خطبة عيد الأضحى 1444 (موعظة عامة)
عايد القزلان التميمي
1444/12/09 - 2023/06/27 23:26PM
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد الحمد لله يمنّ على من يشاء من عباده بالقبول والتوفيق، أحمده تبارك وتعالى وأشكره على أن منّ علينا بحلول عيد الأضحى وقُرب أيام التشريق، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له هدانا لأكمل شريعة وأقوم طريق، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبد الله ورسوله ذو النسب العريق، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أولي الفضل والتصديق، والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما توافد الحجيج من كل فج عميق، وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فيا عبادَ اللهِ: أوصيكم ونفسي بتقوى الله. أيها المؤمنون : قال الله تعالى (( لِكُلّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا ))
قال ابن عباس رضي الله عنهما : (منسكاً أي: عيداً)
فأعياد المسلمين عيدان عيد الأضحى وعيد الفطر فقد شرعهما الله تعالى لأمة الإسلام،
واعلموا أن يومكم هذا هو يوم الحج الأكبر، وهو عيد الأضحى والنحر. هو يوم الحج الأكبر لأن الحجاج يؤدون فيه معظم مناسك الحج؛ يرمون الجمرة الكبرى، ويذبحون الهدايا، ويحلقون رؤوسهم، ويطوفون بالبيت، ويسعون بين الصفا والمروة. وهو عيد الأضحى والنحر لأن الناس يُضحُّون فيه وينحرون هداياهم.
اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ لا إله إلا الله، اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ ولله الحمد.
أيها المسلمون، أحب الأعمال إلى ربكم في يومكم هذا إراقة الدماء بذبح الأضاحي، فعن أنَسٍ رضي الله عنه قالَ: ((ضَحَّى رَسولُ اللهِ - صلَّى اللَّهُ علَيْه وسلَّم - بِكَبْشَيْنِ أمْلَحَيْنِ أقْرَنَيْنِ، قال: ورَأيْتُه يَذْبَحُهُما بِيَدِه، ورَأيْتُهُ وَاضِعًا قَدَمَهُ على صِفاحِهِما، وسَمَّى وكَبَّرَ))؛ البخاري ومسلم
والأضحية ـ عباد الله ـ تعبيرٌ عن تجريد العبادة لله وتحقيقٌ للتقوى، قال الله جل وعز: (( لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ ))
فبادِرُوا -رحمكم الله- إلى إحياء هذه السُّنَّة الجليلة، ولا تبخَلُوا بالمال الذي أنعَمَ الله به عليكم، وتُجزئ الشاةُ عن الرجل وأهل بيته، والبَدَنة تقومُ مقام سَبَع شِياه، والبقرة تقومُ مقام سبع شياه. المجزئ من الضأن ما تمَّ له ستة أشهر، ومن المعز ما تمَّ له سَنَة، ومن الإبل ما تمَّ له خمس سنين، ومن البقر ما تم له سنتانِ، ولا تجزئ العوراءُ البيِّنُ عَوَرُها، ولا العَرجاءُ البيِّنُ ظَلعُها، ولا المريضة البيِّن مرضها، ولا الهزيلة ولا العضباء؛ التي قُطِعَ أكثر أذنها أو قرنها، ولا الهتماء التي ذهبت ثَناياها من أصلها، ولا الجدباء التي نشف ضرعها ويبس من الكِبَر. والسنَّة نحرُ الإبل قائمةً معقولةً يدها اليُسرَى، وذبح البقر والغنم على جنبها الأيسر موجَّهة إلى القبلة، ويجب أنْ يقول عند الذبح: بسم الله، ويستحب أنْ يقول: اللهُ أكبرُ. والأفضل أنْ يأكل منها ثلثًا، ويتصدَّق بثلث، ويهدي ثلثًا، ولا يبيع جلدها ولا شيئًا منها، ولا يُعطي الجزارَ أجرته منها،
ووقتُ الذبح من انقِضاء صلاة العيد إلى آخِر اليوم الثالث من أيَّام التشريق.
اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ لا إله إلا الله، اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ ولله الحمد.
عباد الله، أذكركم ونفسي آلاء الله، ونعم الله، وعطاء الله، فاشكروه سبحانه وتعالى يزدكم، انظروا أي نعمة نعيشها؛ نعمة الأمن في الأوطان، والصحة في الأبدان، وتحكيم الشريعة والقرآن.
