خطبة عيد الأضحى - شبه مختصرة

أبو عبد السلام الروقي
1445/12/09 - 2024/06/15 01:07AM

الحمد لله وبعد:- فهذه الخطبة في أصلها للشيخ  د. صلاح البدير -وفقه الله

وقد اختصرت الكثير منها، وأضفت بعض الإضافات.

وفقكم الله وعيدكم مبارك

ودونكموها

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلاً، الله أكبر عدد ما أزهرَت الأزهار، الله أكبر عدد ما أثمَرَت الأشجار، الله أكبر عدد ما سالَت الأودية بالأمطار، الله أكبر عدد ما غرَّدَت الأطيار، الله أكبر عدد ما لبَّى المُلبُّون من الحُجَّاج والعُمَّار، الله أكبر كم أعتق برحمته عبدًا من النار، الله أكبر كم تجاوز عن الذنوب والأوزار، الله أكبر كم عفا عن عباده وهو الرحيم الغفار.

الحمد لله الملك القدوس السلام، أكمل لنا الدين وأتم علينا الإنعام، فالحمد لله بجميع محامِده، والشكر له على جميلِ عوائده، سبحانه وبحمدِه، تقدّست صفاته، وحسُنت أسماؤه، توافر برُّه، وتكاثر عطاؤه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، تمّت كلمته، ووسِعت رحمته، وعمّت نعمتُه، وأشهد أنّ سيّدنا ونبيّنا محمّدًا عبد الله ورسوله، خاتم أنبيائه، وسيّد أوليائه، صلّى الله وسلّم وبارك عليه، أتقى البريّة وأزكاها، وعلى آله وأصحابه أفضل الأمّة وأتقاها، والتّابعين ومن تبعهم بإحسان، صلواتٍ وسلامًا وبركات لا تتناهى.

أما بعد:

فيا أيها المسلمون: هنيئًا لكم عيد الأضحى المبارك وقد هبَّ نسيمه مِسكًا عبِقًا، وخيرًا غدِقًا، هنيئًا لكم يوم الحج الأكبر، هنيئًا لكم يوم الجمع الأعظم، يومٌ يُهراق فيه الدم، ويُوضع فيه الشعر، ويُلقَى فيه التَّفَث، وتحِلُّ فيها الحُرَم، الوقوف في ليلته، والرمي والنحر والطواف في صبيحته، فما أعظمه من يوم، وما أكرمه من جمع.

والحجيج في البِقاع المُقدَّسة تبتهل وتضرع، وتُنادي ربها وتخشع، قد طمِعَت في رحمته وغفرانه، وكرمه ورضوانه، وعطائه ونواله، وهو الرحيم التواب، الكريم الوهاب، يفتح بابًا، ويقبل متابًا، ويُعتِق رقابًا، ويُعطي رِغابًا، فسبحان من خضع له كل شيء، سبحان من دان له كل شيء.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

أيها المسلمون: اجعلوا الله ذُخركم وملجأكم، ومقصدكم ومفزَعكم، أظهِروا أمره، ولا تُشركوا معه غيره، فما من عبادةٍ عُبِدت، ولا من فريضةٍ فُرِضَت إلا لتكبيره وتعظيمه، وإجلاله وتوحيده، وهو المستحق لأكمل الثناء، وأجلِّ الحمد، وأعلى التعظيم، ولا تليق العبادة إلا له، ولا تنبغي الإلهية إلا لعظمته، تعالى وتقدَّس، وتنزَّه وتعاظَم، وجلَّ وعزَّ أن يكون له شريكٌ أو نظير، أو والدٌ أو ولد.

من تعلَّق به كفاه، ومن اعتمد عليه وقاه، ومن لجأ إليه حفِظَه وتولاَّه، فكيف يلجأ العبد عند حاجته وشدَّته إلى أضرحة وأموات، وحجارة ورُفَات، وخرافات وخُزعبلات، وتمائم وحُجُبٍ وخيوطٍ ومُعلَّقات؟! كيف يلجأ العبد عند مرضه وبليَّته إلى سحرةٍ كفرة، وكهنةٍ مكَرة، ومُشعوذِين فَجرة، لا يلجأ إليهم إلا من وُكِل إلى الضياع والهوان، والخسران والخذلان: (ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) [فاطر: 13،14]، (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) [الأنعام: 17، 18].

