهِ المُتَفرِّدِ بالعِزَّةِ والكِبْرياءِ ، المُسْتَحِقِ للحمدِ والثَّنَاءِ ، بيدِهِ الخِيرِ ومنه الخَيْرِ ، فله الحمدُ والشُّكرُ على وافرِ النِّعمِ وجزيلِ العطاءِ ، وأشهد أنْ لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له يُديِّر الأمرَ كيف يشاء، وأشهد أن محمداً عبدُه ورسولُه إمامُ المتقينَ وسيدُ الحنفاءِ ، صلى الله عليه وعلى آلِهِ الشُّرفاء ، وصحابتِه الأتقياء ، وسلَّم تسليماً كثيراً ما دامت الأرضُ والسماء ،،،،،
الله أكبر ( عشر مرات )
اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ ملئَ أرضِه وسمائِه،،، اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ كما يليق بِكِبْرِيائِه وعَلْيَائِه.
الحمد لله الذي هدانا ، الحمد لله الذي أسبغَ علينا وأعطانا ، الحمد لله الذي خصَّنا واجْتَبانا .
(الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله)

كَمُلَتِ العِدَّةُ، وَأَطَلَّ العِيدُ، فَاسْتَنَارَتْ لَهُ الوُجُوهُ، وَابْتَسَمَتْ فِيهِ الشِّفَاهُ، وَعَجَّتِ الأَلْسِنَةُ بِالتَّكْبِيرِ حَمْدًا وفَرَحًا وَسُرُورًا.
فَهَنِيئًا لَكُمْ يَا مَنْ وَدَّعْتُمْ رَمَضَانَ بَعْدَ أيامٍ حَافِلَةٍ مِنْكُمْ بِحُلَلِ الطَّاعَاتِ، فَرَبُّكُمُ الكَرِيمُ يُضَاعِفُ الأُجُورَ، وَيَجْزِيَ المُتَصَدِّقِينَ، وَلا يُضِيعُ أَجْرَ العَامِلِينَ (إِنَّ رَحْمَةَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ المُحْسِنِينَ).
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ وللهِ الحَمْدُ.
أَشْرَقَتْ شَمْسُ العِيدِ وَأُمَّةُ الإِسْلاَمِ تَعِيشُ أَحْدَاثًا مُسْتَعِرَةً، وَأَوْضَاعًا مُلْتَهِبَةً؛ أَمْنٌ وَاضْطِرَابٌ يَتَقَلَّبانِ، وَعِزٌّ وَذُلٌّ يَتَعَاقَبَانِ، وَخَوْفٌ مِنْ فَوْضَى خَلاَّقَةٍ لاَ تُبْقِي وَلاَ تَذَرُ.
قَتْلٌ عَلَى الاسْمِ وَالهُوِيَّةِ، وَشُعُوبٌ تَئِنُّ مِنْ عَدَاوَةِ وَتَسَلُّطِ الفِرَقِ البِدْعِيَّةِ، وَأَفْكَارٌ ضَالَّةٌ غَالِيَةٌ آثِمَةٌ، تُزَيِّنُ اسْتِرْخَاصَ الدِّمَاءِ، وَاسْتِهْدَافَ الأَبْرِيَاءِ، حَتَّى ضَاعَ الإِنْصَافُ وَالعَدْلُ، وَغَابَتِ الحِكْمَةُ وَالعَقْلُ.
وَدُوَلٌ انْهَارَ اقْتِصَادُهَا، وَهَوَتْ عُمْلَتُهَا، فَهِيَ تَتَّجِهُ إِلَى مُسْتَقْبَلٍ مُظْلِمٍ، وَلَرُبَّمَا انْجَرَّ مَعَهَا غَيْرُها إِلَى هَذَا المَجْهُولِ.
وَلا زَالَتِ الأَيَّامُ تُبَاغِتُ أَهْلَهَا بِالغِيَرِ وَالتَّقَلُّبَاتِ، وَهَذَا يُؤَكِّدُ ضَعْفَ الإِنْسَانِ، وَعَجْزَهُ، وَحَاجَتَهُ إِلَى أَمَانٍ يُؤَمِّنُهُ مِمَّا يَسْمَعُ وَيَرَى، وَأَنْ يَقْرَأَ حَوَادِثَ زَمَانِهِ بِسُنَنِ اللهِ المَزْبُورَةِ فِي القُرْآنِ.
