خطبة: عَلى عَتَبَاتِ وَدَاعِ رَمَضَان

وليد بن محمد العباد
1443/09/26 - 2022/04/27 00:48AM

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم

خطبة: عَلى عَتَبَاتِ وَدَاعِ رَمَضَان

الخطبة الأولى

الحمدُ للهِ الذي بنعمتِه تتمُّ الصّالحات، وبفضلِه وبرحمتِه تُغفرُ الخطايا وتُرفعُ الدّرجات، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له في الرّبوبيّةِ والألوهيّةِ والأسماءِ والصّفات، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه الذي بيّنَ لأمتِه طرقَ النّجاة، صلى اللهُ وسلمَ عليه وعلى آلِه وصحبِه إلى يومِ الدّين، أمّا بعدُ عبادَ الله

فها أنتم على عَتَباتِ وَداعِ شهرِ رمضان، فقد دَنا رحيلُه، وأزِفَ تحويلُه؛ فأيّامُه سارت سَرِيعًا، ولياليه مضت جَمِيعًا، وكأنّها ساعةٌ من نهار، فخذوا من سرعةِ تصرُّمِه عِبرةً بقربِ الآجالِ وتَصرُّمِ الأعمار، فهَا هُوَ نجمُه قد قَفل، وهلالُه قد أفَل، وحاجبُ شمسِه قد نَزل، وَلَمْ يَبْقَ مِنْه إِلَّا صُبَابَةٌ كَصُبَابَةِ الْإِنَاءِ، فكأنّكم به وقد انصرف، فكلُّ شهرٍ فعسى أنْ يكونَ منه خَلَف، وأمّا شهرُ رمضانَ فمن أينَ لكم منه خَلَف؟ إنّه شهرُ القرآنِ والغُفران (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ) ويقولُ عليه الصّلاةُ والسّلام: رَغِمَ أنفُ رَجُلٍ دَخلَ علَيهِ رمضانُ ثمَّ انسلخَ قبلَ أنْ يُغفَرَ لَهُ. فهنيئًا لمن غُفِرتْ فيه زلّتُه، ومُحيتْ خطيئتُه، وتَطهّرَ من الأوزار، وفازَ بالجنّةِ وأُعْتِقَ من النّار، جعلَنا اللهُ وإيّاكم منهم معاشرَ الأخيار، فيا مَنْ لا يزالُ بينَ التّسويفِ والإهمال، هذا شهرُ رمضانَ قد قاربَ الزّوال، وأذِنَ بساعةِ الانتقال؛ فقد مضى جُلُّه، وانحسرَ ظِلُّه، فاستدرِكْ ما بقيَ منه قبلَ تمامِه، وتَيقَّظْ بالإنابةِ قبلَ خِتامِه، وبادِرْ بالتّوبةِ قبلَ انصرامِه، فشهرُكم قريبًا سيرتحل، قريبًا ستغربُ أنوارُه وشمسُه، وتَنطوي فرحتُه وأُنْسُه، قريبًا يَنتهي الصّيام، ويَنقضي القيام، قريبًا تَنقطعُ التّراويح، وتَنطفئُ المصابيح، وعَزاؤُنا أنّ مصابيحَ العبادةِ لا تَنطفئُ طُوالَ العام، وأنّ أبوابَ الخيرِ لا تَنقطعُ من صلاةٍ وصيامٍ وقيام، وأنّ بابَ التّوبةِ مفتوح، وفضلَ ربِّنا ممنوح، وعطاءَه ونفحاتِه تَغدو وتروح، فاتقوا اللهَ رحمَكم الله، وتعرّضوا لتلك النّفحات، وأحسنوا الظّنَّ بربِّكم فإنّه يَقبلُ التّوبةَ ويعفو عن السّيئات، فالبِدارَ البِدارَ إلى استغلالِ ما بَقِي، عسَى وعسَى مِن قَبلِ وقتِ التَّفرقِ، إلى كُلِّ مَا نَرجُو مِنَ الْخَيْرِ نَرْتَقِي، فيُجبرُ مَكسورٌ ويُقبَلُ تَائبٌ ويُعتَقُ خَطّاءٌ ويَسعَدُ مَنْ شَقِي، فاللهمّ لك الحمدُ ربَّنا على ما قَضيتَ، ولك الشّكرُ على ما أَعطيتَ، نَستغفرُك ونتوبُ إليك.

