خطبة عيد الفطر المبارك 1434
الشيخ د إبراهيم بن محمد الحقيل
1434/09/20 - 2013/07/28 15:41PM
خُطْبَةُ عِيدِ الْفِطْرِ المُبَارَكِ
تَفْرِقَةُ الدِّينِ تُفَرِّقُ الأَمَّةَ
الْخَمِيسُ 1/10/1434
الْحَمْدُ لِلهِ ذِي الْمَلَكُوتِ وَالْجَبَرُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ؛ عَظُمَ مُلْكُهُ فَدَلَّ عَلَى عَظَمَتِهِ، وَاتَّسَعَتْ رَحْمَتُهُ فَشَمِلَتْ خَلْقَهُ، وَأَحَاطَ عِلْمُهُ بِكُلِّ شَيْءٍ فَلَمْ تَخْفَ عَلَيهِ خَافِيَةٌ.. مَالِكُ الْمُلْكِ، وَمُدَبِّرُ الْأَمْرِ، لَا خُرُوجَ لِمَخْلُوقٍ عَنْ أَمْرِهِ، وَلَا يَقَعُ شَيْءٌ إِلَّا بِعِلْمِهِ، رَفَعَ أَقْوَامًا وَوَضْعَ آخَرِينَ.. ﴿ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاواتِ وَالْأرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾[ الْجَاثِيَةَ: 36- 37] ﴿الْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ﴾[الْإِسْراءَ: 111] وَاللهُ أكْبَرُ كَبِيرًا ؛ عَزَّ جَارُهُ، وَجَلَّ ثَنَاؤُهُ، وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ، سُبْحَانَه وَبِحَمْدِهِ. وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إلَهَ إِلَّا اللهُ وَحَدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ كَتَبَ الْعِزَّ وَالْبَقَاءَ لِدِينِهِ، وَالْعُلُوَّ وَالنَّصْرَ لِأَوْلِيَائِهِ، وَالذُّلَّ وَالْهَوَانَ عَلَى أَعْدَائِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أَقَامَ الْحُجَّةَ، وَقَطَعَ الْمَعْذِرَةَ، وَأَرْسَى دَعَائِمَ الْمِلَّةِ، فَمَا مَاتَ إِلَّا وَدِينُهُ قَدْ بَلَغَ الْعَرَبَ وَالْعَجَمَ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى؛ فِإِنَّ تَقْوَاهُ عِمَادُ الخَيرِ، وَسَبَبُ السَّعَادَةِ.
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ ولِلهِ الْحَمْدُ.
اللهُ أَكْبَرُ؛ كَمْ مِنْ عَيْنٍ لِلِه تَعَالَى باكِيَةٌ! وَكَمْ مِنْ جَبْهَةٍ لَهُ سَاجِدَةٌ! وَكَمْ مِنْ أَلْسُنٍ بِذِكْرِهِ لاَهِجَةٌ؟!
اللهُ أَكْبَرُ؛ صَامَ لَهُ الصَّائِمُونَ، وَقَامَ الْقَائِمُونَ، وَاسْتَغْفَرَ المُتَسَحِّرُونَ، وَأَنْفَقَ الْمُوسِرُونَ، وَانْقَطَعَ الْمُعْتَكِفُونَ، وَتَرَنَّمَ بِآيَاتِهِ الْقَارِئُونَ. وَالْيَوْمَ خَرَجُوا لِلْمُصَلَّى يُكْبِّرُونَ، وَلِشَعَائِرِ الْعِيدِ يُعَظِّمُونَ، لَا يَرْجُونَ شِيئًا مِنَ الدُّنْيَا.. وَإِنَّمَا يَرْجُوْنَ قَبُولَ اللهِ تَعَالَى لَهُمْ وَعَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرَحْمَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ؛ فَاللهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَاهُمْ، وَاللهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا حَبَاهُمْ، وَاللهُ أَكْبَرُ وَفَّقَهُمْ وَحُرِمَ غَيْرُهُمْ.
اللهُ أكْبَرِ؛ عَرَفَهُ الْمُؤْمِنُونَ فَأَحْبُوهُ وَعَظَّمُوهُ وَعَبَدُوهُ، وَجَهِلَهُ الْمُسْتَكْبِرُونَ فَكُرِهُوا شَرِيعَتَهُ، وَصَدُّوا عَنْ دِينِهِ، وَحَارَبُوا أَوْلِيَاءَهُ.
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ ولِلهِ الْحَمْدُ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: صُمْتُمْ شَهْرَكُمْ، وَأَرْضَيتُمْ رَبَّكُمْ، وَحَضَرْتُمْ عِيدَكُمْ، فَأَبْشِرُوا بِجَوائِزِ اللهِ تَعَالَى لَكُمْ، وَابْقَوْا بَعْدَ رَمَضَانَ عَلَى عَهْدِكُمْ؛ فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى يُعْبَدُ فِي كُلِّ زَمانٍ وَمَكَانٍ وَحَالٍ ﴿يا عِبَادِي الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ* كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَينَا تُرْجَعُونَ﴾ [ الْعَنْكَبُوتَ: 56- 57].
وَيَا مَنْ ضَيَّعْتُمْ رَمَضَانَ فِي اللَّهْوِ وَالْغَفْلَةِ، وَالنَّوْمِ وَالْبَطَالَةِ، وَحُضُورِ مَجَالِسِ الزُّورِ وَمُشَاهَدَتِهِ: تُوبُوا إِلَى اللهِ تَعَالَى مَا دُمْتُمْ فِي زَمَنِ الْإِمْهَالِ؛ فَإِنَّ الدُّنْيَا دَارُ مَغَرَّةٍ، وَإِنَّ الْمَوْتَ يَأْتِي الْعَبْدَ بَغْتَةً ﴿وَاِتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ * أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ﴾[ الزَّمْرَ: 55- 56].
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ ولِلهِ الْحَمْدُ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ أَعْظَمَ فِتْنَةٍ هِيَ الْفِتْنَةُ فِي الدِّينِ، وَأَعْظَمُ فِتْنَةٍ فِيهِ فِتْنَةُ تَفْرِقَتِهِ، حِينَ تَكْثُرُ الْأَهْوَاءُ، وَتَخْتَلِفُ الْآرَاءُ، وَتَتَبَاعَدُ النُّفُوسُ، وَتَتَبَاغَضُ الْقَلُوبُ، وَهِيَ الْحَالِقَةُ الَّتِي تَحْلِقُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ، فَلَا دُنْيَا تَصْلُحُ بِالْاِخْتِلاَفِ وَالتَّفَرُّقِ، وَلَا دِينَ يَسْتَقِيمُ بِتَفْرِقَتِهِ.
إِنَّ أَعْظَمَ رَزِيَّةٍ أَضْعَفَتِ الْأُمَّةَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا وَفَرَّقَتْهَا هِي تَفْرِقَةُ الدِّينِ، وَتَفْرِقَتُهُ تُؤَدِّي وَلَا بُدَّ إِلَى الْاِخْتِلاَفِ وَالتَّفَرُّقِ؛ لِأَنَّ تَفْرِقَةَ الدِّينِ تَنْشَأُ عَنِ الْهَوَى، وَأَهْوَاءُ النَّاسِ تَخْتَلِفُ وَلَا تَتَّفِقُ.
لَقَدْ كَانَتِ الْأُمَّةُ فِي عَهْدِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمُ مُجْتَمِعَةً عَلَى كَلِمَةٍ سَوَاءِ؛ لِأَنَّ الدِّينَ لَمْ يُفَرَّقْ، فَلَمَّا فَرَّقَهُ مَنْ بَعْدَهُمْ تَفَرَّقَ النَّاسُ عَلَى مَا تَفَرَّقَ مِنْهُ فَاخْتَلَفُوا، وَكَانُوا شِيَعًا.
