خطبة : ( عاشوراء بين اتباع السنة وهوس الرافضة )

عبدالله البصري
1431/01/05 - 2009/12/22 20:25PM


عاشوراء بين اتباع السنة وهوس الرافضة

ألقيت في 7/1/1428


الخطبة الأولى :


أَمَّا بَعدُ : فَاتَّقُوا اللهَ تعالى وَأَطِيعُوهُ، وَرَاقِبُوا أَمرَهُ وَنهيَهُ وَلا تَعصُوهُ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ.

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، وَفي هَذَا الشَّهرِ العَظِيمِ شَهرِ اللهِ المُحَرَّمِ الَّذِي يُذَكِّرُنَا بِهِجرَةِ المُصطَفَى مِن مَكَّةَ إِلى المَدِينَةِ وَبَدءِ ظُهُورِ الدَّعوَةِ الإِسلامِيَّةِ وَانتِصَارِ الإِسلامِ وَانتِشَارِهِ نَتَذَكَّرُ انتِصَارًا عَظِيمًا آخَرَ حَدَثَ في يَومٍ مِن أَيَّامِ اللهِ لِعَبدٍ مِن عِبَادِ اللهِ، ذَلِكُم هُوَ نَصرُ اللهِ لِعَبدِهِ وَكَلِيمِهِ مُوسَى عليه السلامُ وَخُذلانُ عَدُوِّهِ المُتَعَالي فِرعَونَ رَأسِ الطُّغَاةِ وَإِمامِ المُتَكَبِّرِينَ، فَعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي اللهُ عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَدِمَ المَدِينَةَ فَوَجَدَ اليَهُودَ صِيَامًا يَومَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ لهم رَسُولُ اللهِ : ((مَا هَذَا اليَومُ الذِي تَصُومُونَهُ؟)) فَقَالُوا: هَذَا يَومٌ عَظِيمٌ أَنجَى اللهُ فِيهِ مُوسَى وَقَومَهُ وَغَرَّقَ فِرعَونَ وَقَومَهُ، فَصَامَهُ مُوسَى شُكرًا فَنَحنُ نَصُومُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : ((فَنَحنُ أَحَقُّ وَأَولى بِمَوسَى مِنكُم))، فَصَامَهُ رَسُولُ اللهِ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ.

وَفي هَذَا الحَدَثِ وَالحَدِيثِ فَوَائِدُ وَوَقَفَاتٌ يَجِبُ أَن لاَّ تَغِيبَ عَنِ البَالِ، خَاصَّةً وَالأُمَّةُ تَعِيشُ مَا تَعِيشُهُ مِن وَهَنٍ وَضَعفٍ وَذُلٍّ وَتَفَرُّقٍ، وَالأَعدَاءُ تَسُومُهَا سُوءَ العَذَابِ تَقتِيلاً وَتَشرِيدًا وَتَمزِيقًا، بَعدَ أَن تَدَاعَت عَلَيهَا تَدَاعِيَ الأَكَلَةِ عَلَى قَصعَتِهَا.

الوَقفَةُ الأُولى: أَنَّ البَاطِلَ مَهمَا عَلا زَبَدُهُ وَارتَفَعَ دُخَانُهُ وَمَهمَا كَانَت مَوَازِينُ القُوَّةِ رَاجِحَةً في يَدِهِ والأُمُورُ في الظَّاهِرِ تَسِيرُ لِصَالِحِهِ إِلاَّ أَنّهُ وَاهٍ مَهمَا نَفَشَ وَانتَفَشَ، وَأَهلُهُ ضُعَفَاءُ مَهما نَفَخُوا وَانتَفَخُوا، فَذَلِكُم فِرعَونُ أَطغَى الطُّغَاةِ في عَصرِهِ الَّذِي قَالَ: أَنَا رَبُّكُمُ الأَعلَى، وَقَالَ: مَا عَلِمتُ لَكُم مِن إِلَهٍ غَيرِي، وقال: أَلَيسَ لي مُلكُ مِصرَ وَهَذِهِ الأَنهَارُ تَجرِي مِن تَحِتي، وقال: أَمْ أَنَا خَيرٌ مِن هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ، وَقَتَلَ مَن قَتَلَ مِن رِجَالِ بَني إِسرَائِيلَ، كَانَ هَلاكُهُ عَلَى يَدِ رَجُلٍ مِن بَني إِسرَائِيلَ الَّذين حَاوَلَ إِبَادَتَهُم وَاستِئصَالَ شَأفَتِهِم، رَجُلٍ تَرَبَّى في بَيتِهِ وبِمَالِهِ وَتَحتَ رِعَايَتِهِ، وَمَشى بَينَ يَدَيهِ وَتَحتَ عَينَيهِ، وَلم يَكُنْ أَحَدٌ أَقرَبَ مِنهُ إِلَيهِ، وَمَعَ ذَلِكَ لم يُسَلَّطْ عَلَيهِ، إِذْ أَلقَى اللهُ عَلَيهِ مَحَبَّةً مِنهُ وَصَنَعَهُ عَلَى عَينِهِ، فَكَانَ هَلاكُ هَذَا الطَّاغِيَةِ عَلَى يَدِهِ وَبِسَببِهِ بَعدَ أَن دَعَاهُ إِلى اللهِ فَكَذَّبَ وَعَصَى، قَالَ اللهُ عنِ فِرعَونَ وَجُنُودِهِ: وَاستَكبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ في الأَرضِ بِغَيرِ الحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُم إِلَينَا لا يُرجَعُونَ فَأَخَذنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذنَاهُم في اليَمِّ فَانظُرْ كَيفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ، وقال تعالى: فَأَخَذَهُ اللهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولى إِنَّ في ذَلِكَ لَعِبرَةً لمَن يَخشَى. وَكَمَا أَخَذَ اللهُ فِرعَونَ وَجُنُودَهُ وَأَهلَكَهُم فَسَيَأتي اليَومُ الَّذِي يَأخُذُ فِيهِ فَرَاعِنَةَ هَذَا العَصرِ الَّذِينَ أَبَوا وَعَصَوا، وَطَغَوا في البِلادِ فَأَكثَرُوا فِيهَا الفَسَادَ، وَعَمِلُوا عَلَى حَربِ الإِسلامِ وَطَارَدَوا المُسلِمِينَ، مِن لَدُنْ دَولَةِ الكُفرِ وَالطُّغيَانِ، إِلى كُلِّ مَن سَانَدَهَا وَنَاصَرَهَا وَدَارَ في فَلَكِهَا، وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ، لَكِنَّهَا مَسأَلَةُ وَقتٍ لا أَقَلَّ وَلا أَكثَرَ، حَتَّى إِذَا استَيأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُم قَد كُذِبُوا جَاءَهُم نَصرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأسُنَا عَنِ القَومِ المُجرِمِينَ.

الوَقفَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ أَعظَمَ الأَيَّامِ وَأَحَقَّهَا بِأَن يُحتَفَى بِهِ وَيَحتَفَلَ اليَومُ الَّذِي يَرتَفِعُ فِيهِ عَلَمُ الإِسلامِ وَتَعلُو رَايَةُ العَقِيدَةِ، فَيَومَ أَن يَنتَصِرَ الحَقُّ وَيُخذَلَ البَاطِلُ يَفرَحُ المُؤمِنُونَ بِنَصرِ اللهِ، كَمَا قَالَ سُبحَانَهُ: غُلِبَتِ الرُّومُ في أَدنى الأَرضِ وَهُم مِن بَعدِ غَلَبِهِم سَيَغلِبُونَ في بِضعِ سِنِينَ للهِ الأَمرُ مِن قَبلُ وَمِن بَعدُ وَيَومَئِذٍ يَفرَحُ المُؤمِنُونَ بِنَصرِ اللهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ العَزِيزُ الرَّحِيمُ.

الوَقفَةُ الثَّالِثَةُ: أنَّ مِن حَقِّ اللهِ عَلَى عَبدِهِ كُلَّمَا تَجَدَّدَت عَلَيهِ مِنهُ نِعمَةٌ أَن يُقَابِلَهَا بِالشُّكرِ لِلمُنعِمِ سُبحَانَهُ، وَأَفضَلُ الشُّكرِ مَا كَانَ بِالقَلبِ اعتِرَافًا وَبِاللِّسَانِ تَحَدُّثًا وَبِالجَوَارِحِ عَمَلاً وَتَطبِيقًا، وَهَذَا مَا فَعَلَهُ مُوسَى عليه السلامُ حِينَ صَامَ عَاشُورَاءَ شُكرًا للهِ على نَجَاتِهِ وَهَلاكِ عَدُوِّهِ، وَفَعَلَهُ نَبِيُّنَا محمدٌ امتِدَادًا لِذَلِكَ الشُّكرِ، وَيَفعَلُهُ المُؤمِنُونَ في كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ اقتِدَاءً بِنَبِيِّهِم وَطَلبًا لِلأَجرِ مِن رَبِّهِم.

وَقَد يَقُولُ قَائِلٌ وَيَتَسَاءَلُ مُتَسَائِلٌ: إِنَّ في الإِسلامِ أَيَّامًا عَظِيمَةً كَانَ فِيهَا لِلإِسلامِ نَصرٌ وَعِزٌّ، كَالأَيَّامِ التي انتَصَرَ فِيهَا النبيُّ في غَزَوَاتِهِ، وَكَيَومِ مِيلادِهِ وَهِجرَتِهِ، وَكَحَادِثَةِ الإِسرَاءِ وَالمِعرَاجِ وَغَيرِهَا، فَلِمَاذَا لا نَصُومُهَا أَو نُحدِثُ فِيهَا مِنَ العِبَادَاتِ مَا يَكُونُ بِهِ شُكرُ اللهِ عَلَى نِعَمِهِ فِيهَا؟! فَيُقَالُ: إِنَّ مَبنى الدِّينِ عَلَى التَّأسِّي وَالاستِسلامِ وَالاتِّبَاعِ، لا عَلَى الاستِحسَانِ وَالإِحدَاثِ وَالابتِدَاعِ، لَقَد كَانَ لَكُم في رَسُولِ اللهِ أُسوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرجُو اللهَ وَاليَومَ الآخِرَ، وَنحنُ حِينَمَا نَصُومُ عَاشُورَاءَ فَإنَّما نَصُومُهُ اتِّبَاعًا لَهُ عليه الصلاةُ والسلامُ فِيمَا شَرَعَهُ لَنَّا وَسَنَّهُ، لا استِحسَانًا مِن عِندِ أَنفُسِنَا، قَالَ : ((مَن عَمِلَ عَمَلاً لَيسَ عَلَيهِ أَمرُنَا فَهُوَ رَدٌّ)).

الوَقفَةُ الرَّابِعَةُ: مَعَ قَولِهِ : ((نحنُ أَحَقُّ بِمَوسَى مِنكُم))؛ إِذ فِيهِ أَعظَمُ الدَّلالَةِ عَلَى أَنَّ رَابِطَةَ الإِيمَانِ بِاللهِ هِيَ أَقوَى رَابِطَةٍ، وَأَنَّ صَلِةَ الإِسلامِ هِيَ أَعظَمُ صِلَةٍ، وَأَنَّ نَسَبَ الدِّينِ هُوَ أَعظَمُ النَّسَبِ، فَمُحَمَّدٌ عليه الصلاةُ والسلامُ وَأُمَّتُهُ بِتَمَسُّكِهِم بِدِينِهِم وَثَبَاتِهِم عَلَى الإِيمانِ أَولى بِمَوسَى وَأَقرَبُ إِلَيهِ مِنَ اليَهُودِ المُحَرِّفِينَ لِشَرِيعَتِهِ النَّاكِبِينَ عَن طَرِيقَتِهِ، بَل إِنَّ أُمَّةَ الإِسلامِ أَحَقُّ بِكُلِّ نَبيٍّ وَأَولى بِهِ مِن قَومِهِ الَّذِينَ كَذَّبُوهُ وَعَصَوهُ، وَرُسُلُ اللهِ دِينُهُم وَاحِدٌ، جَاؤُوا بِالتَّوحِيدِ وَعِبَادَةِ اللهِ وَحدَهُ دُونَ سِوَاهُ، قَالَ سُبحَانَهُ: إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُم أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُم فَاعبُدُونِ، وقال تعالى: آمَنَ الرَّسُولُ بما أُنزِلَ إِلَيهِ مِن رَبّهِ وَالمُؤمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائكتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَينَ أَحَدٍ مِن رُّسُلِهِ، وقال جل وعلا: إِنَّ أَولى النَّاسِ بِإِبراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلىُّ المُؤمِنِينَ، وقال عليه الصلاةُ وَالسَّلامُ: ((أَنَا أَولى النَّاسِ بِعِيسَى ابنِ مَريمَ في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ، لَيسَ بَيني وَبَينَهُ نَبيٌّ، وَالأَنبِيَاءُ أَولادُ عَلاَّتٍ؛ أُمَّهَاتُهُم شَتَّى وَدِينُهُم وَاحِدٌ))، ولمَّا أَهلَكَ اللهُ قَومَ نُوحٍ في الطُّوفَانِ وَفِيهِمُ ابنُهُ الكَافِرُ فَدَعَا رَبَّهُ: رَبِّ إِنَّ ابنِي مِن أَهلِي وَإِنَّ وَعدَكَ الحَقُّ وَأَنتَ أَحكَمُ الحَاكِمِينَ قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيسَ مِن أَهلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسأَلْنِ مَا لَيسَ لَكَ بِهِ عِلمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الجَاهِلِينَ.

