خطبة عيد الأضحى المبارك - الفتن أعراضها وخطرها والخروج منها

mubarak mubarak
1440/12/08 - 2019/08/09 03:34AM

عيد الأضحى المبارك

10/12/1440ه

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، نَحْمَدُهُ كَمَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُحْمَدَ ، (( لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )) ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ إِمَامُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَحُجَّةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ، بَعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالنُّورِ الْمُبِينِ، هَادِيًا إِلَى صِرَاطِهِ الْمُسْتَقِيمِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ؛ أَهْلِ الْبِرِّ وَالتُّقَى، وَمَصَابِيحِ الظُّلْمَةِ وَالدُّجَى، وَعَلَى التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ -تَعَالَى- فِي هَذَا الْيَوْمِ الْعَظِيمِ؛ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ الْأَيَّامِ، وَفِيهِ أَكْثَرُ أَعْمَالِ الْحَاجِّ، وَفِيهِ التَّقَرُّبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِإِرَاقَةِ الدِّمَاءِ؛ شُكْرًا لَهُ سُبْحَانَهُ عَلَى مَا شَرَعَ مِنَ التَّقَرُّبِ إِلَيْهِ بِذَبْحِهَا، وَشُكْرًا لَهُ تَعَالَى عَلَى مَا رَزَقَ مِنْ أَثْمَانِهَا، وَشُكْرًا لَهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى التَّمَتُّعِ بِلُحُومِهَا {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ}.

اللهُ أَكبرُ، اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَاللهُ أَكبرُ، اللهُ أَكبرُ، وللهِ الحمدُ.

اللهُ أَكْبَرُ ما أَهَلَّ الْحُجَّاجُ بِالمَنَاسِكِ، اللهُ أَكْبَرُ ما مَلَئُوا الْفِجَاجَ وَالمَسَالِكَ، اللهُ أَكْبَرُ ما وَفَدُوا مِنَ الْأَصْقَاعِ وَالمَمَالِكِ. اللهُ أَكْبَرُ ما انْتَشَرُوا فِي الْحَرَمِ وَالمَشَاعِرِ، اللهُ أَكْبَرُ ما عَظَّمُوا الْحُرُمَاتِ وَالشَّعَائِرَ.

اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا.

عبادَ اللهِ:

إن الناظر في زماننا هذا بعين البصيرة، يرى من الفتن ما يشيب منه الصغير، ويحار فيه العاقل، فتن اجتاحت ساحات العالم أجمع، فصار الحكيم فيها حيرانا، شديدةُ الظلمة، واسعةُ الغموض، كثيرةُ الوقوع، عميقةُ الأثر على قلوب بني آدم.

ومن أوصاف هذه الفتن، التنوع العظيم، والكثرة الواسعة، فعن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: أشرف النبي - صلى الله عليه وسلم - على أطم من آطام المدينة فقال: (هل ترون ما أرى؟) قالوا: لا. قال: (فإني لأرى الفتن تقع خلال بيوتكم كوقع القطر) متفق عليه. يعني من كثرتها، ولا يحصي قطر المطر إلا الذي أنزله، فكيف بهذا الزمان، ولا يأتي زمان إلا والذي بعده شرٌ منه.

نرى ونسمع فتناً في الفتاوى وفي الأفكار، وفي التكفير، وفي الإرجاء، وفي تضليل المحق، وإحقاق المضل، وفي إحلال الحرام وتحريم الحلال، فتناً في تضليل العلماء، وتسويد السفهاء، وفتناً في ألبسة النساء وفي أصوات المعازف، وفي نشر الصور المحرمة، وفي القنوات الفضائية، وفي الجوالات ووسائل التواصل الاجتماعي وفي غير ذلك مما يهجم عليك وأنت في عقر دارك، تحاول النجاة منها، ولكنها خناجر وسيوف، سلّها علينا شياطين الإنس والجن.

أيه المؤمنون والمؤمنات: لقد حذر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم من الفتن، وذلك لشدة خطرها على الدنيا والدين، وعلى الأفراد والبيوت والمجتمعات.

فمن خطرها أنه كلما انتشر الفساد والفتن، عمت المصائب والمحن كما قال تعالى((ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)).

فبالإيمان يعم الأمان، وبانتشار الفتن تحل المصائب والخسران.

ومن أخطار الفتن العظيمة، أنه تسلب دين الرجل الحليم المستقيم، فيجدب قلبه عن ماء الإيمان، وتستهويه الشياطين في الأرض حيران، كان من أهل الصلاة والقرآن، والذكر والخشوع والإحسان، ولكنها الفتن يا عباد الله، نعوذ بالله منها.

