خطبة عن يوم عرفة وأحكام الأضحية مضمنة الوصية للحجاج بالأخذ بأسباب الوقاية

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئاتِ أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد :

عبادَ الله أيامُ عشر ذي الحجة أيامٌ فاضلة قال النبي صلى الله عليه وسلم فيها [ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء]

ومن أيام العشر يوم عرفة وهو تاسعها وهو من أعظم أيام العشر فهو اليوم الذي كمل الله فيه الدين ففي البخاري ومسلم عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، أَنَّ رَجُلًا، مِنَ اليَهُودِ قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا، لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ اليَهُودِ نَزَلَتْ، لاَتَّخَذْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ عِيدًا. قَالَ: أَيُّ آيَةٍ؟ قَالَ: {اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} [المائدة: 3] قَالَ عُمَرُ: «قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ، وَالمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ»

وهذا اليوم هو أكثر يوم يعتق الله فيه عباده من النار ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال : ما من يوم أكثرُ من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ما أراد هؤلاء )

وهذا العتق ليس خاصاً بحجاج بيت الله بل شاملٌ للجميع.

ويسن صيامُ يوم عرفة فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن صومه قال :احتسب على الله أن يكفر السنة التي بعده والسنة التي قبله] أخرجه مسلم.

إلا الحاج فالسنة في حقه أن يفطر حتى يتقوى بالفطر على عبادة الدعاء في عرفة.

وهذه السنة يوافق يوم عرفة يوم الجمعة ولا بأس أن يفرد بالصوم لأن الصائم قصد صيام يوم عرفة وليس يوم الجمعة .

وعلينا أن نجتهد في الأعمال الصالحة لعلنا أن ننال العتق من النار والمغفرة من الله.

 ومن الأعمال في يوم عرفة التكبير المقيد بعد الصلوات ويبتدئ من فجر يوم عرفة وينتهي بصلاة العصر لليوم الثالث عشر فإذا صلى المسلم الفريضة يكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد وليس هناك عددٌ معين ثم بعد ذلك يقول أذكار الصلاة وأما التكبير المطلق يعني في كل وقت فهذا مستمرٌ من بداية العشر  إلى غروب شمس اليوم الثالث عشر.

عباد الله إن من الأعمال الصالحة التي يتقرب بها الإنسان إلى الله سبحانه وتعالى وهي سنة مؤكدة لا ينبغي لمن كان قادراً أن يتركها ذبح الأضاحي ولا بأس أن يستدين الإنسان إذا كان يرجو سداداً .

قال تعالى   (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) (الكوثر : 2 )

وثبت عن النبي صلى الله عليه أنه ضحى بيده كما في الصحيحين.

ويشترط في هذه الأضحية شروط :

الشرط الأول : أن تكون من بهيمة الإنعام قال تعالى ((  وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ) (الحج : 28 ) وهي الإبل والبقر والغنم  .

الشرط الثاني : أن تبلغ السن المحدد شرعاً الإبل خمس سنوات فأكثر والبقر سنتين فأكثر والمعز سنة فأكثر وأما الضأن فإذا بلغت ستة أشهر فأكثر فإنه يضحى بها  .

الشرط الثالث : أن يكون الذبح في الوقت المحدد شرعاً ويبتدئ وقت ذبح الأضاحي من بعد صلاة العيد فقد جاء في الصحيحين من حديث جندب بن عبد الله البجلي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى العيد ثم خطب ثم ذبح وقال من ذبح قبل أن يصلي فليذبح أخرى مكانها ومن لم يذبح فليذبح بسم الله )

ويستمر الذبح ليلاً ونهاراً إلى اليوم الثالث عشر وهو ثالث أيام التشريق فإذا غربت شمس اليوم الثالث عشر انتهى وقت ذبح الأضاحي .

