خطبة عيد الأضحى المبارك
خالد الشايع
خطبة عيد الأضحى 1444
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله...
أما بعد فيا أيها الناس اعلموا أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا.
أيها المؤمنون : هذا يوم النحر وما أدراكم ما يوم النحر ، إنه يوم العيد ، يوم الحج الأكبر ، وهو أفضل أيام السنة على الإطلاق أخرج أبو داود في سننه من حديث عبد الله بن قرط قال r ( إن من أعظم الأيام عند الله تعالى يوم النحر ثم يوم القر )
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن أيهما أفضل يوم الجمعة أو يوم النحر ؟
فقال: يوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع ويوم النحر أفضل أيام العام .
وكذا قال ابن القيم رحمهما الله تعالى ، أرأيتم يوم أمس ؟ أليس يوم عرفة ؟ كم أعتق فيه من الرقاب ، وكم سكبت فيه من الدموع ، وكم رفعت فيه من الدعوات ؟
فاعلموا أن يومكم هذا لا يقل في الفضل عن يوم عرفة ، بل بعض العلماء فضله على يوم عرفة ، لما من الله فيه على الخليقة من منن ، فهو يوم عيد المسلمين الذي تراق فيه الدماء لوجه الله في بقاع الأرض كلها ، تعظيما لله سبحانه ، ويوم تجتمع فيه أغلب أعمال الحج ، فاعرفوا قدر يومكم هذا ، وتعرضوا لنفحات ربكم ، بالتوبة الصادقة ، وعمل الصالحات ، وتطهير القلوب من الغل والحسد ، وأن يرحم بعضنا بعضا ، وأن نتعايش إخوانا كما أمرنا الله بذلك .
معاشر المؤمنين : كما أن الطاعاتِ سببٌ للقرب والود ، فالمعاصي سبب للطرد والبعد ، فالحذر الحذر من المعاصي كبيرها وصغيرها ، خصوصا في هذه الأيام المباركات ، فكما أن الحسناتِ تعظم فيها فالسيئاتُ كذلك ، سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن إثم المعصية وحد الزنا هل يزداد في الأيام المباركات ؟فقال : نعم ، المعاصي في الأيام الفاضلات والأماكن المفضلة تغلظ ، وعقابها بقدر فضيلة الزمان والمكان . أهـ
والله جل وعلا يقول (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) الآية
أيها المؤمنون :
اتقوا الله تعالى ، واعملوا بسنة نبيكم r لعلكم تفلحون .
و إن مما سنه لكم نبيكم r في صبيحة يوم العيد أنه كان لا يأكل شيئا صباح ذلك اليوم حتى يعود فيأكل من أضحيته .
كما سن لنا r في أيام العيد التقرب إلى الله بالأضحية وهي سنة مؤكدة على الصحيح من أقوال أهل العلم ، وقد قال بعض العلماء بوجوبها على المستطيع ، فلا ينبغي للمسلم أن يفرط فيها ، مع قدرته على ذلك ، وإنها لتقع عند الله موقعا عظيما ، ويكفي فيها أنك تشبهت بأهل الحج الذين ينحرون هديهم في حجهم أيام العيد ، فحري بك أن تشركهم ولو في الأجر ، وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن الرجل يستدين ليضحي ، فقال إن كان يرجو سدادا فليستدن .
وكان بعض السلف يستدين ليضحي ويقول قال الله تعالى ( لكم فيها خير ) .
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد
اللهم وفقنا للخيرات وجنبا المعاصي والمنكرات ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم .
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم ، مالك يوم الدين ، فضل الشهور والأيام ، وأسبغ على الخلق من آلائه ما يشهد به أولوا البصائر والأفهام ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل من صلى وصام وحج بيت اله الحرام ، صلى الله عليه ......
أما بعد فيا عباد الله :
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد
إن للأضحية أحكاما يجب الالتزام بها فمنها : أن الأضحية لا تكون إلا من بهيمة الأنعام وهي الأبل والبقر والغنم قال تعالى (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ) قال ابن كثير رحمه الله : يخبر الله تعالى أنه لم يزل ذبحُ المناسك وإراقةُ الدماء على اسم الله مشروعا في جميع الملل . أهـ
ومنها: تخيُّر الأضاحي السليمة من العيوب المانعة من إجزائها
ومنها: أن الأضحية في الأصل للأحياء دون الأموات إلا أن تكون وصية فيجب تنفيذها على وجهها قال تعالى (فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) .
ولكن من الخطأ أن يضحي المسلم عن والديه استقلالا من غير وصية ، فإن هذا ليس من هدي النبي r فقد مات له أولادٌ من بنينَ وبناتٍ وزوجاتٍ وأعمام ، ولم ينقل أنه ضحى عن أحد منهم استقلالا ، ولكنه كان يُشركهم في أضحيته ، فقد ضحى بكبشين أحدهما عنه وعن آل محمد والآخر عمن لم يضح من أمته .
أخرج البخاري ومسلم من حديث أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين أقرنين فسمى وكبر)
وفي رواية ذبحهما بيده وسمى وكبر ووضع رجله على صفاحهما.
وأخرج مسلم في صحيحه أنه لما ذبح قال باسم الله اللهم تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد ثم ضحى به .
ومن السنة تخير الأضحية فتكون سمينة لتنفع الفقراء ، وكلما كانت أنفع للفقراء فهي أفضل نص عليه شيخ الإسلام ابن تيمية ، وروى البخاري في صحيحه معلقا :قال يحيى بن سعيد سمعت أبا أمامة بن سهل قال كنا نسمن الأضحية بالمدينة وكان المسلمون يسمنون)
كما أن للأضحية وقتا لاتجوز قبله ولا بعده ، فيبدأ وقتها بنهاية الإمام من صلاة العيد أخرج البخاري من حديث البراء رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال إن أول ما نبدأ به من يومنا هذا أن نصلي ثم نرجع فننحر فمن فعل هذا فقد أصاب سنتنا ومن نحر ( يعني قبل ) فإنما هو لحم يقدمه لأهله ليس من النسك في شيء)
وينتهي وقتهُا بغروب شمسِ اليوم الثالث عشر من أيام ذي الحجة .
فمن ذبح قبل الصلاة من يوم العيد أو بعد غروب الشمس من اليوم الرابع من أيام العيد فإنما هي شاة لحم وليست بأضحية .
ومن فضل الله أن جعل الأضحية الواحدة تجزئ عن أهل البيت كلهم ، فيضحي الولي عن نفسه ويشركهم في الأجر ، فكأنهم كلهم ضحوا ، فتمسكوا بالسنة وإياكم والمباهاة .
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد
معاشر النساء المسلمات العفيفات : اتقين الله ، وحافظن على عفتكن وستركن ، وارعين بيوتكن ، وربين أولادكن على الدين ، وقمن بواجبات أزواجكن ، فمن وفت بذلك فلها الجنة .
معاشر المسلمين : سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض ، وتعرضوا لنفحات المولى جل وعلا في هذه الأيام الفاضلات ، فإن المقام قليل ، والرحيل قريب ، والطريق مخوفة والاغترار غالب ، والخطر عظيم ، والناقد بصير ، ولا يظلم ربك أحدا .
اللهم اسلك بنا سبيل المتقين الأبرار ، وأعذنا من خزي الدنيا وعذاب النار ، وتقبل منا يا عزيز ياغفار
المرفقات
1687512845_خطبة عيد الأضحى 1444.docx