خُطْبَةُ عِيدِ الفطْرِ الحب من دعائم الأُسْرَةِ فِي الإِسْلَامِ لعام 1443هـ

عبد الله بن علي الطريف
1443/09/29 - 2022/04/30 14:50PM

خُطْبَةُ عِيدِ الفطْرِ الحب من دعائم الأُسْرَةِ فِي الإِسْلَامِ لعام 1443هـ

الحمدُ للهِ كثيراً واللهُ أَكبرُ كبيراً.. اللهُ أكبرُ خَلقَ الخلقَ وأَحْصاهُم عدداً وكلُهم آتيه يومَ القيامةِ فرداً.. والحمدُ للهِ أنْ أدركنا شهرَ الصيامِ، ثم أدركنا التمامَ.. وأشهدُ ألا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له انفردَ بالخلقِ والتدبيرِ وكلُ شيءٍ عندَه بأجلٍ و تقدير، وأشهدُ أن محمداً عبده ورسوله صلى اللهُ وسَلَمَ عليه وعلى آله وأصحابِه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين..

أَمَا بَعْدُ: أَيُها الإِخْوَةُ وَالأَخَوَاتُ: اتقوا الله تعالى حقَ التقوى، واشكروا نعمتَهُ علينا بهذا العيدِ، فأَقَمنَا شَعَائِرَهُ.. فعيدُكم مباركٌ وعيدُكم سعيدٌ..  وما أجملَ العيدَ مع الأسرةِ.. فللأُسرةِ أهميةٌ كبيرةٌ في تكوينِ النْسيجِ الاجتماعِي ذلك أن اللهَ تعالى بَنى الوَجودَ الإنسانيَ عليها.. فَخلقَ آدمَ عليه السلام وخلقَ منه زوجَه قالَ اللهُ تعالى: (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً) [النساء:1] أي: خَلَقَ اللهُ نَفْسَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ (وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا) وَهِيَ حَوَّاءُ، عَلَيْهَا السَّلَامُ، خُلِقَتْ مِنْ ضِلعه الْأَيْسَرِ مِنْ خَلْفِهِ وَهُوَ نَائِمٌ، فَاسْتَيْقَظَ فَرَآهَا فَأَعْجَبَتْهُ، فَأَنِسَ إِلَيْهَا وَسَكَنَ، وَأَنِسَتْ إِلَيْهِ وَسَكَنَتْ.. وذَرَأ اللهُ مِنْهما رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً، ونَشَرهم فِي أَقْطَارِ الْعَالَمِ..

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

الأُسْرَةُ أَحِبَتِي: هي الوحدةُ الاجتماعيةُ الأولى التي يتكوّنُ منها المجتمعُ، وهي بوابةُ التكاثرِ البشري، وسِرُّ البقاءِ الإنساني..

وَالأُسْرَةُ: هي اللبِنةُ الأساسيةُ في تكوينِ مُجتمعٍ صَالحٍ أو فاسدٍ، فمِنْ مجموعِ الأُسرِ يتكونُ المجتمعُ.

وَالأُسْرَةُ: رباطٌ يحقّقُ الأنسَ، والاستقرارَ، والسكينةَ لأفرادِهِ، ويجلبُ لهم البركةَ والخيرَ، والثمراتِ الكثيرةَ في الدنيا والآخرةِ.

وَالأُسْرَةُ: هي التي يناط بها تـَمَثُلِ قيم المجتمع وتحمل رسالته..

وَالأُسْرَةُ: مُؤسسةٌ ممتدةُ الأثرِ والزمنِ، تستوعبُ الطموحاتِ والآمالَ، وترسمُ لكلِّ فردٍ من أفرادِها دورُهُ الْمُناطُ بهِ تجاهَ كلِّ مَا حَولَه فينفعُ أهلَهُ وأُمتَهُ..

وَالأُسْرَةُ: هي الضابطُ والموجّهُ لسلوكِ الذريةِ، والحافظةُ لهم بإذنِ اللهِ من الانحرافاتِ الأخلاقيةِ والفكريةِ، بما يقومُ به رُكْنا الأسرةِ الأبُ والأمُ من توجيِهٍ ومُتابعةٍ..

وَالأُسْرَةُ: هي المحضنُ الأولُ الذي تنشأُ فيها الأجيال، وتربى فيه إلى أن يصير أفرادها أصحابَ أُسَرٍ، وتسند إلى بعضهم مهام اجتماعية متفاوتة بحيث يتولون كل المسئوليات.

