خطبة عن الزكاة 4-9-1442هـ

عوض آل دبيس
1442/09/04 - 2021/04/16 02:50AM
خطبة عن الزكاة 4-9-1442هـ                   الخطبة الأولى الْحَمْدُ للهِ الذِي فَرَضَ الزَّكَاةَ تَزْكَيَةً لِلنُّفُوسِ وَتَنْمِيَةً لِلأَمْوَال ، وَرَتَّبَ عَلَى الإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِهِ خَلَفَاً عَاجِلاً وَثَوَابَاً جَزِيلاً فِي الْمَآل ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهَ لا شَرِيكَ لَهُ الْمَلِكُ الْكَبِيرُ الْمُتَعَال ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الذِي حَازَ أَكْمَلَ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ وَأَجّلَّ الْخِصَال , صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ وَسَلِّمْ تَسْلِيمَاً . أَمَّا بَعْدُ فَيَا أَيُّهَا النَّاسُ : اتَّقُوا اللهَ تَعَالَى ، وَأَدُّوا زَكَاةَ أَمْوَالِكُمْ ، فَإِنَّ الزَّكًاةَ قَرِينَةُ الصَّلاةِ فِي كِتَابِ اللهِ , مَنْ جَحَدَ وَجُوبَهَا كَفرْ ، وَمَنْ مَنَعَهَا بُخْلاً وَتَهَاوُنَاً فَسَقْ ، وَمَنْ أَدَّاهَا مُعْتَقِدَاً وَجُوبَهَا رَاجِيَاً ثَوَابَهَا ، فَلْيَبْشِرْ بِالْخَيْرِ الْكَثِيرِ وَالْخَلَفِ الْعَاجِلِ وَالْبَرَكَةِ ، قَالَ تعالى (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يَعْتَقِدُ أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ النُّصُوصِ إِنَّمَا هِيَ فِي الصَّدَقَةِ الْعَامَّةِ التَّطَوُّعِيَّةِ , وَأَمَّا الزَّكَاةُ فَلا تَدْخُلُ فِيهَا ! وَهَذَا خَطَأٌ , لأَنَّ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ وَالنَّفَقَاتِ الْوَاجِبَةَ تَدْخُلُ فِيهَا دُخُولاً أَوَلَيَّاً , لِأَنَّ أَحَبَّ الْقُرُبَاتِ إِلَى اللهِ هِيَ الْعِبَادَاتُ الْمَفْرُوضَةُ ! وَالزَّكَاةُ فَرْضٌ مِنْ فَرَائِضِ الإِسْلامِ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : أَدُّوا الزَّكَاةَ قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُوا الْمَالَ مُرْتَحِلِينَ عَنْهُ ، أَوْ مُرْتَحِلاً عَنْكُمْ ، فَإِنَّمَا أَنْتُمْ فِي الدُّنيَا غُرَبَاءُ مُسَافِرُونَ ، وَالْمَالُ وَدِيعَةٌ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ لا تَدْرُونَ مَتَى تُعْدَمُونَهُ ! أَدَّوا زَكَاةَ أَمْوَالِكُمْ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الْيَوْمُ الذِي يُحْمَي عَلَيْهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ، فُتُكْوَى بِهِ الْجِبَاهُ وَالْجُنوبُ وَالظُّهُور ! قَبْلَ أَنْ يُمَثَّلَ الْمَالُ لِصَاحِبِهِ شُجَاعَاً أَقْرَعَ أي ثعبانا عظيم ، فَيَأْخُذَ بِشِدْقَيْهِ ، وَيَقُولُ : أَنَا مَالُكَ , أَنَا كَنْزُكَ ! أَيُّهَا الإِخْوَةُ : إِنَّ الزَّكَاةَ عِبَادَةٌ عَظِيمَةٌ وَقُرْبَةٌ كَبِيرَةٌ , كَيْفَ لا ؟ وَهِيَ الرُّكْنُ الثَّالِثُ مِنْ أَرْكَانِ الإِسْلامِ وَمَبَانِيهِ الْعِظَام ؟ وَلذَا فَاسْتَشْعِرْ هَذَا يَا أَخِي حِينَ تُخْرِجُ زَكَاةَ مَالِكَ , وَاحْذَرْ أَنْ تَفْعَلْ كَمَا يَفْعَلُ الْبُخُلاءُ حَيْثُ يُخْرِجُ زَكَاةَ مَالِهِ وَهُوَ يَرَى أَنَّهَا غِلٌّ عَلَيْهِ وَحِمْلٌ ثَقِيلٌ لَدَيْه ! فَهَذَا وَأَمْثَالُهُ قَدْ حُرِمُوا الْخَيْرَ وَاسْتَوْلَى عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ ! إِنَّكَ حِينَ تُخْرِجُ زَكَاةَ مَالِكَ يَنْبَغِي أَنْ تَفْرَحَ , وَأَنْ تُفَرِّقَهَا بِنَفْسِكَ وَتُعْطِيَهَا الْفُقَرَاءَ , وَتَعْلَمَ أَنَّكَ تَتَعَبَّدُ للهِ بِهَذَا وَتُؤَدِّيَ رُكْنَاً مِنْ أَرْكَانِ دِينِكَ , وَتُزَكِّيَ نَفْسَكَ مِنَ الْبُخْلِ وَتَطَهِّرَهَا مِنَ الشُّحِّ وَالذُّنُوبِ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا( 
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ , وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلا عِزًّا , وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلا رَفَعَهُ اللَّهُ ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : احْذَرُوا كُلَّ الْحَذَرِ , وَخَافُوا كُلَّ الْخَوْفِ , أَنْ تَتَهَاوَنُوا فِي إِخْرَاجِ زَكَاةِ أَمْوَالِكُمْ ! فَإِنَّ التَّكَاسُلَ عَنْ إِخْرَاجِ زَكَاةِ الْمَالِ كَبِيرَةٌ مِنَ الْكَبَائِرِ وَمُوبِقَةٌ مِنَ الْمُوبِقَاتِ ! قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ) وَالْكَنْزُ : هُوَ كُلُّ مَالٍ لَمْ تُؤَدَّ زَكَاتُهُ !