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

 

أيها المسلمون: لوذوا بالكتاب والسنة، واعتصموا بهما، واحتموا بهديهما، وافهموهما كما فهِمَهما سلف الأمة، واحذروا الأفكار الزائغة، والعقائد المنحرفة، والبدع المُضِلَّة، والحِزبيات المُفرِّقة، لا تسلكوا غير طريق الشريعة التي جاء بها نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وسار عليها أهل القرون المُفضَّلة، فهي المَتجر الرابح، والميزان الراجح، والمنهج الصالح.

يقول أبو بكر بن عياش -رحمه الله تعالى-: "إن الله بعث محمدًا -صلى الله عليه وسلم- إلى أهل الأرض وهم في فساد، فأصلحهم الله بمحمد -صلى الله عليه وسلم-، فمن دعا إلى خلاف ما جاء به محمد -صلى الله عليه وسلم- فهو من المُفسدين في الأرض).

ويقول عمر بن عبد العزيز -رحمه الله-: "لا رأي لأحدٍ مع سنة سنَّها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".

ويقول الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى-: "يسقط كل شيء خالَفَ أمر النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا يقوم معه رأيٌ ولا قياس؛ فإن الله قطع العُذر بقوله -صلى الله عليه وسلم-".

ويقول الإمام الزهري -رحمه الله-: "من الله الرسالة، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التسليم.

فعظِّموا نصوص الكتاب والسنة وامتثِلوها، وانقادوا لها ولا تُعارِضوها.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

أيها المسلمون: علِّموا الجاهل، وأرشِدوا السائل، وعِظوا الغافل، ومُروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر، وكونوا رحماء في نُصحكم، رُفقاء في تعليمكم وإرشادكم، لا تركبوا مركب الغِلظة والشدة، والقسوة والتعنيف، انصحوا برفقٍ ولين جانبٍ وحُسن خِطاب؛ فعن جابر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْنِي مُعَنِّتًا، وَلَا مُتَعَنِّتًا، وَلَكِنْ بَعَثَنِي مُعَلِّمًا مُيَسِّرًا. أخرجه مسلم.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

"إن الشيطان يئس أن يعبده المُصلُّون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم"، يُغري بعضهم ببعض بما يُوجِب الفُرقة، وتنافُر القلوب، وحصول الهُجران، وسوء الظن، وتبادل التهم، والتلاسن والفجور في الخصومة، فكفُّوا عن الخصام، واعفوا واصفحوا، ولا تكونوا ممن يُصِرُّ على البغيَّة، فما يُبقي للحُسنى بقيَّة، ولا تقاطعوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، ولا تحاسدوا، وكونوا عباد الله إخوانا

عودوا المريض، وصِلوا الرَّحِم، وأطعِموا الجائع، وأعطوا الفقير، وفُكُّوا العاني الأسير، ووفُّوا حق الأجير، واحنُوا على الوالدين، وأحسِنوا إليهما، واستوصوا بالنساء خيرًا، عامِلوهن بالمحبة والتقدير، والإكرام والاحترام، واحذروا التسرُّع في الفراق والطلاق، واحفظوا أولادكم، وأحسِنوا أدبهم وتربيتهم، وأنفِقوا عليهم؛ فإن أفضل النفقة: نفقة الرجل على أهله وعياله؛ ففي الحديث: "دينارٌ أنفقته في سبيل الله، ودينارٌ أنفقته في رقبة، ودينارٌ تصدَّقتَ به على مسكين، ودينارٌ أنفقته على أهلك، أعظمُها أجرًا الذي أنفقته على أهلك. أخرجه مسلم.