ولقد ثبت عن النبي ﷺ أنه قال: بادروا بالأعمال فتنًا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مسلمًا ويمسي كافرًا، ويمسي مؤمنًا، ويصبح كافرًا، يبيع دينه بعرض من الدنيا)

أيه المؤمنون والمؤمنات:

يقول أحد علماء الغرب، الذين درسوا العلم الإسلامي من كل نواحيه، كي يدمروه ويهدموه ((كأس وغانية يفعلان بالأمة المحمدية ما لا يفعله ألف مدفع))

لقد أدرك الغرب الكافر أن الإسلام أقوى من كل مدافعه وحصونه، فتحولوا من حرب المسلمين إلى حرب الإسلام في قلوب المسلمين، فوالله إن كثيراً مما في القنوات وفي وسائل التواصل الاجتماعي، هو من صنع الأعداء ليغزوا قلب كل رجل، ليبدلوا دين الإسلام الذي يريده الله، إلى دينٍ لا يحمل من الإسلام إلا اسمه.

عباد الله: إن من قواعد أهل السنة والجماعة أن الحق واضح جلي لا لبس فيه ولا خفاء حتى في أوقات الفتن، فهذا كتاب ربنا ، وهذه سنة نبينا، وهؤلاء هم علماؤنا، فمن أراد الحق فسيجده بتوفيق الله تعالى.

وها نحن عباد الله نذكر طرفا من وسائل الثبات أما الفتن:

أولاً: الاعتصام والتمسُّكُ بالكتاب والسنة، وفهمُهما على وِفق ما فهمه السلف الصالح.

قال تعالى ((وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)

ثانيا: التوكل .

فإنه من توكل على الله فهو حسبه، أي يكفيه ما أهمه وخاف منه، ومن ذلك الفتن.

ثالثا: العلم النافع.

فالفتن ظلمة، والعلم نور، فمهما لبّس الحق بالباطل المبطلون والمنافقون، فإنما يلبسون على أهل الجهل.

ومن العلم النافع: الأخذ عن العلماء الربانيِّين، والرجوعُ إليهم في أمورِ الدين.

رابعاً: التقوى

(ومن يتقي الله يجعل له مخرجاً) ومن ذلك الخروج من الفتن.

خامسا: العبادة، والعمل الصالح

فإنها تحمي القلب، وتثبت العبد، كما قال الله تعالى ( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر).

سادسا: الصحبة الصالحة

كما قال تعالى ( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه)

 سابعاً: الصبر.

(إن الله مع الصابرين)، فمن كان الله معه، لم تقف فتنة في وجهه

ثامناً: تذكر الأجر عند الله تعالى.

فما وزن تلك المرأة المتغنجة، أمام قول الرسول ﷺ ((لو أن امرأة من نساء أهل الجنة اطلعت إلى الأرض لأضاءت ما بينهما ، ولملأت ما بينهما ريحا ، ولنصيفها (أي خمارها) – على رأسها – خير من الدنيا وما فيها)) رواه البخاري

تاسعاً: الدعاء:

فقد كان النبي المعصوم صلى الله عليه وسلم يكثر من قول (اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك).

أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ الْمُسْلِمَةُ: فتنة الدَّعْوَةِ لِتَرْكِ الْإِيمَانِ، وَالتَّمَرُّدِ عَلَى الشَّرِيعَةِ؛ تَغْزُو عُقُولَ الْفَتَيَاتِ الْمُسْلِمَاتِ عَبْرَ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الْجَمَاعِيِّ، وَيَقُومُ عَلَيْهَا مُنْحَرِفُونَ وَمُنْحَرِفَاتٌ مِمَّنْ يَنْتَمُونَ لِلتَّيَّارَاتِ النِّسْوِيَّةِ الْعِلْمَانِيَّةِ، وَيَسْعَوْنَ جَادِّينَ فِي إِقْنَاعِ بَنَاتِ الْمُسْلِمِينَ لتضَيعْ نَفْسَهَا وَدِينَهَا وَدُنْيَاهَا وَآخِرَتَهَا.

وإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْأُمَّهَاتِ الْقُرْبُ مِنَ الْبَنَاتِ، وَحِمَايَتُهُنَّ مِمَّا يَتَسَلَّلُ إِلَى عُقُولِهِنَّ وَقُلُوبِهِنَّ من الأَفْكَارِهِ السَّقِيمَةِ، والدعوات الهدامة،

وَغَرْسُ الْإِيمَانِ فِي قُلُوبِ الْبَنَاتِ، وَتَعَاهُدُهُ بِالنَّمَاءِ وَالزِّيَادَةِ، مَعَ حُسْنِ الْمُعَامَلَةِ وَالْحِوَارِ وَالْإِقْنَاعِ مِنْ أَهَمِّ الْأَسْبَابِ لِحِفْظِ الْبَنَاتِ مِنْ لُصُوصِ الْأَفْكَارِ وَالْأَعْرَاضِ، وَقَبْلَ ذَلِكَ وَبَعْدَهُ الدُّعَاءُ ثُمَّ الدُّعَاءُ ثُمَّ الدُّعَاءُ.