إِنَّنَا يَا أَهْلَ هَذِهِ البِلاَدِ نَنْعَمُ بِنِعَمٍ وَفِيرَةٍ حُرِمَهَا كَثِيرٌ مِنَ البُلْدَانِ، وَمِنْ حَقَّ النِّعَمِ أَنْ تُسْتَشْعَرَ وَتُسْتَذْكَرَ، وَأَنْ يُقَامَ بَعْدَ ذَلِكَ بِحَقِّهَا.
إِنَّنَا يَا أَهْلَ هَذِهِ البِلاَدِ قَدَرُنَا أَنْ نَعِيشَ فِي بِلاَدٍ شَعَّ مِنْهَا نُورُ الإِسْلاَمِ، الَّذِي ارْتَضَاهُ اللهُ لِلْبَشَرِيَّةِ جَمِيعًا، فَعَبْرَ بَوَّابَتِهَا دَخَلَ النَّاسُ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا.
فِيهَا عَاشَ مُحَمَّدٌ r، وَعَلَى أَكْتَافِ أَبْنَائِهَا الأَوَائِلِ بَلَغَ الدِّيْنُ مَا بَلَغَ اللَّيلُ وَالنَّهَارُ، فَبَلَدُكُمْ هَذِهِ لَيْسَتْ كَكُلِّ البُلْدَانِ، فَهِيَ مَأْرِزُ الإِيمَانِ، وَوُجُوهُ المُسْلِمِينَ تُيَمَّمُ شَطْرَنَا، وَقُلُوبُ المُؤْمِنِينَ تَهْفُو إِلَى البَيْتِ العَتِيقِ، وَمَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ.
مَوْقِعُنَا يَفْرِضُ عَلَيْنَا أَنْ نُحَافِظَ عَلَى تَدَيُّنِ المُجْتَمَعِ وَصَلاَحِهِ، وَنَشْرِ الخَيْرِ بَيْنَ أَبْنَائِهِ، وَمُقَارَعَةِ الفَسَادِ، وَتَجْفِيفِ مَنَابِعِهِ قَدْرَ الإِمْكَانِ، فَأَنْظارُ المَلاَيِينَ مِنَ المُسْلِمِينَ تَتَّجِهُ نَحْوَ دِينِ وَتَديُّنِ بِلاَدِ الحَرَمَيْنِ، فَالحِرْصُ عَلَى صَفَاءِ الإِسْلاَمِ وَنَقَائِهِ مَسْؤُوليَّةٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الجَمِيعِ؛ حُكَّامًا وَمَحْكُومِينَ، عُلَمَاءَ وَمُعَلِّمِينَ، دُعَاةً وَمُرَبِّينَ.
المَأْمُولُ مِنَّا أَنْ نَكُونَ مَرْكَزَ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَأَنْ تَنْشَأَ المَرَاكِزُ الإِسْلاَميَّةُ فِي الشَّرْقِ وَالغَرْبِ بِأَمْوَالِ تُجَّارِنَا، لِتَحْيَا فِيهَا الدَّعْوَةُ وَالعَقِيدَةُ الصَّحِيحَةُ، وَأَنْ تَفْتَحَ جَامِعَاتُنَا أَبْوَابَهَا لِلدَّارِسِينَ مِنَ المُسْلِمِينَ لِيَنْعَكِسَ أَثَرُهَا عَلَى بِلاَدِهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ.
المُنْتَظَرُ مِنَّا أَنْ نَغْزُوَ العَالَمَ بِالإِعْلاَمِ بِالدَّعْوَةِ إِلَى الإِسْلاَمِ وَبَيَانِ مَحَاسِنِهِ، وَبَلاَغِ رِسَالَةِ اللهِ لِلْحَيَارَى وَالتَّائِهِينَ، لاَ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ أَفْرَادِنَا هُوَ مَنْ يَنْشُرُ رِسَالَةَ هَدْمِ القِيَمِ، وَنَشْرِ الفَوَاحِشِ وَالفَسَادِ، وَاللهُ لَا يُحِبُّ الفَسَادَ.
المُرْتَجى منَّا أنْ نَكُونَ سَببًا فِي وَحْدَةِ الأُمَّةِ، وَلَمْلَمَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَجَمْعِهِم عَلَى الكِتَابِ وَالسُّنَّة، لاَ أنْ يَخْرُجَ مِنْ بَيْنِ ظَهْرَانِينَا مَنْ يُصَدِّرُ لِلْعَالَمِينَ الفُرْقَةَ وَالتَّنَاحُرَ، وَالتَّبَاغُضَ والتَّدَابُرَ.