وغُضُّوا أبصاركم، واحفظوا فُروجكم، واتقوا الدنيا، واتقوا النساء؛ فإن فتنة بني إسرائيل كانت في النساء، وما خلا رجلٌ بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما، والمرأة المُتبرِّجة السافرة المُتعطِّرة التي تفتِن الرجال بزينتها وملابسها مُتوعَّدةٌ بالنار وغضب الجبار.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئةٍ، إنه كان للأوابين غفورًا.

 

 

 

الخطبة الثانية:

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

الحمد لله العلي الكبير، اللطيف الخبير، خلق كل شيء فأحسن التقدير، ودبَّر الخلائق فأحسَن التدبير، أحمده وقد صان موارد الدين من التحريف والتكدير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة عبدٍ مُعترِفٍ بالضعف والتقصير، شهادة عبدٍ يرجو العفو والغفران والنجاة من عذاب السعير، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله البشير النذير، والسراج المنير، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه صلاةً مُتضاعفةً دائمةً إلى يوم الدين.

أما بعد: فيا أيها المسلمون: اتقوا الله -عز وجل- الذي لا يخفى عليه شيءٌ من المقاصد والنوايا، ولا يستتر دونه شيءٌ من الضمائر والخفايا، السرائر لديه بادية، والسر عنده علانية: (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [الحديد: 4].

أيها المسلمون: الأضحية قُربةٌ جليلة، ونسيكةٌ عظيمة، ومَعلمٌ ظاهرٌ وشعيرة، لا ينبغي للمُوسِر تركها؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من كان له سَعة ولم يُضحِّ فلا يقربنَّ مُصلاَّنا". أخرجه أحمد وابن ماجه.

ولا يُجزئ في الأضحية إلا الأنعام، وأفضلها البَدَنة، ثم البقرة، ثم الشاة، ثم شركٌ في بدنة، ثم شركٌ في بقرة، والشرك في البدنة والشرك في البقرة والشاة الواحدة يُجزئ كل واحدٍ منها عن الرجل وأهل بيته، ولا يُجزئُ في الأضاحي إلا جَذَع ضأنٍ وثنِيُّ سواه، فالإبل خمس سنين، والبقر سنتان، والمعز سنة، والضأن ستة أشهر.

وحاذِروا العيوب المانعة من الإجزاء، فلا تُجزئُ ذات عيبٍ بيِّنٍ من مرضٍ أو عَوَر أو عَرَجٍ أو عَجَفٍ أو عمى بصر.

وأحسِنوا الذبحة، وحُدُّوا الشفرة، واشحذوا المُدية، ليكون أوحى وأسهل.

ووجِّهوا مذبحها إلى القبلة، وسمُّوا وكبِّروا، وكلوا وأهدوا وتصدَّقوا، ومن كان ذبح قبل الصلاة فليُعِد أضحيته، ومن لا فليذبح على اسم الله.

تقبل الله ضحاياكم، ورضِي عنكم وأرضاكم، وحقَّق في الخير مُناكم، وأسعدكم ولا أشقاكم، وعاوَدَتكم السعود ما عاد عيدٌ واخضرَّ عود.

ومن غدا منكم من طريق فليرجع من طريقٍ أخرى إن تيسَّر له ذلك اقتداءً بسنة سيد المرسلين -صلى الله عليه وسلم.

اللهم إن عبادك خرجوا إلى هذا المكان يرجون ثوابك وفضلك ويخافون عذابك، اللهم حقق لنا ما نرجو وأمِّنا مما نخاف، اللهم تقبل منا واغفر لنا وارحمنا، اللهم انصرنا على عدونا واجمع كلمتنا على الحق، ووفق إمامنا وولي أمرنا لما تحب وترضى، ويسرنا لليسرى، وجنبنا العسرى، واغفر لنا في الآخرة والأولى إنك جواد كريم.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

 

المرفقات

1718402759_خطبة عيد الأضحى.docx

1718402831_خطبة عيد الأضحى.pdf

المشاهدات 1093 | التعليقات 0