إِنَّ مَنْ قَرَأَ تَارِيخَ الْأُمَّةِ النَّصْرَانِيَّةِ يَجِدُ أَنَّ أَعْظَمَ مَا أُصِيبُوا بِهِ هُوَ تَفْرِقَةُ دِينِهِمْ، وَبِسَبَبِهِ ضَاعَ دِينُهُمْ وَاضْمَحَلَّ، وَعَبَثَتْ بِهِ أَيَادِي التَّحْرِيفِ وَالتَّبْدِيلِ فَانْتَهَى، ثُمَّ تَفْلَّتُوا مِنْهُ حَتَّى تَرَكُوهُ، وَعَلَى مَذْبَحَةِ تَفْرِقَةِ الدِّينِ هَلَكَتْ أُمَمٌ مِنْهُمْ، فِي حُرُوبٍ مَا أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ.
إِنَّ النَّصَارَى كَانُوا أمَةً وَاحِدَةً، قَائِمَةً بِأَمْرِ اللهِ تَعَالَى، مُتَّبِعَةً الْمَسِيحَ عَلَيهِ السَّلَامُ، وَلَكِنْ بِمُجَرَّدِ أَنْ فَرَّقُوا دِينَهُمْ تَفَلَتُوا مِنْهُ الشَّيءَ بَعْدَ الشَّيْءِ فاضْمَحَلَّ، فَضَاعَ الْحَقُّ عِنْدَهُمْ حَتَّى فِي الرُّبُوبِيَّةِ الَّتِي هِيَ أعْظَمُ شَيْءٍ، فَقَالُوا: إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٌ!! مَعَ أَنَّ الْمَسِيحَ عَلَيهِ السَّلَامُ قَدْ جَاءَهُمْ بِالتَّوْحِيدِ ﴿وَقَالَ الْمَسِيحُ يا بَنِي إِسْرَائِيلَ اُعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّه مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ﴾[ الْمَائِدَةَ: 72].
تَفَرَّقْتِ النَّصْرَانِيَّةُ، وَانْقَسَمَتْ إِلَى طَائِفَتَيْنِ كَبِيرَتَيْنِ اسْتَمَرَّ اِنْقِسَامُهَا سِتَّةَ عَشَرَ قَرْنًا، ثُمَّ تَشَظَّتْ أَكْبَرُ طَائِفَةٍ إِلَى قِسْمَيْنِ آخَرَينِ فِي فِرَقٍ صَغِيرَةٍ لَا يُحْصِيهَا الْعَدُّ، لَكِنَّهَا كُلَّهَا قَدِ اِجْتَمَعَتْ عَلَى عَقِيدَةِ التَّثْلِيثِ وَنَفِي التَّوْحِيدِ.. فَتَأَمَّلُوا إِلَى مَا أَوْصَلَتُهُمْ تَفْرِقَتُهُمْ لِدِينِهِمْ.
وَمَعَ كَثْرَةِ الْحُرُوبِ، وَأَنْهَارِ الدَّمِ بَيْنَ طَوَائِفِهِمْ، وَلِلْخَلَاصِ مِمَّا هُمْ فِيهِ مِنِ احْتَرَابٍ عَلَى الدِّينِ، انْتَهَجُوا الْعَلْمَانِيَّةَ، وَقَالُوا بِالْعَقْدِ الْمَدَنِيِّ وَمَفَادُهُ: أَنَّ الدُّوَلَ لَا تُبْنَى عَلَى الدِّينِ، وَإِنَّمَا عَلَى آرَاءِ النَّاسِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ يَعْبُدُ مَا يَشَاءُ كَيْفَ شَاءَ، أَيْ: لِنَقْتَسِمْ أُمُورَ الدُّنْيَا، وَلْيَكُنِ الدِّينُ بَعِيدًا عَنْ دُنْيَانَا.
فَاِنْتَهَتِ الْحُروبُ الدِّينِيَّةُ لِتَنْشَأَ الْحُروبُ الْعِرْقِيَّةُ الْعُنْصُرِيَّةُ الَّتِي كَانَ تَاجُهَا الْحَرْبَ الْعَالَمِيَّةَ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ صَدَّرَ الْغَرْبُ حُرُوبَهُ لِلْخَارِجِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَنَعِمَ بِالْاِسْتِقْرَارِ لَكِنَّه لَمْ يَنْعَمْ بِالْأَمْنِ؛ لِأَنَّ تَفْرِقَةَ الدِّينِ لَنْ تَكُونَ سَبَبًا فِي الْأَمْنِ عِنْدَ النَّظَرِ وَالتَّأَمُّلِ، فَكَيْفَ بِاطِّرَاحِ الدِّينِ كُلِّهِ، وَإِقْصَاءِ شَرِيعَةِ اللهِ تَعَالَى، وَتَأْلِيهِ الْإِنْسَانِ، فَعَانَى الْفَرْدُ الْغَرْبِيُ أَزَمَاتٍ مُهْلِكَةٍ بِسَبَبِ فَرَاغِ قَلْبِهِ مِنْ الدِّينِ، وَمَا يَأْتُونَهُ مِنْ أَنْوَاعِ الشُّذُوذِ وَالتَّقْلِيعَاتِ هُوَ لِلْخُرُوجِ مِنْ شَقَاءِ الْقَلْبِ حِينَ فَقَدْ الْإِيمَانَ، حَتَّى شَرَّعَتْ بَرْلَمَانَاتُهُمْ الْمِثْلِيَّةَ الْجِنْسِيَّةَ بِالْاِعْتِرَافِ بِزَوَاجِ الرِّجَّالِ بِالرِّجَّالِ، وَالنِّساءِ بِالنِّساءِ، وَسَنَّتْ لِهُمْ حُقُوقًا مَكْفُولَةً، وَتِلْكَ وَالله هِيَ بِدَايَةُ النِّهَايَةِ الْأَلِيمَةِ لَهُمْ، كَمَا كَانَتْ نِهَايَةُ قَوْمِ لَوْطٍ أَلِيمَةً.