حَقٌّ عَلَيْنَا أَن ْنُبْرِزَ عَظَمَةَ الإِسْلاَمِ، وَأَنْ نَرْفَعَ قِيَمَ العَدْلِ، وَحِفْظَ الحُقُوقِ، فِي وَقْتٍ انْبَهَرَ فِيهِ شَبَابُ المُسْلِمِينَ، وَانْهَزَمُوا أَمَامَ هَذِهِ القِيَمِ الرَّنَّانَةِ الَّتِي يُنَادِي بِهَا الغَرْبُ.
إِنَّ مَوْقِعَنَا يَفْرِضُ عَلَيْنَا أَنْ نَكُونَ الرَّقْمَ الأَوَّلَ فِي تَبَنِّي قَضَايَا المُسْلِمِينَ، فَهَذِهِ البِلاَدُ كانت وَلاَ زَالَتْ وَسَتَبْقَى هِيَ مَلْجَأُ المُسْلِمِينَ وَمَفْزَعُهُمْ فِي أَزَمَاتِهِمْ وَمُلِمَّاتِهِمْ.
تَنْزِفُ النَّازِفَةُ فِي بَلَدٍ إِسْلاَميٍّ، فَتَرْمُقُ العُيُونُ أَهْلَ هَذِهِ البِلاَدِ، يَتَرَقَّبُونَ نَخْوَتَهُمْ، وَيَتَحَيَّنُونَ نَجْدَتَهُمْ.
وَتَنْزِلُ النَّازِلَةُ، وَالمُعْضِلَةُ العِلْمِيَّةُ، فَيُيَمِّمُ المُسْلِمُونَ وُجُوهَهُمْ شَطْرَ فَتَاوَى عُلَمَاءِ الحَرَمَيْنِ.
جَاءَتْ عَاصِفَةُ الحَزْمِ فَبَادَرَتِ الأُلُوفُ المُؤَلَّفَةُ مِنَ الشَّرْقِ وَالغَرْبِ لِلدِّفَاعِ عَنْ بِلادِ الحَرَمَيْنِ، هَؤُلاَءِ لَمْ تُحَرِّكْهُمُ السِّيَاسَاتُ، وَلاَ الحُكُومَاتُ، وَلاَ الأَطْمَاعُ وَلاَ المِلْيَارَاتُ، وَإِنَّمَا تَأْيِيدًا لِلْحَقِّ، وَحُبًا فِي نُصْرَةِ هَذِهِ البِلاَدِ وَدِينِهَا.
فَقَدَرُنا أنْ نَبْقَى كَذَلِكَ، وأنْ نُوضَعَ فِي هَذَا المَوْقِعِ التَّكْلِيفِيِّ، فَهِيَ أَمَانَةٌ وَحِمْلٌ وَرِسَالَةٌ، وَلَيْسَتْ تَعَاليًا، وَلاَ مَفْخَرَةً أَوْ مُكَابَرَةً.
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ وللهِ الحَمْدُ.
إِذَا تَقَرَّرَ هَذَا عِبَادَ اللهِ فَإِنَّ الحِفَاظَ عَلَى أَمْنِ هَذَا البَلَدِ قَضِيَّةٌ مُقَدَّسَةٌ، وَإِذَا كَانَ أَمْنُ كُلِّ وَطَنٍ هَدَفًا مَنْشُودًا لِأَهْلِهِ، فَإِنَّ أَمْنَ هَذَا البَلَدِ هُوَ أَمْنٌ لِأَهْلِهِ، وَلِغَيْرِهِ مِمَّنْ أَتَى عَلَيْهِ، مِمَّنْ أَرَادَ الحَجَّ أَوِ العُمْرَةَ، وَزِيَارَةَ دِيَارِهِ المُقَدَّسَةِ.
حِفْظُ أَمْنِنِا هُوَ حِفْظٌ لِلدِّينِ وَالدُّنْيَا وَالدَّعْوَةِ، وَاسْتِجْلاَبٌ لِلْعَافِيَةِ، وَلاَ يُهَوِّنُ مِنْ شَأْنِهِ إِلاَّ مَنْ ضَعُفَ عَقْلُهُ، وَسَفِهَ نَفْسَهُ.