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ يَومَ عَاشُورَاءَ يَومٌ عَظِيمٌ جَلِيلٌ، وَصِيَامُهُ عَمَلٌ صَالحٌ وَسُنَّةٌ نَبَوِيَّةٌ كَرِيمَةٌ، سُئِلَ ابنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا عَن صِيَامِ عَاشُورَاءَ فَقَالَ: مَا عَلِمتُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَامَ يَومًا يَطلُبُ فَضلَهُ عَلَى الأَيَّامِ إِلاَّ هَذَا اليَومَ. وَقَد بَيَّنَ عليه الصلاةُ والسلامُ أَنَّ صِيَامَ هَذَا اليَومِ يُكَفِّرُ ذُنُوبَ سَنَةٍ كَامِلَةٍ، فَقَالَ: ((صِيَامُ عَاشُورَاءَ أَحتَسِبُ عَلَى اللهِ أَن يُكَفِّرَ السَّنَةَ التي قَبلَهُ)).

وَلأَنَّ الإِسلامَ قَد جَاءَ بِمُخَالَفَةِ أَهلِ الكِتَابِ فَإِنَّ مِنَ السُّنَّةِ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ أَنْ يُصَامَ مَعَ عَاشُورَاءَ يَومٌ قَبلَهُ أَو بَعدَهُ، فَعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قال: حِينَ صَامَ رَسُولُ اللهِ يَومَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ يَومٌ تُعَظِّمُهُ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : ((فَإِذَا كَانَ العَامُ المُقبِلُ إِن شَاءَ اللهُ صُمنَا اليَومَ التَّاسِعَ))، قَالَ: فَلَم يَأتِ العَامُ المُقبِلُ حتى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ ، وعنه رَضِيَ اللهُ عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ : ((صُومُوا يَومَ عَاشُورَاءَ وَخَالِفُوا فِيهِ اليَهُودَ؛ صُومُوا قَبلَهُ يَومًا أَو بَعدَهُ يَومًا)).

أَلا فَاقتَدُوا بِنَبِيِّكُم وَصُومُوا عَاشُورَاءَ، والَّذِي سَيوافِقُ الاثنينَ القَادِمَ، وَخَالِفُوا اليَهُودَ بِصِيَامِ التَّاسِعِ وَهُوَ يَومُ الأَحَدِ، أَو الحَادِيَ عَشَرَ وَهُوَ يَومُ الثُّلاثَاءِ، أَو بِصِيَامِهِمَا كِلَيهِمَا مَعَ عَاشُورَاءَ، إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجرَ مَن أَحسَنَ عَمَلاً.

أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ، وَأَوحَينَا إِلىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُم مُتَّبَعُونَ فَأَرسَلَ فِرعَونُ في المَدَائِنِ حَاشِرِينَ إِنَّ هَؤُلاءِ لَشِرذِمَةٌ قَلِيلُونَ وَإِنَّهُم لَنَا لَغَائِظُونَ وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ فَأَخرَجنَاهُم مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ كَذَلِكَ وَأَورَثنَاهَا بَني إِسرائِيلَ فَأَتبَعُوهُم مُشرِقِينَ فَلَمَّا تَرَاءَى الجَمعَانِ قَالَ أَصحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدرَكُونَ قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهدِينِ فَأَوحَينَا إِلى مُوسَى أَنِ اضرِبْ بِعَصَاكَ البَحرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرقٍ كَالطَّودِ العَظِيمِ وَأَزلَفنَا ثَمَّ الآخَرِينَ وَأَنجَينَا مُوسَى وَمَن مَعَهُ أَجمَعِينَ ثُمَّ أَغرَقنَا الآخَرِينَ إِنَّ في ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكثَرُهُم مُؤمِنِينَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ العَزِيزُ الرَّحِيمُ.






الخطبة الثانية :


أَمَّا بَعدُ : فَاتَّقُوا اللهَ تعالى حَقَّ التَّقوَى، وَتَمَسَّكُوا مِنَ الإِسلامِ بِالعُروَةِ الوُثقَى، وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجعَلْ لَهُ مَخرَجًا.

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ يَومَ عَاشُورَاءَ الَّذِي هُوَ مُنَاسَبَةٌ لِلذِّكرِ وَالشُّكرِ وَالعِبَادَةِ قَدِ ارتَبَطَ عِندَ الرِّافِضَةِ مَجُوسِ هَذِهِ الأُمَّةِ بِضَلالاتٍ وَخُرَافَاتٍ وَخُزعبلاتٍ، وَأَحدَثُوا فِيهِ بِدَعًا وَأَوهَامًا وَمُنكَرَاتٍ، وَاعتَادُوا فِيهِ عَلَى مُمَارَسَاتٍ مَا أَنزَلَ اللهُ بها مِن سُلطَانٍ، إِذ تَرَاهُم يَلطمُونَ فِيهِ خُدُودَهُم وَيَصِيحُونَ، وَيَخمِشُونَ وُجُوهَهُم وَيُوَلوِلُونَ، وَيَعلُو بُكَاؤُهُم وَيَرتَفِعُ عَوِيلُهُم، وَيَكثُرُ نَحِيبُهُم وَيُعَذِّبُونَ أَجسَادَهُم، وَتَسِيلُ مِنهُمُ الدُّمُوعُ وَالدِّمَاءُ، وَيَختَلِطُ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، وَرَبُّمَا هُتِكَتِ العَورَاتُ وَارتُكِبَتِ الفَحشَاءُ، يَفعَلُونَ ذَلِكَ بِاسمِ الحُزنِ عَلَى مَقتَلِ الحُسَينِ رضي اللهُ عنه، وَادِّعَاءً لِحُبِّ آلِ البَيتِ رضوَانُ اللهِ عَلَيهِم، وَاللهُ يَعلَمُ أَنَّهُم مِن أَضَلِّ النَّاسِ فِيمَا يَفعَلُونَ وَأَكذَبِهِم فِيمَا يَدَّعُونَ، قَالَ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيمِيَّةَ رحمه اللهُ: "وَمِن حَمَاقَتِهِم إِقَامَةُ المَأتَمِ وَالنِّيَاحَةُ عَلَى مَن قَد قُتِلَ مِن سِنِينَ عَدِيدَةٍ، وَمِنَ المَعلُومِ أَنَّ المَقتُولَ وَغَيرَهُ مِنَ المَوتَى إِذَا فُعِلَ مِثلُ ذَلِكَ بهم عَقِبَ مَوتِهِم كَانَ ذَلِكَ ممَّا حَرَّمَهُ اللهُ وَرَسُولُهُ، فَقَد ثَبَتَ في الصَّحِيحِ عَنِ النبيِّ أَنَّهُ قَالَ: ((لَيسَ مِنَّا مَن لَطَمَ الخُدُودَ وَشَقَّ الجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعوَى الجَاهِلِيَّةِ))، وَهَؤُلاءِ يَأتُونَ مِن لَطمِ الخُدُودِ وَشَقِّ الجُيُوبِ وَدَعوَى الجَاهِلِيَّةِ وَغَيرِ ذَلِكَ مِنَ المُنكَرَاتِ بَعدَ مَوتِ المَيِّتِ بِسِنِينَ كَثِيرَةٍ مَا لَو فَعَلُوهُ عَقِبَ مَوتِهِ لَكَانَ ذَلِكَ مِن أَعظَمِ المُنكَرَاتِ التي حَرَّمَهَا اللهُ وَرَسُولُهُ، فَكَيفَ بَعدَ هَذِهِ المُدَّةِ الطَّوِيلَةِ؟! وَمِنَ المَعلُومِ أَنَّهُ قَد قُتِلَ مِنَ الأَنبِيَاءِ وَغَيرِ الأَنبِيَاءِ ظُلمًا وَعُدوَانًا مَن هُوَ أَفضَلُ مِنَ الحُسَينِ، قُتِلَ أَبُوهُ ظُلمًا وَهُوَ أَفضَلُ مِنهُ، وَقُتِلَ عُثمَانُ بنُ عَفَّانَ وَكَانَ قَتلُهُ أَوَّلَ الفِتَنِ العَظِيمَةِ التي وَقَعَت بَعدَ مَوتِ النبيِّ ، وَتَرَتَّبَ عَلَيهِ مِنَ الشَّرِّ وَالفَسَادِ أَضعَافُ مَا تَرَتَّبَ على قَتلِ الحُسَينِ، وَقُتِلَ غَيرُ هَؤُلاءِ وَمَاتَ، وَمَا فَعَلَ أَحَدٌ لا مِنَ المُسلِمِينَ وَلا غَيرِهِم مَأتَمًا وَلا نِيَاحَةً عَلى مَيِّتٍ وَلا قَتِيلٍ بَعدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ مِن قَتلِهِ إِلاَّ هَؤُلاءِ الحَمقَى" اهـ.

