خطبة عن فتنة الخوارج

حسن بن ناصر
1435/10/14 - 2014/08/10 21:23PM
(فتنة الخوارج)

الخطبة الأولى :
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فتح بابه للطالبين وأظهر غناه للراغبين وبسط يده للسائلين قصَدَتْه الخلائق بحاجاتها فقضاها، وتوجهت له القلوب بلهفاتها فهداها ، وضجت إليه أصوات ذوي الحاجات فسمعها ووثقت بعفوه هفوات المذنبين فوسعها وطمعت بكرمه آمال المحسنين فما قطع طمعها ، بابه الكريم مناخ الآمال ومحط الأوزار ، لا ملجأ للعباد إلا إليه ولا معتمد إلا عليه ..
وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، وصفيه وخليله ، وخيرته من خلقه ، وأمينه على وحيه ، أرسله ربه رحمة للعالمين , وحجة على العباد أجمعين, فهدى الله تعالى به من الضلالة , وبصر به من الجهالة , وكثر به بعد القلة , وأغنى به بعد العيلة , ولم به بعد الشتات , وامن به بعد الخوف , فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين وأصحابه الغر وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد
فأوصيكم ونفسي - أيها المسلمون- يتقوى الله عز وجل ، فإنها أعظم الغايات ، وبها تكمل العبادات ، وتزكو الأعمال والطاعات ، وإنما يتقبل الله من المتقين .
أيها المسلمون :
أخرج الإمام مسلم في صحيحه عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّ الْكَعْبَةِ قَالَ :
دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ جَالِسٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ فَأَتَيْتُهُمْ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ
كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا فَمِنَّا مَنْ يُصْلِحُ خِبَاءَهُ وَمِنَّا مَنْ يَنْتَضِلُ وَمِنَّا مَنْ هُوَ فِي جَشَرِهِ إِذْ نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ جَامِعَةً فَاجْتَمَعْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ وَإِنَّ أُمَّتَكُمْ هَذِهِ جُعِلَ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلَاءٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا وَتَجِيءُ فِتْنَةٌ فَيُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ هَذِهِ مُهْلِكَتِي ثُمَّ تَنْكَشِفُ وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ هَذِهِ هَذِهِ فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنْ النَّارِ وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ وَمَنْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ فَلْيُطِعْهُ إِنْ اسْتَطَاعَ فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الْآخَرِ.
قال الراوي : فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَقُلْتُ لَهُ أَنْشُدُكَ اللَّهَ آنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَهْوَى إِلَى أُذُنَيْهِ وَقَلْبِهِ بِيَدَيْهِ وَقَالَ سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي .
في هذا الحديث العظيم إخبارٌ من النبي صلى الله عليه وسلم بما يكون في أمتهِ آخرَ الزمان من الفتنِ العظيمةِ و المحنِ البلاءِ الكبير.
وفيه إشارةٌ منه صلى الله عليه وسلم - وهو الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى - في الحديث إشارة إلى أن أعظمَ أسبابِ الفتنِ والمحنِ هو الخروجُ على ولاة ِالأمورِ!
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : (وَمَنْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ فَلْيُطِعْهُ إِنْ اسْتَطَاعَ فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الْآخَرِ.)

ولقد ابتليتِ الأمةُ الإسلاميةُ عبرَ تاريخها الطويلِ - بفتن عظيمة، ومحن وكروب.
وكان من أشدها ضراوةً وفتكاً بالمسلمين - تلك الفتنة الكبرى - التي حذر منها رسول الله صلى الله عليه وسلم - ووصفها وصفا جيلا -وبينها بيانا شافيا- رُوِيَ لنا ذلك عنه صلى الله عليه وسلم في عدد كبير من الأحاديث الصريحة الصحيحة.
ألا وهي فتنة الخوارج !

نعم أيها المسلمون!
إنها فتنة الخوارج الذين حذر منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم- ووصفهم أقبح الوصف - وقال فيهم ما لم يَقُلْهُ في طائفة من الطوائف المنتسبين للإسلام.