إِذَا خَلَتِ البِلاَدُ مِنَ الأَمْنِ، فَلاَ تَسَلْ عَنِ الهَرْجِ والمَرْجِ، إِذَا ضَاعَ الأَمْنُ حَلَّ الخَوْفُ، وَتَبِعَهُ الفَقْرُ، وَهُمَا قَرِينَانِ لاَ يَنْفَكَّانِ؛ قَالَ سُبْحَانَهُ عَنِ القَرْيَةِ الَّتِي كَفَرَتْ بأنْعُمِ اللهِ: (فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ).
وَحِينَ تَخْلُو الدِّيَارُ مِنَ الأَمْنِ وَالأَمَانِ، تُصْبِحُ أَرْضًا مُوحِشَةً، وَإِنْ كَانَ فِيهَا مَا فِيهَا مِنَ النَّعِيمِ وَالخَيْرَاتِ، بَلْ إِنَّ التَّشْرِيدَ بَيْنَ الأَنامِ، وَاللُّجُوءَ إِلَى الخِيَامِ، لَهُوَ أَهْنَأُ وَأَهْوَنُ مِنْ هَذَا المَقَامِ.
هَذَا كُلُّهُ هُوَ الأَمْنُ الحِسِّيُّ، الأَمْنُ عَلَى الأَرْوَاحِ وَالأَمْوَالِ وَالأَعْرَاضِ، وَلاَ يَقِلُّ أَهَمِّيَّةً عَنْهُ الأَمْنُ الفِكْرِيُّ، الأَمْنُ عَلَى العُقُولِ وَالقُلُوبِ مِنَ الانْحِرَافِ.
أَنْ تُصَاغَ العُقُولُ وَتَنْشَأَ الأَجْيَالُ عَلَى العَقِيدَةِ الصَّافِيَةِ، وَالهُوِيَّةِ الإِسْلاَميَّةِ الصَّحِيحَةِ، وَأَنْ تُحَاصَرَ الشُّبُهَاتُ، وَتُجَفَّفَ مَنَابِعُ البِدَعِ وَالمُحْدَثَاتِ.
هَذَا الأَمْنُ بِشِقَّيْهِ لاَ يُنَابِذُهُ وَيَسْتَخِفُّ بِهِ سِوَى تَيَّارَيْنِ، يَهْدِمَانِ وَلاَ يَبْنِيَانِ، يُسِيئَانِ وَلاَ يُحْسِنَانِ، تَيَّارٌ غَالٍ، وَتَيَّارٌ جَافٍ.
فَالغَالِي لاَ يَحْمِلُ إِلاَّ مَشْرُوعَ التَّخْرِيبِ، لاَ يَنْشُرُ رِسَالةً، ولا يُبَلِّغُ دَعْوةً، وَلاَ يُصْلِحُ دُنْيَا، جَاهِلٌ بِفِقْهِ السِّيَاسَةِ الشَّرْعِيَّةِ، فَاشِلٌ فِي تَقْدِيرِ المَصَالِحِ وَالمَفَاسِدِ.
الفِكْرُ الغَالِي تَبْدَأُ شَرَارَتُهُ مِنَ التَّأْوِيلِ المُنْحَرِفِ، ثُمَّ التَّنْظِيرِ المُتَعَسِّفِ، ثُمَّ التَّكْفِيرِ النَّاسِفِ، مَا وُجِدَ الغُلاَةُ فِي أَرْضٍ إِلاَّ كَانُوا سَبَبًا فِي وَأْدِ وَتَحْجِيمِ المَشَارِيعِ الإِسْلاَميَّةِ وَالتَّخَوُّفِ مِنْ أَهْلِهَا، وَجَعْلِهِمْ فِي مَوْقِفِ المُدَافِعِ عَنْ نَفْسِهِ، المُتَّهَمِ فِي مَنْهَجِهِ.
لَمْ نَرَ مِنْ مُخْرَجَاتِهِ إِلاَّ التَّفْجِيرَ وَالتَّرْوِيعَ، وَاسْتِخْفَافًا بِالدِّمَاءِ، وَاسْتِقْصَاداً لِلْأَبْرِيَاءِ، وَارْتِكَابًا للمُوبِقَاتِ؛ (وَاللهُ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ المُفْسِدِينَ).
