خطبة عيد الأضحى المبارك 1442

سلمان بن علي العبدلي
1442/12/16 - 2021/07/26 07:41AM

أحداث العام البارزة : العام الثاني لأزمة كورونا

عناصر الخطبة :

الحمد والثناء والتكبير - العقيدة والولاء للدين - الأسرة ومكانتها ووجوب العناية بها - مسؤولية المربين - المواطنة الصالحة - الإعلام وخطره في نقل الشائعات والتفاهات - أحكام الأضحية والذبح والعشر 

الخطبة الأولى :

الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، الله أكبر الله أكبر الله أكبر .

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله .. والله أكبر الله أكبر ولله الحمد .

الحمد لله ما بزغ فجر وأسفر ، الحمد لله ما حُمل سحابٌ وأمطر ، الحمد لله ما تلاحمت غيوم ، وتلألأت نجوم ، وشكيت هموم وغموم ، ففرّجها بلطفه الحيُّ القيوم .

الحمد لله ، والملك له ، الحمد لله والأمر له ، الحمد لله والشكر له ، الحمد لله والكون بيديه ، ونحن بعطائه وتوفيقه وإليه .

 الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله .. والله أكبر الله أكبر ولله الحمد .

الحمد لله بيده الأمر لكشف الغُمّة ، الحمد لله قيوم السماوات والأرضين ، ورحمان الأمة ، الحمد لله لا ملجأ إلا إليه في المُلمّة . ولا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير .. 

والصلاة والسلام على النبي القدوة الإمام ، الداعي إلى الله ودار السلام ، المبعوث قدوة ورحمة للأنام ، قام بالشعائر وأدى المهمات العِظام ، وحاز المفاخر قبل الرسالة ثم جاء بالأخلاق كمالاً وتمام .. صلى الله عليه ما أشرقت أنوار ، وغنت أطيار ، وتعاقب الليل والنهار .. ورضوان الله وبركاته على آله الأطهار وصحابته الأبرار والتابعين وتابعيهم الأخيار ، ومن اقتفى ومن اهتدى ومن ارتجى شفاعة المختار ..

صلى عليه الله ما غيثٌ هما ..

وترنمت بصلاتها الأفواهُ.

( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نوراً تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم . لئلا يعلم أهل الكتاب ألّا يقدرون على شيء من فضل الله وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ) .

 

أمة الإسلام .. 

يا أهل العيد والبشارات ، وعباد الرحمن أهل الطاعات ، تزينتم وأتيتم ، وتوشحتم الابتسامة والجمال ، وعزمتم على الطاعة والكمال ، فعاد عيدكم مجداً وعز ، وفضلا ورفعة ، وبركة ونماء . بعد أن كان عيدنا العام الماضي في تخوف ووجل ، مما نزل بالناس من البلاء وما حصل ، فاللهم ادفع البلاء وأدم الرخاء واجعله يا رب عيداً يعود بالخير على الأمة المسلمة جمعاء .

عباد الله :

العيد شعيرة ظاهرة ، وفرحة غامرة ، شرعها الله تعالى لإعلاء ذكره ، وامتثال أمره بين ذكر وتكبير ، ونحر وتطهير ، وحج و ثج ، ورمي للجمرات .. كلها عقيدة وتوحيد لله بالعبادة ، فلا ربّ سواه ، ولا معبود إلا هو ، ولا يفلح الكافرون .

والتوحيد معاشر المؤمنين ، هي رسالة الأنبياء الخالدة ، والمعتقد الصحيح بالوحدانية هو القيمة العليا الخالدة ، والتوحيد هو شعار الفرقة الناجية ، والأمة المسلمة الواعية الراقية ، فمن ظن في الوجود شريك فقد غوى ، وفي الضلال هوى ، ولو ادعى العقل أو نظّر بالفكر ، فالفطرة داعية للتوحيد ، والشريعة كاملة بلا نقص ولا حاجة للتجديد ، والأمة واحدة ، ولا دين غير الإسلام معروف ، وما عداه فأوهامٌ ووهم وزيف وتحريف ، واتباع هوى . قال المولى جل في علاه : ( إن الدين عند الله الإسلام ) وقال سبحانه : ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ) ، وقال جل جلاله : ( ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله ) . وقال فيمن غوى ، وادعى بعقله علماً أنه هوى : ( أرأيتَ من اتّخذ إلههُ هواهُ أفأنتَ تكونُ عليه وكيلاً )؟. فلا ينبغي لمسلم أن يسمع لمن قال بالأديان السماوية إثباتاً لها ، وإنما كُتبٌ أ ُنزلت على الرسل بالتوحيد الخالص . ولا تطع من قال بالفكر والتفكر لينفي حق استحقاق العبادة ولو آمن بالوجود ، فهذا شرك بالله وجحود .. 

