خطبة عن شهر رجب وبعض البدع فيه

خطبة جمعة : عن شهر رجب والبدع التي تقع فيه

كتبها : خالد بن خضران الدلبحي العتيبي      الجمش – الدوادمي
 

الخطبة الأولى :

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله

أما بعد :

عباد الله إن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق لحكمة عظيمة وهي عبادته سبحانه قال تعالى ((وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات : 56 ) ، وأما الجزاء فإن الله سبحانه وتعالى أعد الجنة لمن أمن به وأطاعه وأعد النار لمن كفر به وعصاه

قال تعالى (( وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (النساء : 13 )

وقال تعالى ((وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ) (النساء : 14 )  .

وإن هذه العبادة لا تكون عبادة إلا بشرطين مهمين إذا اختل أحد هذين الشرطين لم تكن مقبولة ولا يترتب عليه الجزاء والثواب ، وهذان الشرطان هما الإخلاص لله سبحانه وتعالى والثاني المتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم  يقول الله تعالى ( فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) (الكهف : 110 )

قال ابن كثير رحمه الله تعالى "  { فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ } أي: ثوابه وجزاءه الصالح، { فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا } ، ما كان موافقًا لشرع الله { وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا } وهو الذي يراد به وجه الله وحده لا شريك له، وهذان ركنا العمل المتقبل. لا بد أن يكون خالصًا لله، صوابُا على شريعة رسول الله  صلى الله عليه وسلم "  .

وفي صحيح مسلم  عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحدث في أمرنا- أي في ديننا -  هذا ما ليس منه فهو رد ) ولفظ ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد )

ولقد وقع الخلل في هذين الأصلين العظيمين ، فمن الناس من يأتي بالعبادة ولكن لا يقصد بها وجه الله فلا تقبل منه ومن الناس من يأتي بالعبادة مخلصاً فيها يريد وجه الله ولكن لم يأتِ بها الشرع أي لم يدل عليها الدليل من كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم فتكون مردودة على صاحبها ولو كان صاحب نية حسنة ولذلك من الأخطاء عند بعض الناس أنه يعمل العمل ولكن هذا العمل ليس عليه دليل فإذا أنكر عليه قال ( إنما الأعمال بالنيات ) فيقال له عملك هذا غير مقبول ولو كنت مخلصاً لله لعدم موافقة هذه العبادة لشرع الله  .

وهذا حال المبتدعة فهم يعملون أعمالً كثيرة ولكنها لا تقبل منهم لأنها عبادات لم يشرعها الله  والابتداع في الدين ضلال والضلال في النار والعياذ بالله جاء في صحيح مسلم من حديث جابر رضي الله عنه صحيح مسلم ( وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة ) وعند النسائي ( وكل ضلالة في النار ) والبدعة أحب إلى الشيطان من المعصية لأن صاحب البدعة يعملها وهو يرى أنها تقربه إلى الله فغالباً لا يتوب منها ويموت عليها نسأل الله السلامة وأما صاحب المعصية فإنه يرى أنه عاصي ومقصر فسرعان ما يرجع ويتوب ولذلك شدد السلف رحمهم الله في إنكار البدع لما يترتب عليها من المفاسد العظيمة .

ومن أنواع البدع : البدع الحولية وهي البدع التي تتعلق بزمن معين تتكرر معه كل عام كبدعة المولد النبوي فإنها ارتبطت بزمن مولده صلى الله عليه وسلم ومن هذه البدع الحولية التي تتكرر البدع التي تتعلق بشهر رجب فهذا الشهر عباد الله هو أحد الأشهر الحرم فقد ثبت في الصحيحين  عن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ثلاث متواليات ذو القَعدة وذو الحِجة والمحرم ورجب .. الذي بين جُمادى وشعبان)

وقد عظم الله المعصية في هذه الأشهر الحرم ((إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ) (التوبة : 36 )

 وسميت الأشهر الحرم لتأكيد تحريمها ولذلك قال تعالى (فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ) قال قتادة رحمه الله ( إن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزراً من الظلم فيما سواها ) .

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من المعظمين لشعائر الله .

 

 

الخطبة الثانية:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله

أما بعد :

وهذا الشهر أعني شهر رجب ابتدع فيه بعض الناس بدعاً كثيرة ومن أسباب هذه البدع الكثيرة في شهر رجب الاعتماد على الأحاديث الموضوعة أي المكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم والأحاديث الضعيفة قال ابن حجر وهو من علماء الحديث [ لم يرد في فضل شهر رجب، ولا في صيامه، ولا في صيام شيء منه معين، ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه حديث صحيح يصلح للحجة]

فمن البدع التي أحدثت في شهر رجب :

العتيرة وهي ذبيحة تذبح في شهر رجب تقرباً لله وهذه كان أهل الجاهلية يذبحونها ثم في بداية الإسلام كان يفعلها بعض المسلمين ثم نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم كما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال[لا فرع ولا عَتيرة]

والفرع أول النتاج يذبح لطواغيتهم .

ومن البدع تخصيص شهر رجب بالعمرة وهذا يحتاج إلى  دليل ولم يثبت في ذلك دليل وفي صحيح البخاري عن عروة بن الزبير قال سألت عائشة رضي الله عنها قالت ما اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجب.

ولا بأس للمسلم أن يعتمر في رجب ولكن لا يعتمر على اعتقاد  أن في العمرة في رجب فضل فهذا هو الذي يعتبر بدعة .

ثالثاً : من البدعة في شهر رجب  تخصيص بعض لياليه بالقيام وبعض أيامه بالصيام

فمن ذلك صلاة الرغائب وصلاة الرغائب من البدع المحدثة في شهر رجب وتكون في ليلة أول جمعة من رجب بين صلاة المغرب والعشاء، يسبقها صيام الخميس الذي هو أول خميس في رجب.

والأصل فيها حديث موضوع أي مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم يزعمون أنه قال  ((رجب شهر الله، وشعبان شهري، ورمضان شهر أمتي ... ، وما من أحد يصوم يوم الخميس، أول خميس في رجب، ثم يصلي فيما بين العشاء والعتمة، يعني ليلة الجمعة، ثنتي عشرة ركعة، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة و {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}  ثلاث مرات و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}  اثنتي عشرة مرة، يفصل بين كل ركعتين بتسليمه، فإذا فرغ من صلاته صلى عليَّ سبعين مرة.....وذكر في آخره أنه تغفر ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر)

وهذا كذب على النبي صلى الله عليه وسلم .

ومن البدع الاحتفال بليلة الاسراء والمعراج ليلة السابع والعشرين من رجب

ومن البدع نشر بعض الأحاديث في فضل شهر رجب وبعض الأدعية من ذلك[اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان]وهذا الحديث أخرجه أحمد ولكنه حديث ضعيف.

ومن البدعة تخصيص زيارة للمسجد النبوي في شهر رجب ويسمونها (الزيارة الرجبية) وهذا من البدع فإن الزيارة للمسجد النبوي تكون في كل وقت فاعتقاد أن شهر رجب يستحب فيه زيارة المسجد النبوي هذا يحتاج إلى دليل ولا دليل عليه.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا إلى اتباع السنة وأن يجنبنا البدعة ......

 

المرفقات

1735211154_خطبة عن شهر رجب.docx

المشاهدات 350 | التعليقات 0