إِنَّ النَّصَارَى فَرَّقُوا دِينَهُمْ فَاخْتَلَفُوا وَاقْتَتَلُوا، فَتَخْلَّصُوا مِنَ الدِّينِ لِوَقْفِ مَا هُمْ فِيهِ مِنْ نَزْفِ الدَّمِ، فَانْحَدَرُوا إِلَى هُوَّةٍ سَحِيقَةٍ رُفِّهَتْ فِيهَا أَبْدَانُهُمْ لَكِنْ شَقِيتْ بِهَا قَلُوبُهُمْ، وَعَذَابُ الْقَلْبِ أَشَدُّ مِنْ عَذَابِ الْبَدَنِ. وَهُمُ الْآنَ يَقْتَرِحُونَ عَلَى أُمَّةِ الْإِسْلَامِ تَجْرِبَةَ مَا جَرَّبُوا، بَلْ وَيُرِيدُونَ فَرْضَهُ بِالقُوَّةِ، وَقَالُوا: فِي الْإِسْلَامِ طَوَائِفُ كَثِيرَةٌ، وَفِي كُلِّ طَائِفَةٍ فِرَقٌ وَمَذَاهِبُ.. وَالْعَلْمَانِيَّةُ هِيَ الْحَلُّ لِلْجَمِيعِ لِأَنَّهَا جَمَعْتِ الأُورُبِّيينَ، وَهِي فِكْرَةٌ مُغْرِيَةٌ لِجَمْعِ الْكَلِمَةِ يُرَوِّجُ لَهَا الْمُنَظِّرُونَ الْغَرْبِيُّونَ، وَيَمْتَطِيهَا بَعْضُ الْعَرَبِ، وَيُحَاوِلَ جَمْعٌ مِنْ الْمُفَكِّرِينَ إقْنَاعَ الْمُسْلِمِينَ بِهَا، لَكِنَّهُمْ يَغْفُلُونَ عَنْ حَقِيقَةٍ مُهِمَّةٍ، وَهِي أَنَّ النَّصَارَى لَمَّا فَرَّقُوا دِينَهُمْ تُفَرِّقُوا عَلَى بَاطِلٍ مُتَعَدِّدٍ مُتَحارِبٍ، لَيسَ فِيهِ حَقٌ، فَأَمْكَنَ جَمْعُ هَذَا الْبَاطِلِ الْمُتَعَدِّدِ الْمُتَحارِبِ فِي بَاطِلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْعَلْمَانِيَّةُ. وَنَقْلُ هَذِهِ التَّجْرِبَةِ النَّاجِحَةِ عِنْدَ النَّصَارَى إِلَى الْإِسْلامِ خَطَأٌ وَجَهْلٌ؛ لِأَنَّ دِينَ الْإِسْلَامِ حَقٌّ، بَقِيَ وَبَقِيتْ طَائِفَةٌ مُسْتَمْسِكَةٌ بِهِ فَلَمْ يَضْمَحِلَّ كَمَا اضْمَحَلَّ دِينُ الْمَسِيحِ عَلَيهِ السَّلَامُ، وَمُحَاوَلَةُ صَهْرِ طَوَائِفِ الْمُسْلِمِينَ وَفِرَقَهُمْ فِي بَوْتَقَةِ الْعَلْمَانِيَّةِ هِيَ مُحَاوَلَةٌ لصَهْرِ الْحَقِّ مَعَ الْبَاطِلِ، وَهُوَ مَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ قَدْ قَضَى اللهُ تَعَالَى بِبَقَائِهِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَنْصَهِرَ مَعَ الْبَاطِلِ فِي بَاطِلٍ ثَالِثٍ، وَلَنْ يَتَنَازَلَ أهْلُ الْبَاطِلِ عَنْ بَاطِلِهِمْ، وَحِينَئِذٍ سَيَبْقَى الصِّراعُ وَالْاِخْتِلاَفُ مَا بَقِيَ أَهْلُ الْبَاطِلَ يُصِرُّونَ عَلَى بَاطِلِهِمْ، وَيَمْلِكُونَ الْقُوَّةَ لِنَشْرِهِ وَفَرْضِهِ.
إِنَّ أُمَّةَ الْإِسْلامِ تَعِيشُ الْآنَ مَرْحَلَةَ تَفْرِقَةِ الدِّينِ، وَإِنَّ نَزْفَ الدَّمِ فِي أَرْجَاءِ العَالَمِ الِإسْلَامِيِّ، وَاسْتِشْرَاءَ فِتْنَةِ الفُرْقَةِ وَالاخْتِلَافِ وَالِانْقِسَامِ سَبَبُهُ الرَئِيسُ تَفْرِقَةُ الدِّينِ، وَلَنْ يَصِلَ المُسْلِمُونَ إِلَى مَا وُصَلُ إِلَيْهِ النَّصَارَى مِنْ إِلغَاءِ الإِسْلَامِ وَتَبْدِيلِهِ، وَإِنْ بَدَّلَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ دِينَهُمْ وَبَاعُوهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ حَفِظَ دِينَ الْإِسْلَامِ، وَالْمُوَفَّقَ مَنْ تَمَسَّكَ بِهِ حَتَّى يَلْقَى اللهَ تَعَالَى.
إِنَّ الدِّينَ الْمُنَزَّلَ -أَيًّا كَانَ هَذَا الدِّينُ- إِنْ فَرَّقَهُ أَصْحَابُهُ فَأَخَذُوا مِنْهُ مَا يَهْوَوْنَ، وَتَرَكُوا مَا لَا يَهْوُونَ، فَهُمْ إِلَى التَّفَرُّقِ وَالْاِخْتِلاَفِ ثُمَّ الاحْتِرَابِ وَالْاِقْتِتَالِ صَائِرُونَ، وَهَكَذَا كَانَ حالُ أهْلِ الْكِتَابِ، فَنُهِينَا أَنْ نَسْلُكَ مَسْلَكَهُمْ.. ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاِخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾[ آلَ عُمْرَانٌ: 105] ﴿وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ* مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾[ الرُّومَ: 31- 32] بَلْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ بِبُعْدِ مَنْ فَرَّقُوا دِينَهُمْ عَنْهُ، وَهَذَا يَقْتَضِي الْبَرَاءَةَ مِنْ تَفْرِقَةِ الدِّينِ ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾[ الْأَنْعامَ: 159].
إِنَّ المُفَرِّقِينَ دِينَهُمْ يُعَاقَبُونَ بِخِزْيِّ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الْآخِرَةِ، وَمِنْ خِزْيِّ الدُّنْيَا: اِخْتِلاَفُ الْكَلِمَةِ، وَحُدُوثُ الْفُرْقَةِ، وَتَبَاغُضُ الْقَلُوبِ، وَحُلُولُ الْخَوْفِ، وَسَلْبُ النِّعَمِ ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إلّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ﴾[ الْبَقَرَةَ: 58].
إِنَّ اِجْتِمَاعَ الدِّينِ بِأَخْذِهِ كُلِّهِ وَعَدَمِ تَفْرِقَتِهِ سَبَبٌ لاجْتِمَاعِ الكَلِمَةِ، وَتَقَارُبِ القُلُوبِ، وَهُوَ وَصِيَّةُ الله تَعَالَى لِأُوْلِي الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾ [ الشُّورَى: 13]. وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّمَ:« يَدُ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ».
فَلْتَجْتَمِعِ الْقُلُوبُ عَلَى مَحَبَّةِ اللهِ تَعَالَى، وَلْتَنْبُذْ الْفُرْقَةَ وَالْاِخْتِلاَفَ، وَلْتَأْخُذْ بِالدِّينِ كُلِّهِ وَلَا تُفَرِّقْهُ؛ فَإِنَّ النَّجَاةَ فِي الدُّنْيَا وَالْفَوْزَ فِي الْآخِرَةِ لَا يَكُونُ إِلَّا بِذَلِكَ ﴿وَاِعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾[ آلَ عُمْرَانٌ: 103]
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ ولِلهِ الْحَمْدُ.
وَأَقُولُ قَوْلَي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ...
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَاللهُ أكْبَرُ كَبِيرًا؛ أَفْرَحَنَا بِالْعِيدِ، وَرَزَقَنَا الْجَدِيدَ، وَمَتَّعْنَا بِالْعَيْشِ الرَّغِيدِ؛ فَلَهُ الْحَمْدُ لَا نُحْصِي ثَنَاءً عَلَيهِ كَمَا أَثْنَى هُوَ عَلَى نَفْسِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحَدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ جَعَلَ الْعِيدَ مِنْ شَعَائِرِهِ الْمُعَظَّمَةِ ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾[الْحَجَّ: 32]. فَأَيُّ دِينٍ جَعَلَ أُنْسَ النَّاسِ وَفَرَحَهُمْ عِبَادَةً يُؤْجَرُونَ عَلَيهَا؟! وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أَمَرَ بالتَوسِعَةِ عَلَى الْأَهْلِ وَالْوَلَدِ يَوْمَ الْعِيدِ، حَتَّى يَعْلَمَ النَّاسُ أَنَّ فِي الْإِسْلَامِ فُسْحَةً، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ ولِلهِ الْحَمْدُ.