حِمَى اللَّهُ بَنَاتِنَا وَبَنَاتِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ شَرِّ الْأَشْرَارِ، وَكَيْدِ الْفُجَّارِ، وَأَسْبَغَ عَلَيْهِنَّ الْإِيمَانَ وَالسَّتْرَ وَالْحَيَاءَ وَالْعَفَافَ، وَجَعَلَهُنَّ قُرَّةَ أَعْيُنٍ لِوَالِدِيهِنَّ.

 

عبادَ اللهِ:

ضَحُّوا تقبلَ اللهُ ضحاياكُم، سَمُّوا وكبروا اللهَ عندَ الذَّبحِ. وكلوا وتَصَدَّقُوا وأهدُوا ولا تُعطُوا الجزَّارَ أجرَتَه منها، ولا تبيعوا منها شيئا حتى جلدها، وأريحوا الذَّبِيحَةَ عندَ اقتيادِها ولا تؤذُوها بِحَدِّ السِّكينِ أمامَها

ووقتُ الأُضحِيةِ المُعتَبَرُ مِن بَعدِ صَلاةِ العِيدِ، وَيَمْتَدُّ وَقْتُ الذَّبْحِ إِلَى غُرُوبِ شَمْسِ يَوْمِ الثَّالِثَ عَشَرَ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَمَنْ طَرَأَتْ عَلَيْهِ الْأُضْحِيَةُ الْيَوْمَ أَوْ خِلَالَ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ الْقَادِمَةِ جَازَ لَهُ أَنْ يُضَحِّيَ، وَلَوْ كَانَ قَدْ أَخَذَ مِنْ شَعَرِهِ وَأَظْفَارِهِ خِلَالَ الْعَشْرِ.

أيُّها المسلمونَ:

تقبَّلَ اللهُ طاعاتِكم وصالحَ أعمالِكمْ، وقبِلَ صَيامَكُم وصَدقَاتِكمْ ودُعَاءَكمْ، وضحاياكُم وضاعفَ حسناتِكمْ، وجعلَ عيدَكم مباركًا وأيَّامَكمْ أيامَ سعادةٍ وهناءٍ وفضلٍ وإحسانٍ

وأعادَ اللهُ علينا وعلى المسلمينَ مِنْ بركاتِ هذا العيدِ، وجعلنَا في القيامةِ منَ الآمنينَ، وحَشَرَنَا تحتَ لواءِ سيدِ المرسلينَ.

اللَّهُمَّ احْفظْ حُجَّاجَ بَيتِكَ الْحَرَامِ مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ وَسُوءٍ، اللَّهُمَّ أَعِدْهِمْ إِلَى دِيَارِهِمْ وَأَبْنَائِهِمْ؛ سَالِمِينَ غَانِمِينَ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ حَجَّهُمْ، وَاِغْفِرُ ذُنُوبَهُمْ، وَاِجْعَلْ الْجَنَّةَ جَزَاءَهُمْ.

الَّلهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ.

اللهمَّ اغفِرْ لنا ولآبائِنا وأمهاتِنا ولمن دخل بيوتنا مسلماً، وللمسلمين والمسلمات.

اللهمَّ أصْلِحْ أحوالَ المسلمين في كُلِّ مكان.

اللهم آمنا في أوطاننا ، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وارزقهم البطانة الصالحة التي تدلهم على الخير وتعينهم عليه يارب العالمين.

اللهم وفق ولي أمرنا خادم الحرمين ووليه لما تحب وترضى، اللهم وخذ بناصيتهما للبر والتقوى، اللهم ووفقهما لتحكيم كتابك وسنة نبيك يارب العالمين.

اللهُمَّ فَرِّجْ هَمَّ الـمَهْمومين، ونَفِّسْ كَرْبَ الـمَكْروبين واقْضِ الدَّينَ عنِ الـمَدينين ، واشْفِ مَرْضَى الـمـُسلِمين

 عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان ..

المرفقات

1440-2

1440-2

المشاهدات 1125 | التعليقات 2

** تنبيه: فيها اقتباسات من خطب المشايخ في هذا المنتدى


** تنبيه: فيها اقتباسات من خطب المشايخ في هذا المنتدى