خطبة عن حسن الظن بالله 26 ربيع الثاني 1437 هـ

السدر السدر
1437/04/25 - 2016/02/04 18:37PM
الحمد لله الكريم الرحمن , المحسن المنان , والى على عباده الفضل والجود والامتنان , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة توحيد وإخلاص وإيمان , وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى من بني عدنان صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أولي الفضل والإحسان وسلم تسليماً ..
أما بعد
فيا عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله جل في علاه
التقوى عمل بطاعة الله على نور من الله رجاء ثواب الله ... وترك لمعصية الله على نور من الله مخافة عذاب الله ...
معاشر المسلمين
من جملة العبادات القلبية وله في الدين منزلة علية حسن الظن بالله جل في علاه ... فهو من مقامات الدين وواجبات الإيمان واليقين ... لا يخيِّب الله عبداً أحسن الظن به ... ولا يضيع عمل عامل .
حسن الظن بالله طريق موصل إلى الله وإلى دار كرامته وهو من جملة الإحسان لله في عبادته .
قال تعالى (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) [البقرة 195]
قال سفيان الثوري " أحسنوا الظن بالله " )حسن الظن بالله لابن أبي الدنيا)
حسن الظن بالله يملأ القلب سروراً وطمأنينة , لأن محسن الظن يوقن بسعة رحمة الله , قال النبي ( لما قضى الله الخلق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش : أن رحمتي غلبت غضبي ) رواه البخاري
حسن الظن بالله يحقق لصاحبه كرامة ربانية , قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( يقول الله تعالى : أنا عند ظن عبدي بي) متفق عليه زاد الإمام أحمد في رواية ( إن ظن بي خيراً فله , وإن ظن بي شراً فله )
قال عبد الله بن مسعود رضى الله عنه " والذي لا إله غيره لا يحسن عبد بالله عز وجل الظن إلا أعطاه الله ظنه , وذلك بأن الخير في يده " رواه ابن أبي الدنيا .
عباد الله
حسن ظن العبد بربه سبحانه يكون في كل موطن وعلى كل حال ... لكنه يتأكد عند وقوع الشدائد والملمات ... فهاهـم الثلاثة الذين تخلفوا عن رسول الله في غزوة تبوك لم يكشف عنهم ما حل بهم من كرب وضيق إلا بعد ما أحسنوا الظن بالله ... (وَعَلَىالثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) [التوبة 118]
وعند غلبة الدين وكثرته,روى البخاري في صحيحه عن الزبير بن العوام أنه قال لابنه عبد الله : " يا بني إن عجزت عن شيء من ديني فاستعن عليه مولاي قلت يا أبت من مولاك ؟ قال الله , قال عبد الله فو الله ما وقعت في كربة من دين إلا قلت يا مولى الزبير اقض عنه دينه فيقضيه " ...
وعند الدعاء يوقن المرء بالإجابة ويحسن الظن بربه في إجابته وفي كشف كربته ... روي في الأثر : " ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة " .
ولما أيقن نبي الله سليمان عليه السلام بأن ربه سبحانه وهّاب وأنه لا يعجزه شيء أن يحققه له سأل الله مُلكاً لا ينبغي لأحد من بعده (قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِي ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ )
قال أحدهم " وإني لادعوا الله حتى كأنني :: أرى بجميل الظن ما الله صانعه .
وعند التوبة بعد الوقوع في الذنب يحسن العبد ظنه بربه في مغفرة ذنوبه وقبول توبته ... وأنه غفور رحيم تواب كريم جواد محسن لا يتعاظمه ذنب (وَإنّي لَغَفَّار لمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَملَ صَالحًا ثُمَّ اهْتَدَى) [طه82]
وعند حلول الأجل, قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ " رواه مسلم .
أيها المسلم
أحسن ظنك بربك تجد ما يسرّك ... وتذكر أن حسن الظن لا يكون مع التفريط والإضاعة والإهمال , وإنما يكون مع حسن العمل وتمام الإقبال.
قال الحسن البصري رحمه الله :" إن المؤمن أحسن الظن بربه فأحسن العمل , وإن الفاجر أساء الظن بربه فأساء العمل "رواه أحمد في " الزهد " ( ص 402 )
كيف يكون المضيِّع المفرّط محسناً الظن بربه وهو عن ربه ومولاه شارد , وعن أبواب رحمته ومغفرته معرض ...
لا يكون حسن الظن بالله إلا مع حسن الإقبال على الله عز وجل.
اللهم ارزقنا صدق التوكل عليك
وحسن الظن بك يارب العالمين
نفعني الله وإياكم بهدي كتابه وبسنة نبيه صلى الله عليه وسلم
أقول هذا القول واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه .
الخُطْبَةُالثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِرَبِّ الْعَالِمِينَ , وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَىآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ .
أما بعد
معاشر المسلمين
وبالمقابل فإن سوء الظن بالله من أعظم الذنوب وأخطرها وقد ذكر سبحانه سوء الظن به وصفاً للمشركين والمنافقين .
قال تعالى (وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ ۚ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ ۖ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا)
وهو من أعظم أسباب الردى والخسران, قال تعالى (وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ. فَإِن يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ وَإِن يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُم مِّنَ الْمُعْتَبِينَ)
عباد الله
سوء الظن بالله من وراء الذنوب والمعاصي , فإذا ساء ظن العبد بربه ساء عمله , وإن حسن ظنه بربه حسن عمله.
فعلى العبد أن يجاهد نفسه وأن يقبل على ربه إيمانا وتوكلاً ومعرفةً بأسمائه وصفاته وأن يوقن أن خالقه ومولاه عند حسن ظنه به .
اللهم أعنا على ذلك ووفقنا إليه يارب العالمين .
هذَا وصلُّوا وسلِّمُواوَصَلُّواعلىخاتمالنبيينوإمامالمرسلينفقدأمركمبذلكربكمفيكتابهالمبين،فقالجلَّمنقائل: (إناللهوملائكتهيصلونعلىالنبيياأيهاالذينآمنواصلواعليهوسلمواتسليماً) وقالصلىاللهعليهوسلم : (منصلىعليصلاةصلىاللهعليهبهاعشراً)
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَامُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وِأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ, اللَّهُمَّ ارْضَ عَنْصَحَابَتِهِ وَعَنِ التَّابِعِينَ وَتَابِعيِهِم إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَعَنَّامَعَهُم بِعَفْوِكَ وَمَنِّكَ وَكَرَمِكَ يَا أَرْحَمَالرَّاحِمِينَ.
اللَّهُمَّأَغِثْنَا، اللهُمَّ أَغِثْنَا، اللهُمَّأَغِثْنَاغَيْثاً مُغِيثاً , اللهُمَّغَيْثاً تَسْقِي بِهِ البِلَادَ وَتَجْعَلْهُ بَلَاغاً لِلْحَاضِرِ وَالبَادِ , اللهُمَّاجْعَلْهُ عَامَّاً شَامِلاً لِبِلادِ الْمُسْلِمِينَ.
اَللَّهُمَّ أَعِنَّاعَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ , اللَّهُمَّأَعِزَّ الإِسْلامَ والمُسْلمينَ وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالمُشْرِكِينَ وَدَمِّرْأَعَدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينَ.
اللهمآمنافيأوطانناوأصلحأئمتناوولاةأمورنا. واجعلولايتنافيمنخافكواتقاكواتبعرضاكياأرحمالراحمين.اللهموفقوليأمرنا ونائبيهلهداك،واجعلعملهمفيرضاك. وأصلحلهمالبطانة يا كريم يا رحيم.
عبادالله... إناللهيأمربالعدلوالإحسانوإيتاءذيالقربى،وينهىعنالفحشاءوالمنكروالبغييعظكملعلكمتذكرون،فاذكروااللهالعظيمَالجليلَيذكركم،واشكروهعلىنعمهيزدكم،ولذكراللهأكبر،واللهيعلمماتصنعون.


إنتهت بتصرف للشيخ الدكتور بندر العبدلي
المشاهدات 1740 | التعليقات 0