أَيَتُهَا الْمَرْأَةُ الْمُسْلِمَةُ، أَيَتُهَا الصَّائِمَةُ الْقَائِمَةُ: إِنَّ الْأَمَلَ مَعْقُودٌ عَلَيكِ فِي تَرْبِيَةِ جِيلٍ صَالِحٍ يَنْفَعُ نَفْسَه وَيَنْهَضُ بِأُمَّتِهِ، فَكُوْنِي أُمًّا تَصْنَعُ أُمَّةً؛ فَإِنَّ إمَامَ أَهْلِ السُّنَّةِ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ نَشَأَ يَتِيمَا فَصَنَعَتْهُ أُمُّهُ بِرِعايَةِ اللهِ تَعَالَى وَتَوْفِيقِهِ، فَصَارَ أُمَّةً فِي رَجُلٍ، وَمَنْ لَا يَعْرِفُ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ؟! وَكُلُّ عِلْمِهِ وَجِهَادِهِ وَنَفْعِهِ لِلْأُمَّةِ الْمُسْلِمَةِ طُوَالَ الْقُرُونِ فَلِأُمِّهِ الَّتِي رَبَّتْهُ وَأَدَّبَتْهُ وَقَامَتْ عَلَيهِ مِثْلُ أَجْرِهِ؛ لِأَنَّهَا صَنَعَتْهُ إِمَامًا، وَلَمْ تَتْرُكْهُ عَابِثًا.
وَكَانَتْ أُمُّ الشَّافِعِيِّ تَلْتَقِطُ الْأَوْرَاقَ التَّالِفَةَ لَهُ لِيَكْتُبَ عَلَى قَفَاهَا دُرُوسَهُ، وَمَا رَدَّهَا الْفَقْرُ عَنْ صُنْعِ إِمَامٍ مِنْ أَكْبَرِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ.
وَكَثِيرٌ مِنْ عُظَمَاءِ الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ صَنَعَتْهُمْ نِسَاءٌ مِنْ أُمَّهَاتٍ وَأَخَوَاتٍ وَقَرِيبَاتٍ، وَمِنْ كَثْرَتِهِمْ أُلِفَتْ كُتُبٌ فِيهِمْ عُنْوِنَتْ: أَيْتَامٌ كَانُوا عُظَمَاءَ، وَأَيْتَامٌ غَيَّرُوا مَجْرَى التَّارِيخِ، وَأَيْتَامٌ صَنَعُوا التَّارِيخَ.
أَيَتُهَا الْحُرَّةُ الْعَفِيفَةُ: إِنَّ اِسْتِنْسَاخَ الْأُسْرَةِ الْغَرْبِيَّةِ الشَّقِيَّةِ الْمُفَكَّكَةِ يَجْرِي عَلَى قَدَمٍ وَسَاقٍ لِاِسْتِنْبَاتِهِ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِنَقْلِ الْمَرْأَةِ مِنْ فَضَاءِ الْإِسْلَامِ الرَّحِيبِ إِلَى حُرِّيَّةِ الْغَرْبِ الضِّيقَةِ، الَّتِي حَوَّلَتِ الْمَرْأَةَ إِلَى سِلْعَةٍ فِي سُوقِ رَقِيقٍ ضَخْمٍ، رَوَّجَتْ لَهُ عَبْرَ الدِّعَايَاتِ الْمُضَلِّلَةِ، وَالْأُطْرُوحَاتِ الزَّائِفَةِ، وَالرَّجُلُ إِذَا سَهُلَ حُصُولُهُ عَلَى الْمَرْأَةِ زَهِدَ فِيهَا، فَأَهَانَهَا وَلَمْ يُكْرِمْهَا، وَهُوَ حالُ الْمَرْأَةِ فِي الْغَرْبِ، تَتَمَنَّى رَجُلًا تَأْوِي إِلَيهِ، وَتَثِقُ بِهِ، وَتَطْمَئِنُّ لَهُ، وَتَأْمَنُ عِنْدَهُ، فَلَا تَكَادُ تَجِدُهُ؛ لِأَنَّهُ يَجِدُ مِئَاتٍ غَيْرَهَا بِالصْدَاقَةِ الْمَجَّانِيَّةِ، فَلِمَاذَا يُوثِقُ نَفْسَهُ بِرِبَاطِ الزَّوْجِيَّةِ؟! فَهَلْ تَتَنَكَّرُ مُسْلِمَةٌ لِدِينِهَا الَّذِي أَعَزَّهَا وَرَفَعَهَا، وَجَعَلَ الرَجُلَ يَتَوَسَّلُ إِلَيهَا بِخِطْبَتِهَا وَمَهْرِهَا، وَحَفِظَ حُقُوقَهَا لِتَعِيشَ فِي كَنَفِهِ، وَتَأْمَنَ مَعَهُ، هَلْ تَرْفُضُ ذَلِكَ لِتَرْضَى بِسُلْطَةِ عَشَرَاتِ الرِّجَالِ عَلَيهَا، يَحُومُونَ حَوْلَهَا، وَيَنْصِبُونَ شِبَاكَهُمْ لِلْإِيقَاعِ بِهَا، فَيَنْهَشُونَهَا بِنَظَرَاتِهِمْ، وَيَفْتَرِسُونَهَا بِشَهَوَاتِهِمْ، ثُمَّ يُغَادِرُونَهَا مُحَطَّمَةً مَكْلُومَةً؟ لَا عَاقِلَةَ تَرْضَى بِذَلِكَ فَضْلًا عَنْ مُؤْمِنَةٍ بَدِينِهَا، مُحِبَّةٍ لِرَبِّهَا، مُعْتَزَّةٍ بِإِيمَانِهَا، مُفَاخِرَةٍ بِطُهْرِهَا وَعَفَافِهَا، فَاحْذَرْنَ مَصَائِدَ الْأَعْدَاءِ، وَدَعَوَاتِهِمْ الْمُزَخْرَفَةَ بِتَحْرِيرِ الْمَرْأَةِ، فَلَيْسَتْ إِلَّا ذُلًّا وَإِهَانَةً وَاسْتِغْلاَلًا. حَفِظَ اللهُ نِسَاءَ الْمُسْلِمِينَ بِحِفْظِهِ، وَأَسْبَغَ عَلَيهِنَّ سِتْرَهُ، وَحَمَاهُنَّ مِنْ كَيْدِ الْكَائِدِينَ، وَدَعَوَاتِ الْمُفْسِدِينَ.
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ ولِلهِ الْحَمْدُ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: افْرَحُوا فِي هَذَا الْيَوْمِ الْعَظِيمِ؛ فَإِنَّ الْفَرَحَ بِهِ عِبَادَةٌ، وَبَرُّوا والِدِيكُمْ، وَصِلُوا أَرْحَامَكُمْ، وَأَحْسِنُوا إِلَى جِيرَانِكُمْ، وَلِينُوا لِإِخْوَانِكُمْ، وَأَدْخِلُوا السُّرُورَ عَلَى أَهْلِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ، وَأَشْعِرُوهُمْ بِأَنَّ الْعِيدَ عِيدُهُمْ، وَلَا تَنْسَوْا إِخْوَانَكُمْ الْمُضْطَهَدِينَ وَالْمَحْرُومِينَ فِي كُلُّ مَكَانٍ مِنْ صَالِحِ دُعَائِكُمْ، وَجَزِيلِ عَطَائِكُمْ، وَأَتْبِعُوا رَمَضَانَ بِصِيَامِ سِتٍّ مِنْ شَوَّالَ، وَأَحْسِنُوا فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ..
أَعَادَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَينَا وَعَلَيكُمْ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ بِالْيُمْنِ وَالْإِيمَانِ وَالسَّلاَمَةِ وَالْإِسْلَامِ، وَتَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ صَالِحَ الْأَعْمَالِ.
﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ....﴾[ الْأحْزَابَ: 56].
