خطبة عيد الأضحى 1445: العنايةُ بإطعام الطعام وصلة الأرحام.
أحمد بن ناصر الطيار
الحمد لله الذي أرشدنا إلى طريق الحق والهداية، وأنجانا بفضله من سبل الباطل والضلالة، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادةً تُنجي قائلها بصدق من نار الجحيم، وعذاب الله الأليم، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الرؤف الرحيم، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الغرّ الميامين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فإنَّ أصدق الحديث كلام الله, وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم, وشرَّ الأمور محدثاتها, وكل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة, وكل ضلالة في النار.
الله أكبر الله أكبر, لا إله إلا الله, الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
معاشر المسلمين: لقد أنعم الله تعالى علينا بنعم لا يُحصى عددها، ولا يُرام حصرُها, لقد أغنانا وأكرمنا وعافانا وهدانا, ويسَّر على الحجاج حجَّهم, ووفّق بقية الناس للاستعداد لذبح قربانهم، فنحمده سبحانه ونشكره, ونسأله شكرَ نعمه, ودوام إحسانه.
أخي السلم: إنَّ من الأمور المحمودة والسُّنن الحسنة: أنْ تحرص في هذا اليوم على إطعامِ الفقراء, والصدقةِ عليهم من الأضاحي, لتُدخلَ السرور على قلوبهم, وتخففَ عنهم بؤسَ الغربة, ونكدَ الفُرقة, وألمَ الفراقِ لأهله وبلده، وتُشعرهم بالمودة والألفةِ بينك وبينه.
واحْرص على تلمُّس المحتاجين الْمُتَعِّفِفين, فهم لا يسألون الناس إلحافا, لِوَرَعِهم وحَيَائِهم, والأجرُ في إعطائهم أعظمُ من غيرهم, وابدأ بالقريب فهو أحقّ من غيره، وتفقد الجار الْمُحتاج, فله حقُّ الجوار والمسكنة.
ومن الأمور المشروعة في هذا اليوم: زيارةُ الأقارب والأصدقاء, وصلةُ الأرحام, فهذا اليومُ من أعظم الأيام عند الله, فلْنعمل فيه بما هو أهله, ولْنقم فيه بما تسْتحقُّه عظمته ومكانته.
فيا مَن قطعت رحمك, يا من فارقت أحداً مِن أقاربك أو أصحابك, يا مَن تجرَّعت مرارةَ البغضاء والشقاق, والتقاطعِ والفراق، أمَا كفتك سنواتُ القطيعة والهجران, أما آن لك أن تتوب إلى الله من زَّلتك العظيمة, وجريمتك الشنيعة؟
اسمع إلى قوله تعالى: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ} أين حقُّه وأنت قد قطعته وهجرته؟
واسمع إلى قوله تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِى الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}.
فقاطعُ الرحم قد لعنه الله, وأصمَّ سمعه عن قبول الحق والخير, وعن قبولِ النصيحة في صِّلة رحمِه, وأعمى بصيرته عن التَّفكر في بشاعة فعله.
أخي المسلم: احرص في هذا اليوم على زرع الابتسامة في وجهك، وعلى إخراج أطايب الكلام من فمك، فلك في كلّ ابتسامةٍ وكلمةٍ طيبةٍ صدقة، ولك فيهما في قلوب الناس محبة ومودّة.
نسأل الله أن يحسّن أخلاقنا, وألا يجعل في قلوبنا غلا على إخواننا، إنه سميع قريب مجيب.
*************
الحمد لله رب العالمين, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلهُ الأولين والآخرين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله, صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه, وسلم تسليمًا كثيراً إلى يوم الدين.
أما بعد: أخي المسلم: إنَّ هذا اليومَ لهو فرصةٌ لصفاء القلوب, ولَمِّ الشمل, وصلةِ الرَّحم, وترك القطية والتهاجر, فاسْتغل هذه الفرصة وبادر إليها, وتوجَّه إلى مَن هجرته وقطعته, فسلِّم وألْقِ التحيةَ عليه، ففي ذلك أجرٌ عظيم لا يعلم قدرَه إلا الله.
وإنَّ من الطرق اليسيرة في صلة الأرحام وغيرهم, الاتصالَ عليهم عبر الهاتف, فاجعلْ جُزْأً من وقتك في هذه الأيام, تنظر في أرقام هاتفك, فربَّما مرَّ عليك قريبٌ أو صديق لم يخطر على بالك أبداً, فاتصِل عليه وأدْخل السرورَ على قلْبه, فسترى انشرحاً وسعادةً بعدها قلَّ أنْ تجد لها مثيلاً, وبهذا تكون قد وصلت رحمك وأصدقاءَك, وأرضيت ربك, ونجوت من الأوزار والآثام, وكُتبت لك الأجورُ العظام.
اللهم تقبل من المسلمين حجهم وقربانهم, وأغن فقيرهم وضعيفهم, يا رب العالمين.
ثم اعلموا أن الله أمركم بالصلاة والسلام على نبيِّه، فقال في محكم التنزيل: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الذِيْنَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيْمًا}.
اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على نبينا محمد، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين الذين قضَوا بالحق وبه يعدِلون: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعنَّا معهم بجُودك وكرمك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمِنًا مُطمئنًّا رخاءً وسائر بلاد المسلمين.
اللهم وفِّق إمامنا ووليّ عهده لهداك، واجعل عملهما في رِضاك، ووفِّق جميع ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك، وتحكيم شرعك.
رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِين، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
المرفقات
1718418665_خطبة عيد الأضحى 1445 إطعام المساكين-صلة الرحم.pdf