وإذا تقررت وحدانيته وهي متقررة بلا نزاع ، فليستقر في قلوبكم أن لا نجاة إلا باتباع أمره وشرعه ، والتمسك بدينه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، ومن غوى فقد ضل وهوى .. 

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله .. والله أكبر الله أكبر ولله الحمد .

عباد الله :

أعظم أمانة بعد أنفسكم وطاعتها لله ، هي من استرعاكم الله وأمّنكم عليهم . كلٌّ بحسب مكانه ومكانته وقدرته . وأولها الأسرة لبنة البناء الأعظم في المجتمع ، ودرع التحصين الأقوى من كل خطر قد يقع ، ومنبعُ الولاء والانتماء الذي يحفظ ويمنع . ومن تفككت أسرته ضاعت هيبته ، وانفرطت طاعته ، وقسي قلبه وانكسرت شوكته ، وضاع تاريخه وتخبط في التيه حاضره ، وكذلك الأوطان إذا عُدم الولاء وضعُف الانتماء تبدلت الحال من اللُّحمة إلى الشتات ، ومن القوة إلى الضعف ولا ثبات . فالله الله بالبناء الأسري القويم ، على المنهج النبوي الكريم ، عقيدة وشعائر ، ومودة بينكم ورحمة ومشاعر ، وإحسان وتوجيه وعطف وتنوير البصائر ، والبعد عن الشقاق ، والتفرق ، والانفتاح الذي يسيء ويفتح مجال الكبائر ، فالدين والأخلاق والقيم والمعروف مترابطة متلازمة ، وهي عمار المجتمعات ، وحماية المعتقدات ، وإذا حُفظ الماضي التليد ، سطّرت الأمة تاريخاً عزيزاً مجيد . وصانت الأجيال من الضلال ، وأًمنت الضعف والتهديد . والنعمة علينا في بلادنا عظيمة بالقيادة والولاء ، والشريعة والنماء ، والأمن والرخاء فحافظوا عليها بالشكر والدعاء ، وصادق المواطَنة والولاء ، والدعاء بالتوفيق والسداد دوماً للقيادة الرشيدة ، وسؤالُ الله لهم التوفيق والعون ، فالوطن جبهة خارجية للأسرة ، والأسرة بناء قويم في الوطن . 

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله .. والله أكبر الله أكبر ولله الحمد .

أيها الآباء والأزواج ، والإخوة الكبار المؤثرين ، والفضلاء المربين ، والدعاة المخلصين ، وممثلي القيادة والمسؤولين :

جيلنا في أعناقكم أمانة ، وأخلاقنا في عهدتكم للحفظ والصيانة ، ومن غش أمته ورعيته حرم الله عليه الجنة . والأمانة أداء الحقوق كاملة كما يريد رب العباد ، وأداء الواجب كما يشاء صاحب الحق في الولاية في غير معصية الله ، ولا تستقيم الأمور إلا بالأمانة ، ولا تكون المُواطُنة الحقة إلا بالنصيحة وهي : الصدق مع الله في طاعته ، والصدق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في اتباع سنته ، والصدق مع الناس في عدم غشهم ، والصدق مع ولاة الأمر في الطاعة والنصح والدعاء لهم .

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله .. والله أكبر الله أكبر ولله الحمد .

عباد الله : هذا يوم الحج الأكبر ، فكبروا الله .. والله أعلى وأكبر .

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله .. والله أكبر الله أكبر ولله الحمد .

أقول ما تسمعون ، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين فاستغفروه إنه هو التواب الرحيم .

 

الخطبة الثانية :

الحمد لله ولي الصالحين .. ولا يذل من والاه ، والعاقبة للمتقين .. والبُعدُ لمن عصاه ، والخيبة للمعتدين .. ولا يعز من عاداه .. 