فمَن هؤلاء الخوارج ؟ وما صفاتهم؟ وما حكم الله ورسوله فيهم؟
إن الخوارجَ هم من يكفرون المسلمين بالكبائر، ثم يستبيحون دمائهم وأموالهم ونساءهم، ويخرجون على ولاةِ أمورِ المسلمينَ بالسلاح ، هم شرُّ الخلق والخليقة، وفتنتهم من أعظم الفتن؛ لأنهم يُلبسونها لباس الدينِ والجهادِ وإنكارِ المنكرِ ، والغيرةِ على المحارم، فتميل إليهم قلوبُ حدثاءِ الأسنان و سفهاءُ الأحلام فيوردونهم المهالك، فكم جرُّوا على أمة الإسلامِ من المصائبِ والبلايا، فأفسدوا الدين والدنيا، وخربوا البلاد وروعوا العباد، وخالفوا عقيدة أهل السنة والجماعة ، وانتهكوا حرمات المسلمين .
أيها المسلمون :
أخرج البخاريُ ومسلمُ في صحيحيهما من حديث أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَما نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقْسِمُ قَسْمًا أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ وفي رواية : (رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ نَاشِزُ الْجَبْهَةِ كَثُّ اللِّحْيَةِ مَحْلُوقُ الرَّأْسِ مُشَمَّرُ الْإِزَارِ )
فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: اعْدِلْ فإنك لم تعدل !
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَيْلَكَ وَمَنْ يَعْدِلُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ قَدْ خِبْتُ وَخَسِرْتُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ" فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي فِيهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ أَوْ مِثْلُ الْبَضْعَةِ تَتَدَرْدَرُ يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنْ النَّاسِ )
قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَاتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ فَالْتُمِسَ فَوُجِدَ فَأُتِيَ بِهِ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِ عَلَى نَعْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي نَعَتَ.

وعن علي رضي الله عنه قال : " سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ حُدَثَاءُ الْأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ يَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ لَا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ (فِي قَتْلِهُمْ أَجْرًا) لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ . متفق عليه .
وفي حديث آخر قال : (يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ لَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ )
أيها المسلمون :
إن فتنةَ الخوارجِ من أعظمِ الفتنِ ووجودَهم في الأمة خطرُ فتَّاكٌ- وشرٌ وبيلٌ - وكارثةٌ عظيمةٌ –
ولهذا قال ﷺ ( لئن أنا أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد ) متفق عليه .
وفي صحيح الإمام مسلم : باب التحريض على قتل الخوارج .
وذكر فيه هذه الأحاديث ومنها : قول عليٍ رضي الله عنه لأصحابه الذين قاتلوا معه الخوارج في معركة النهروان قال لهم : (لولا أن تبطروا –أي تغتروا وتتكلوا - لحدثتكم بما وعد الله الذين يقتلونهم على لسان محمد صلى الله عليه و سلم .
قال الراوي : قلت : آنت سمعته من محمد صلى الله عليه و سلم ؟ قال إي ورب الكعبة- إي ورب الكعبة- إي ورب الكعبة )

قال تعالى :( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً * أولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً)