تَفْرِقَةُ الدِّينِ تُفَرِّقُ الأَمَّةَ
الْخَمِيسُ 1/10/1434
الْحَمْدُ لِلهِ ذِي الْمَلَكُوتِ وَالْجَبَرُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ؛ عَظُمَ مُلْكُهُ فَدَلَّ عَلَى عَظَمَتِهِ، وَاتَّسَعَتْ رَحْمَتُهُ فَشَمِلَتْ خَلْقَهُ، وَأَحَاطَ عِلْمُهُ بِكُلِّ شَيْءٍ فَلَمْ تَخْفَ عَلَيهِ خَافِيَةٌ.. مَالِكُ الْمُلْكِ، وَمُدَبِّرُ الْأَمْرِ، لَا خُرُوجَ لِمَخْلُوقٍ عَنْ أَمْرِهِ، وَلَا يَقَعُ شَيْءٌ إِلَّا بِعِلْمِهِ، رَفَعَ أَقْوَامًا وَوَضْعَ آخَرِينَ.. ﴿ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاواتِ وَالْأرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾[ الْجَاثِيَةَ: 36- 37] ﴿الْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ﴾[الْإِسْراءَ: 111] وَاللهُ أكْبَرُ كَبِيرًا ؛ عَزَّ جَارُهُ، وَجَلَّ ثَنَاؤُهُ، وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ، سُبْحَانَه وَبِحَمْدِهِ. وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إلَهَ إِلَّا اللهُ وَحَدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ كَتَبَ الْعِزَّ وَالْبَقَاءَ لِدِينِهِ، وَالْعُلُوَّ وَالنَّصْرَ لِأَوْلِيَائِهِ، وَالذُّلَّ وَالْهَوَانَ عَلَى أَعْدَائِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أَقَامَ الْحُجَّةَ، وَقَطَعَ الْمَعْذِرَةَ، وَأَرْسَى دَعَائِمَ الْمِلَّةِ، فَمَا مَاتَ إِلَّا وَدِينُهُ قَدْ بَلَغَ الْعَرَبَ وَالْعَجَمَ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى؛ فِإِنَّ تَقْوَاهُ عِمَادُ الخَيرِ، وَسَبَبُ السَّعَادَةِ.
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ ولِلهِ الْحَمْدُ.
اللهُ أَكْبَرُ؛ كَمْ مِنْ عَيْنٍ لِلِه تَعَالَى باكِيَةٌ! وَكَمْ مِنْ جَبْهَةٍ لَهُ سَاجِدَةٌ! وَكَمْ مِنْ أَلْسُنٍ بِذِكْرِهِ لاَهِجَةٌ؟!
اللهُ أَكْبَرُ؛ صَامَ لَهُ الصَّائِمُونَ، وَقَامَ الْقَائِمُونَ، وَاسْتَغْفَرَ المُتَسَحِّرُونَ، وَأَنْفَقَ الْمُوسِرُونَ، وَانْقَطَعَ الْمُعْتَكِفُونَ، وَتَرَنَّمَ بِآيَاتِهِ الْقَارِئُونَ. وَالْيَوْمَ خَرَجُوا لِلْمُصَلَّى يُكْبِّرُونَ، وَلِشَعَائِرِ الْعِيدِ يُعَظِّمُونَ، لَا يَرْجُونَ شِيئًا مِنَ الدُّنْيَا.. وَإِنَّمَا يَرْجُوْنَ قَبُولَ اللهِ تَعَالَى لَهُمْ وَعَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرَحْمَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ؛ فَاللهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَاهُمْ، وَاللهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا حَبَاهُمْ، وَاللهُ أَكْبَرُ وَفَّقَهُمْ وَحُرِمَ غَيْرُهُمْ.
اللهُ أكْبَرِ؛ عَرَفَهُ الْمُؤْمِنُونَ فَأَحْبُوهُ وَعَظَّمُوهُ وَعَبَدُوهُ، وَجَهِلَهُ الْمُسْتَكْبِرُونَ فَكُرِهُوا شَرِيعَتَهُ، وَصَدُّوا عَنْ دِينِهِ، وَحَارَبُوا أَوْلِيَاءَهُ.
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ ولِلهِ الْحَمْدُ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: صُمْتُمْ شَهْرَكُمْ، وَأَرْضَيتُمْ رَبَّكُمْ، وَحَضَرْتُمْ عِيدَكُمْ، فَأَبْشِرُوا بِجَوائِزِ اللهِ تَعَالَى لَكُمْ، وَابْقَوْا بَعْدَ رَمَضَانَ عَلَى عَهْدِكُمْ؛ فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى يُعْبَدُ فِي كُلِّ زَمانٍ وَمَكَانٍ وَحَالٍ ﴿يا عِبَادِي الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ* كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَينَا تُرْجَعُونَ﴾ [ الْعَنْكَبُوتَ: 56- 57].
وَيَا مَنْ ضَيَّعْتُمْ رَمَضَانَ فِي اللَّهْوِ وَالْغَفْلَةِ، وَالنَّوْمِ وَالْبَطَالَةِ، وَحُضُورِ مَجَالِسِ الزُّورِ وَمُشَاهَدَتِهِ: تُوبُوا إِلَى اللهِ تَعَالَى مَا دُمْتُمْ فِي زَمَنِ الْإِمْهَالِ؛ فَإِنَّ الدُّنْيَا دَارُ مَغَرَّةٍ، وَإِنَّ الْمَوْتَ يَأْتِي الْعَبْدَ بَغْتَةً ﴿وَاِتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ * أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ﴾[ الزَّمْرَ: 55- 56].
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ ولِلهِ الْحَمْدُ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ أَعْظَمَ فِتْنَةٍ هِيَ الْفِتْنَةُ فِي الدِّينِ، وَأَعْظَمُ فِتْنَةٍ فِيهِ فِتْنَةُ تَفْرِقَتِهِ، حِينَ تَكْثُرُ الْأَهْوَاءُ، وَتَخْتَلِفُ الْآرَاءُ، وَتَتَبَاعَدُ النُّفُوسُ، وَتَتَبَاغَضُ الْقَلُوبُ، وَهِيَ الْحَالِقَةُ الَّتِي تَحْلِقُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ، فَلَا دُنْيَا تَصْلُحُ بِالْاِخْتِلاَفِ وَالتَّفَرُّقِ، وَلَا دِينَ يَسْتَقِيمُ بِتَفْرِقَتِهِ.
إِنَّ أَعْظَمَ رَزِيَّةٍ أَضْعَفَتِ الْأُمَّةَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا وَفَرَّقَتْهَا هِي تَفْرِقَةُ الدِّينِ، وَتَفْرِقَتُهُ تُؤَدِّي وَلَا بُدَّ إِلَى الْاِخْتِلاَفِ وَالتَّفَرُّقِ؛ لِأَنَّ تَفْرِقَةَ الدِّينِ تَنْشَأُ عَنِ الْهَوَى، وَأَهْوَاءُ النَّاسِ تَخْتَلِفُ وَلَا تَتَّفِقُ.
لَقَدْ كَانَتِ الْأُمَّةُ فِي عَهْدِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمُ مُجْتَمِعَةً عَلَى كَلِمَةٍ سَوَاءِ؛ لِأَنَّ الدِّينَ لَمْ يُفَرَّقْ، فَلَمَّا فَرَّقَهُ مَنْ بَعْدَهُمْ تَفَرَّقَ النَّاسُ عَلَى مَا تَفَرَّقَ مِنْهُ فَاخْتَلَفُوا، وَكَانُوا شِيَعًا.
إِنَّ مَنْ قَرَأَ تَارِيخَ الْأُمَّةِ النَّصْرَانِيَّةِ يَجِدُ أَنَّ أَعْظَمَ مَا أُصِيبُوا بِهِ هُوَ تَفْرِقَةُ دِينِهِمْ، وَبِسَبَبِهِ ضَاعَ دِينُهُمْ وَاضْمَحَلَّ، وَعَبَثَتْ بِهِ أَيَادِي التَّحْرِيفِ وَالتَّبْدِيلِ فَانْتَهَى، ثُمَّ تَفْلَّتُوا مِنْهُ حَتَّى تَرَكُوهُ، وَعَلَى مَذْبَحَةِ تَفْرِقَةِ الدِّينِ هَلَكَتْ أُمَمٌ مِنْهُمْ، فِي حُرُوبٍ مَا أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ.