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ مُثِّلَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعاً أَقْرَعَ لَهُ زَبِيبَتَانِ يُطَوَّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ - يَعْنِى شِدْقَيْهِ - ثُمَّ يَقُولُ : أَنَا مَالُكَ أَنَا كَنْزُكَ ، ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ الآيَةَ (لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونُ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ
اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ البُخْل ! اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ نَبْخَلَ بِزَكَاةِ أَمْوَالِنَا !  أُقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم.                                                                                                                                              الخطبة الثانية        
أَمَّا بَعْدُ فَيَا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ الأَمْوَالَ التِي تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ وَهِيَ : الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ , وَالْخَارِجُ مِنَ الأَرْضِ , وَبَهِيمَةُ الأَنْعَامِ وَعُرُوضُ التِّجَارَةِ ! وَمَا سِوَاهَا مِنَ الأمْوالِ فَلا زَكَاةَ فِيهَا ! وَلَكِنْ اعْلَمُوا أَنَّهُ لا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي هَذِهِ الأَمْوَالِ حَتَّى تَبْلُغَ النِّصَابَ وَيَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ , أَيْ تَبْقَى سَنَةً كَامِلَةً فِي مُلْكِكَ !
فَالذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ تَجِبُ فِيهِمَا الزَّكَاةُ بِكُلِّ حَالٍ , سَوَاءٌ كَانَا حُلِيَّاً أَمْ غَيْرَهُ , وَسَوَاءٌ كَانَ هَذَا الْحُلِيُّ يُلْبَسُ أَمْ لا ! فِي أَصَحِّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ وَهَذَا مَا اخْتَارَهُ الشَّيْخَانُ ابْنُ بَازٍ وَابْنُ عُثَيْمِينَ رَحِمَهُمَا اللهُ ! وَاعْلَمُوا أَنَّ الرِّيَالاتِ الآنَ تَأْخُذُ حُكْمَ الذَّهَبِ وَالفِضْةِ سَوَاءً أَكَانَتْ مُودَعَةً فِي حِسَابِكَ أَمْ أَنَّهَا عِنْدَكَ فِي بَيْتِك , فِإِذَا حَالَ عَلَيْهَا الحَوْلُ وَقَدْ بَلَغَتْ نِصَاباً وَجَبَتْ زَكَاتُهَا !
وَأَمَّا الْخَارِجُ مِنَ الأَرْضِ فَهِيَ الْحُبُوبُ وَالثِّمَارُ وزكاتها حين حصادها
وَأَمَّا بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ فَهِيَ الإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ سَائِمَةً , أَيْ تَرْعَى مِنَ الْعُشْبِ فِي الْبَرِيَّةِ أَكْثَرَ السَّنَةِ , فَأَمَّا مَا كَانَ يُعْلَفُ لها من السوق فَلا زَكَاةَ فِيهَا مَا لَمْ تَكُنْ مُعَدَّةً لِلتِّجَارَةِ وَأَمَّا عُرُوضُ التِّجَارَةِ فَهِيَ كُلُّ مَالٍ أُعِدَّ لِلتِّجَارَةِ وَالتَّكَسُّبِ , سَوَاءً أَكَانَ مَوَادَّاً غِذَائِيِّةً أَوْ حَدِيدَاً أَوْ حَيَوَانَاتٍ أَوْ مَلابِسَ أَوْ غَيْرَهَا . وَعُرُوضُ التِّجَارَةِ تُقَوَّمُ فِي آخِرِ الْحَوْلِ وَتُخْرَجُ زَكَاةُ الْقِيمَةُ الْحَاضِرَةُ , وَلا يُنْظَرُ إِلى مَا اشْتَرَاهَا بِهِ , بَلْ بِسِعْرَهَا الْيَوْم !
وَاعْلَمُوا أَنَّ أَهْلَ الزَّكَاةِ الذِينَ تُدْفَعُ لَهُمْ الزكاة قَدْ بَيَّنَهُمُ اللهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ بَيَانَاً وَاضِحَاً مُفَصَّلاً , قَالَ اللهُ تَعَالىَ ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)  فَلا تُجْزِئُ زَكَاتُكَ حَتَّى يَكُونَ الآخِذُ لَهَا مِنْ هَذِهِ الأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ !أو تدفعها للقنوات الرسمية في البلد مثل الجمعيات الخيرية او منصة فرجت او منصة احسان والتي يُسَجَّلُ لديها اهل الحاجة والعوز
اللَّهُمَّ آتِ نُفُوسَنَا تَقْوَاهَا وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا , اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ وصلوا وسلموا    
المرفقات

1618541393_خطبة عن الزكاة 4-9-1442هـ.docx

المشاهدات 1406 | التعليقات 0