خطبة: عجائبُ الاستغفار

وليد بن محمد العباد
1444/05/07 - 2022/12/01 23:16PM

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم

خطبة: عجائبُ الاستغفار

الخطبة الأولى

إنّ الحمدَ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا من يهده اللهُ فلا مضلَّ له ومن يضللْ فلا هاديَ له وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه صلّى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا أمّا بعدُ عبادَ الله

فلمّا جُبلتِ النّفوسُ على الضّعفِ والتّقصيرِ وكثرةِ الزّللِ والأوزار، شُرِعَ لها ما يُقَوِّيها ويُطَهِّرُها ألا وهو كثرةُ الاستغفار، وأنْ لا تَفْتُرَ الألسنةُ وهي تُردِّدُ بِذُلٍّ وانكسارٍ واعتذار: أَستغفرُ الله، أَستغفرُ الله، أَستغفرُ الله، فما أَعذَبَها وأَطيَبَها من كلمات، عندما تَخرجُ من قلبِ قائلِها وتَجري على لسانِه، وهو يَستشعرُ ضعفَه وشدّةَ حاجتِه لربِّه ومولاه، ويَعلمُ أنّ ربَّه شديدُ العقاب، وأنّه غفورٌ رحيم، فكم للاستغفارِ من ثمارٍ يانعة، وفوائدَ جامعة، فبه تُغفرُ الذّنوب، وتُكشفُ الكروب، وتُجبرُ القلوب، قالَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إنّ العبدَ إذا أخطأَ خطيئةً نُكِتَتْ في قلبِه نُكتةٌ سوداء، فإذا هو نَزَعَ واستغفرَ وتابَ صُقِلَ قلبُه، أيْ طُهِّرَ فعادَ أبيضَ نَقِيًّا. وقالَ عليه الصّلاةُ والسّلامُ فيما يرويه عن ربِّه تباركَ وتعالى: فاستغفروني أَغْفِرْ لكم. وقالَ سبحانَه: (لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) والاستغفارُ سببٌ للفوزِ والنّجاةِ، وكثرةِ الحسناتِ ورفعةِ الدّرجاتِ واستجابةِ الدّعوات، وهو سببٌ لسَعَةِ الأرزاقِ ونزولِ الأمطارِ والبركات، وكثرةِ الأموالِ والأولادِ وتفريجِ الهمومِ والكُرُبات، قالَ عليه الصّلاةُ والسّلام: مَنْ أحَبَّ أنْ تَسُرَّه صحيفتُه فليُكثِرْ فيها مِن الاستغفار. وقالَ صلى اللهُ عليه وسلم: طوبَى لِمَنْ وَجَدَ في صَحيفَتِه اسْتِغفارًا كثيرًا. قالَ عليه الصّلاةُ والسّلام: مَنْ لزِمَ الاستغفارَ جَعَلَ اللهُ له مِن كلِّ ضِيقٍ مَخرجًا، ومِن كلِّ هَمٍّ فَرَجًا، ورَزَقَه مِنْ حيثُ لا يَحتسِب. (فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ) فاتّقوا اللهُ رحمَكم الله، وأكثِروا من الاستغفارِ في كلِّ وقتٍ وعلى كلِّ حال، مُقتدينَ برسولِكم عليه الصّلاةُ والسّلامُ والسّلفِ الكرام، روى مَكحولٌ رحمَه اللهُ عن أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنه قال: ما رأيتُ أكثرَ استغفارًا من رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم. قالَ مكحول: وما رأيتُ أكثرَ استغفارًا من أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنه، وكانَ مكحولٌ كثيرَ الاستغفار. يقولُ الحسنُ رحمَه الله: أكثِروا من الاستغفارِ في بيوتِكم وعلى موائدِكم، وفي طرقاتِكم وفي أسواقِكم وفي مجالسِكم، فإنّكم لا تَدرونَ متى تَنْزِلُ المغفرة. وكلّما أَكْثرَ المسلمُ من الاستغفار، بصدقٍ وحضورِ قلبٍ وافتقار، رأى مِنْ عجائبِ الاستغفار، وآثارِه العاجلةِ والآجلةِ، ما يُدْهِشُ العقولَ ويُحَقِّقُ المأمول، مِن المغفرةِ والرّحمةِ وانشراحِ الصّدرِ وراحةِ البال، وصلاحِ الحالِ والعيالِ والبركةِ في المال، واستجابةِ الدّعاءِ واندفاعِ البلاء، وحصولِ العافيةِ والشّفاء، ومَنْ أَعْرَضَ عن الاستغفارِ يُخْشَى عليه أنْ يَقْسُوَ قلبُه ويَكونَ من الغافلين (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ)

