خطبة عيد الأضحى 1440 هـ
أبو المقداد الأثري
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.
أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن من أعظم القربات في هذا اليوم التقربَ الى الله بذبح الأضاحي عبادة وتوحيدا، قال تعالى {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (34) الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (35) وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (36) لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ}
ومن أحكام الأضاحي على وجه الاختصار أنها لا تكون إلا من بهيمة الأنعام الإبل والبقر والغنم ، ولا بد فيها من بلوغ السن المعتبرة فلا يجزي من الإبل إلا ما تم له خمس سنين ولا من البقر الا ما تم له سنتان ولا من الماعز الا ما تم له سنة أما الضأن خاصة فيجزئ منها الجَذَع وهو ما تم له ستة أشهر.
ومن أحكامها وجوب سلامتها من العَوَر البَيِّن والعَرَج البَيِّن والمرض البَيِّن والهزال البَيِّن الذي لا يبقى معه مخ في عظامها. وما كان أشد من هذه العيوب من باب أولى.
وكلما كانت الأضحية أسمن وأكمل كلما كانت أكثر أجراً لأنه من تعظيم شعائر الله والله تعالى يقول (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) قال ابن عباس: “استعظامها، واستحسانها، واستسمانها”
ووقت الذبح من بعد صلاة العيد فمن ذبح قبل الصلاة فهي شاة لحم يباح أكلها لكنها لا تكون أضحية، وينتهي وقت الذبح بغروب الشمس آخر أيام التشريق أي الثالث عشر من شهر ذي الحجة. والذبح في هذا اليوم أفضل لأنه فعل النبي صلى الله عليه وسلم ولأنه من عشر ذي الحجة والعمل الصالح فيها أحب إلى الله من العمل في غيرها. ويجوز الذبح في الليل والنهار والذبح في النهار أفضل لأنه فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
والمشروع في الأضاحي أن يأكل منها ويتصدق ويهدي لقوله تعالى (فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير) ولحديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (كلوا وأطعموا وادخروا) متفق عليه.
ولا يجوز أن تكون أجرة الجزار منها لا من لحمها ولا من جلدها فعن علي رضي الله عنه أنه قال: ” أمرني النبيُّ ﷺ أنْ أقُومَ على بُدْنِهِ، وأتصَدَّقَ بلحمها وجُلُودِها وأَجِلَّتها، ولا أُعْطِيَ الجزَّارَ منها. وقال: نحنُ نُعْطيه من عندنا» . أخرجه البخاري ومسلم.
ومن اشترى أضحية سليمة ثم أصابها عيب كالعَوَر أو العرج ونحو ذلك من غير تفريط منه فإنه يذبحه وتجزئ عنه، وإن أصابها العيب بسبب تفريطه وإهماله ضحى بأخرى بدلاً منها.
ومن أراد أن يستدين ويضحي فله ذلك إذا كان قادراً على السداد مستقبلاً، ومن أخذ من شعره أو أظفاره بعد دخول العشر وهو يريد ان يضحي ناسياً أو متعمداً فله أن يضحي ولكنّ المتعمد يستغفر الله ويتوب إليه.
بارك الله لي ولكم في القران العظيم ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم..
الخطبة الثانية
الحمد لله عَلَى إحسانِه، والشّكرُ لَه على توفِيقِه وامتنانِه، وأشهد أن لاَ إلهَ إلاّ الله وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشَأنه، وأشهد أنَّ نبيَّنا محمّدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان واقتفى أثرهم. وسلم تسليما
أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله، واشكروه على نعمه وآلائه ومن أجلّها وأعظمها بعد نعمة الإسلام نعمةُ الأمن واجتماعِ الكلمة، فقد كنا في هذه الجزيرة متفرقين فجمعنا الله، وأذلة فأعزنا الله، وفقراء فأغنانا الله، وكان ذلك كله بفضل الله ومنته ثم بجهود الإمام المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود تغمده الله بواسع رحمته.
فحافظوا على هذه النعمة العظيمة الجليلة، واحذروا من شر الأشرار، وكيد الفجار، الذين يسعون ليل نهار، إلى تخريب أمننا وتشتيت كلمتنا وسلبنا ما أنعم الله به علينا، فما هم إلا دعاة على أبواب جهنم، مفسدون للدين والدنيا (والله لا يحب الفساد). الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد
عباد الله:
إن المجاهرة بالمعاصي والإصرار عليها من أسباب زوال النعم وحلول النقم وتغير الأحوال كما قال تعالى: “إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ” أي : “إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ، مِنَ الْعَافِيَةِ وَالنِّعْمَةِ، حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ، مِنَ الْحَالِ الجملية فَيَعْصُوا رَبَّهُمْ” فعند ذلك يُحِلُّ بهم عقوبته التي لا يردها راد والعياذ بالله.
فاتقوا الله تعالى واحذروا أسباب سخطه ونقمته، وداوموا على عبادته وطاعته، وابذلوا الجهد في إصلاح أنفسكم ونسائكم، وأبنائكم وبناتكم، فإنكم مسؤولون عن أنفسكم وعنهم قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
معاشر المؤمنين صلوا وسلموا على المبعوث رحمة للعالمين اللهم صلَّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وخلفائه الراشدين وعامة أصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين وانصر عبادك الموحدين. واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين، اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده لما تحب وترضى وخذ بنواصيهم للبر والتقوى. وهيء لهم البطانة الصالحة يا رب العالمين.
اللهم احفظ الحجاج والمعتمرين، ويسر لهم أداء مناسكهم آمنين وأعدهم إلى أهليهم سالمين غانمين.
اللهم وفق جيوشنا ورجال أمننا واربط على قلوبهم وثبت أقدامهم وسدد رميهم. ومكنهم من عدوك وعدوهم يا رب العالمين. اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار . اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
موقع د. علي بن يحيى الحدادي
http://www.haddady.com/18839-2/
\