إِنَّ هَؤُلاءِ الرَّافِضَةَ الَّذِينَ يَدَّعُونَ حُبَّ الحُسَينِ وَأَهلِ البَيتِ هُم وَاللهِ أَشَدُّ النَّاسِ لِلصَّحَابَةِ بُغضًا وَلِقَدرِهِم تَنَقُّصًا، وَبِمَكَانَتِهِم جَهلاً وَلِفَضِيلَتِهِم تَضيِيعًا، إذْ يُكَفِّرونهم إِلاَّ نَفَرًا قَلِيلاً، وَيَلعَنُونَ أَشيَاخَهُم أَبَا بَكرٍ وَعُمَرَ، وَيَتَّهِمُونَ بِالزِّنَا أَطهَرَهُم الصِّدِّيقَةَ بِنتَ الصِّدِّيقَ زَوجَةَ رَسُولِ اللهِ، وَهُم في كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ أَلَدُّ أَعدَاءِ أَهلِ السُّنَّةِ وَأَشَدُّ خُصُومِهِم، لا يَقِلُّ عَدَاؤُهُم عَن عَدَاءِ أَخبَثِ خَلقِ اللهِ مِنَ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَأَفعَالُهُمُ المَشِينَةُ مَعَ أَهلِ السُّنَّةِ وَتَخطِيطُهُم لِخُذلانِِهِم مِن الشُّهرَةِ بِحَيثُ لا تُنكَرُ، وَمَا قَامَت لِليَهُودِ أَوِ النَّصَارَى دَولَةٌ إِلاَّ كَانُوا مَعَهُم عَلى أَهلِ السُّنَّةِ، وَالوَاقِعُ المُشَاهَدُ في العِرَاقِ الآنَ خَيرُ دَلِيلٍ، وَمَاذَا يُنتَظَرُ مِن قَومٍ كَفَّرُوا الصَّحَابَةَ الِّذِينَ هُم خَيرُ الأُمَّةِ بَعدَ نَبِيِّهَا؟! مَاذَا يُنتَظَرُ ممَّن يَلعَنُونَ أَبَا بَكرٍ وَعُمَرَ وَيَسُبُّونَهُمَا؟! مَاذَا يُنتَظَرُ ممَّن يَرمُونَ أُمَّ المُؤمِنِينَ الصِّدِّيقَةَ بِنتَ الصِّدِّيقِ بِالزِّنَا؟! يُؤذُونَ رَسُولَ اللهِ في أَحَبِّ نِسَائِهِ إِلَيهِ، ثم يَدَّعُونَ حُبَّ آلِ البَيتِ، أَلا فَمَا أَحرَاهُم بِقَولِ اللهِ تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُؤذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُم عَذَابًا مُهِينًا.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسألُكَ أَن تُرِيَنَا في الرَّافِضَةِ يَومًا أَسوَدَ، اللَّهُمَّ أَحصِهِم عَدَدًا وَاقتُلهُم بَدَدًا، وَلا تُغَادِرْ مِنهُم أَحَدًا، اللَّهُمَّ لا تَرفَعْ لهم رَايَةً، وَلا تُبَلِّغْهُم هَدَفًا وَلا غَايَةً، وَاجعَلْهُم لِمَن خَلفَهُم عِبرَةً وَآيَةً، اللَّهُمَّ خُذْهُم أَخذَ عَزِيزٍ مُقتَدِرٍ، لا تُبقِ مِنهُم وَلا تَذَرْ، اللَّهُمَّ وَعَليكَ بِجَمِيعِ أَعدَاءِ دِينِكَ مِنَ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى وَمَن هَاوَدَهُم وَنَاصَرَهُم، اللَّهُمَّ وَأَبرِمْ لِهَذِهِ الأُمَّةِ أَمرًا رَشَدًا، يُعَزُّ فِيهِ أَهلُ طَاعَتِكَ، وَيُذَلُّ فِيهِ أَهلُ الإِشرَاكِ بِكَ، وَيُؤمَرُ فِيهِ بِالمَعرُوفِ وَيُنهَى عَنِ المُنكَرِ يَا سَمِيعَ الدُّعَاءِ ...
المشاهدات 4265 | التعليقات 1

