خطبة عن فلسطين والمسجد الأقصى ( القضية المنسية ) . . أيوب بن عبدالرحمن الثنيان

abuamjaad1 abuamjaad1
1444/06/27 - 2023/01/20 21:55PM

الحمدلله الذي أسرى بعبده من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وخلق كل شيء وأحصى ورغّب ورهب من لله عصى والصلاة والسلام على المصطفى المبعوث بالنور والهدى وعلى آله وصحبه أهل الفضل والتقى ومن لسبيله اقتفى أما بعد : فاتقوا الله - عباد الله - ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تُقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما  رجالاً كثيراً ونساءا واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ) . .

عباد الله : الأرض المقدسة ( أرض القدس والمسجد الأقصى ) أرض الأنبياء ومسرى رسولنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم وأرضه أرضٌ مباركة وفيها المسجد الأقصى ثالث المساجد الثلاثة التي تُضاعف فيهن الصلاة   حيث تُضاعف إلى خمسمائة صلاة على الصحيح من أقوال العلم وما ورد أنه يُضاعف فيه لألف صلاة فحديثٌ ضعيف والمسجد الأقصى تُشدّ له الرحال كما تُشد للحرمين الشريفين ولكن أرضه ليس بحرم ويُخطئ من يقول : " ثالثُ الحرمين الشريفين " فيجوز قطع الشجر حوله وأن يصاد فيه وأن يُختلى خلاه - أي يُقطع حشيشه وعُشبُه -  وتكمن أهمية بيت المقدس في أنها من أرض الشام المباركة فهي مما حول بيت المقدس فالكثير من العلماء يجعلون يجعلون بيت المقدس من الشام ، وفي قول الله تعالى عن إبراهيم ولوط ٍعليهما السلام  : ( ونجيناه ولوطاً إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين ) أن الأرض هي الشام ، وقد روي ذلك عن الحسن وومجاهد وابن زيد وابن جريج ، وهي تمثل اليوم سوريا وفلسطين والأردن ولبنان وكذلك سَيناء من أرض مصر لأن الكثير من المفسرين ذكروا عن الأرض المقدسة التي أمر الله موسى عليه السلام قومَه أن يدخُلوها هي أرض الطور - طور سيناء -  ولكن الصحيح هو أن سَيناء ليست هي الأرض المقدسة وهي من الأرض التي بُورك فيها والأرض المقدسة هي بيت المقدس على الصحيح ، وتكمن أهمية الشام أيضاً بأنها أرض المحشر والمنشر ففي الحديث عن أبي ذرّ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الشام أرض المحشر والمنشر " رواه أحمد ، فيُحشر الناس لها آخر الزمان تحشرهم نارٌ تخرج من قعر عدن في اليمن وتسوقهم لأرض الشام ومنها يحشر العباد لربهم يوم البعث والنشور وقد حُشر لها اليهود من بني النضير لما خانوا النبيَ صلى الله عليه وسلم فأخرجهم عليه الصلاة والسلام لمنطقة أذرعات من أرض الشام ، وفي ذلك يقول الله تعالى : ( هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر . . ) 

عباد الله : بُعث من أرض الشام أنبياء كُثر بعضهم ذكر في القرآن وبعضهم لم يُذكر ، يقول الشيخ السعدي رحمنا الله وإياه : " ومن بركة الشام أن كثيراً من الأنبياء كانوا فيها ، وأن الله اختارها مهاجراً لخليله " وقال ابن تيمية رحمه الله : " والبركة تتناول البركة في الدين والبركة في الدنيا ، وكلاهما معلوم لاريب فيه " . 

وهي أصل ومنبت شجر الزيتون المبارك كما ذكر الله عنها في كتابه : ( الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاةٍ فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دُري يُوقد من شجرة مباركة زيتونة لاشرقية ولا غربيه . . ) 

عباد الله : لمّا أراد الله أن يُسكن بني اسرائيل الأرض المقدسة ( القدس وماحولها )  والتي طردوا منها وقد استولى عليها العماليق وهم قومٌ وثنيون من الكنعانيين طلب موسى من بني إسرائيل دخولَها فأبوا وفي ذلك يقول الله تعالى : 

( وإذا قال موسى لقومه ياقوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم مالم يؤت أحداً من العالمين * ياقومِ ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين * قالوا ياموسى إن فيها قوماً جبّارين وإنا لن ندخُلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون * ) فوعظهم اثنان ممن يخاف الله منهم ( قال رجلان من الذين أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون ) وهذان الرجلان من النقباء وهما يوشع بن نون وكلاب بن يافنا كما ورد ، فأبوا دخولها وقالوا : ( قالوا ياموسى إنا لن ندخلها أبداً ماداموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ) فلما كان منهم ذلك ، طلب موسى من ربه أن يفصل بينه وبين بني اسرائيل بحكم واضح بيّن فقال : 