إِنَّ النَّصَارَى كَانُوا أمَةً وَاحِدَةً، قَائِمَةً بِأَمْرِ اللهِ تَعَالَى، مُتَّبِعَةً الْمَسِيحَ عَلَيهِ السَّلَامُ، وَلَكِنْ بِمُجَرَّدِ أَنْ فَرَّقُوا دِينَهُمْ تَفَلَتُوا مِنْهُ الشَّيءَ بَعْدَ الشَّيْءِ فاضْمَحَلَّ، فَضَاعَ الْحَقُّ عِنْدَهُمْ حَتَّى فِي الرُّبُوبِيَّةِ الَّتِي هِيَ أعْظَمُ شَيْءٍ، فَقَالُوا: إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٌ!! مَعَ أَنَّ الْمَسِيحَ عَلَيهِ السَّلَامُ قَدْ جَاءَهُمْ بِالتَّوْحِيدِ ﴿وَقَالَ الْمَسِيحُ يا بَنِي إِسْرَائِيلَ اُعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّه مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ﴾[ الْمَائِدَةَ: 72].
تَفَرَّقْتِ النَّصْرَانِيَّةُ، وَانْقَسَمَتْ إِلَى طَائِفَتَيْنِ كَبِيرَتَيْنِ اسْتَمَرَّ اِنْقِسَامُهَا سِتَّةَ عَشَرَ قَرْنًا، ثُمَّ تَشَظَّتْ أَكْبَرُ طَائِفَةٍ إِلَى قِسْمَيْنِ آخَرَينِ فِي فِرَقٍ صَغِيرَةٍ لَا يُحْصِيهَا الْعَدُّ، لَكِنَّهَا كُلَّهَا قَدِ اِجْتَمَعَتْ عَلَى عَقِيدَةِ التَّثْلِيثِ وَنَفِي التَّوْحِيدِ.. فَتَأَمَّلُوا إِلَى مَا أَوْصَلَتُهُمْ تَفْرِقَتُهُمْ لِدِينِهِمْ.
وَمَعَ كَثْرَةِ الْحُرُوبِ، وَأَنْهَارِ الدَّمِ بَيْنَ طَوَائِفِهِمْ، وَلِلْخَلَاصِ مِمَّا هُمْ فِيهِ مِنِ احْتَرَابٍ عَلَى الدِّينِ، انْتَهَجُوا الْعَلْمَانِيَّةَ، وَقَالُوا بِالْعَقْدِ الْمَدَنِيِّ وَمَفَادُهُ: أَنَّ الدُّوَلَ لَا تُبْنَى عَلَى الدِّينِ، وَإِنَّمَا عَلَى آرَاءِ النَّاسِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ يَعْبُدُ مَا يَشَاءُ كَيْفَ شَاءَ، أَيْ: لِنَقْتَسِمْ أُمُورَ الدُّنْيَا، وَلْيَكُنِ الدِّينُ بَعِيدًا عَنْ دُنْيَانَا.
فَاِنْتَهَتِ الْحُروبُ الدِّينِيَّةُ لِتَنْشَأَ الْحُروبُ الْعِرْقِيَّةُ الْعُنْصُرِيَّةُ الَّتِي كَانَ تَاجُهَا الْحَرْبَ الْعَالَمِيَّةَ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ صَدَّرَ الْغَرْبُ حُرُوبَهُ لِلْخَارِجِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَنَعِمَ بِالْاِسْتِقْرَارِ لَكِنَّه لَمْ يَنْعَمْ بِالْأَمْنِ؛ لِأَنَّ تَفْرِقَةَ الدِّينِ لَنْ تَكُونَ سَبَبًا فِي الْأَمْنِ عِنْدَ النَّظَرِ وَالتَّأَمُّلِ، فَكَيْفَ بِاطِّرَاحِ الدِّينِ كُلِّهِ، وَإِقْصَاءِ شَرِيعَةِ اللهِ تَعَالَى، وَتَأْلِيهِ الْإِنْسَانِ، فَعَانَى الْفَرْدُ الْغَرْبِيُ أَزَمَاتٍ مُهْلِكَةٍ بِسَبَبِ فَرَاغِ قَلْبِهِ مِنْ الدِّينِ، وَمَا يَأْتُونَهُ مِنْ أَنْوَاعِ الشُّذُوذِ وَالتَّقْلِيعَاتِ هُوَ لِلْخُرُوجِ مِنْ شَقَاءِ الْقَلْبِ حِينَ فَقَدْ الْإِيمَانَ، حَتَّى شَرَّعَتْ بَرْلَمَانَاتُهُمْ الْمِثْلِيَّةَ الْجِنْسِيَّةَ بِالْاِعْتِرَافِ بِزَوَاجِ الرِّجَّالِ بِالرِّجَّالِ، وَالنِّساءِ بِالنِّساءِ، وَسَنَّتْ لِهُمْ حُقُوقًا مَكْفُولَةً، وَتِلْكَ وَالله هِيَ بِدَايَةُ النِّهَايَةِ الْأَلِيمَةِ لَهُمْ، كَمَا كَانَتْ نِهَايَةُ قَوْمِ لَوْطٍ أَلِيمَةً.
إِنَّ النَّصَارَى فَرَّقُوا دِينَهُمْ فَاخْتَلَفُوا وَاقْتَتَلُوا، فَتَخْلَّصُوا مِنَ الدِّينِ لِوَقْفِ مَا هُمْ فِيهِ مِنْ نَزْفِ الدَّمِ، فَانْحَدَرُوا إِلَى هُوَّةٍ سَحِيقَةٍ رُفِّهَتْ فِيهَا أَبْدَانُهُمْ لَكِنْ شَقِيتْ بِهَا قَلُوبُهُمْ، وَعَذَابُ الْقَلْبِ أَشَدُّ مِنْ عَذَابِ الْبَدَنِ. وَهُمُ الْآنَ يَقْتَرِحُونَ عَلَى أُمَّةِ الْإِسْلَامِ تَجْرِبَةَ مَا جَرَّبُوا، بَلْ وَيُرِيدُونَ فَرْضَهُ بِالقُوَّةِ، وَقَالُوا: فِي الْإِسْلَامِ طَوَائِفُ كَثِيرَةٌ، وَفِي كُلِّ طَائِفَةٍ فِرَقٌ وَمَذَاهِبُ.. وَالْعَلْمَانِيَّةُ هِيَ الْحَلُّ لِلْجَمِيعِ لِأَنَّهَا جَمَعْتِ الأُورُبِّيينَ، وَهِي فِكْرَةٌ مُغْرِيَةٌ لِجَمْعِ الْكَلِمَةِ يُرَوِّجُ لَهَا الْمُنَظِّرُونَ الْغَرْبِيُّونَ، وَيَمْتَطِيهَا بَعْضُ الْعَرَبِ، وَيُحَاوِلَ جَمْعٌ مِنْ الْمُفَكِّرِينَ إقْنَاعَ الْمُسْلِمِينَ بِهَا، لَكِنَّهُمْ يَغْفُلُونَ عَنْ حَقِيقَةٍ مُهِمَّةٍ، وَهِي أَنَّ النَّصَارَى لَمَّا فَرَّقُوا دِينَهُمْ تُفَرِّقُوا عَلَى بَاطِلٍ مُتَعَدِّدٍ مُتَحارِبٍ، لَيسَ فِيهِ حَقٌ، فَأَمْكَنَ جَمْعُ هَذَا الْبَاطِلِ الْمُتَعَدِّدِ الْمُتَحارِبِ فِي بَاطِلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْعَلْمَانِيَّةُ. وَنَقْلُ هَذِهِ التَّجْرِبَةِ النَّاجِحَةِ عِنْدَ النَّصَارَى إِلَى الْإِسْلامِ خَطَأٌ وَجَهْلٌ؛ لِأَنَّ دِينَ الْإِسْلَامِ حَقٌّ، بَقِيَ وَبَقِيتْ طَائِفَةٌ مُسْتَمْسِكَةٌ بِهِ فَلَمْ يَضْمَحِلَّ كَمَا اضْمَحَلَّ دِينُ الْمَسِيحِ عَلَيهِ السَّلَامُ، وَمُحَاوَلَةُ صَهْرِ طَوَائِفِ الْمُسْلِمِينَ وَفِرَقَهُمْ فِي بَوْتَقَةِ الْعَلْمَانِيَّةِ هِيَ مُحَاوَلَةٌ لصَهْرِ الْحَقِّ مَعَ الْبَاطِلِ، وَهُوَ مَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ قَدْ قَضَى اللهُ تَعَالَى بِبَقَائِهِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَنْصَهِرَ مَعَ الْبَاطِلِ فِي بَاطِلٍ ثَالِثٍ، وَلَنْ يَتَنَازَلَ أهْلُ الْبَاطِلِ عَنْ بَاطِلِهِمْ، وَحِينَئِذٍ سَيَبْقَى الصِّراعُ وَالْاِخْتِلاَفُ مَا بَقِيَ أَهْلُ الْبَاطِلَ يُصِرُّونَ عَلَى بَاطِلِهِمْ، وَيَمْلِكُونَ الْقُوَّةَ لِنَشْرِهِ وَفَرْضِهِ.