أحمده سبحانه وأشكره ، وأتوب إليه وأستغفره ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين .

الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، الله أكبر الله أكبر الله أكبر ..

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله .. والله أكبر الله أكبر ولله الحمد .

إخوة الإيمان :

اليوم يوم مسرةٍ ، يومُ الفرح . 

يوم السعادة والأيادي تنشرح .

يوم الهنا والفخر بالخير الذي

نرجو الأجور بفعله ، يوم الذَّبِح .

سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم لأمته في هذا اليوم ، ذبح الأضحية . ذبيحةٌ طعام وسنة وطاعة وصدقة من الله على عباده . قال الله تعالى : ( لن ينالَ اللهَ لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم . كذلك سخّرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم وبشّر المحسنين ).

والسُّنة فيها يا عباد الله ، أن تكون سمينة طيبة نقية مرغوبة ، تم عمرها وزان شكلها ، وطاب لحمها ، وعظُم منظرها . فالله تعالى طيّبٌ لا يقبلُ إلا طيّبا . 

يصح فيها الجذع ما له ستة أشهر من الضأن ، والثنيّ الذي تم له سنةٌ من الغنم ، وسنتين من البقر وخمس سنين من الإبل . أفضلها الثنيّ من الضأن أو الغنم ويجوز الشراكة في البقر والإبل . ذكورها خير ويصح الإناث ، ويراعي كمال خلقتها وتمام صحتها فلا تجوز العوراء والعمياء ، ولا العرجاء ولا الهزيلة الضعيفة ، ولا مقطوعة الأذن أو أكثرها أو مكسورة القرن أو المريضة بداء معاصر .

يذبحها رب الأسرة أو من ينيبه من القرابة أو العمال يسمي ويكبر ويقول بسم الله اللهم منك ولك ، اللهم عن فلان وأهل بيته . يذبحها بيمينه ويجوز باليسار للأيسر ، ويأكل منها ويُهدي لقرابته أو أرحامه أو جيرانه ، ويتصدق على المحتاجين . ولا يتبرم منها ولا يضيق ، ولا يتضجر فالله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا . ومدة الذبح من بعد صلاة العيد إلى غروب شمس آخر أيام التشريق وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة .  

عباد الله :

حافظوا على قوتكم ، ولا يغرينكم الإعلام ، فإن فتنة الدجال تعصف بالناس بإعلامها ومباهجها فيتبعها العامة وضعفاء العقول وأكثر أتباعه من النساء ، وبين يدينا من الوسائل ما أفسد الأخلاق ، وبسببه ضاقت الأخلاق ، وقلّت الأرزاق ، وتفرقت الأسر وتقطعت الأواصر . والنساء والعامة إعلام ضعيف لخفة عقولهم عند هيجان المشاعر ، وقد استرعاكم الله أيها العقلاء أمرهم ، فقوموا لهم بما يجب لهم . وسعوا عليهم في العيد دون اقتراف المحرمات ، وأظهروا سماحة الدين دون ارتكاب الموبقات ، وفي الدين سعة وفسحة ، وشرع الله خير ورحمة .. والله رحيم بعباده .. ولكن أكثر الناس لا يعلمون .

عباد الله : تراحموا وتسامحوا وتعافوا وتواصلوا ، وانشروا الصلة والتسامح والإحسان بينكم.

   وصلوا وسلموا رحمكم الله على البشير النذير ، والسراج الهادي المنير ، تفوزوا بشفاعته ، والزموا سنته تكونوا من أمته ، واقتدوا بأخلاقه تظفروا بمجلسه .

اللهم أدم علينا الأمن والإيمان ، واحفظ قيادتنا ووفقهم لصلاح الإسلام والمسلمين ، اللهم وفق خادم الحرمين الشريفين وولي عهده ، وهيء لهم بطانة صالحة ناصحة ، ومدهم بعونك وتوفيقك وهدايتك ..

اللهم ادفع عن بلادنا الغلاء والوباء ، والرباء والبلاء ، والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن ..

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات ، والمؤمنين والمؤمنات ، الأحياء منهم والأموات ، يا رب العالمين .

اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى .. 

عادت أعيادكم بالخير معاشر المصلين ، وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال والحمد لله رب العالمين .

المشاهدات 345 | التعليقات 0