( فإنا محرّمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين ) وتوفي موسى عليه السلام في أرض التيه وقبله هارون عليه السلام وتاه بنوا اسرائيل في أرض التيه أربعين سنة وهي سيناء لايهتدون فيها إلى مخرج ، وكانت لهم فيها أحداث وهلك كثير ممن عصى موسى عليه السلام وأنشأ الله أقواماً من ذرياتهم من بعدهم وسار بهم يوشع بن نون - كما ذكر المفسرون - مخرجاً إياهم من أرض التيه الذين كان بها أسلافهم لكي يفتتح بيت المقدس ويحرّرها من العمالقة الجبارين ، فلما سار بهم وأدركوا بيت المقدس عصر الجمعة خشي يوشع بن نون عليه السلام وهو نبي لم يذكر اسمه في القرآن ، خشي أن تغربَ الشمس ودخولِ ليلة السبت عليهم فدعا ربه وقال : " اللهم إنك مأمورة وأنا مأمور اللهم احبسها عليّ " فحبسها الله له ولم تُحبس لنبي قبله - كما ورد في السنة -  حتى فتح بيت المقدس منّة من الله وفضلاً ، وأمر الله بني اسرائيل عندما يدخلوها أن يدخلوها سُجّداً - قيل معناه رُكّعاً - وقد ورد بذلك أسانيد عن ابن عباس رضي الله عنهما وأن يقولوا حطّة - أي مغفرة وحطٌّ للخطايا - فبدّلوا ماقيل لهم ونكصوا وعصوا فدخلوا على أستاهم يزحفون ويقولون حنطة أو حبّة ، فكانت النتيجة ( فأنزلنا على الذين ظلموا رجزاً من السماء بما كنوا يفسُقون ) فكان الرجز : هو الطاعون أُرسل عليهم وفي الحديث : " الطاعون رجزُ عذابٍ عُذّب به من كان قبلكم " أخرجه النسائي وغيرُه وكل رجزٍ في القرآن غالباً يُطلق على العذاب والعقوبة أجارنا الله وإياكم من عذابه وعقوبته وسخطه إنه هو الرحيم الغفور ، أقول ماتسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئة فاستغفروه يغفر لكم إنه غفور شكور . 

- الخطبة الثانية - 

الحمدلله الذي يصطفي مايشاء ويختار ، وأرسل رسوله بالهدى فأحيا به ما اندرس من الدين والآثار ، فله الحمد على نشر دينه في القرى والأقطار وأصلي وأسلم على رسوله المصطفى المختار وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان ماأظلم ليلٌ وأشرق نهار أما بعد : 

تميّز المسجد الأقصى بأنه قبلة المسلمين الأولى فكان النبي يصلي إلى جهته جاعلاً الكعبة بين وبين بيت المقدس وكذلك المسلمون ولمّا هاجر صلى إليه مباشرة كما ورد في السنة عند الإمام أحمد في مسنده من حديث ابن عباس رضي الله عنهما حيث قال : " كان رسول الله يُصلي بمكة نحو بيت المقدس ، والكعبة بين يديه ، وبعدما هاجر إلى المدينة ستة عشر شهراً ثمّ صُرف إلى الكعبة " وكان صرفه من التوجه إلى بيت المقدس إلى الكعبة في السنة الثانية من الهجرة وذلك بعد نزول قول الله تعالى : ( قد نرى تقلّب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كُنتم فولوا وجوهكم شطره . . ) مع أن المسجد الحرام موضوعٌ في الأرض قبل المسجد الأقصى بأربعين سنة ، ولكن كانت صلاة النبي وأصحابه لبيت المقدس لحكمة ،  ومن فضل بيت المقدس ماورد في التملك حوله في حديث أبي ذر رضي الله عنه كما في مستدرك الحاكم حيث قال صلى الله عليه وسلم : " وليوشكن أن يكون للرجل مثلُ شَطَنِ فرسِه - أي حبل فرسه - من الأرض ، حيثُ يرى منه بيت المقدس خيرٌ له من الدنيا جميعاً " أو قال : " خيرٌ من الدنيا وما فيها " وهذا الحديث صححه الحاكم ووافقه الذهبي وصححه الألباني وغيره . 

عباد الله :  أرض القدس وماحولها في آخر الزمان هي معقل الإيمان فقد ورد في السنة عند ذكر الدجال أن أم شَرِيك بنت أبي العَكَر أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : " يارسول الله فأين العرب يومئذٍ ؟ قال : " هم يومئذٍ قليل ، وجلُّهم ببيت المقدس ، وإمامهم رجلٌ صالح " .

وروى الإمام أحمد بسنده إلى أبي أمامة الباهلي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لاتزال طائفةٌ من أمتي على الدين ظاهرين ، لعدوهم قاهرين ، لايضرّهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء ، حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك "  قالوا : يارسول الله وأين هم ؟ قال : " ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس " وأخرجه الطبراني وقال الهيثمي : " رجاله ثقات  "  . . 

وللأهمية يجب التفريق بين المسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة الذي هو تابع للمسجد الأقصى فهناك تعتيم إعلامي خارجي مقصود أو غير مقصود فالغالب في الصور التي تظهر هو مسجد قبة الصخرة ومسجد قبة الصخرة نسبة لصخرة فيه كان اليهود يستقبلونها عند صلاتهم وعمر رضي الله عنه بنى مصلى للمسلمين أمام الصخرة وليس خلفها يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : " ولهذا كان أئمة الأمة إذا دخلوا المسجد قصدوا الصلاة في المصلى الذي بناه عمر ، وأما الصخرة فلم يُصل عندها عمر ولا الصحابة ولا كان على عهد الخلفاء الراشدين عليها قبة ، بل كانت مكشوفة في خلافة عمر وعثمان وعلي ومعاوية ويزيد ومروان " انتهى كلامه فلما جاء ابن مروان بن الحكم عبدالملك بن مروان بنى القبة على الصخرة 

أيها الإخوة يجب مناصرة القضية الفلسطينية والدعاء لأهلها بالنصر والتمكين على اليهود الغاصبين ومناصرة قضايا المسلمين فإن المسلمين كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى . . ثم صلوا وسلموا على نبينا محمد فقد أمركم الله بالصلاة والسلام عليه  

 

المشاهدات 441 | التعليقات 1

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرحبا بك شيخ أيوب بن عبدالرحمن الثنيان نفع الله بك ليتك تحذفها من هنا وتنشرها على هذا الرابط 
https://khutabaa.com/ar/forums/134701