خطبة عيد الأضحى المبارك الأحد10 / 12 / 1445هـ

خالد الكناني
1445/12/09 - 2024/06/15 22:27PM

خطبة عيد الأضحى المبارك

الأحد10 / 12 / 1445هـ

الحمد لله الذي منّ علينا بمواسم الطاعات ، ورغبنا في فعل الصالحات ،

وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أن محمدًا عبده ورسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.، أما بعدُ : أيها المسلمون : فأوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل ، { يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } ، { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }

اللهُ أكبرُ ، اللهُ أكبرُ ، لا إله إلا الله ،واللهُ أكبرُ ، اللهُ أكبرُ ، ولله الحمد .

أيها المسلمون : أشكروا الله تعالى أن بلغكم هذا اليومَ العظيم ، يوم الحج الأكبر، وجعله عيدا للمسلمين حجاجا ومقيمين ، تعود بنا الذكريات إلى حجة الوداع ففي مثل هذا اليوم وقف نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في منًى خطيبا في الحجاج ، ومما جاء في خطبته الشريفة ، أنه قال صلى الله عليه وسلم : [ فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ ]

بهذه الكلمات العظيمات بين لنا فيها مكانة المسلم وحرمة المسلم وحقوق المسلم ، وجاء فيها [ فَاتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ ، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ] وفيها بيان كاف شاف لمكانة المرأة في الاسلام فهن شقائق الرجال وعلاقتهن بهم علاقة رحمة ومودة ومحبة وعدالة .

اللهُ أكبرُ ، اللهُ أكبرُ ، لا إله إلا الله ،واللهُ أكبرُ ، اللهُ أكبرُ ، ولله الحمد

أيها المسلمون : إن الله تعالى خلقنا لعبادة وتوحيده ، قال تعالى : { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } ، فحققوا التوحيد واخلصوا العبادة لله ربّ العالمين ، قال تعالى : { وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ }

أيها المسلمون : الإخلاص في العبادات والمتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم شرطان أساسيان لقبول عباداتكم ، ورفع شأنكم ، وصلاح أحوالكم ، فحققوا المتابعة لرسولكم صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى : { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }

وقال تعالى : {  الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } ، وكذلك الاستقامة على دين الله الحنيف، قال تعالى : { وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } ، {فَاتَّبِعُوهُ} لتنالوا الفوز والفلاح، وتدركوا الآمال والأفراح. {وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} أي: الطرق المخالفة لهذا الطريق {فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} أي: تضلكم عنه وتفرقكم يمينا وشمالا فإذا ضللتم عن الصراط المستقيم، فليس ثم إلا طرق توصل إلى الجحيم ، وقد دلنا ووضح لنا رسولنا صلى الله عليه وسلم هذا الطريق المستقيم لنسلكه ، وحذرنا من طرق الضلالة والغواية ، فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَطَّ خَطًّا، وَخَطَّ خَطَّيْنِ عَنْ يَمِينِهِ، وَخَطَّ خَطَّيْنِ عَنْ يَسَارِهِ، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ فِي الْخَطِّ الْأَوْسَطِ، فَقَالَ: «هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ» ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153]

اللهُ أكبرُ ، اللهُ أكبرُ ، لا إله إلا الله ،واللهُ أكبرُ ، اللهُ أكبرُ ، ولله الحمد

أيها المسلمون : جاء الاسلام من أجل تحرير العقول من عبادة الاصنام والأوثان إلى عبادة الملك الديان ، جاء الاسلام ليتمم مكارم الأخلاق

..... والحث على صالح الأعمال ، وأمر بالصلاة والصيام والزكاة والحج وبر الوالدين والصدق والعفاف وصله الرحم والاحسان ، والنهي والبعد عن الظلم والبهتان والكذب والغيبة والنميمة والغش والزور والمسكرات والمخدرات والربا والزنا والبهتان

فاشكروا ربكم أن هداكم للإسلام وجعلكم من اتباع المصطفى عليه الصلاة والسلام . قال تعالى : { وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ }

اللهُ أكبرُ ، اللهُ أكبرُ ، لا إله إلا الله ،واللهُ أكبرُ ، اللهُ أكبرُ ، ولله الحمد .

أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولجميع المسلمين فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم

 

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد عباد الله : اتقوا الله تعالى حق التقوى ، وكبروه تعالى تكبيرا .

اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ، لَا إلَهَ إِلَّا اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ , وَللهِ الْحَمْدُ .

أيها المسلمون :إن مما شُرع في هذا اليوم من بعد صلاة العيد إلى آخر أيام التشريق ، الأضحية ،  وهي سنة مؤكدة في حق الموسرين

عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ يُضَحِّي كُلَّ سَنَةٍ )) ، وعَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا»

فتقربوا إلى ربكم بذبح ضحاياكم وتحقيق مراده من ذلك ، قال تعالى : ((لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ ))

عباد الله : في أيامكم هذه كلوا واشربوا وافرحوا وكبروا الله تعالى

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَوْمُ عَرَفَةَ، وَيَوْمُ النَّحْرِ، وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ، وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ»

اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ، لَا إلَهَ إِلَّا اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ , وَللهِ الْحَمْدُ .

أيها المسلمون : اليوم عيد ، فعودوا إلى بيوتكم وأهليكم بقلوب صافية نقية ، صلوا من قطعكم وأعطوا من منعكم وأحسنوا لمن أساء إليكم  ، واعفوا عمن ظلمكم ، العيد أيها الكرام عيد المحبة والتسامح والكرم والعفو والاخلاق ، لتنالوا الأجر والمغفرة والرحمة من الله ، قال تعالى : { فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}

اللهُ أكبرُ ، اللهُ أكبرُ ، لا إله إلا الله ،واللهُ أكبرُ ، اللهُ أكبرُ ، ولله الحمد .

أيها الأخت المسلمة : كوني من الصالحات القانتات المطيعات لله ورسوله ، قال تعالى : { فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ } ، حققي العبودية الخالصة لله تعالى واتبعي سنة رسولك محمد صلى الله عليه وسلم وانهجي نهج الخيرات المباركات صوني بيتك وأطيعي زوجك واحرصي على حجابك واعتني بتربية أولادك فأنت راعية في بيت زوجك ومسؤولة عن رعيتها ، فعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ

اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ، لَا إلَهَ إِلَّا اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ , وَللهِ الْحَمْدُ .

هذا وصلوا عباد الله على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه ، قال تعالى : ((إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ))

اللهم أعز الاسلام والمسلمين ، واجعل بلادنا آمنة وسائر بلاد المسلمين ، اللهم آمِنَّا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، ووفق ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده لما تحبه وترضاه يا رب العلمين ، اللهم احفظ حجاج بيتك الحرام واجعل حجهم مبرورا وسعيهم مشكورا وذنبهم مغفورا يا رب العالمين ، اللهم اجعلنا من المقبولين وارحمنا برجمتك يا ارحم الرحمين واغفر لنا أجمعين ولوالدينا وجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين برحمتك يا ارحم الراحمين ، الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ، والحمد لله ربّ العالمين .

المرفقات

1718479637_خطبة عيد الأضحى المبارك.pdf

المشاهدات 2150 | التعليقات 0