وَالأُسْرَةُ: كيانٌ قليلٌ بعددِه مهمٌ في تركيبتِهِ خطيرٌ بأثرِهِ.. صلاحُه صلاحٌ للمجتمعِ.. وفسادُه إفسادٌ للمجتمعِ.. بقوتِهِ وتماسُكِه قوةٌ ودعمٌ للمجتمعِ، وبضعفِهِ ضعفٌ للمجتمعِ..

لذلِك كُلِهِ اهتمَّ الإسلامُ اهتماماً كبيراً في تلكَ اللبنَةِ، وجعلَ لها شَأناً عَظيماً، ومَقاماً جليلاً.. ودَوراً كبيراً فصناعةُ الأمةِ تبدأُ بصناعةِ أفرادها..

.اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

أَيُها الإِخْوَةُ وَالأَخَوَاتُ: ونحن نعيش في زمن استهدف المغرضون الأسرة وسعوا في تقويضها سواء بما يحيكونه لها مباشرة أو بما أحدثوه من وسائل تهدم الأسرة، لذلك كان على رُبْانَي الأسرةِ الأب والأم التنبه لذلك والسعي بتحصين الأبناء وحمايتهم من وسائل الهدم..

واعلموا وفقكم الله أن من أهم ما يحفظ للأسرةِ كيانها.. ويجمع أفرادها.. ويجدد انتماءهم لها إشاعة روح المحبة بينهم.. وأفضل سبيل لذلك تعبير كل فرد من أفرادها عن مشاعر الود والحب بأريحية تامة، وألا يخجل أفرادها من قول بعضهم لبعض أحبك، ولا يخجل من تقبيله ومعانقته والتربيت عليه بود وحنان.

واعلموا أنكم بفعلكم هذا تبنون مشاعر الألفة في قلوب أولادكم وبقية أفراد أسرتكم وتزيلون كثيراً من المشاعر السلبية لديهم.

أَيْهَا الآَباءُ والأُمَهاتُ: بعقدِكم الميثاقِ الغليظِ عقدُ الزواجِ وبإنجابِكم الذريةِ تحملتُم الأمانةَ وقَعدتُم للمسئوليةِ..

وأول ما يدعى إليه الأم والأب، إشاعة روح المودة والألفة بين أفراد الأسرة فهما قوامها، فقد حث رَسُولُ اللهِ ﷺ عمومَ المسلمين على التَحَابِ بينهم وجعلَهُ سبباً للإيمان فَقَالَ: «لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ» رواه مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قال النووي أَيْ: لَا يَكْمُلُ إِيمَانكُمْ، وَلَا يَصْلُحُ حَالُكُمْ فِي الْإِيمَانِ حَتَّى يُحِبَّ كُلٌّ مِنْكُمْ صَاحِبَهُ.. وَإِفْشَاءِ السَّلَام مِفْتَاحُ اِسْتِجْلَابِ الْمَوَدَّةِ، وَفِي إِفْشَائِهِ تَمَكُّنُ الأُلْفَةِ.. ويتأكد هذا بين أفراد الأسرة الواحدة أكثر وأكثر..

 وعلى ذلك أفشوا السلام والتحيات الحارة في أسرتكم.. واظهروا حب أفرادها وأعلنوه وعبروا عنه بأريحية تامة وحثوهم عليه.. فالحب يورث الائتلاف، والمودة، والتعاون والرحمة، ولذلك حثَ رسولُ الله ﷺ المسلمين على إخبار بعضهم بعضاً بمحبتهم لبعضهم فَقَالَ: «إِذَا أَحَبَّ الرَّجُلُ أَخَاهُ فَلْيُخْبِرْهُ أَنَّهُ يُحِبُّهُ.» رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني. وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلًا كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنِّي لَأُحِبُّ هَذَا.. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «أَعْلَمْتَهُ قَالَ: لَا قَالَ: أَعْلِمْهُ قَالَ: فَلَحِقَهُ فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّكَ فِي اللَّهِ. فَقَالَ: أَحَبَّكَ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي لَهُ.» أخرجه أبو داود وحسنه الألباني.

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

أَيُها الإِخْوَةُ وَالأَخَوَاتُ: ما بال بعض بيوتاتنا أقفرت من الحب ومن إعلانه بين أفرادها فقد شح بعض الوالدين على فلذات أكبادهم "بكلمة أحبك".! حتى أن بعضهم ربما دفع عنه فلذة كبده إذا أراد تقبيله، وكأن قلوب هؤلاء قدت من صخر.! حتى التمس بعض الأولاد الحب عند غير ذويهم..