إن الحمد لله نحمد ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعهم بإحسان إلى يوم الدين .أَمَّا بَعدُ : فَاتَّقُوا اللهَ تعالى وَأَطِيعُوهُ، وَرَاقِبُوا أَمرَهُوَنهيَهُ وَلا تَعصُوهُ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوامَعَ الصَّادِقِينَ.أَيُّهَا المُسلِمُونَ، هَذَاالشَّهرِ العَظِيمِ شَهرِ اللهِ المُحَرَّمِ يُذَكِّرُنَا بنَصر اللهِ لِعَبدِهِ وَكَلِيمِهِ مُوسَى عليه السلامُ وَخُذلانعَدُوِّهِ المُتَعَالي فِرعَونَ الذي سلط على بني اسرائيل نتيجة عصيانهم وتمردهم على أوامر الله عز وجل وقتلهم لأنبيائهم وصالحيهم فكما تكونون يولى عليكم،فَعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي اللهُ عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَدِمَ المَدِينَةَفَوَجَدَ اليَهُودَ صِيَامًا يَومَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ لهم رَسُولُ اللهِ : ((مَاهَذَا اليَومُ الذِي تَصُومُونَهُ؟)) فَقَالُوا: هَذَا يَومٌ عَظِيمٌ أَنجَى اللهُفِيهِ مُوسَى وَقَومَهُ وَغَرَّقَ فِرعَونَ وَقَومَهُ، فَصَامَهُ مُوسَى شُكرًافَنَحنُ نَصُومُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : ((فَنَحنُ أَحَقُّ وَأَولى بِمَوسَىمِنكُم))، فَصَامَهُ رَسُولُ اللهِ وَأَمَرَبِصِيَامِهِ.وَفي هَذَا الحَدَثِ وَالحَدِيثِ فَوَائِدُ وَوَقَفَاتٌ يَجِبُ أَن لاَّتَغِيبَ عَنِ البَالِ، خَاصَّةً وَالأُمَّةُ في غالبها تَعِيشُ مَا تَعِيشُهُ مِن وَهَنٍوَضَعفٍ وَذُلٍّ وَتَفَرُّقٍ، وَالأَعدَاءُ تَسُومُهَا سُوءَ العَذَابِ تَقتِيلاًوَتَشرِيدًا وَتَمزِيقًا، بَعدَ أَن تَدَاعَت عَلَيهَا تَدَاعِيَ الأَكَلَةِ عَلَىقَصعَتِهَا.الوَقفَةُ الأُولى: أَنَّ البَاطِلَ مَهمَا عَلا زَبَدُهُ وَارتَفَعَدُخَانُهُ وَمَهمَا كَانَت مَوَازِينُ القُوَّةِ رَاجِحَةً في يَدِهِ والأُمُورُ فيالظَّاهِرِ تَسِيرُ لِصَالِحِهِ إِلاَّ أَنّهُ وَاهٍ مَهمَا نَفَشَ وَانتَفَشَ،وَأَهلُهُ ضُعَفَاءُ مَهما نَفَخُوا وَانتَفَخُوا، فَذَلِكُم فِرعَونُ أَطغَىالطُّغَاةِ في عَصرِهِ الَّذِي قَالَ: أَنَا رَبُّكُمُ الأَعلَى، وَقَالَ: مَاعَلِمتُ لَكُم مِن إِلَهٍ غَيرِي، وقال: أَلَيسَ لي مُلكُ مِصرَ وَهَذِهِالأَنهَارُ تَجرِي مِن تَحِتي، وقال: أَمْ أَنَا خَيرٌ مِن هَذَا الَّذِي هُوَمَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ، وَقَتَلَ مَن قَتَلَ مِن رِجَالِ بَني إِسرَائِيلَ،كَانَ هَلاكُهُ عَلَى يَدِ رَجُلٍ مِن بَني إِسرَائِيلَ الَّذين حَاوَلَإِبَادَتَهُم وَاستِئصَالَ شَأفَتِهِم، رَجُلٍ تَرَبَّى في بَيتِهِ وبِمَالِهِوَتَحتَ رِعَايَتِهِ، وَمَشى بَينَ يَدَيهِ وَتَحتَ عَينَيهِ، وَلم يَكُنْ أَحَدٌأَقرَبَ مِنهُ إِلَيهِ، وَمَعَ ذَلِكَ لم يُسَلَّطْ عَلَيهِ، إِذْ أَلقَى اللهُعَلَيهِ مَحَبَّةً مِنهُ وَصَنَعَهُ عَلَى عَينِهِ، فَكَانَ هَلاكُ هَذَاالطَّاغِيَةِ عَلَى يَدِهِ وَبِسَببِهِ بَعدَ أَن دَعَاهُ إِلى اللهِ فَكَذَّبَوَعَصَى، قَالَ اللهُ عنِ فِرعَونَ وَجُنُودِهِ: وَاستَكبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فيالأَرضِ بِغَيرِ الحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُم إِلَينَا لا يُرجَعُونَ فَأَخَذنَاهُوَجُنُودَهُ فَنَبَذنَاهُم في اليَمِّ فَانظُرْ كَيفَ كَانَ عَاقِبَةُالظَّالِمِينَ، وقال تعالى: فَأَخَذَهُ اللهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولى إِنَّ فيذَلِكَ لَعِبرَةً لمَن يَخشَى. الوَقفَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ أَعظَمَ الأَيَّامِ وَأَحَقَّهَا بِأَنيُحتَفَى بِهِ وَيَحتَفَلَ اليَومُ الَّذِي يَرتَفِعُ فِيهِ عَلَمُ الإِسلامِوَتَعلُو رَايَةُ العَقِيدَةِ، فَيَومَ أَن يَنتَصِرَ الحَقُّ وَيُخذَلَ البَاطِلُيَفرَحُ المُؤمِنُونَ بِنَصرِ اللهِ، كَمَا قَالَ سُبحَانَهُ: غُلِبَتِ الرُّومُ فيأَدنى الأَرضِ وَهُم مِن بَعدِ غَلَبِهِم سَيَغلِبُونَ في بِضعِ سِنِينَ للهِالأَمرُ مِن قَبلُ وَمِن بَعدُ وَيَومَئِذٍ يَفرَحُ المُؤمِنُونَ بِنَصرِ اللهِيَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ العَزِيزُالرَّحِيمُ.الوَقفَةُ الثَّالِثَةُ: أنَّ مِن حَقِّ اللهِ عَلَى عَبدِهِ كُلَّمَاتَجَدَّدَت عَلَيهِ مِنهُ نِعمَةٌ أَن يُقَابِلَهَا بِالشُّكرِ لِلمُنعِمِسُبحَانَهُ، وَأَفضَلُ الشُّكرِ مَا كَانَ بِالقَلبِ اعتِرَافًا وَبِاللِّسَانِتَحَدُّثًا وَبِالجَوَارِحِ عَمَلاً وَتَطبِيقًا، وَهَذَا مَا فَعَلَهُ مُوسَى عليهالسلامُ حِينَ صَامَ عَاشُورَاءَ شُكرًا للهِ على نَجَاتِهِ وَهَلاكِ عَدُوِّهِ،وَفَعَلَهُ نَبِيُّنَا محمدٌ امتِدَادًا لِذَلِكَ الشُّكرِ، وَيَفعَلُهُالمُؤمِنُونَ في كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ اقتِدَاءً بِنَبِيِّهِم وَطَلبًا لِلأَجرِمِن رَبِّه.