باركَ اللهُ لي ولكم بالقرآنِ العظيم، وبهديِ سيّدِ المرسلين، أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ مِن كلِّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفورُ الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ على إحسانِه، والشكرُ له على توفيقِه وامتنانِه، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشأنِه، وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه الداعي إلى رضوانِه، صلى اللهُ وسلمَ وباركَ عليه وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه وإخوانِه، أبدًا إلى يومِ الدّين. أمّا بعدُ عبادَ الله

اتّقوا اللهَ حقَّ التقوى، واستمسكوا من الإسلامِ بالعروةِ الوُثقى، واحذروا المعاصي فإنّ أجسادَكم على النّارِ لا تقوى، واعلموا أنّ ملَكَ الموتِ قد تخطّاكم إلى غيرِكم، وسيتخطّى غيرَكم إليكم فخذوا حذرَكم، الكيّسُ مَنْ دانَ نفسَه، وعملَ لمَا بعدَ الموت، والعاجزُ من أتبعَ نفسَه هواها وتمنّى على اللهِ الأمانيّ. إنّ أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ رسولِ الله، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وعليكم بجماعةِ المسلمينَ فإنّ يدَ اللهِ مع الجماعة، ومن شذَّ عنهم شذَّ في النّار.

اللهمّ أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذلَّ الشركَ والمشركين، ودمّرْ أعداءَ الدّين، وانصرْ عبادَك المجاهدينَ وجنودَنا المرابطين، وأنجِ إخوانَنا المستضعفينَ في كلِّ مكانٍ يا ربَّ العالمين، اللهمّ آمِنّا في أوطانِنا ودورِنا، وأصلحْ أئمّتَنا وولاةَ أمورِنا، وهيّءْ لهم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ يا ربَّ العالمين، اللهمَّ أبرمْ لأمّةِ الإسلامِ أمرًا رشدًا يُعزُّ فيه أولياؤُك ويُذلُّ فيه أعداؤُك ويُعملُ فيه بطاعتِك ويُنهى فيه عن معصيتِك يا سميعَ الدعاء. اللهمّ ادفعْ عنّا الغَلا والوَبا والرّبا والزّنا والزلازلَ والمحنَ وسوءَ الفتنِ ما ظهرَ منها وما بطن، اللهمّ فرّجْ همَّ المهمومينَ ونفّسْ كرْبَ المكروبينَ واقضِ الدّينَ عن المدينينَ واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، اللهمّ اغفرْ لنا ولوالدِينا وأزواجِنا وذريّاتِنا ولجميعِ المسلمينَ برحمتِك يا أرحمَ الرّاحمين

دعاءُ الاستسقاء: اللهمّ أنتَ اللهُ لا إلهَ إلا أنتَ أنتَ الغنيُّ ونحن الفقراء،،،

عبادَ الله، إنّ اللهَ وملائكتَه يصلّونَ على النبيّ، يا أيّها الذينَ آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليمًا، ويقولُ عليه الصلاةُ والسلام: من صلّى عليّ صلاةً صلى اللهُ عليه بها عشْرًا. اللهمّ صلِّ وسلمْ وباركْ على عبدِك ورسولِك نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه أبدًا إلى يومِ الدّين. وأقمِ الصلاةَ إنّ الصلاةَ تَنهى عن الفحشاءِ والمنكر، ولذكرُ اللهِ أكبرُ واللهُ يعلمُ ما تصنعون.

إعداد/ وليد بن محمد العباد غفر الله له ولوالديه وأهله وذريته والمسلمين

جامع السعيد بحي المصيف شمال الرياض 8/ 5/ 1444هـ

المشاهدات 1637 | التعليقات 0