ما هذه الفضاضة والغلظة التي استلت المودة من بيوتنا؛ فأصبح أولادنا لا يسمعون كلمة الحب ولا لمسة حب من والد أو والدة أما ضمة الحب والحنان من بعضهم، فصارت من المستحيل.!

أَيْهَا الآَباءُ والأُمَهاتُ: دعونا نطل على بيت النبوة وننظر كيف يعامل المصطفى ﷺ أزواجه وأولاده وأسباطه وهم أولاد البنات وكان ﷺ يُعْلِنُ حُبَهم ويردده؛ فلنا فيه قدوة.. من ذلك ما رواه عَمْرَو بْنُ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقُلْتُ: أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: «عَائِشَةُ» قُلْتُ: مِنَ الرِّجَالِ؟ قَالَ: «أَبُوهَا» قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «عُمَرُ» فَعَدَّ رِجَالًا، فَسَكَتُّ مَخَافَةَ أَنْ يَجْعَلَنِي فِي آخِرِهِمْ. رواه البخاري.

وَعَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَشْبَهَ سَمْتًا وَهَدْيًا وَدَلًّا - وَقَالَ الْحَسَنُ: حَدِيثًا، وَكَلَامًا، بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ ﷺ كَانَتْ «إِذَا دَخَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ قَامَ إِلَيْهَا فَرَحَّبَ وَقَبَّلَهَا، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهَا فَجَاءَ بِهَا حَتَّى يُجْلِسَهَا فِي مَكَانِهِ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا قَامَتْ إِلَيْهِ فَأَخَذَتْ بِيَدِهِ، فَرَحَّبَتْ بِهِ وَقَبَّلَتْهُ، وَأَجْلَسَتْهُ فِي مَجْلِسِهَا، فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيه، فَرَحَّبَ بِهَا وَقَبَّلَهَا» رواه أبو داود وصححه الألباني. وعند الترمذي: فَلَمَّا مَرِضَ النَّبِيُّ ﷺ دَخَلَتْ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَأَكَبَّتْ عَلَيْهِ فَقَبَّلَتْهُ، ثُمَّ رَفَعَتْ رَأْسَهَا فَبَكَتْ، ثُمَّ أَكَبَّتْ عَلَيْهِ ثُمَّ رَفَعَتْ رَأْسَهَا فَضَحِكَتْ» صححه الألباني

لقد غرس رسول الله ﷺ هذا السلوك في الأمةِ وأفرادِ أسرتِهِ منذ صغرهم.. وأعلن حبَه واحتفاءَه بسبطيه على الأشهادِ فعن البَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ، وَالحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَى عَاتِقِهِ، يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ» رواه البخاري ومسلم [والعاتق ما بين المنكب والعنق].

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي سُوقٍ مِنْ أَسْوَاقِ المَدِينَةِ فَقَالَ: «ادْعُ الحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ». فَقَامَ الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ يَمْشِي وَفِي عُنُقِهِ السِّخَابُ، [وهو قلادة من القرنفل والمسك والعود ونحوها من أخلاط الطيب يعمل على هيئة السبحة ويجعل قلادة للصبيان والجواري] فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ بِيَدِهِ هَكَذَا، [أَيْ مَدَّهَا] فَقَالَ الحَسَنُ بِيَدِهِ هَكَذَا، فَالْتَزَمَهُ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ، وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُ» رواه البخاري. قال ابن حجر وفي الحديث: "رَحْمَةُ الصَّغِيرِ وَالْمُزَاحُ مَعَهُ وَمُعَانَقَتُهُ وَتَقْبِيلُهُ"

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي إِحْدَى صَلَاتَيِ الْعَشِيِّ، الظُّهْرِ أَوِ الْعَصْرِ وَهُوَ حَامِلٌ الْحَسَنَ  أَوِ الْحُسَيْنَ فَتَقَدَّمَ النَّبِيُّ ﷺ فَوَضَعَهُ، ثُمَّ كَبَّرَ لِلصَّلَاةِ، فَصَلَّى، فَسَجَدَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ صَلَاتِهِ، سَجْدَةً أَطَالَهَا فَقَالَ: إِنِّي رَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا الصَّبِيُّ عَلَى ظَهْرِ رَسُولِ اللهِ ﷺ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَرَجَعْتُ فِي سُجُودِي، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ ﷺ الصَّلَاةَ، قَالَ النَّاسُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّكَ سَجَدْتَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ صَلَاتِكَ، هَذِهِ سَجْدَةً قَدْ أَطَلْتَهَا، فَظَنَنَّا أَنَّهُ قَدْ حَدَثَ أَمْرٌ، أَوْ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْكَ، قَالَ: "فَكُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ وَلَكِنَّ ابْنِي ارْتَحَلَنِي [أي اتخذني راحلة بالركوب على ظهري] فَكَرِهْتُ أَنْ أُعَجِّلَهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ" رواه أحمد وهو صحيح الاسناد.