وَأَمَّا الجَافِي فَهُوَ تَيَّارٌ مُنْهَزِمٌ، عَاقٌّ لِتُرَاثِهِ، زَاهِدٌ فِي أَصَالَتِهِ، أَصْحَابُهُ مَوْتُورُونَ، نَاقِمُونَ عَلَى المَاضِي، لَدَيْهِمْ مُعْضِلَةٌ مَعَ النُّصُوصِ، وَمُشْكِلَةٌ مَعَ الشَّرِيعَةِ، فَيُوهِمُونَ أَنَّ خِلاَفَهُمْ مَعَ التَّشَدُّدِ وَأَهْلِهِ، مَشْرُوعُهُمْ مُنَابَذَةُ الصَّالِحِينَ وَالمُصْلِحِينَ، وَالسُّخْرِيَةُ بِهِمْ، وَتَمْرِيرُ أَفْكَارِهِمْ وَانْحِرَافِهِمْ فِي صُورَةِ بَرَامِجَ مُضْحِكَةٍ وَمُسَلِّيَةٍ.
هَذِهِ البَرَامِجُ لَيْسَتْ بَرِيئَةً، وَلاَ سَاذَجَةً كَمَا يَظُنُّهَا البَعْضُ، بَلْ هِيَ رَسَائِلُ خَفِيَّةٌ لِتَغْيِيرِ قَنَاعَاتِ المُجْتَمَعِ تُجَاهَ ثَوَابِتِهِ، فَهِيَ تُشَوِّشُ عَلَى مَعَانٍ ثَابِتَةٍ بِالنُّصُوصِ، وَتَسْتَهْدِفُ عَقِيدَةَ الوَلاَءِ وَالبَرَاءِ، وَمُسَاوَاةَ السُّنِّيِّ بِالبِدْعِيِّ فِي الاعْتِقَادِ، بَلْ وَمُسَاوَاةَ المُسْلِمِ بِغَيْرِ المُسْلِمِ، وَإِلْغَاءَ وَصْفِ الكُفْرِ عَنِ الآخَرِ كَمَا يُعَبِّرُونَ.
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ وللهِ الحَمْدُ.
نَعَمْ بَقِيَتْ هَذِهِ البِلاَدُ بِهُوِيَّتِهَا وَعَقِيدَتِهَا وَرِسَالَتِهَا وَمَكَانَتِهَا مَرْكزَ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَلَيْسَ سرًّا يَا أَهْلَ الإِيمَانِ أَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ وَمَنْ يَتَّبِعُ طَرِيقَةَ السَّلَفِ بِمَفْهُومِهَا الوَاسِعِ مُسْتَهْدَفُونَ مِنْ أَعْدَاءٍ شَتَّى، وَلاَ تَزَالُ القُوَى الغَرْبِيَّةُ تَسْعَى فِي إِضْعَافِ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى حِسَابِ أَعْدَائِهِمْ، وَلاَ تَزَالُ بَعْضُ المَنَابِرِ الإِعْلاَمِيَّةِ - وَبِالذَّاتِ الصَّفَوَيَّةِ، وَمَنْ يَسِيرُ فِي هَوَاهَا - تَكِيلُ التُّهَمَ وَالافْتِرَاءَ عَلَى هَذِهِ البِلاَدِ، وَازْدَادَ صُرَاخُهَا وَتَعَالَى بَعْدَ عَاصِفَةِ الحَزْمِ، الَّتِي بَتَرَتِ اليَدَ الصَّفَوِيَّةَ الَّتِي أَرَادَتْ سَرِقَةَ اليَمَنِ كَمَا خَطَفَتْ غَيْرَهَا.
جَاءَتْ هَذِهِ العَاصِفَةُ نَجْدَةً عَرَبِيَّةً وَنَخْوَةً مُضَرِيَّةً، لِتُعِيدَ النِّصَابَ إِلَى أَهْلِهِ، فَأَرْضُ اليَمَنِ، إِرْثٌ إِسْلاَميٌّ عَرَبِيٌّ أَصِيلٌ، وَلَيْسَتْ أَرْضَ شِرْكٍ وَشَتْمٍ لِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ r وَلاَ أَرْضَ وَلاءٍٍ لِأَهْلِِ الفُرْسِِ وَعَبَدَةِ القُبُورِ.
