خطبة عن الاستغفار 4 صفر 1439
د.صالح العبداللطيف
1439/02/06 - 2017/10/26 19:22PM
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا أما بعد: فأوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله عز وجل قال تعالى يا إيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا**يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما
"شكا رجل إلى الحسن البصري رحمه الله جدوبةَ الأرض : فقال له : استغفر الله، وشكا آخر إليه الفقر فقال له: استغفر الله وقال له آخر : ادع الله أن يرزقني ولداً فقال له : استغفر الله، وشكا إليه آخر جفاف بستانه، فقال له : استغفر الله، فقال له الربيع بن صُبيح أتاك رجال يشكون أنواعاً فأمرتهم كلهم بالاستغفار ! فقال : ما قلت من عندي شيئاً ! إن الله عز وجل يقول في سورة نوح : " فقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا
الاستغفار عباد الله.. من أجلِّ الأعمال وأعلاها عند الله.. وقد جاء حديث القرآن عن الاستغفار طويلاً متشعباً.. يصعب حصره والاتيان عليه في مثل هذا المقام.. ولعلنا نشير إلى شيء من فضائله وبركاته..
أيها الأحبة.. الاستغفار سنة الأنبياء والمرسلين، وطريق الأولياء والصالحين، يلجؤون إليه في كل وقت وحين، في السراء والضراء، به يتضرعون وبه يتقربون.
وقد كان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وهو المغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر
يكثر من الاستغفار ويداوم عليه.. فقد ثبت في البخاري أنه عليه الصلاة والسلام يقول: والله إنى لأستغفر الله وأتوب إليه فى اليوم أكثر من سبعين مرة.. وقد كان هذا طريق الأنبياء قبله عليهم الصلاة والسلام.. يستغفرون ويحثون أقوامهم على الاستغفار قال آدم عليه السلام {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ.. وموسى عليه السلام لما قتل رجلاً من الأقباط بادر إلى طلب المغفرة من ربه:{ قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.. وقال شعيب عليه السلام لقومه: { وَاسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ}
وللاستغفار أيها الأحبة فوائدُ وثمارٌ عديدة.. فهو سبب لمغفرة الذنوب قال تعالى : {وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُوراً رَّحِيماً.. وهو أمان من العذاب والعقوبة قال سبحانه وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ.. وهو سبب لتنزل الرحمات قال جل وعلا.. لَوْلاَ تَسْتَغْفِرُونَ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ .. وهو من أسباب إغاظة الشيطان.. وحصول الرزق والمتاع الحسن.. والسعادةِ والفلاح.. والراحةِ والطمأنية والتواضع.. وهو من أسباب حصول الولد.. ونزول الغيث.. وكثرة الزرع وغير ذلك من الفوائد.. وتأملوا قوله جل وعلا " فقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا " اللهم اغفر لنا وتب علينا.. وأهدنا وسددنا
الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين.. نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
وبعد عباد الله اتقوا الله واعتصموا بحبله واستعينوا عليه في جميع أموركم..
أيها المؤمنون.. إن الاستغفار يستحب في كل وقت وحين.. كما أن له أوقاتا فاضلة.. كالاستغفار في أدبار الصلوات.. والاستغفار في الأسحار لقوله سبحانه وبالأسحار هم يستغفرون.. وبعد الإفاضة من عرفات ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ.. وفي ختام المجالس.. وفي حال كبر السن فقد قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم عند اقتراب أجله: { إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً
والمؤمن الموقن برحمة الله وفضله وجوده لا يتركُ الاستغفار أبداً.. أملاً بجود الله وعطائه.. قيل للحسن البصري: أما يستحي أحدنا من ربه؟ نفعل الذنب، ثم نستغفر، ثم نفعله مرة أخرى، ثم نستغفر. فقال الحسن : ودَّ الشيطانُ لو ظفر منكم بهذا ؛ لا تدعوا الاستغفار أبداَ
اللهم اجعلنا من أهل الاستغفار.. اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.. اللهم ادفع عنا الغلا والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن..اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين وأنصر عبادك الموحدين.. اللهم انصر إخواننا المجاهدين في كل مكان.. اللهم انصرهم في اليمن.. وفي سوريا وفي كل مكان.. اللهم سدد رميهم واحفظهم من بين أيديهم ومن خلفهم يا عزيز ياحكيم.. اللهم ارحم موتانا وموتى المسلمين.. اللهم ارحمهم وعافهم واعف عنهم وتجاوز عن سيئاتهم.. واجمعنا بهم في مستقر رحمتك.. اللهم اشف مرضانا ومرضى المسلمين برحمتك ياارحم الراحمين.. اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا.. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.. اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
المشاهدات 3525 | التعليقات 3
وإياكم شيخ زياد..
زياد الريسي - مدير الإدارة العلمية
نفع الله بك د. صالح وفتح الله عليك ونفعنا بعلمك والمسلمين
نسأل الله تعالى أن يلهمنا التوبة إليه والاستغفار له وأن يرزقنا عفوه وفضله وستره
تعديل التعليق