خطبة عيد الأضحى 1438هـ حفظ الله لدينه ووجوب نصرة دين الله

د.صالح العبداللطيف
1438/12/06 - 2017/08/28 14:48PM

الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد

الحمد لله الذي وفق العاملين لطاعته.. فوجدو سعيهم مشكورا، وحقق آمال الآملين برحمة.. فمنحهم عطاء موفورا، وبسط بساط كرمه للتائبين.. فأصبح وزرُهم مغفورا، وأسبل من نعمه على الطالبين وابلا غزيرا، سبحانه فتح الباب للطالبين، وأظهر غناه للراغبين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا..  أما بعد: فاتقوا الله واجتهدوا في مساعيكم لما يرضيه قال سبحانه وتعالى: يا إيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون..

       أيها الكرام.. أحيوا عيدكم.. وانشروا فيه المحبةَ والبشرَ والسعادة.. وصِلوا فيه أرحامَكم وأحبابَكم..

أيها الأحبة في الله.. في هذا الوقت بالذات.. وفي مكان آخر.. هناك.. حيث المشاعرُ القدسة.. يقف حجاجُ بيتِ الله عند المشعر الحرام.. يذكرون الله سبحانه.. ثم يسيرون إلى منى.. وهم يعجون بالتلبية.. فيرمون جمرةَ العقبة.. ويحلقون رؤسَهم.. ويذبحون هديهم.. بعد أن وقفوا بالأمس في صعيد عرفة.. هناك حيث يباهي ربنا تبارك وتعالى بهم ملائكته.. فكم من دعوات رفعت.. وكم من زفرات دفعت.. نسأل الله أن يتقبلَ منا منهم.. وأن يحفظَهم ويعينَهم على قضاء نسكهم..

عباد الله.. إن هذه المشاهدَ الجليلةِ.. لهذا الموسمِ المبارك.. تدل وتؤكد على أن هذا الدين محفوظٌ.. بحفظ الله له إلى يوم القيامة.. ومهما تسلط عليه المتسلطون.. وضيق على أهله ودعاته المضيقون.. فلن يكسبوا معركتهم معه..  وسيكون سعيهم في تباب.. وكيدهم في ضلال..

  ذلك إن الله تبارك وتعالى تكفل بحفظه ولم يجعلْ ذلك إلى أحد غيره.. إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون.. فليس المطلوب منا حفظَ هذا الدين.. إنما المطلوب منا أن نعمل لديننا.. ونسعى لكل ما فيه رفعته وعزّه.. وألا ندع الميدانَ لغيرنا.. ونكتفي بالفرجة والمشاهدة..

وكلٌ بما يحسن ويستطيع.. فالعالمُ يفتي الناسَ ويوجههم.. والداعيةُ يقربُ الناس لدينهم.. ويحسن العرضَ والتوجيهَ لهم.. والموسرُ ينفق ماله في أوجه البر والإحسان.. فيعينُ مسكيناً.. ويقيمُ مشروعاً.. ويسلطُ مالَه على هلكتِه في الحق.. وذلك بأن يبذل ماله في الخير والطاعات.. الإمامُ في مسجده.. والمعلمُ في مدرسته.. والأبُ والأمُ في بيتهما.. كلٌ في ميدانه.. ومن فُتحَ له بابُ خير فليلزمه.. ولا تحقرن من المعروف شيئا.. وتذكر قول نبيك صلى الله عليه وسلم.. بلغوا عني ولو آية..

والإشكال أيها الموفقون.. هو في القعود عن العمل لدين الله.. بدعوى أن التقصير موجودٌ.. فلا يجتمعُ تقصيرٌ وعملٌ لعزة هذا الدين.. وتلك والله بليةٌ وأي بليةٍ.. فلو أن كل مقصر ترك ميدانه.. لخلت الميادينُ من الدعاة.. وأقفرت الساحاتُ من الواعظين.. فكلٌ مذنب وكلٌ ظالم لنفسه..

     مـنْ ذا الَّـذي ما سـَاءَ قطْ ** ومنْ له الحـسْنـى فقـطْ ؟!