وَقَد يَقُولُ قَائِلٌ وَيَتَسَاءَلُ مُتَسَائِلٌ: إِنَّ في الإِسلامِأَيَّامًا عَظِيمَةً كَانَ فِيهَا لِلإِسلامِ نَصرٌ وَعِزٌّ، كَالأَيَّامِ التيانتَصَرَ فِيهَا النبيُّ في غَزَوَاتِهِ، وَكَيَومِ مِيلادِهِ وَهِجرَتِهِ،وَكَحَادِثَةِ الإِسرَاءِ وَالمِعرَاجِ وَغَيرِهَا، فَلِمَاذَا لا نَصُومُهَا أَونُحدِثُ فِيهَا مِنَ العِبَادَاتِ مَا يَكُونُ بِهِ شُكرُ اللهِ عَلَى نِعَمِهِفِيهَا؟! فَيُقَالُ: إِنَّ مَبنى الدِّينِ عَلَى التَّأسِّي وَالاستِسلامِوَالاتِّبَاعِ، لا عَلَى الاستِحسَانِ وَالإِحدَاثِ وَالابتِدَاعِ، لَقَد كَانَلَكُم في رَسُولِ اللهِ أُسوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرجُو اللهَ وَاليَومَالآخِرَ، وَنحنُ حِينَمَا نَصُومُ عَاشُورَاءَ فَإنَّما نَصُومُهُ اتِّبَاعًا لَهُعليه الصلاةُ والسلامُ فِيمَا شَرَعَهُ لَنَّا وَسَنَّهُ، لا استِحسَانًا مِن عِندِأَنفُسِنَا، قَالَ : ((مَن عَمِلَ عَمَلاً لَيسَ عَلَيهِ أَمرُنَا فَهُوَرَدٌّ)).الوَقفَةُ الرَّابِعَةُ: مَعَ قَولِهِ : ((نحنُ أَحَقُّ بِمَوسَى مِنكُم))؛إِذ فِيهِ أَعظَمُ الدَّلالَةِ عَلَى أَنَّ رَابِطَةَ الإِيمَانِ بِاللهِ هِيَأَقوَى رَابِطَةٍ، وَأَنَّ صَلِةَ الإِسلامِ هِيَ أَعظَمُ صِلَةٍ، وَأَنَّ نَسَبَالدِّينِ هُوَ أَعظَمُ النَّسَبِ، فَمُحَمَّدٌ عليه الصلاةُ والسلامُ وَأُمَّتُهُبِتَمَسُّكِهِم بِدِينِهِم وَثَبَاتِهِم عَلَى الإِيمانِ أَولى بِمَوسَى وَأَقرَبُإِلَيهِ مِنَ اليَهُودِ المُحَرِّفِينَ لِشَرِيعَتِهِ النَّاكِبِينَ عَنطَرِيقَتِهِ، بَل إِنَّ أُمَّةَ الإِسلامِ أَحَقُّ بِكُلِّ نَبيٍّ وَأَولى بِهِ مِنقَومِهِ الَّذِينَ كَذَّبُوهُ وَعَصَوهُ، وَرُسُلُ اللهِ دِينُهُم وَاحِدٌ، جَاؤُوابِالتَّوحِيدِ وَعِبَادَةِ اللهِ وَحدَهُ دُونَ سِوَاهُ، قَالَ سُبحَانَهُ: إِنَّهَذِهِ أُمَّتُكُم أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُم فَاعبُدُونِ، وقال تعالى: آمَنَ الرَّسُولُ بما أُنزِلَ إِلَيهِ مِن رَبّهِ وَالمُؤمِنُونَ كُلٌّ آمَنَبِاللهِ وَمَلائكتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَينَ أَحَدٍ مِنرُّسُلِهِ، وقال جل وعلا: إِنَّ أَولى النَّاسِ بِإِبراهِيمَ لَلَّذِينَاتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلىُّ المُؤمِنِينَ،وقال عليه الصلاةُ وَالسَّلامُ: ((أَنَا أَولى النَّاسِ بِعِيسَى ابنِ مَريمَ فيالدُّنيَا وَالآخِرَةِ، لَيسَ بَيني وَبَينَهُ نَبيٌّ، وَالأَنبِيَاءُ أَولادُعَلاَّتٍ؛ أُمَّهَاتُهُم شَتَّى وَدِينُهُم وَاحِدٌ))، ولمَّا أَهلَكَ اللهُ قَومَنُوحٍ في الطُّوفَانِ وَفِيهِمُ ابنُهُ الكَافِرُ فَدَعَا رَبَّهُ: رَبِّ إِنَّابنِي مِن أَهلِي وَإِنَّ وَعدَكَ الحَقُّ وَأَنتَ أَحكَمُ الحَاكِمِينَ قَالَ يَانُوحُ إِنَّهُ لَيسَ مِن أَهلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسأَلْنِ مَالَيسَ لَكَ بِهِ عِلمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَالجَاهِلِينَ,َأيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ يَومَ عَاشُورَاءَ يَومٌ عَظِيمٌ جَلِيلٌ،وَصِيَامُهُ عَمَلٌ صَالحٌ وَسُنَّةٌ نَبَوِيَّةٌ كَرِيمَةٌ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما رأيتُ النبيَّ يتحرَّى صيام يوم فضَّله على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء، وهذا الشهر يعني: شهر رمضان. أخرجه البخاري. وعن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله سئل عن صيام يوم عاشوراء فقال: ((يكفّر السنة الماضية)) أخرجه مسلم. وَلأَنَّ الإِسلامَ قَد جَاءَبِمُخَالَفَةِ أَهلِ الكِتَابِ فَإِنَّ مِنَ السُّنَّةِ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـأَنْ يُصَامَ مَعَ عَاشُورَاءَ اليوم التاسع ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : ((لئن بقيت إلى قابِلٍ لأصومَنَّ التاسعَ)) أخرجه مسلم وقال ابن عباس رضي الله عنهما: (صوموا اليوم التاسع والعاشر وخالفوا اليهود) أخرجه البيهقي. قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: "فإن اشتبه عليه أوّل الشهر صام ثلاثةَ أيام، وإنما يفعل ذلك ليتيقّن صوم التاسع والعاشر".أَلا فَاقتَدُوا بِنَبِيِّكُم وَصُومُواعَاشُورَاءَ، والَّذِي سَيوافِقُ الأحد القَادِمَ حسبما أعلن رسميا من المحكمة العليا(1431هـ) ، وَخَالِفُوا اليَهُودَبِصِيَامِ التَّاسِعِ وَهُوَ يَومُ غد السبت.أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ، وَأَوحَينَا إِلىٰ مُوسَىٰأَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُم مُتَّبَعُونَ فَأَرسَلَ فِرعَونُ في المَدَائِنِحَاشِرِينَ إِنَّ هَؤُلاءِ لَشِرذِمَةٌ قَلِيلُونَ وَإِنَّهُم لَنَا لَغَائِظُونَوَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ فَأَخرَجنَاهُم مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَكُنُوزٍوَمَقَامٍ كَرِيمٍ كَذَلِكَ وَأَورَثنَاهَا بَني إِسرائِيلَ فَأَتبَعُوهُممُشرِقِينَ فَلَمَّا تَرَاءَى الجَمعَانِ قَالَ أَصحَابُ مُوسَى إِنَّالَمُدرَكُونَ قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهدِينِ فَأَوحَينَا إِلى مُوسَىأَنِ اضرِبْ بِعَصَاكَ البَحرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرقٍ كَالطَّودِالعَظِيمِ وَأَزلَفنَا ثَمَّ الآخَرِينَ وَأَنجَينَا مُوسَى وَمَن مَعَهُأَجمَعِينَ ثُمَّ أَغرَقنَا الآخَرِينَ إِنَّ في ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَأَكثَرُهُم مُؤمِنِينَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ العَزِيزُالرَّحِيمُ.نفعني الله وإياكم بهدي كتابه،وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين، إن الله غفور رحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه، وسلم تسليماً كثيراً.أَمَّا بَعدُ : فَاتَّقُوا اللهَ تعالى حَقَّ التَّقوَى، وَتَمَسَّكُوا مِنَالإِسلامِ بِالعُروَةِ الوُثقَى، وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجعَلْ لَهُمَخرَجًا.أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ يَومَ عَاشُورَاءَ الَّذِي هُوَ مُنَاسَبَةٌلِلذِّكرِ وَالشُّكرِ وَالعِبَادَةِ قَدِ ارتَبَطَ عِندَ الرِّافِضَةِ مَجُوسِهَذِهِ الأُمَّةِ بِضَلالاتٍ وَخُرَافَاتٍ وَخُزعبلاتٍ، وَأَحدَثُوا فِيهِ بِدَعًاوَأَوهَامًا وَمُنكَرَاتٍ، وَاعتَادُوا فِيهِ عَلَى مُمَارَسَاتٍ مَا أَنزَلَ اللهُبها مِن سُلطَانٍ عليهم ولا على غيرهم ، إِذ تَرَاهُم يَلطمُونَ فِيهِ خُدُودَهُم وَيَصِيحُونَ،وَيَخمِشُونَ وُجُوهَهُم وَيُوَلوِلُونَ، وَيَعلُو بُكَاؤُهُم وَيَرتَفِعُعَوِيلُهُم، وَيَكثُرُ نَحِيبُهُم وما بهذا أمر المصاب بمصيبة بل أمر بالصبر والاسترجاع ، بل وَيُعَذِّبُونَ أَجسَادَهُم بالسلاسل والسيوف، وَتَسِيلُ مِنهُمُالدِّمَاءُ،مما يسخر به الكفار ويشنعون به كل عام كما َيَختَلِطُ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، وَرَبُّمَاهُتِكَتِ العَورَاتُ وَارتُكِبَتِ الفَحشَاءُ، ، يَفعَلُونَ ذَلِكَ بِاسمِ الحُزنِعَلَى مَقتَلِ الحُسَينِ رضي اللهُ عنه، وَادِّعَاءً لِحُبِّ آلِ البَيتِ رضوَانُاللهِ عَلَيهِم، وَاللهُ يَعلَمُ أَنَّهُم مِن أَضَلِّ النَّاسِ فِيمَا يَفعَلُونَوَأَكذَبِهِم فِيمَا يَدَّعُونَ، إن الحقيقة التي ينبغي أن يَعِيَها الجميع : أنقتَلة الحسين هم شيعة الكوفة الذين دعوه للبيعة وحرضوه للمسير إليهم ثم خانوه وقتلوه، وحتى لا يكون الكلامتجنيًا ورجمًا بالتُّهَم نستنطق كتبَ الشيعة لتؤكِّد لنا بجلاء ووضوح أن الذيندَعَوْه لنصرته ومبايعته هم الذين قتلوه، ثم ذرفوا الدموع علىموته!جاء في كتاب "أعيان الشيعة"، لسيدهم محسن الأمين، قال: بايَعالحسينَ عشرون ألفًا من أهل العراق، غدروا به، وخرجوا عليه وبيعته في أعناقهموقتلوه.ويقول إخباري الشيعة عباس القُمِّي في كتابه "منتهى الآمال": تواترتالكتب إلى الحسين حتى اجتمع عنده في يوم واحد ستمائة كتاب من عديمي الوفاء.وذكرالمؤرخ الشيعيُّ اليعقوبي في "تاريخه": أنه لما دخل عليُّ بن الحسين الكوفةَ رأىنساءها يبكين ويصرخن، فقال: هؤلاء يبكين علينَا، فمَن قتلنا؟! أي: مَن قتلناغيرهم؟!إن قاتل الحسين هو شمر بن الجوشن أحد مدعي التشيع لعلي رضي الله عنه وهو قائد جيش ابن زياد الذي أمرشمرا بالإتيان بالحسين لتسييره للشام ولم يأمره بقتله فابن زياد يعرف أن الحسين رضي الله عنه لم يأت العراق بجيش بل بأهله وأولاده ، وقتل هذا الشيعي للحسين يبين زيف ادعاءهم حب آل البيت فهم يريدونه ستارا لهدم الإسلام ولذا لما اقترب الحسين من الكوفة لتولي الخلافة قتلوه لأنه لو تولاها لبدأ بشيعة الكوفة فأبادهم كما فعل علي رضي الله عنه حينما حرق مدعي ألوهيته منهم بالنار، وخطب أهل الكوفة الذين يدعون التشيع له قائلا لهم كما في كتابهم نهج البلاغة :يا أشباه الرجال ولارجال. حلوم الأطفال. وعقول رباتالحجال . لوددت أني لم أركم ولم أعرفكم. معرفة والله جرت ندما وأعقبت سقماقاتلكم الله لقد ملأتم قلبي قيحا. وشحنتم صدريغيظا. وجرعتموني نغب التهمام أنفاسا وأفسدتم علي رأييبالعصيان والخذلان.أ.هـ عباد الله: وأما أهل السنة والجماعة فيعدُّون قتل الحسين - رضي الله عنه - فاجعةً عظيمة، وجرحًا غائرًا في جسد الأمة، وأن قاتليه هم من شرارالخلق وأفسق الخليقة.قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وأما مَن قتلالحسين أو أعان على قتله أو رضي بذلك، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين،ولا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلاً، وعزاء أهل السنة والجماعة في الحسين أنه عاشحميدًا، ومات شهيدًا، ولا يقولون إلا ما يُرضِي ربهم: إنا لله وإنا إليه راجعون، لايضربون لهذه المصيبة خدًّا، ولا يشقُّون لها جيبًا، ولا يحيون معها معالم الجاهليةالأولى).أ.هـ .هذا موقف سلَف الأمة من قتل الحسين، وممَّن قُتِل قبلالحسين؛ ممن هو أفضل منه كعليِّ بن أبي طالب، وعثمان بن عفان، وعمر بن الخطاب - رضي الله عنالجميع.