خطبة عيد الفطر(أسعدُ الناس من أسعد الناس)

الحمد لله خلق وبرا ،وأبدع كل شيءٍ وذَرَا،  (لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى) أحمدُه – سبحانه – وأشكرُه على نعمٍ توالَى وآلاء تترَى , أنعم علينا ببلوغ رمضان وأعاننا فيه على الصيام والقيام ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةَ حقٍّ ويقينٍ سالمةً من الشك والامتِراء ، وأشهد أن سيِّدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه المبعوث بالهُدى ودين الحقِّ ما كان حديثًا يُفترَى، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله وأصحابِه سادَة الورَى ، والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ، وسلَّم تسليمًا مزيدًا.

أمّا بعد: فاتقوا الله تعالى حقَّ التقوى، واستمسِكوا منَ الإسلامِ بالعروة الوثقى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حق تقاته ولاتموتن إلا وأنتم مسلمون).

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

عباد الله: إنكم في يوم من أيام الله، إنه يوم عيد الفطر المبارك جعله الله فرحة للصائمين ومَكرُمة للقائمين فافرحوا بنعمه واشكروه على آلائه ؛ (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) ؛ روى الإمام البخاري -رحمه الله- من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لِلصّائِمِ فَرْحَتانِ يَفْرَحُهُما إذا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ"، وها نحن نفطر في هذا اليوم اقتداءً بنبينا وفرحاً بعيدنا فهنيئاً لمن صام رمضان وقام  للملك الديان

 ليهنكَ بعدَ صومكَ عيدُ فطرٍ***يريكَ بقلبِ حاسدكَ انفطارا

أتاكَ وفوقَ غُرَّتهِ هلالٌ*** إذا قابلتهُ خَجلًا توارى

يشيرُ وعادَ نحوكَ كلَّ عامٍ *** يحدِّدُ فيكَ عهداَ وازديارا

ولا برحتْ لكَ العلياءُ دارًا *** ومتَّعكَ الزَّمانُ بملكِ دارا

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

لك الحمد يا رب على نعمك التي لا تحصى ( وإن تعدو نعمة الله لا تحصوها) أمن وإيمان وصحة في الأبدان جمع شملنا وألف بين قلوبنا. فاستظهروا نعم الله عليكم, واستذكروا آلاءه,  فاستظهارها يجلب السعادة, ويعين على حسن العبادة, فأظهروا الفرح والسعادة, وبددوا  البؤس والشآمة, وأسعدوا من حولكم يسعدكم ربكم فكما يقال: أسعدُ الناسِ من أسعدَ الناسَ.

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

عبد الله: تعلَّم فقه الرضا، وَمَارسهُ بقلبكَ ووجدانك، وكن متفائلاً لا متشائماً، وأحسن الظنَّ بربك، ولا تجزع وتذوبَ في الفكر والتفكير، واعلم أن الله تعالى وليُّ التدبير؟! ولا تقلق من المجهول، فكلُّ شيءٍ عند الله معلوم ومكتوب؟! اطمئنْ فأنت في رعاية ربك ما دُمتَ تُحسنُ التوكلَ عليه، وقل بقلبكَ قبل لسانك: (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ). باركَ الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعَني وإياكم بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيم، أقول ماتسمعون وأستغفرُ الله لي ولكم ولسائر المُسلمين من كل ذنبٍ وخطيئةٍ، فاستغفِروه وتوبوا إليه؛ إنه هو الغفورُ الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله الكريم المجيد أنعم علينا بفرحة العيد وشرع لنا التزين والتجديد وأنعم علينا بنعم لا تنقص بل تزيد، والصلاة والسلام على الإمام الرشيد وعلى آله وصحابته الجيل الفريد ومن سار على نهجهم إلى يوم الوعيد ، وبعد:

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

فيا عباد الله ها هو شهر رمضان قد رحل إلا أن رحمات الله لا تزال تتنزل وفضائله تتهامر, كريم جواد , بالمؤمنين رؤف رحيم , قريب ممن دعاه مُجيب لمن ناداه فيا من أحسنت في رمضان استمر في إحسانك فعملك محفوظ وأثره عليك يعود , فخير الأعمال أدومها وإن قل , ويامن أخفق وقصر؛ باب العمل لا يزال مفتوح وباب الرجوع متاح فالبدار البدار قبل أن تغلق الأبواب

تعاهدوا القران ولازموا القيام , ففيهما والله راحة الصدر وانشراحه, وأنس المؤمن وسعادته, والموفق من وفق لعبادته.

الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

أمي الغالية وأختي المسلمة إن الله قد استرعاكم لمن تحتكم من الأبناء فأحسنوا تربيتهم واصبروا وصابروا عليهم وأعدوهم لأن يكونوا ذخراً للإسلام المسلمين , فالأمة بحاجة إلى رجال ونساء يعيدون لها عزتها ومكانتها أكثروا لهم الدعاء وتجلدوا أمام الملاهي والأهواء التي غزتنا من كل جانب, سددوا وقاربوا, واسألوا الله الإعانة فإنه كما يقال: وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة,

وأوصيكم بمن تحت أيديكم من الخدم فلا تجمعوا عليهم مرارة الغربة وبعد الأهل بسوء المعاشرة, وأحسنوا كما أحسن الله إليكم.

وأخيرا أقول لكل واحد منا: كن سراجاً لمن حولك ومرآة صادقة لمن يخالطك أحسن المعاشرة واصدق النصيحة واغفل وتغافل عن الهفوة وأقل العثرة فمقامنا في هذه الدنيا يسير وأملنا بما وعدنا الله بعد الرحيل, فبيّض صفحتك وأحسن سيرتك وراقب من خلقك وأحسن لمن أحسن إليك وابدأ بوالديك ومن لهم حق عليك.

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

اللهم تقبل منا الصيام والقيام وأكرمنا يوم لقائك بدار السلام.

اللهم اصرف عن الوباء والغلاء والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن. اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين. اللهم ألف بين قلوب المسلمين، واجمع كلمتهم على الحق والدين. وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .