خطبة عن النار وعذابها (مختصرة)

طلال شنيف الصبحي
1437/10/15 - 2016/07/20 20:30PM
خطبة عن النار 17 / 10 / 1437هـ ـ
الحمد لله رب العالمين، أعد النار بعدله للأشقياء الكافرين، وحذر من عذابها الأتقياء المؤمنين، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آ له واصحابه وسلم تسليما كثيرا،أما بعد:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
عباد الله:لقد خَلَق الله الخَلْق ليعبدوه،ونصب لهم الأدلةَ على عظمتِه ليخافوه،ووصفَ لهم شدَّةَ عذابه ودارَ عقابه ليكونَ ذلك قامعًا للنفوس عن غيِّها وفسادها،وباعثًا لها إلى فلاحها ورشادها،فاحذَروا مما حذَّركم الله منه،وارهبوا مما رهَّبكم منه ومن ذلك النار أعاذنا الله وإياكم منهاِ والتي ذُكِر في كتاب الله وصفُها،وجاء على لسانِ نبيِّه محمّد نعتُها.دارٌ اشتدَّ غيظها وزَفيرها، وتفاقم هولها وحمِي سعيرها، سوداء مظلمة، شعثاء موحِشة، دهماء محرِقة، لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ لا يطفَأ لهبها، ولا يخمد جمرها. دارٌ خُصَّ أهلُها بالبُعاد،وحُرموا لذَّة المُنى والإسعاد، جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ قَطع ذكرُ وصفها ودَرَكاتها وعذابها قلوبَ الخائفين، فتوكَّفت العبرات، وترادَفَت الزَّفرات، يقول النبي :(والذي نفسي بيده، لو رأيتُم ما رأيتُ لضحِكتم قليلًا ولبكيتم كبيرًا) قالوا:وما رأيتَ يا رسول الله؟ قال:(رأيتُ الجنة والنار) رواه مسلم،ويقول النعمان بن بشير رضي الله عنه: سمعتُ رسول الله يخطب ويقول:(أنذرتكم النار، أنذرتكم النار) حتى وقعت خميصةٌ كانت على عاتقه عند رِجْلَيْه.رواه أحمد. وقال عليه الصلاة والسلام:(لا تنسوا العظيمتين: الجنة والنار) ثم قال وهو يبكي ودموعُه قد بلَّت جانبي لحيته:(والذي نفس محمدٍ بيده، لو تعلمون ما أعلم من أمر الآخرة لمشيتم إلى الصعيد، ولحَثَيْتم على رؤوسكم التراب) أخرجه أبو يعلى. يُؤتَى بجهنَّم يومَ القيامة تُقاد،لها سبعون ألف زمام، مع كل زمامٍ سبعون ألف مَلَك يجرُّونها،يؤتَى بها تَطفح من شدِّة الغيظ والغضَب،ويوقن المجرِمون حين رُؤيتها بالعَطَب،وتجثو الأمم حينئذٍ على الرُّكَب،ويتذكَّر الإنسان ما سعى وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ قَعرُها بعيد وعُمقها سحيق، يقول النبي حين سمع هو وأصحابه وَجبة:(هذا حجرٌ رُمي به في النار منذ سبعين خريفًا، فهو يَهوِي في النار الآن حتى انتهى إلى قَعرِها) أخرجه مسلم. يُساق أهلُها إليها نَصِبون وَجِلُون، يُدَعُّون إليها دَعًّا، ويُدفعون إليها دفعًا، يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ النار تغلي بهم كغلي القُدور إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ يستغيثون من الجوع، فيغاثون بأخبث طعامٍ أُعدَّ لأهل المعاصي والآثام، إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الْأَثِيمِ كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ كَغَلْيِ الْحَمِيمِ يقول النبي (لو أن قطرةً من الزَّقُّوم قُطِرَتْ في الأرض لأمرَّت على أهل الدنيا معيشتَهم، فكيف بمَنْ هو طعامه وليس له طعامٌ غيره) رواه أحمد.ويُغاثون بطعامٍ من ضريعٍ، لا يُسمن ولا يُغني من جوع، شوكٍ يأخذ بهم، لا يدخل في أجوافهم،ولا يخرج من حلوقهم. ويغاثون من غِسْلِين أهل النار، وهو صديدهم ودمُهم الذي يسيل من لحومهم،فإذا انقطعت أعناقهم عطشًا وظمأً سُقُوا من عينٍ آنية، قد آن حرُّها واشتدَّ لَفْحها، وأُغيثوا بحميمٍ يقطِّع منهم أمعاءً طالما ولعت بأكل الحرام، ويصهر منهم أعضاءً طالما أسرعت إلى اكتساب الآثام،ويشوي منهم وجوهًا طالما توجَّهت إلى معصية الملك العلاَّم بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا يقول النبي (إن الحميم ليصبُّ على رؤوسهم،فينفذ الجمجمة حتى يخلص إلى جوفه،فيسلت ما في جوفه حتى يمرق من قدميه،ثم يُعاد كما كان)رواه أحمد.