خطبة عيد الأضحى المبارك 1442ه

د عبدالعزيز التويجري
1442/12/08 - 2021/07/18 10:40AM

الخطبة الأولى : خطبة عيد الأضحى المبارك           1442ه
الحمد لله المتفرد بالعزة والجلال ، له الحمد والشكر في الغدو والآصال ، حج لبيته الحجاج يعلنون أن الله هو الكبير المتعال ، وأشهد أن نبينا محمداً عبدالله ورسوله، أفضل من صلى وصام، وأطهر من حج بيت الله الحرام ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ، وعلى من سار على دربهم واتبع الآثار إلى يوم الدين ، وسلم تسليما كثيرا.
الله أكبر الله أكبر.. الله أكبر الله أكبر  .. الله أكبر  كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا أما بعد
 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )
يومكم هذا يومُ عظِيمُ مِن أَيامِ الله، يوم النحر يوم الحج الأكبر، خُتِمَتْ بِهِ أيامٌ معلومَاتٌ، وتتلُوهُ أيامٌ مَعدُودَاتٌ، وكُلُّهَا أيامٌ شرِيفَةٌ مُباركاتٌ، شُرعت فيها أعمالٌ هي من أجلِّ العباداتِ وأعظَمِ الطاعاتِ، من حجِّ بيتِ اللهِ الحرامِ، وَالوقوفِ بالمشاعرِ العظامِ.. فيا هناءَ من بَلَغوا ذاك المقام، وهم الآن يدفعون من مزدلفة لرمي الجمار.
     وبتنا بأقطار المُحَصّب من مِنَى    **   فيا طيب ليل بالمحصب بتناهُ
    فيا شوقنا نحو الطواف وطيبـــــــهِ    **    فذلك طِيــــب يُعبَّــــر معنـــــاهُ
    ووالله لا ننسى زمـــــانَ مسيرِنــا    **   إليه وكل الركب يلتـــذُ مسراهُ
هناك بين الحطيم وزمزم، وعلى ثرى مزدلفة وعرفات، تعود الذكريات، حين مشى عليها أطهر نفسٍ أحرمت، وأزكى روحٍ هتفت يُعلن التوحيد ويكسر الوثن والإلحاد .
هناك في الحج تُعلن عقيدة الولاء والبراء، الولاء لله ورسله والمؤمنين، والبراء من الشرك والمشركين يهودا ونصارا وملاحدة وبوذيين {وَأَذَانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} فصلاً لا وصلا، هجراً لبلادهم وبعدا ، عداوةً لهم وبغضا، دائماً أَبَدًا حَتَّى يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ .
   الله أكبر كبيرا  والحمدلله كثيرا  وسبحان الله بكرة وأصيلا .
  هذا اليوم الأغر أحد العيدين عندنا أهل الإسلام، ليس لأهل الإسلام عيدٌ سواهما ، يَستفتحهُ بصلاةِ العيدِ أهلُ الأمصار، ويستفتحهُ الحجاجُ برمي الجمار، أقوالُ وأعمَالُ وأنساكُ يتجلَّى فيها توحِيدُ اللهِ والانقِيادُ لهُ (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ ) .
 في هذا اليوم المشهود أفضل ما يعمل فيه إراقة الدماء من بهيمة الانعام، فكلوا منها واطعموا البائس الفقير، سنة الخليلين( وفديناه بذبح عظيم) قال انس بن مالك رضي الله عنه ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبر .
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكبرُ لا إله إلا الله والله أكبر ،  الله كبر ولله الحمد.
لاتستقيم الحياة، ولايتحقق الامن والرخاء، ولايطيب العيش ويهنأ البال..إلا بتوحيد الكبير المتعال (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ)
ليس لأهل الأرض خيار إلا الإسلام قال مبلغ الرساله r«وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ، وَلَا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ» أخرجه مسلم .
 لا يسع أحد كائنا من كان أن يحيد عن منهج محمد r بإصوله وفروعه،  قال عليه الصلاة والسلام « والذي نفسي بيده، لو كان موسى حيا ما وسعه إلا أن يتبعني» أخرجه الإمام احمد وغيره
إن ضغط الواقع ونفرة الناس عن الدين لا يسوّغ التضحية بالثوابت والمسلمات ، أو التنازل عن الأصول والقطعيات ، مهما بلغت المجتمعات من تغير .
 إن دين الله قوي متين، وأحكامه راسخة واضحة ، لاتغيرها الضروف ولا تهونها الأزمات والصروف ، أساسها التوحيد وعمادها الصلاة { رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} قال ابن عباس رضي الله عنه كانوا رجالا يبتغون من فضل الله يشترون ويبيعون فإذا سمعوا النداء بالصلاة ألقوا ما بأيديهم وقاموا إلى المساجد فصلوا.
وفي صحيح البخاري قالت عائشةُ رضي الله عنها: كانَ النبي صلى الله عليه وسلم يكُونُ في مِهْنةِ أهلهِ، فإذا حضرَتِ الصلاةُ، خرج إلى الصلاةِ .
من ظن أن التوقف لأجل الصلاة يعيق التنمية و يجلب الخسائر فقد مرض قلبه ، وخسر نفسه،  واستعجل العقوبة لمجتمعه .