إِنَّ أُمَّةَ الْإِسْلامِ تَعِيشُ الْآنَ مَرْحَلَةَ تَفْرِقَةِ الدِّينِ، وَإِنَّ نَزْفَ الدَّمِ فِي أَرْجَاءِ العَالَمِ الِإسْلَامِيِّ، وَاسْتِشْرَاءَ فِتْنَةِ الفُرْقَةِ وَالاخْتِلَافِ وَالِانْقِسَامِ سَبَبُهُ الرَئِيسُ تَفْرِقَةُ الدِّينِ، وَلَنْ يَصِلَ المُسْلِمُونَ إِلَى مَا وُصَلُ إِلَيْهِ النَّصَارَى مِنْ إِلغَاءِ الإِسْلَامِ وَتَبْدِيلِهِ، وَإِنْ بَدَّلَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ دِينَهُمْ وَبَاعُوهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ حَفِظَ دِينَ الْإِسْلَامِ، وَالْمُوَفَّقَ مَنْ تَمَسَّكَ بِهِ حَتَّى يَلْقَى اللهَ تَعَالَى.
إِنَّ الدِّينَ الْمُنَزَّلَ -أَيًّا كَانَ هَذَا الدِّينُ- إِنْ فَرَّقَهُ أَصْحَابُهُ فَأَخَذُوا مِنْهُ مَا يَهْوَوْنَ، وَتَرَكُوا مَا لَا يَهْوُونَ، فَهُمْ إِلَى التَّفَرُّقِ وَالْاِخْتِلاَفِ ثُمَّ الاحْتِرَابِ وَالْاِقْتِتَالِ صَائِرُونَ، وَهَكَذَا كَانَ حالُ أهْلِ الْكِتَابِ، فَنُهِينَا أَنْ نَسْلُكَ مَسْلَكَهُمْ.. ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاِخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾[ آلَ عُمْرَانٌ: 105] ﴿وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ* مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾[ الرُّومَ: 31- 32] بَلْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ بِبُعْدِ مَنْ فَرَّقُوا دِينَهُمْ عَنْهُ، وَهَذَا يَقْتَضِي الْبَرَاءَةَ مِنْ تَفْرِقَةِ الدِّينِ ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾[ الْأَنْعامَ: 159].
إِنَّ المُفَرِّقِينَ دِينَهُمْ يُعَاقَبُونَ بِخِزْيِّ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الْآخِرَةِ، وَمِنْ خِزْيِّ الدُّنْيَا: اِخْتِلاَفُ الْكَلِمَةِ، وَحُدُوثُ الْفُرْقَةِ، وَتَبَاغُضُ الْقَلُوبِ، وَحُلُولُ الْخَوْفِ، وَسَلْبُ النِّعَمِ ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إلّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ﴾[ الْبَقَرَةَ: 58].
إِنَّ اِجْتِمَاعَ الدِّينِ بِأَخْذِهِ كُلِّهِ وَعَدَمِ تَفْرِقَتِهِ سَبَبٌ لاجْتِمَاعِ الكَلِمَةِ، وَتَقَارُبِ القُلُوبِ، وَهُوَ وَصِيَّةُ الله تَعَالَى لِأُوْلِي الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾ [ الشُّورَى: 13]. وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّمَ:« يَدُ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ».
فَلْتَجْتَمِعِ الْقُلُوبُ عَلَى مَحَبَّةِ اللهِ تَعَالَى، وَلْتَنْبُذْ الْفُرْقَةَ وَالْاِخْتِلاَفَ، وَلْتَأْخُذْ بِالدِّينِ كُلِّهِ وَلَا تُفَرِّقْهُ؛ فَإِنَّ النَّجَاةَ فِي الدُّنْيَا وَالْفَوْزَ فِي الْآخِرَةِ لَا يَكُونُ إِلَّا بِذَلِكَ ﴿وَاِعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾[ آلَ عُمْرَانٌ: 103]
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ ولِلهِ الْحَمْدُ.
وَأَقُولُ قَوْلَي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ...
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَاللهُ أكْبَرُ كَبِيرًا؛ أَفْرَحَنَا بِالْعِيدِ، وَرَزَقَنَا الْجَدِيدَ، وَمَتَّعْنَا بِالْعَيْشِ الرَّغِيدِ؛ فَلَهُ الْحَمْدُ لَا نُحْصِي ثَنَاءً عَلَيهِ كَمَا أَثْنَى هُوَ عَلَى نَفْسِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحَدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ جَعَلَ الْعِيدَ مِنْ شَعَائِرِهِ الْمُعَظَّمَةِ ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾[الْحَجَّ: 32]. فَأَيُّ دِينٍ جَعَلَ أُنْسَ النَّاسِ وَفَرَحَهُمْ عِبَادَةً يُؤْجَرُونَ عَلَيهَا؟! وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أَمَرَ بالتَوسِعَةِ عَلَى الْأَهْلِ وَالْوَلَدِ يَوْمَ الْعِيدِ، حَتَّى يَعْلَمَ النَّاسُ أَنَّ فِي الْإِسْلَامِ فُسْحَةً، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ ولِلهِ الْحَمْدُ.
أَيَتُهَا الْمَرْأَةُ الْمُسْلِمَةُ، أَيَتُهَا الصَّائِمَةُ الْقَائِمَةُ: إِنَّ الْأَمَلَ مَعْقُودٌ عَلَيكِ فِي تَرْبِيَةِ جِيلٍ صَالِحٍ يَنْفَعُ نَفْسَه وَيَنْهَضُ بِأُمَّتِهِ، فَكُوْنِي أُمًّا تَصْنَعُ أُمَّةً؛ فَإِنَّ إمَامَ أَهْلِ السُّنَّةِ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ نَشَأَ يَتِيمَا فَصَنَعَتْهُ أُمُّهُ بِرِعايَةِ اللهِ تَعَالَى وَتَوْفِيقِهِ، فَصَارَ أُمَّةً فِي رَجُلٍ، وَمَنْ لَا يَعْرِفُ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ؟! وَكُلُّ عِلْمِهِ وَجِهَادِهِ وَنَفْعِهِ لِلْأُمَّةِ الْمُسْلِمَةِ طُوَالَ الْقُرُونِ فَلِأُمِّهِ الَّتِي رَبَّتْهُ وَأَدَّبَتْهُ وَقَامَتْ عَلَيهِ مِثْلُ أَجْرِهِ؛ لِأَنَّهَا صَنَعَتْهُ إِمَامًا، وَلَمْ تَتْرُكْهُ عَابِثًا.