وإنَّ أهونَ أهل النار عذابًا من له نَعلان وشِراكان من نار يغلي منهما دماغُه كما يغلي المِرْجَل،ما يرى أن أحدًا أشدّ منه عذابًا،وإنه لأهونهم عذابًا.يعانون في جهنم ما بين مقطَّعات النيران وسرابيل القطِران ما يقطِّع الأكباد،ولا تطيقه الجبال الصُّمُّ الصِّلاب الشِّداد،يتجلجَلون في مضائقها،ويتحطَّمون في دركاتها،ويضطربون بين غواشيها،مُقرَّنين في الأصفاد،أثقلتهم السلاسل والأغلال والقيود،قد شُدَّت أقدامهم إلى النواصي،واسودَّت وجوهُهم من ذلِّ المعاصي،لهم فيها بالوَيل ضَجيج وبالخلاص عجيج،أمانيهم فيها الهلاك،وما لهم من أسر جهنم فِكاك وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ وتُؤصد عليهم الأبواب،ويعظم هناك الخطبُ والمصاب لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ وهم في فجاجها وشعوبها وأوديتها يهيمون,ينادون مالك خازن النار يا مالك قد أثقلنا الحديد،يا مالك قد حق علينا الوعيد،يا مالك قد نضجت منا الجلود،يا مالك قد تقطعت منا الكبود،يا مالك العدم خير من هذا الوجود،يا مالك أخرجنا منها فإنا لا نعود،يا مالك ليقضي علينا ربك فيجيبهم بعد ألف عام(إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ * لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ)فحزنُهم دائمٌ فما يَفرَحون،ومقامُهم محتومٌ فما يبرحون،جعلني الله وإياكم من عتقائه من النار وأعاذني وإياكم من دار الخزي والبوار أعوذ بالله من الشيطان الرجيم(ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين) بارك الله لي ولكم
الخطبة الثانية:
عباد الله:يُلقى على أهل النار الحزن والبكاء،فيصيحون بُكِيًّا من شدَّة العذابِ،يقول النبي (إنَّ أهل النار ليبكون حتى لو أجريت السُّفن في دموعهم لجرت،وإنهم ليبكون الدم) يعني مكان الدمع.أخرجه الحاكم.يبكون على ضياع الحياة بلا زادٍ،فيا حسرتهم لغضب الخالق ويا فضيحتهم بين الخلائق!وينادون ويصطرخون)رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ)(رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ)(رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ)(رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ)
ينادون إلهًا طالما خالفوا أمره وانتهكوا حدوده وعادَوْا أولياءه، ينادون إلهًا حقَّ عليهم في الآجلة حكمه،ونزل بهم سخطه وعذابه(قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ) لا يُرحَم باكيهم،ولا يُجاب داعيهم، قد فاتهم مرادهم،وأحاطت بهم ذنوبهم، ولا يزالون في رجاء الفرج والمخرج حتى ينادي مناد: يا أهل الجنة خلودٌ فلا موت،ويا أهل النار خلودٌ فلا موت. نارٌ لا تُطفأ،ونَفْسٌ لا تموت(لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا)(إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى ويتلاومون ويتلاعنون، ويتقابلون ويتكاذبون(كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا) يكفر بعضهم ببعض، ويلعن بعضهم بعضًا،ويشتدُّ حنقهم على مَنْ أوقعهم في الضَّلال والرَّدى وأرشدهم إلى طريق الغواية والفساد وصدهم عن الهدى، يقولون(رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ)ولن ينفعهم ذلك لأنهم في العذاب مشتركون، ولكلٍّ ضعفٌ ولكن لا يعلمون.اللهم أجرنا من النار3
المرفقات

النار وعذابها.docx

النار وعذابها.docx

المشاهدات 1942 | التعليقات 0