 إنه لا يعيق التنميةَ ولا يجلب للبلدِ الخسائرَ والمثلات ، مثلَ معاملاتِ الربا ، والغشِ في البيعِ والشراءِ ، واستغلالِ حاجةِ الفقراء .
الأمرُ بالصلاةِ والتوقفُ عن مشاغل الدنيا من أجل الصلاةِ  سبب للرزق والبركةِ والنماء {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ } .
قال حُذَيْفَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَوَّلُ مَا تَفْقِدُونَ مِنْ دِينِكُمُ الْخُشُوعُ ، وَآخِرُ مَا تَفْقِدُونَ مِنْ دِينِكُمُ الصَّلَاةُ ، وَلَتُنْقَضَنَّ عُرَى الْإِسْلَامِ عُرْوَةً عُرْوَةً ،.
فما بال ديننا يُنقض عروةً عروة ، تهاونا في الصلاة ، وتأخيرا للزكاة ، واستحلال للمعازف والغناء ، وتساهل بالحجاب والحشمة والحياء  .
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكبرُ لا إله إلا الله والله أكبر ،  الله كبر ولله الحمد
يا أيها المؤمنون والمؤمنات دينكم دينكم .. لا يُسعد دنياكم، ولا ينجيكم في أخراكم إلا التمسك بشريعة رب العالمين، عَضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، ودعاة الفجور ، سلاحهم التشكيك بالدين ، يذبحون الغيرة بسكين الإغواء والإغراء،  ضحيتهم البنت المكنونة ، والزوجة المصونة.
فنأو بأنفسكم وأهليكم وأولادكم عن أماكن صخب يعلوا فيها الغناء، ويكسر فيها الحياء ، ووسيلة لطريق الحرام بالتعارف والاختلاء.
 المرأةُ بلاحجاب مدينةُ بلا أسوار ، والقوامة رفعةُ لها وسلامة، والولايةُ ليست وصاية لكنها حفظ وحماية .
    يابنت عائشة التي حفظت لنا    **   هدي الحبيب بحكمةٍ وتمامِ
   يا أخت فاطمـة التي بِحيائِهـــــــا    **   نالت من الديان خير وسام
   صوني الأمانة في الحياة ليُرتجى    **   نصرُ لأمتنـــا ونيـــــــــل مــــــرام
    رَبـِّـــي لنا جيـــــلاً أبيّـــاً مؤمنـــــــــاً    **   ليعيش يرفع راية الإســـــــلام
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكبرُ لا إله إلا الله والله أكبر ،  الله كبر ولله الحمد ..
     نحمد الله وشكره ونستغفره  فاستغفروه إن ربنا لغفور شكور.
الخطبة الثانية  ..  الحمد لله الكبير المتعال .. الله أكبر من كل متكبر مختال .. الله أكبر من كل ظالم متجبر محتال .. الله أكبر من كل طاغوت ومنافق ودجال .. الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيراً وسبحان الله بكرةً وأصيلا وصلى الله وسلم على عبده ورسلوه وسلم تسليما كثيرا . أما بعد
أخرج البخاري عَنِ البَرَاءِ رضي الله عنه، قَالَ: خَطَبَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ النَّحْرِ، قَالَ: «إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ، فَنَنْحَرَ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ عَجَّلَهُ لِأَهْلِهِ لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ»
الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله والله أكبر ،  الله كبر ولله الحمد .
ضَحُّوا تقبلَ اللهُ ضحاياكُم ، وارسموا صورة المسلم الذي يحب لمجتمعه مايحب لنفسه فلايدع بقايا ضحاياه تؤي المسلمين في طرقهم وظلهم، واذكرُوا الله على ما رزقَكُم ، وكبرُوهُ على ما هداكُم  ، إنَّ اللهَ طَيِّبٌ لا يَقبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا، فتهادَوا وتصدقُوا، وَكلُوا وادَّخِرُوا، تواصَلُوا وتزاوَرُوا، وتصافَحُوا وتصالَحُوا، وأفشوا السَّلامَ بينكم تفلحوا، فإِنَّكُم في أيامِ عيدٍ وأكلٍ وشُربٍ وذكرٍ للهِ، يَحرُمُ صومُهَا، وتُعَظَّمُ الشَّعَائِرُ فيها، من صلاواتٍ وطاعاتٍ وقرباتٍ ، (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ).
 وفي صحيح البخاري، قال جابر رضي الله عنه كان النبي صلى الله عليه وسلم إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ»
ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم وغفرلنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم
اللهم ادفع وارفع عنا الغلا والوبا والربا والزنا والمنكرات ياذا الجلال والاكرام .
ربنا آمنا في دورنا وأصلح ولاة أمورنا وآخر دعوانا ان الحمدلله رب العلمين.

المرفقات

1626606797_خطبة عيد الاضحى 1442هـ 2.pdf

المشاهدات 2401 | التعليقات 0