قال الحافظ ابن كثير : قال علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – والضحاك وغير واحد: هم الحرورية - أي الخوارج - ،
ومعنى هذه عن علي رضي الله عنه: أن هذه الآية الكريمة تشمل الخوارج، كما تشمل اليهود والنصارى وغيرهم. انتهى كلامه رحمه الله
وقال القرطبي: وروي أن ابن الكوَّاءِ – وكان من الخوارج- سأل عليَ بن أبي طالب رضي الله عنه عن ( الأخسرين أعمالاً) فقال: أنت وأصحابُك.
أيها الإخوة الأحباب :
ومن أشهر صفات الخوارج : الجرأة على علماء الأمة وسادتها ، بل الجرأة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما قال ذلك الرجل : يا محمد اعدل ، وقال : يا رسول الله، اتق الله !
و هذه الجرأةُ على عبادِ الله الصالحين واحتقارُهم وقلةُ الاحترامِ لأهلِ العلم هي شعارُ الخوارجِ على مر التاريخ - بِدْءًا بقلةِ الاحترام لمقامِ الرسولِ الكريم ﷺ
هذه الوقاحةُ والجرأةُ - لا تزال شؤما على الخوارج في كل زمان ومكان- وبها استُبِيْحَتْ دماءُ أكابرِ الأمةِ وساداتِها - كما فعل الخوارج في قتال الصحابة رضي الله عنهم فقد كفَّروا خيرةَ الصحابة رضي الله عنهم واستباحوا دماءَهم - فهم الذين تجرؤا على قتل خليفتين من الخلفاء الراشدين - خلفاءِ الرسولِ الله صلى الله عليه وسلم - وهما عثمانُ بنُ عفانٍ وعليُ بنُ أبي طالبٍ رضي الله عنهما خيرةُ أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الشيخين وأعظمُ ساداتِ هذه الأمة
كلاهما رضي الله عنهما قُتِلَ بأيدي هؤلاء الخوارج المجرمين.
فأيُ انحرافٍ أشدَ من هذا الانحراف - وأي خطرٍ على الإسلام والمسلمين أشدُ من خطر ِهؤلاءِ الخوارجِ البغاة.
وانظروا أيها المسلمون إلى خوارج هذا الزمان وما يرتكبونه من الجرائم والإفساد في الأرض وما تلك الفئة الباغية في بلاد الشام والعراق المسماة بدولة داعش إلا نموذجا قائماً لفرقة الخوارج المارقين عن الدين المستحلين لحرمات المسلمين .
فقد دخل هؤلاء الخوارج إلى بلاد الشام وكان الجهاد الإسلامي قائمٌ على أصوله والمجاهدون في سبيل الله يجتاحون معاقل الرافضة والنصيرية ويلحقون بهم أكبر الهزائم والنكبات .
فما إن دخلت هذه الفرقةُ المارقةُ بلاد الشام إلا وأفسدت الجهاد على المجاهدين وفرقت صفوفهم وأصبحت خنجرا مسموما تطعن في ظهور المسلمين وتمنعهم من مواصلة انتصاراتهم.
وفرض هؤلاء الخوارج البيعة لأميرهم المجرم السفاح وكفَّروا كل من لم يبايعه واستحلوا دمائهم وقتلوا أعدادا كبيرة من المجاهدين وفعلوا فيهم الأفاعيل.
وكان آخر مخازي هذه الفرقة المارقة ما حصل في شهر رمضان الماضي حيث قام أميرهم متشحا بالسواد وخطب في المسلمين ونصَّب نفسه أميرا للمؤمنين وخليفة للمسلمين ودعا المسلمين إلى مبايعته ..
ورأينا ما حدث رمضان الماضي في مدينة شرورة من قيام شرذمة من هؤلاء الخوارج الضالين بالاعتداء على المسلمين في نهار رمضان وقتل عدد من رجال الأمن المرابطين الصائمين وإحداث الفوضى والإرهاب والإخلال بالأمن حتى تمكن رجال الأمن بفضل من الله من قتلهم والقبض على من بقي منهم .
نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يرحم رجال أمننا الذين قتلوا في هذه الحادثة وأن ينزلهم منازل الشهداء الأبرار وأن يربط على قلوب ذويهم ويلهمهم الصبر والسلوان
كما نسأله أن ينتقم من هؤلاء الخوارج المجرمين هم و من أعانهم أو حرضهم وأن يرد كيد هذه الفئة الباغية ويخذلهم ويخزيهم ولا يرفع لهم شأنا وأن يهدي ضال المسلمين للحق وأن يعصم شباب المسلمين من هذه الفئة وما تدعو إليه من فساد وضلال . ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه ثم توبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم .

الخطبة الثانية

الحمد لله جل وعلا - خلق فسوى - وقدر فهدى - بيده مقاليد الأمور يضل من يشاء ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله أرسله ربه رحمة للعالمين عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد
فاعلموا أيها المسلمون أن هؤلاء الخوارج اعتبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من جملة أعداء الدين وتوعدهم - لو أدركهم- بقتلهم قتل الكفار كعاد وثمود –
وعليه فلا يجوز لمسلم أن يتولى أعداء الله ورسوله صلى الله عليه وسلم - ولو رفعوا راية الجهاد في سبيل الله - وادعوا نصرة دين الله فإنهم أول من يهدم أركان الدين ويستبيح دماء المسلمين.
وليت شعري أيُّ جهادٍِ يدَّعون ! وأي دين ينصرون ! وهم أهلُ الجهلِ والحمقِ - والشذوذِ عن جماعةِ المسلمين.. وهم المستحلون لدماء المسلمين ، ولا أمان للمسلمين في وجودهم.
إن أعظم صفات المجاهدين في سبيل الله أنهم أذلةٌ على المؤمنين أعزةٌ على الكافرين .
فأين الخوارج من هذه الصفة وقد رأيناهم ينحرون إخوانهم المسلمين ويقطعون رقابهم ويفرقون جماعتهم ويخلخلون صفوفهم ويمكنون لأعداء المسلمين كما قال عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : ( يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان )
فكيف بعد لك يَظن ظان أن هؤلاء الخوارج مجاهدون في سبيل الله - وأنصارٌ لدين الله !
لا والله ! ما نصروا دين الله - ولا انتصر دين الله بهؤلاء الحمقى –
بل هم حجر عثرة- وثغرةُ شرٍّ - وبابُ فتنةٍ وفساد – ولقد رأينا جرائمهم الشنيعة واعتداءاتهم الأثيمة على المجاهدين في سوريا بدعوى أنهم مرتدون حين لم يبايعوا خليفتهم المزعوم .
إن هذا الفكرَ الضالَّ و هذه الفئةَ المارقةَ خطرُ على أمنِ المسلمينَ ومصدرُ إزعاجٍ وإرهابٍ وزعزعةٍ لوحدةِ المجتمع وسلامة أرواح المواطنين وممتلكاتهم .
ولهذا فإن مواجهةَ هذا الفكرِ الضالِ ومحاصرتَه والتصدي له وتوعيةَ أبناءِ المسلمين بخطر هذا الفكر الدخيل وبذلَ كافةِ الوسائلِ للقضاءِ عليه من أعظم الواجبات على المجتمع كافة - أفرادا ومسؤولين .

ثم صلوا وسلموا رحمكم الله على من أمركم ربكم جل جلاله بالصلاة والسلام عليه ، فقال في محكم التنزيل: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)
اللهم صلِّ وسلِّم على نبينا محمد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون - أبي بكر وعمر وعثمان وعلي - وعن سائر الصحابة أجمعين، وعنا معهم بجودك وكرمك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعلِ اللهم هذا البلد آمناً مطمئناً رخاءً وسائر بلاد المسلمين

اللهم وفق إمامنا لهداك، واجعل عمله في رضاك، ووفق جميع ولاة المسلمين للعمل بكتابك وتحكيم شرعك ياذا الجلال والإكرام.
اللهم من أراد بلادنا أو بلاد المسلمين بشر فرد كيده في نحره وأجعل تدبيره تدميرا عليه وأشغله بالبلايا والنكبات ورده خاسئا ذليلا يا رب العالمين .
(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)
اللهم اصرف عنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، وثبتنا على هذا الدين حتى الممات (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ)
عباد الله:(إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)
فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على آلائه ونعمه يزدكم، (ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون).


المشاهدات 16146 | التعليقات 3

جزاك الله خيرا


جزاك الله خيرا ونفع الله الامة بما كتبته أناملك
ولاحرمك الله الأجر


صاحبي الفضيلة الشيخ شبيب القحطاني والشيخ راشد الناصر بارك الله فيكما ووفقنا جميعا لما يحب ويرضى