خطبة عن اجتماع الكلمة وضلال الحوثيين واعتدائهم 11شوال 1440

محمد بن عبدالله التميمي
1440/10/11 - 2019/06/14 00:16AM

الخطبة الأولى

إنّ الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} أمّا بعد:

فإنّ أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرّ الأمور محدثاتها، وكلّ محدثة بدعة، وكلّ بدعة ضلالة، وكلّ ضلالة في النار، فاستمسكوا عباد الله بالهدى، وجانبوا الضلالة والعمى، واعلموا أن الله أمر في كتابه باتباع سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولزوم سبيله وأمر بالجماعة والائتلاف ونهى عن الفرقة والاختلاف فقال تعالى: {من يطع الرسول فقد أطاع الله} وقال تعالى: {وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله} وقال تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم} وقال تعالى: {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء} {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة} وقال تعالى: {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله} ، وهكذا بعث الله الأنبياء بإقامة الدين والاجتماع، وعدم التفرق والابتداع : {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ}، فالاجتماع والائتلاف لأهل السنة سمة، والتفرق والاختلاف لأهل الضلال علامة {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} فهو وصف لهم، ولذلك اللهُ توعدهم { إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} خطب عثمان ¢ في الخارجين عليه فقال: " فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ أَنْ تَلْقَوْا غَدًا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَسْتُمْ مِنْهُ فِي شَيْءٍ" وكتب فقال: " أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللَّهَ رَضِيَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ، وَجَنَّبَكُمُ الْفُرْقَةَ وَالْمَعْصِيَةَ وَالِاخْتِلَافَ، وَنَبَّأَكُمْ أَنْ قَدْ فَعَلَهُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ، وَتَقَدَّمَ إِلَيْكُمْ فِيهِ لِيَكُونَ لَهُ الْحُجَّةُ عَلَيْكُمْ إِنْ عَصَيْتُمُوهُ، فَاقْبَلُوا نَصِيحَةَ اللَّهِ، وَاحْذَرُوا عَذَابَهُ، فَإِنَّكُمْ لَنْ تَجِدُوا أُمَّةً هَلَكَتْ إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ تَخْتَلِفَ، وَلَا يَكُونُ لَهَا رَأْسٌ يَجْمَعُهَا، وَمَتَى تَفْعَلُوا ذَلِكَ لَا تَقُمُ الصَّلَاةُ جَمِيعًا وَيُسَلَّطُ عَلَيْكُمْ عَدُوُّكُمْ، وَيَسْتَحِلُّ بَعْضُكُمْ حُرَمَ بَعْضٍ، وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ لَا يَقُمُ دِينُهُ وَتَكُونُوا شِيَعًا".

عباد الله.. إن اجتماع الكلمة وتحقق اللُّحمة واجب الأخذ بأسبابه على الأمة، وهو من الله نعمة ومنة، فإن الله بعد أمره بالتمسك بالدين القويم أوجب الاعتصام بحبله المتين، فقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} ثم قال - تعالى -: ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾، قال ابن مسعود - رضي الله عنه - : (عليكم بالجماعة؛ فإنها حبل الله الذي أمر به، وإن ما تكرهون في الجماعة والطاعة خير مما تحبون في الفرقة).

فاتقوا الله عباد الله ولا تموتُنَّ إلا وأنتم مسلمون، وبحبله جميعا معتصمون، ولأسباب الفرقة والشتات مجانبون، ولنعمة ربكم باجتماعكم على ولاة الأمر شاكرون {كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} .

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق؛ ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ إقرارا به وتوحيدا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما مزيدا. أما بعد: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ ۗ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} ومَن عامل الله بالتّقوى والطاعةِ فِي حَالِ رخائِه عاملهُ اللهُ باللُّطْفِ والإعانةِ في حَالِ شِدَّته.

عباد الله.. وإن الحَوَثيين لسبيل الاجتماع متنكبون، وعن صف المسلمين مارقون، فهم شِيَعٌ متفرقون، كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في وصف أصلهم الذي هم إليه بأخرة آخذون فيقول ¬: (وذكر –الله- في كتابه من تحريم دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم وتحريم الغيبة والهمز واللمز: ما هم أعظم الناس استحلالا له، وذكر في كتابه من الأمر بالجماعة والائتلاف والنهي عن الفرقة والاختلاف ما هم أبعد الناس عنه، وذكر في كتابه من طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومحبته واتباع حكمه ما هم خارجون عنه)، وإن ما حصل منهم من اعتداء -صبيحة الأربعاء- لشاهد لمروقهم، وبرهان لعظيم إفسادهم، وإن هذا البلاد حصن منيع، بحفظ ربنا البصير السميع، فاللهَ الله بالأوبة، والبدارَ البدارَ بالتوبة، فإن نعمة الأمن بالإيمان تُحفظ {وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون} .

 

المرفقات

عن-اجتماع-الكلمة-واعتداء-الحوثيين-وضل

عن-اجتماع-الكلمة-واعتداء-الحوثيين-وضل

المشاهدات 1330 | التعليقات 0