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ وحدَه والصّلاةُ والسّلامُ على من لا نبيَّ بعدَه وعلى آلِه وصحبِه، أمّا بعدُ عبادَ الله:

اتقوا اللهَ حقَّ التّقوى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)

ثمَّ اعلموا رحمَكم الله، أنّ اللهَ قد شرعَ لكم في ختامِ شهرِكم زكاةَ الفطر، طُهْرةً للصّائمِ من اللغوِ والرّفَث، وطُعْمةً للمساكين، وقد يَسَّرت الدّولةُ سُبُلَ إيصالِها للمستحقين، عن طريقِ مَنصّةِ إحسان، وغيرِها من القنواتِ الرّسميّةِ والجمعيّاتِ الخيريّة، ويُشرعُ لكم عندَ رؤيةِ هلالِ ليلةِ العيدِ التّكبير، قالَ اللهُ تعالى: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) ويُشرعُ لكم في يومِ العيدِ صلاةُ العيد، ويُسنُّ للمسلمِ قبلَ الخروجِ لها أنْ يَأكلَ تَمراتٍ يَقطعُها على وِتْر، ويَخرجَ مكبّرًا شاكرًا لربِّه عزَّ وجل. فَرِحًا بتمامِ شهرِه، وبما أعانَه اللهُ عليه فيه من عبادتِه وطاعتِه، وسوف تُقامُ صلاةُ العيدِ في هذا الجامعِ بإذنِ الله، في تمامِ السّاعةِ الخامسةِ وخمسٍ وثلاثينَ دقيقة، من صباحِ يومِ العيد، تَقبّلَ اللهُ منّا ومنكم صالحَ الأعمال، وأعادَه علينا وعلى المسلمين، بالصّحةِ والعافيةِ والأمنِ والإيمانِ والنّصرِ والتّمكين، اللهمّ اختمْ لنا شهرَ رمضانَ بالرّضوانِ والغفرانِ والعتقِ من النّيران، ربَّنا تقبّلْ منّا إنّك أنتَ السّميعُ العليم، وتُبْ علينا إنّك أنت التّوابُ الرّحيم، واغفرْ لنا ولوالدِينا ولجميعِ المسلمين، برحمتِك يا أرحمَ الرّاحمين.

اللهمّ أغِثْنا اللهمّ أنزلْ علينا الغيثَ ولا تجعلْنا من القانطين، اللهمّ أغِثْ قلوبَنا بالإيمانِ واليقين، وبلادَنا بالبركاتِ والغيثِ العميم، واجعلْ ما أنزلتَه قوّةً على طاعتِك وبلاغًا إلى حين، برحمتِك يا أرحمَ الرّاحمين.

عبادَ الله، إنّ اللهَ وملائكتَه يصلّونَ على النبيّ، يا أيّها الذينَ آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليمًا، ويقولُ عليه الصلاةُ والسلام: من صلّى عليّ صلاةً صلى اللهُ عليه بها عشْرًا. اللهمّ صلِّ وسلمْ وباركْ على عبدِك ورسولِك نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه أبدًا إلى يومِ الدّين. وأقمِ الصلاةَ إنّ الصلاةَ تَنهى عن الفحشاءِ والمنكر، ولذكرُ اللهِ أكبرُ واللهُ يعلمُ ما تصنعون.

إعداد/ وليد بن محمد العباد غفر الله له ولوالديه وأهله وذريته والمسلمين

جامع السعيد بحي المصيف شمال الرياض الجمعة 28/ 9/ 1443هـ

المشاهدات 1789 | التعليقات 0