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِلَى سُوقِ بَنِي قَيْنُقَاعَ، مُتَّكِئًا عَلَى يَدِي فَطَافَ فِيهَا ثُمَّ رَجَعَ فَاحْتَبَى فِي الْمَسْجِدِ، وَقَالَ: "أَيْنَ لَكَاعٌ؟ ادْعُوا لِي لَكَاعًا" فَجَاءَ الْحَسَنُ، فَاشْتَدَّ حَتَّى وَثَبَ فِي حَبْوَتِهِ، فَأَدْخَلَ فَمَهُ فِي فَمِهِ، ثُمَّ قَالَ: "اللهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُ ثَلَاثًا " رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد وقال الأرناؤوط إسناده حسن.

وقد أكد النبي هذا السلوك وأنه سبب لرحمة الله تعالى فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَبَّلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَعِنْدَهُ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ جَالِسًا، فَقَالَ الأَقْرَعُ: إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنَ الوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أَحَدًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ثُمَّ قَالَ: «أَوَ أَمْلِكُ إِنْ كَانَ اللهُ نَزَعَ مِنْكُمُ الرَّحْمَةَ». [أي لا أقدر أن أجعل في قلبك الرحمة إن كان الله تعالى قد نزعها منه] وفي رواية «مَنْ لاَ يَرْحَمُ لاَ يُرْحَمُ» البخاري ومسلم.

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

أَيْهَا الآَباءُ والأُمَهاتُ: الحب ليس كلمة تقال، وإنما هو واقع يعيشه المحب لمن يحب، يورث نصحاً وإرشاداً، وبذلا وعطاءً، وتضحيةً وإيثاراً..

ولقد أثبتت دراساتٌ علمية أن حَضْنَ الطفلِ يزيدُ من مناعته، إذ أن الأطفال الذين يتمتعون بالاحتضان والتواصل الجسدي المستمر مع الأبوين، كانوا أقل عرضة للإصابة بالأمراض، نتيجة زيادة إفراز بعض الهرمونات التي تقوي خلايا جهاز المناعة عندهم.. وإن التواصل الجسدي من الأبوين مع الطفل له دور كبير في زيادة شعوره بالانتماء للأسرة، ويقلل الانطوائية.

ولا تتوقف أهمية احتضان الطفل على مرحلة الطفولة فحسب، بل إن الشخص الذي تمتع بقدر كبير من حنان الأبوين في طفولته يتمتع بمشاعر فياضة ويميل لتوزيع مشاعر الحب في شبابه.

والإسلام يدعو كل المسلمين لما يقوي الحب بينهم ويزيده.. وهذا العيد السعيد فرصة لتجديد العهد، وبذل الود وإغداق الحب بين أفراد الأسرة، ولا حرج من الاتفاق بين أفراد الأسرة على تغيير السلوك السابق وبذل المشاعر الإيجابية بين أفرادها..

اللهم احمي أسرنا من التفكك والانحراف وزدهم صلاحاً وتماسكاً..

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

اللهم إنَّا عبيدكَ أتينا إلى أداءِ شعيرةٍ عظيمةٍ من شعائرِ دينكَ اللهم لا تفضَ جمعَنا إِلا بذنبٍ مغفورٍ ٍ ورزقٍ واسعٍ موفورٍ...

اللهم صلى وسلم على عبدك ورسولك محمد وآله وصحبه أجمعين أرزقنا محبته واتباعه ظاهراً وباطنا أسقنا من حوضه واشملنا بشفاعته واجمعنا به ووالدينا في جنات النعيم..

اللهم وفق ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده لما تحب وترضى، اللهم أصلح لهم البطانة وجعلهم رحمة لرعيتهم اللهم وفقهم للبر والتقوى اجعلهم هداة مهتدين.. اللهم كن لجنودنا المرابطين سَدْدْ رميهم وعجل بنصرهم وجزهم عنا خير الجزاء.. ووقف رجال أمننا وعلمائِنا وسدد قضاتَنا..

ربنا تقبل منا وتب علينا وأعد علينا العيد ونحن بصحة وعافية وهداية.. ربنا لا تزغ قلوبنا.. ربنا اغفر لنا ولإخواننا.. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه..

  

المشاهدات 1210 | التعليقات 0