خطبة عن الصلاة للشيخ صالح الفوزان عضو هيئة كبار العلماء باختصار وتصرف

عبدالله بن رجا الروقي
1437/08/12 - 2016/05/19 20:10PM
خطبة عن الصلاة
للشيخ صالح الفوزان
باختصار وتصرف.

الخطبة الأولى

الحمد لله رب العالمين، جعل الصلاة كتابا موقوتاً على المؤمنين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له مخلصين له الدين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله بلاغ البلاغ المبين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيرا، أما بعد:

أيُّها الناس، اتقوا الله تعالى، واعلموا أن الصلاة هي آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين، فهي الركن الثاني من أركان الإسلام، وهي أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامةِ من عمله فإن قبلت قبل سائر عمله وإن ردت رد سائر عمله، وهي وصية النبي صلى الله عليه وسلم لأمتهِ حين خروجهِ من الدنيا، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم في سكرات الموت وهو يقول: "الصَّلاَةَ الصَّلاَةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ" فما زال يكررها حتى ثقل به لسانهُ صلى الله عليه وسلم، وهي قرة عينهِ من هذه الدنيا قال صلى الله عليه وسلم: "حُبِّبَ إِلَىَّ مِنْ دُنْيَاكُمُ النِّسَاءُ وَالطِّيبُ وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلاَةِ"، وهي تنهى عن الفحشاء والمنكر قال الله سبحانه وتعالى(وَأَقِمْ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ)، من حفظها وحافظ عليها فهو لما سواها أحفظ، ومن ضيعها فهو لما سوها أضيع، وإذا أردت أن تنظر إلى قدر الإسلام عند العبد فانظر إلى قدر الصلاة عنده، فهي الدالة على إيمان العبد قال صلى الله عليه وسلم: "بَيْنَ الَعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ أَوِ الشِّرْكِ تَرْكُ الصَّلاَةِ"، وقال صلى الله عليه وسلم: "الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلاَةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ".
من حفظها وحافظ عليها كانت لهُ نوراً وبرهاناً ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن لهُ نور ولا برهان ولا نجاة يوم القيامة وحشر مع فرعون وهامان وقارون و أُبيِّ بن خلف، قال العلماء رحمهم الله: ووجه حشرهِ مع هؤلاءِ الكفرة أنه إن أشتغل عن الصلاةِ بمُلكه فإنهُ يحشر مع فرعون، وإن اشتغل عنها بوزارته حشر مع هامان، وإن اشتغل عنها بمالهِ حشر مع قارون، وإن أشتغل عنها بتجارتهِ وبيعهِ وشراءه حشر مع أُبي ابن خلف تاجر الكفار بمكة.
عباد الله
إن الذي يحافظ على الصلاة فإنها تنهاه صلاتهُ عن الفحشاء وتنهاه عن المنكر، والذي يتساهل في الصلاة ويفرط فيها فإنهُ لا يبالي بالفحشاء والمنكر والشهوات المحرمة.
الصلاة لها قدر عظيم في الإسلام، وفيها ذكر الله، قال تعالى (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ) ذكر الله في الصلاة أكبر من النهي عن الفحشاء والمنكر، فهي عبادة عظيمة لا يتساهل فيها أو يفرط فيها من في قلبهِ إيمان.
الصلاة لها فضائل عظيمة: يكفر الله بها السيئات قال سبحانه وتعالى: (وَأَقِمْ الصَّلاةَ طَرَفِي النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنْ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ) .
وقال صلى الله عليه وسلم: "الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ كَفَّارَاتٌ لَمَا بَيْنَهُنَّ إذا ااجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ"، فهذا فضل عظيم لمن حافظ على صلاتهِ وأداها كما أمره الله.
المشي إلى الصلاة فيه أجر عظيم وتكفير للسيئات يكتب لهُ بكل خطوة يخطوها إلى المسجد حسنة وتكفر عنه بها سيئة قال تعالى (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ) أي: مشيهم إلى المساجد.
وإذا جلس المسلم في المسجد ينتظر الصلاة فإنهُ يكون في صلاة ولهُ أجر المصلي وهو جالس، والملائكة تستغفر لهُ ما لم يؤذ أو يحدث، تقول اللهم اغفر له اللهم أرحمه.
وقد جعل الله الصلاة في أوقات مناسبة لا تشغل الإنسان وتمنعه من طلب الرزق بل هي تعينهُ على مشاق الحياة وعلى جلب الرزق قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)
وإن من علامة وجود الإيمان في القلب إن تحافظ على الصلاة لأنها من سمات المؤمنين (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ) فلا يحافظ عليها إلا أهل الإيمان، وأما الذي يضيعها أو يتهاون بها فليس من أهل الإيمان؛ بل من أهل الإضاعة والخذلان، قال تعالى(حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ )، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من البيان والذكر الحكيم، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولي جميع المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنهُ هو الغفور الرحيم.



الخطبة الثانية

الحمد لله على فضله وإحسانه، وأشكرهُ على توفيقهِ وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابهِ وسلم تسليماً كثيرا، أما بعد:

فقد حذر الله من إضاعة الصلاة فقال سبحانه (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً* إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً) وقال سبحانه وتعالى (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) سماهم مصلين؛ لكن لما كانوا يصلون في غير الوقت توعدهم بالويل وأخبر أنهم ساهون عن صلاتهم، أي أخرجوها عن وقتها من غير عذر شرعي فلا تقبل حينئذ و من الناس من يحتج بالنوم وهو يسهر الليل ولا يبالي بالصلاة فينام ويقول متى ما استيقظت أصلي، فهذا لايعذر فالصلاة إنما تكون في الوقت ولا تقبل في غير الوقت من غير عذر شرعي وليس النوم عذرا شرعيا لكل أحد ، أما من كان حريصاً على القيام للصلاة؛وأخذ بأسباب الاستيقاظ ولكن غلب عليه في بعض الأحيان فهذا معذور.
وبعضهم لا يصلي إلا إذا أرد أن يذهب إلى وظيفته بعد طلوع الشمس فهذا لا تقبل صلاته، فالواجب أن يقوم في الوقت ويصلي مع المسلمين في المساجد.
وعلى المسلم الأخذ بأسباب الاستيقاظ للصلاة
ومنها أن يعزم على القيام، فإذا عزم على ذلك أعانهُ الله سبحانهُ وتعالى، ومنها أن يجعل عندهُ منبهاً يوقظهُ للصلاة وهذا ميسر والحمد لله، ومنها أن يوصي من يوقظه ممن حوله، أما أن يفرط ويقول متى ما استيقظت أصلي فهذا مضيع للصلاة وساه عن الصلاة ومتوعد بالغي والويل. نعوذ بالله من ذلك
اللهم اهدنا وسددنا وتب علينا
اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين.
المشاهدات 4831 | التعليقات 0