وَكَانَتْ أُمُّ الشَّافِعِيِّ تَلْتَقِطُ الْأَوْرَاقَ التَّالِفَةَ لَهُ لِيَكْتُبَ عَلَى قَفَاهَا دُرُوسَهُ، وَمَا رَدَّهَا الْفَقْرُ عَنْ صُنْعِ إِمَامٍ مِنْ أَكْبَرِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ.
وَكَثِيرٌ مِنْ عُظَمَاءِ الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ صَنَعَتْهُمْ نِسَاءٌ مِنْ أُمَّهَاتٍ وَأَخَوَاتٍ وَقَرِيبَاتٍ، وَمِنْ كَثْرَتِهِمْ أُلِفَتْ كُتُبٌ فِيهِمْ عُنْوِنَتْ: أَيْتَامٌ كَانُوا عُظَمَاءَ، وَأَيْتَامٌ غَيَّرُوا مَجْرَى التَّارِيخِ، وَأَيْتَامٌ صَنَعُوا التَّارِيخَ.
أَيَتُهَا الْحُرَّةُ الْعَفِيفَةُ: إِنَّ اِسْتِنْسَاخَ الْأُسْرَةِ الْغَرْبِيَّةِ الشَّقِيَّةِ الْمُفَكَّكَةِ يَجْرِي عَلَى قَدَمٍ وَسَاقٍ لِاِسْتِنْبَاتِهِ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِنَقْلِ الْمَرْأَةِ مِنْ فَضَاءِ الْإِسْلَامِ الرَّحِيبِ إِلَى حُرِّيَّةِ الْغَرْبِ الضِّيقَةِ، الَّتِي حَوَّلَتِ الْمَرْأَةَ إِلَى سِلْعَةٍ فِي سُوقِ رَقِيقٍ ضَخْمٍ، رَوَّجَتْ لَهُ عَبْرَ الدِّعَايَاتِ الْمُضَلِّلَةِ، وَالْأُطْرُوحَاتِ الزَّائِفَةِ، وَالرَّجُلُ إِذَا سَهُلَ حُصُولُهُ عَلَى الْمَرْأَةِ زَهِدَ فِيهَا، فَأَهَانَهَا وَلَمْ يُكْرِمْهَا، وَهُوَ حالُ الْمَرْأَةِ فِي الْغَرْبِ، تَتَمَنَّى رَجُلًا تَأْوِي إِلَيهِ، وَتَثِقُ بِهِ، وَتَطْمَئِنُّ لَهُ، وَتَأْمَنُ عِنْدَهُ، فَلَا تَكَادُ تَجِدُهُ؛ لِأَنَّهُ يَجِدُ مِئَاتٍ غَيْرَهَا بِالصْدَاقَةِ الْمَجَّانِيَّةِ، فَلِمَاذَا يُوثِقُ نَفْسَهُ بِرِبَاطِ الزَّوْجِيَّةِ؟! فَهَلْ تَتَنَكَّرُ مُسْلِمَةٌ لِدِينِهَا الَّذِي أَعَزَّهَا وَرَفَعَهَا، وَجَعَلَ الرَجُلَ يَتَوَسَّلُ إِلَيهَا بِخِطْبَتِهَا وَمَهْرِهَا، وَحَفِظَ حُقُوقَهَا لِتَعِيشَ فِي كَنَفِهِ، وَتَأْمَنَ مَعَهُ، هَلْ تَرْفُضُ ذَلِكَ لِتَرْضَى بِسُلْطَةِ عَشَرَاتِ الرِّجَالِ عَلَيهَا، يَحُومُونَ حَوْلَهَا، وَيَنْصِبُونَ شِبَاكَهُمْ لِلْإِيقَاعِ بِهَا، فَيَنْهَشُونَهَا بِنَظَرَاتِهِمْ، وَيَفْتَرِسُونَهَا بِشَهَوَاتِهِمْ، ثُمَّ يُغَادِرُونَهَا مُحَطَّمَةً مَكْلُومَةً؟ لَا عَاقِلَةَ تَرْضَى بِذَلِكَ فَضْلًا عَنْ مُؤْمِنَةٍ بَدِينِهَا، مُحِبَّةٍ لِرَبِّهَا، مُعْتَزَّةٍ بِإِيمَانِهَا، مُفَاخِرَةٍ بِطُهْرِهَا وَعَفَافِهَا، فَاحْذَرْنَ مَصَائِدَ الْأَعْدَاءِ، وَدَعَوَاتِهِمْ الْمُزَخْرَفَةَ بِتَحْرِيرِ الْمَرْأَةِ، فَلَيْسَتْ إِلَّا ذُلًّا وَإِهَانَةً وَاسْتِغْلاَلًا. حَفِظَ اللهُ نِسَاءَ الْمُسْلِمِينَ بِحِفْظِهِ، وَأَسْبَغَ عَلَيهِنَّ سِتْرَهُ، وَحَمَاهُنَّ مِنْ كَيْدِ الْكَائِدِينَ، وَدَعَوَاتِ الْمُفْسِدِينَ.
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ ولِلهِ الْحَمْدُ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: افْرَحُوا فِي هَذَا الْيَوْمِ الْعَظِيمِ؛ فَإِنَّ الْفَرَحَ بِهِ عِبَادَةٌ، وَبَرُّوا والِدِيكُمْ، وَصِلُوا أَرْحَامَكُمْ، وَأَحْسِنُوا إِلَى جِيرَانِكُمْ، وَلِينُوا لِإِخْوَانِكُمْ، وَأَدْخِلُوا السُّرُورَ عَلَى أَهْلِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ، وَأَشْعِرُوهُمْ بِأَنَّ الْعِيدَ عِيدُهُمْ، وَلَا تَنْسَوْا إِخْوَانَكُمْ الْمُضْطَهَدِينَ وَالْمَحْرُومِينَ فِي كُلُّ مَكَانٍ مِنْ صَالِحِ دُعَائِكُمْ، وَجَزِيلِ عَطَائِكُمْ، وَأَتْبِعُوا رَمَضَانَ بِصِيَامِ سِتٍّ مِنْ شَوَّالَ، وَأَحْسِنُوا فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ..
أَعَادَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَينَا وَعَلَيكُمْ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ بِالْيُمْنِ وَالْإِيمَانِ وَالسَّلاَمَةِ وَالْإِسْلَامِ، وَتَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ صَالِحَ الْأَعْمَالِ.
﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ....﴾[ الْأحْزَابَ: 56].
المرفقات
خطبة عيد الفطر 1434.doc
خطبة عيد الفطر 1434.doc
المشاهدات 4882 | التعليقات 3
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا وزادك علما وبصيرة
الأخوان الكريمان أبا عبد الله وشبيب..
أشكركما على مروركما وتعليقكما على الخطبة وأسأل الله تعالى أن يتقبل مني ومنكما ومن المسلمين...
أشكركما على مروركما وتعليقكما على الخطبة وأسأل الله تعالى أن يتقبل مني ومنكما ومن المسلمين...
ابو عبدالله التميمي
ﻻفض فوك شيخ ابراهيم ورفع الله قدرك.ونفع بك الأسلام. والمسلمين.
تعديل التعليق