جَاءَتْ عَاصِفَةُ الحَزْمِ لِتَقُولَ بِلِسَانِ الحَالِ:إِنَّ دُوَلَ الإِسْلاَمِ لَنْ تَسْمَحَ بِتَغَلْغُلٍ صَفَوِيٍّ قَادِمٍ، وَإنَّ هَذِهِ البِلاَدَ وَمَنْ مَعَهَا تَمْلِكُ مِنَ القُدْرَةِ السِّيَاسِيَّةِ وَالعَسْكَرِيَّةِ مَا يَجْعَلُهَا تَحْمِي أَرْضَهَا وَإِرْثَهَا، وَتَفْرِضُ مَوْقِفَهَا وَرَأْيَهَا، وها هيَ اليومَ تُبَشِّرُ المسلمينَ بِتَحْرِيرِ عدنَ، وتَطْهيرِها من عملاء الصفويين وحلفائهم .

اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ وللهِ الحَمْدُ، اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالحَمْدُ للهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا.
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي القُرْآنِ العَظِيمِ...





الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
أَمَّا بَعْدُ:
فَمَشِيئَةُ مَاضِيَةٌ من رَبِّ النَّاسِ، عَلَى كُلِّ الأَفْرَادِ وَالأَجْنَاسِ، أَنْ يَحِلَّ البَلاَءُ وَالبَأْسُ، امْتِحَانًا وَجَزَاءً، {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ }، { وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ }.
كَمْ نَحْنُ بِحَاجَةٍ مَعَ هَذِهِ التَّحَوُّلاَتِ الَّتِي نَرَاهَا أَنْ نَعُودَ لِمَوَاعِظِ القُرْآنِ، فَفِيهِ العِظَةُ وَالعِبْرَةُ وَالهُدَى وَالنَّجَاةُ، فَاللهُ سُبْحَانَهُ قَدْ أَنْزَلَ نِقْمَتَهُ وَعُقُوبَتَهُ عَلَى أُمَمٍ سَالِفَةٍ انْحَرَفَتْ فِي أُلُوهِيَّتِهَا، وَأَخْلاَقِهَا، وَاقْتِصَادِهَا، (وَتِلْكَ القُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا)، وَسُنَنُ اللهِ فِي خَلْقِهِ لَيْسَتْ قِصَصًا مَاضِيَةً، بَلْ حَقَائِقُ بَاقِيَةٌ، وَلِذَا يَأْتِي الوَعِيدُ القُرْآنِيُّ بَعْدَهَا بِالتَّحْذِيرِ مِنْ سَبِيلِهِمْ؛ (وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ)،(وتَرَكْنا فِيها آيةً للذينَ يَخافونَ العذابَ الأليم).
وَالحَضَارَةُ الغَرْبِيَّةُ المُعَاصِرَةُ رَغْمَ أَنَّهَا وَصَلَتْ فِي العُلُومِ وَالتِّكْنُولُوجْيَا إِلَى تَقَدُّمٍ لَمْ تَشْهَدْهَا البَشَرِيَّةُ، إِلاَّ أَنَّهَا لَمْ تُقَابِلْ هَذِهِ النِّعْمَةِ بِالشُّكْرِ، بَلْ قَدْ جَمَعَتْ كَثِيرًا مِنْ أَسْبَابِ العُقُوبَاتِ؛ مِنَ العُلُوِّ فِي الأَرْضِ وَالاسْتِكْبَارِ، وَالشِّرْكِ بِاللهِ وَاللاَّدِينِيَّةِ وَالإِلْحَادِ، وَاسْتِحْلاَلِ الرِّبَا، وَشُيُوعِ الفَوَاحِشِ وَالمُوبِقَاتِ تَحْتَ لاَفِتَةِ الحُرِّيَّاتِ، وَآخِرُ هَذِهِ المُوبِقَاتِ تَشْرِيعُ اللِّوَاطِ وَالسُّحَاقِ وَسَنُّ القَوَانِينِ فِي الدِّفَاعِ عَنْهُ.
فَاللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذَ مِنْ غضبك وَأَسْبَابِ عِقَابِكَ.
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ وللهِ الحَمْدُ.