الشرط الرابع : أن تكون خالية من العيوب وهناك أربعة عيوب نص النبي صلى الله عليه وسلم على المنع منها فقال ( أربعُ لا تجزئ في الأضاحي العوراء البين عورها والمريضة البين مرضها والعرجاء البين ضلعها والكسيرة [ يعني الهزيلة ] التي لا تُنقي )

وأما العيوب التي دون هذه العيوب فتجزئ مع الكراهة كمكسورة القرن ومقطوعة الأذن ومكسورة الثنايا وكذلك التي نشف ثديها .

أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .

 

 

الخطبة الثانية:

 إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئاتِ أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد :

ومن شروط الأضحية عباد الله وهو الشرط الخامس : أن تكون الأضحية من مال حلال ( إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً )

واعلموا عباد الله أن الشاة سواءً كانت من الغنم أو المعز تجزئ عن الرجل وعن أهل بيته الذين يعيشون معه في البيت قال أبو أيوب رضي الله عنه كان الرجل على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته ) أخرجه الترمذي . والمقصود بأهل بيته يعني الذين يعيشون معه في البيت أما من كان مستقلاً ببيت فإنه يضحي عنه وعن أهل بيته.

وليس في الغنم اشتراك بل الاشتراك في الإبل والبقر فيجوز أن يشترك السبعةُ في بدنه والسبعةُ في بقرة كل واحدٍ يأخذ سُبع فيقوم مقام الشاة يجزئ عنه وعن أهل بيته .

والأفضل في الأضحية أنها تقسم إلى ثلاثة أقسام كما جاء عن الصحابة رضي الله عنهم ثلث يهديه وثلث يتصدق به وثلث يأكله .

ولا بأس أن يدعو الناس لأكلها كما يفعل الكثير ولكن لا بد أن يخرج منها شيئاً من اللحم فيدفعه للفقراء  نصف كيلو أو كيلو تقريباً لأن الله تعالى أمر بإطعامِ الفقراء فقال تعالى  ( فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ) (الحج : 28 )

والأفضل أن الإنسان يذبح أضحيته بنفسه إن كان يحسن ذلك أو يشهد ذبحها ويقول بسم الله الله أكبر اللهم هذا منك ولك اللهم تقبل مني  .

وله أن يشرك في ثوابها من شاء من الأحياء والأموات فقد ثبت أن صلى الله عليه وسلم قال (اللهم هذا عني وعن آل محمد )

فلك أن تقول اللهم هذا عني وعن والدي أو عن أقاربي ، فلهم أجر بإذن الله 

عبادَ الله إن مما ينبغي التنبيه عليه أن المسلم خاصة من أرد أن يحج بيت الله الحرام أن يحرص على أسباب الوقاية فهناك من الحجاج وللأسف من يُعرض نفسه لأسباب الهلاك ومن ذلك الصعود على الجبال كجبل حراء وجبل عرفة وهذا ليس سنة ولم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم فتجد بعض الحجاج يصعدون ويرون هذا عبادة يتقربون بها إلى الله وهو من البدع ويتدافعون ويؤذي بعضهم بعضا وأيضاً بعض الحجاج هداهم الله يُعرض نفسه لضربات الشمس ويضر بنفسه فعلى الحاج أن يأخذ بأسباب الوقاية من ضربات الشمس فيكثر من شرب الماء ولا بأس باستخدام المظلة التي تقي شدة الحر .

وأوصي إخواني حجاج بيت الله الحرام أن يتقيدوا بالتعاليم والأنظمة الصادرة من الجهات المسؤولة فهي لم توضع إلا لمصلحة الحجاج وتيسيراً لحجهم .

وأوصي إخواني حجاج بيت الله الحرام أن يراعوا عظم المشاعر التي يأتون إليها فيحرصوا على نظافتها ونظافة المرافق التي فيها .

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا إلى اغتنام هذه الأيام المباركة بكثرة الخير والعمل الصالح وأن لا يجعلنا من الغافلين .

 

 

المرفقات

1717642407_خطبة عن يوم عرفة وأحكام الأضحية مضمنة الوصية للحجاج بالأخذ بأسباب الوقاية.docx

المشاهدات 957 | التعليقات 0