وهذه البلاد لما أنعم الله عليها بتحكيم الشريعة، رَغَد عَيْشُها، وكَثُر خيرها، وهَنَأَ شَعْبَها، فليس لنا ـ والله ـ إلا أن نتمسك بهذا الدين وأن نعضّ بالنواجذ على هدي سيد المرسلين، وندعوا لولي أمرنا وولي عهده بالتوفيق والتسديد في الدنيا والآخرة ونكون معهم في السراء والضراء ،
وأن نشكر الله على ذلك لأن بالشكر تزداد النِّعم، فهذا هو السبيل الوحيد لاستبقاء النعم وعدم زوالها.
اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ لا إله إلا الله، اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ ولله الحمد.
عباد الله، الصلاة الصلاة، فإنها عماد الإسلام، وهي العهد بين العبد وربه، من حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، وأول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة هي الصلاة، فإن قُبِلت قُبِلَت وسائِر العمل، وإن رُدَّت رُدَّت وسائر العمل. وأدوا زكاة أموالكم طيبة بها نفوسكم، وصوموا شهر رمضان، وحجوا بيت الله الحرام، فإنهما من أعظم أركان الإسلام.
وعليكم ببر الوالدين وصلة الأرحام، والإحسان إلى الأيتام، وذلك عمل يعجِّل الله ثوابه في الدنيا مع ما يدخر الله لصاحبه في الآخرة من حُسن الثواب، كما أن العقوق والقطيعة ومنع الخير مما يعجل الله عقوبته في الدنيا، مع ما يؤجل لصاحبه في الآخرة من أليم العقاب.
اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ لا إله إلا الله، اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ ولله الحمد. وإياكم أيها المؤمنون وأنواع الشرك التي تُبْطِل التوحيد، أو الذبح أو النذر لغير الله تعالى، أو الاستعاذة بغير الله تعالى، قال الله عز وجل: (( إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء ))
وإياكم الذهاب للسحرة والمشعوذين والدجالين فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (( من أتى عرّافا أو كاهِناً فَصَدّقَهُ بِما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم )) رواه أحمد والأربعة وإياكم والخمر وأنواع المسكرات والدخان والمخدرات، فإنها تُفسد القلب، وتغتال العقل، وتُدمر البدن، وتُغضب الرب، وتفتك بالمجتمع، فعن جابر رضي الله عنه عن رسول الله قال: ((كل مسكر حرام، وإن على الله عهداً لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال)) قالوا: يا رسول الله، وما طينة الخبال؟ قال: ((عرق أهل النار)) أو ((عصارة أهل النار)) رواه مسلم والنسائي.
اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ لا إله إلا الله، اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ ولله الحمد.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الذي شرع لعباده التقربَ إليه بذبح القربان، وقرَن النحرَ بالصلاة في مُحكم القرآن، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو الفضل والامتنان، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أفضل مَنْ قام بشرائع الإسلام وحقَّق الإيمانَ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما.
اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ لا إله إلا الله، اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ ولله الحمد.
اما بعد فيا عباد الله من هدي نبيكم صلى الله عليه وسلم في خطبة صلاة العيد أن يخُصَّ النساء بموعظة، كما ثبت في صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة يوم العيد، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة، ثم قام متوكئًا على بلال، فأمر بتقوى الله، وحث على طاعته، ووعظ الناس وذكّرهم، ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكّرهن،
اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ لا إله إلا الله، اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ ولله الحمد.
يا نساء المسلمين: اتقين الله تعالى في واجباتكن التي أمركن الله بها، والتزمن بآداب الإسلام، قال تعالى: (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) فأبشري -أيتها المرأة المسلمة- بهذا الحديث الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم: "إذا صلَّت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وأَحْصَنَتْ فَرْجَها، وأطاعت زوجَها، قيل لها: ادخُلِي الجنةَ مِن أيِّ أبوابِ الجنةِ شِئْتِ".
اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ لا إله إلا الله، اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ ولله الحمد.
عبادَ اللهِ: فأكثروا -رحمكم الله- من ذكر الله وتكبيره في يوم العيد وأيام التشريق، امتثالًا لأمر ربكم -تبارك وتعالى-، واستنانًا بسُنَّة نبيكم، واقتداء بسلفكم الصالح، فقد كان الصحابة -رضي الله عنهم- يكبِّرون في هذه الأيام الفاضلة. عباد الله: صلوا وسلموا على رسول الله
...
المرفقات
1687897564_خطبة عيد الأضحى 1444.docx