يَا أَهْلَ الإِيمَانِ أَنْتُمْ فِي عَصْرٍ كَثُرَتْ فِيهِ المُغْرِيَاتُ وَالشَّهَوَاتُ وَالشُّبُهَاتُ، وَأَصْبَحَتْ بُيُوتُنَا تُغْزَى بِثَقَافَاتٍ وَسُلُوكِيَّاتٍ لَمْ نَعْهَدْهَا، أَصْبَحَ الجِهَازُ الصَّغِيرُ يُزَاحِمُ وَيَهْدِمُ مَا يَتَلَقَّاهُ الصَّغِيرُ وَالكَبِيرُ فِي البَيْتِ وَالمَدْرَسَةِ وَالمَسْجِدِ، وَهَذَا يُحَتِّمُ عَلَيْنَا مُرَاجَعَةَ أَسَالِيبِنَا فِي التَّرْبِيَةِ وَالتَّوْجِيهِ، وَحِفْظِ الذُّرِّيَّةِ.
فَهَذَا الجِيلُ أَمَانَةٌ وَمَسْؤُولِيَّةٌ، فلاَ تَلْتَفِتْ يَا عَبْدَ اللهِ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَأَنْتَ أَنْتَ لَكَ نَصِيبٌ مِنْ هَذِهِ المَسْؤُولِيَّةِ، قَالَ r: ((كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالأَبُ رَاعٍ فِي بَيْتِهِ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ)).
فَيَا كُلَّ أَبٍ وَأُمٍّ، التَّرْبِيَةُ تَبْدَأُ مِنْكُمَا، فَالطِّفْلُ مُنْذُ زَهْرَاتِهِ يُحِبُّ وَالِدَيْهِ، وَيَسْتَمِعُ مِنْهُمَا، وَيُراقِبُهُمَا، وَوَاللهِ إِنَّ كَلَمَاتِ الوَالِدَيْنِ وَنَظَرَاتِهِمَا وَحَنَانَهُمَا حُقَنٌ مُؤَثِّرَةٌ تُؤْتِي أُكَلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا، فَاغْرِسُوا فِي هَذِهِ الأَرْضِ الخِصْبَةِ مَا يَسُرُّ نَاظِرَيْكُمَا فِيهِ.
يَا أَخْتَ الإِسْلاَمِ كَمْ لَكِ مِنَ الأُجُورِ الوَفِيرَةِ، وِأَنْتِ فِي مَمْلَكَةِ بَيْتِكِ، فَأَصْلِحِي النِّيَّةَ، وَأَبْشِري بِهَذَا الخَبَرِ النَّبَوِيِّ الَّذِي خَصَّهُ النَّبِيُّ r لَكِ فَقَالَ:(إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ)؛ رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.
وَأَخِيرًا يَا أَهْلَ الإِيمَانِ، أَنْتُمْ فِي يَوْمِ التَّهَانِي وَالتَّصَافِي، وَالتَّسَامُحِ وَالتَّغَاضِي، فَاغْسِلُوا أدْرَانَ التَّشَاحُنِ مِنَ القُلُوبِ، وَتَرَاحَمُوا، وَتَآلَفُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا،
فَمَنْ لم يَبْتَسِمْ فِي العِيدِ وَيَمُدَّ يَدَهُ لِمَنْ يَخْتِلَفُ مَعَهُ فَمَتَى يُبَادِرُ!

وَإِذَا كَانَ تَحْقِيقُ الاجْتِمَاعِ وَالتَّآلُفِ مَأْمُورًا بِهِ فِي حَقِّ عُمُومِ المُسْلِمِينَ فَهُوَ فِي حَقِّ الأَقَارِبِ وَالأُخُوَّةِ أَوْلَى وَأَوْجَبُ.
تَقَبَّلَ اللهُ طَاعَتَكُمْ، وَكُلُّ عَامٍ وَأَنْتُمْ بِخَيْرٍ، أَعَادَ اللهُ عَلَيْنَا شَهْرَنَا الغَالِي وَنَحْنُ فِي صِحَّةٍ وَسَلاَمَةٍ فِي دِينٍ، وَأَمَانٍ فِي دُنْيَا.
صَلُّوا بَعْدَها عَلَى نَبِيِّ الهُدَى وَالمَرْحَمَةِ....
المرفقات

خطبة عيد الفطر المبارك 1436 هـ.docx

خطبة عيد الفطر المبارك 1436 هـ.docx

~$بة عيد الفطر 1436هـ.docx

~$بة عيد الفطر 1436هـ.docx

المشاهدات 3236 | التعليقات 1

تم تعديل بعض الكلمات ، مع إضافة قليلة ، جعلنا الله وإياكم مباركين أينما كنا ،،،