وليس صحيحاً ما يشيع بين الناس.. بأن العملَ لنشرِ هذا الدين ورفعتِه.. وإعلاءِ كلمته ورايته.. مخصوصٌ بمن ينسبون للتدين.. فيعتقد البعض أن من عنده تقصير ظاهر.. كحلق لحية أو إطالة ثوب.. هؤلاء معفون من العمل لدين الله.. وليس لهم أن يشاركوا غيرهم في ميادين الإحسان.. فهذه وساوس شيطانية لا يقف عندها العقلاء.. فالعالَمُ من حولنا يتقاتلون لخدمة دياناتِهم الباطلة..   

وعقائدِهم المحرفة.. ونحن أهلُ الدينِ الحنيف.. نتردد في خدمة ديننا لأدنى علة وأقرب سبب.. فلا تتردد أيها المبارك في خدمة دينك.. ولا يمنعْنك تقصيرُك في أن تسابقَ وتنافسَ.. وتزاحمَ غيرَك في خدمة دين الله جل وعلا.. وتذكر تلك البغي التي رأت كلباً كاد يقتله العطش.. فسقته ماءً فغفر الله لها.. نعم غفر الله لبغي.. بشربة ماء.. ففضل الله واسع.. وعطاؤه لا حد له..

ونحن هنا لانهون من المعاصي وندعو إلى التساهل فيها.. معاذ الله.. إنما المراد ألا تكون مانعاً عن عمل الخير والبر.. الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد

 

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد ألا إله إلا الله تعظيماً لشأنه وأشهد أن محمد عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه..

وبعد:   عباد الله.. فهذا اليوم يومٌ عظيم.. لازال أهل الإسلام يعظمونه.. ويعظمون شعائره.. ومن أعظم شعائر هذا اليوم ذبح الأضاحي.. اقتداءً بهديه صلى الله عليه وسلم.. حيث حافظ طيلةَ بقائه في المدينة على ذبح الأضحية.. وكان يضحي عن نفسه وأهل بيته بكبش.. ويجعلُ كبشاً آخر لمن لم يضح من أمته.. ولا يخفى عليكم.. أن الأضحية لابد أن تكون سالمةً من العيوب المذكورة في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وهي: (العوراء البين عورها والعرجاء البين عرجها والمريضة البين مرضها والعجفاء التي لا تنقي).. وأن تكون في وقتها المحدد شرعاً.. ويبدأ من الفراغ من صلاة العيد..

  ويستمر وقت الذبح إلى غروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق..   

وينبغي الإحسانُ إلى الذبيحة وحدُّ الشفرة والرفقُ بها..

وتجبُ التسمية عند ذبحها.. وإن ترك التسميةَ نسياناً فالراجح حلُ أكلها.. ويسن أن يباشرَ صاحبُها ذبحَها.. أو يحضرَ حين ذبحِها.. وأن يكون أولَ أكله هذا اليومَ منها.. وأن يهديَ ويتصدق ببعضها.. ولا يجوزُ بيع شيء منها..

فتقربوا إلى الله بذبح أضاحيكم.. تقبل الله منا ومنكم..

وعلينا أن نفرحَ بعيدنا ونسعدَ أهلنا ومن حولنا بهذا العيد.. ولا يعني هذا أن نتجاوزَ الحد بالعبثِ والإسراف.. وازدراءِ نعم الله.. فإن النعمَ إذا شُكرت قرت وإذا كُفرت فرت.. فقيدوها بشكر الله عليها.. الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد

 اللهم اعز الإسلام والمسلمين.. وأذل الشرك والمشركين.. اللهم انصر إخواننا المجاهدين في كل مكان.. اللهم ارحم موتانا وموتى المسلمين.. اللهم اشف مرضانا ومرضى المسلمين برحمتك ياارحم الراحمين.. اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا..ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.اللهم صل على نبينا محمد

 

المرفقات

الأضحى-1438

الأضحى-1438

المشاهدات 964 | التعليقات 0