إِنَّ هَؤُلاءِ الرَّافِضَةَ الَّذِينَ يَدَّعُونَ حُبَّ الحُسَينِ وَأَهلِالبَيتِ هُم وَاللهِ أَشَدُّ النَّاسِ لِلصَّحَابَةِ بُغضًا وَلِقَدرِهِمتَنَقُّصًا، وَبِمَكَانَتِهِم جَهلاً وَلِفَضِيلَتِهِم تَضيِيعًا،إذ يكذبونهم في القرآن الذي نقلوه والسنة التي رووها و يُكَفِّرونهمإِلاَّ نَفَرًا قَلِيلاً، وَيَلعَنُونَ أَشيَاخَهُم أَبَا بَكرٍ وَعُمَرَ،وَيَتَّهِمُونَ بِالزِّنَا أَطهَرَهُم الصِّدِّيقَةَ بِنتَ الصِّدِّيقَ زَوجَةَرَسُولِ اللهِ الذي برأها الله بقرآن يتلى إلى يوم القيامة، وَهُم في كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ أَلَدُّ أَعدَاءِ أَهلِالسُّنَّةِ وَأَشَدُّ خُصُومِهِم، لا يَقِلُّ عَدَاؤُهُم عَن عَدَاءِ أَخبَثِ خَلقِاللهِ مِنَ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَأَفعَالُهُمُ المَشِينَةُ مَعَ أَهلِالسُّنَّةِ وَتَخطِيطُهُم لِخُذلانِِهِم مِن الشُّهرَةِ بِحَيثُ لا تُنكَرُ، وَمَاقَامَت لِليَهُودِ أَوِ النَّصَارَى دَولَةٌ إِلاَّ كَانُوا مَعَهُم عَلى أَهلِالسُّنَّةِ،سرا أو جهر بحسب الحال وَالوَاقِعُ المُشَاهَدُ الآنَ خَيرُ دَلِيلٍ، أيهاالمؤمنون:لقد تجاوز الرافضة قضية البكاء على الحسين، إلى المتاجرة بدم الحسين؛لتحقيق مكاسب مادية من خلال سدانة القبور وجمع الأخماس بالنيابة عن آل البيت ومكاسب مذهبية لتعزيز جذوة الحقد في قلوب أتباعهم واستمالة الحمقى والمغفلين ومكاسب سياسية؛ حيث يطلُّ في كل عاشوراء ساداتهم من قنواتهم الفضائية التي يبثها مع الأسف العرب في أقمارهم الاصطناعية ليُظْهِروا للمسلمين أنهمهم المدافِعُون المنافِحُون عن قضايا الأمة ومقدَّساتها وأراضيهاالمسلوبة، ويستغلون في ذلك تخاذل أكثر الأمة عن دينها ونصرة أبنائها في فلسطين وغزة ، والتاريخ يشهد أن الرافضة المجوس لم يكونوا يومًا مامصدر عز المسلمين، ولم تكن لهم فتوحاتٌ في التاريخ تُذْكَر، ولا تحرير للمقدَّساتيُشْكَر، وإنَّما هم خنجر يطعن في جسد المسلمين، وشوكة تُذْكِي الفُرْقَة بينالمسلمين. فمن اغتيال عمر إلى إيغار الصدور على عثمان رضي الله عنهما ، ومن خذلان علي رضي الله عنه وجرح الحسن ونهب معسكره إلى قتل الحسين رضي الله عنهما ومن إضعاف الخلافة بالثورات المتعددة لبقايا المجوس في بلخ وأصفهان والعراق من البابكية والخرمية إلى فتن الباطنية والقرامطة ،ومن اقتلاعهم الحجر الأسود وقتل الحجاج في مكة ومنى يوم التروية إلى تسليمهم بيت المقدس للصليبيين حيث قتل من أهل السنة فيه أعداد هائلة قدرت بأربعين ألف حسب مؤرخي أوربا حتى خاضت الخيل في الدماء إلى الركب أيام الفاطميين إضافة إلى نشرهم الشرك والخرافة وعبادة القبور في الشام والمغرب والعراق و مصر وغيرها ومن خياناتهم لمناصبهم الوزارية والقيادية في الخلافة العباسية بالتحالف مع التتار أثناء اجتياحهم العالم الإسلامي إلى تعطيلهم الفتح العثماني لأوربا الذي وصل إلى فيينا وباريس حين اجتاح العراق إسماعيلالصفوي بإيعاز من الصليبيين وأعمَلالسيفَ في أهل العراق، وأجرى فيها شلالات الدماء مما اضطر الخليفة العثماني إلى إيقاف الزحف نحو أوربا لاستعادة العراق وحماية بقية البلاد منهم .وفي العصر الحديث الكل يشهد محاولات اعتدائهم على الحجاج التي لم تنقطع و تحالفهم مع الغزاة للعراق وأفغانستان وقد اعترفوا بذلك على لسان أبطحي مدير مكتب الرئيس خاتمي في معرض عتابه للغزاة لعدم مكافأتهم لإيران بطريقة مرضية ، حيث كانوا يطمعون في تسليم الخليج لهم مقابل خدماتهم للغزاة.وهاهم الآن يجددون الطمع في بلاد الحرمين ويشعلون فتنة الحوثيين خذلهم الله ، أين صواريخ إيران التي يبلغ مداها آسيا وأجزاء من أوربا عن اليهود حينما كانوا يقصفون غزة لمدة 33 يوما !!و التي ما زالت تحت الحصار حتى اليوم، أم أن المفاعل النووي الشيعي الذي ملؤا الدنيا تحذيرا من مهاجمته أعز عليهم من دماء نساء وأطفال أهل فلسطين !! ثم أليس الأقربون أولى بالمعروف فلماذا تُهْدَم المساجدوالمدارس في مناطق أهل السنة في ايرانوتخرق الرؤوس وتُبْقَر البطون، وتُحْرَق الأجساد وتُغْتَصَب العذارى وتهجر الأسر في العراقوأخيرًا عباد الله:فإن كان للعقل والمنطق صوتٌ فحُقَّله أن يتساءل: ما علاقة أهل السنة بثاراتكم المزعومة للحسين وأنتم قتلته، و هل إحياء عاشوراء وتأجيج نفوس الأتباع على سواد المسلمين من أهلالسنة يخدم الوحدة المزعومة التي ينادي بها الشيعة كاذبين مخادعين صباحًاومساء؟!هل مآتمهم تلك وما فيها من إسالة للدماء و تربية الأتباع على شتْم ولعْنخِيَار هذه الأمة وتوعد أهل السنة بالمذابح يُساعِد على خلق جوٍّ هادئٍ بين الفريقين، أم هو نفخ في النار،وإيقاظ للفتن النائمة؟! التي لُعِن موقظها.ثم أعلموا أن الله أمركم بالصلاة والسلام على نبيه ....وعنا معهم.... اللهم أعز الإسلام ...اللهم من أراد الإسلام ..اللهم رحمتك بإخواننا المنكوبين والنازحين في الجنوب اللهم اقبل شهداءنا واشف جرحانا وآو شريدنا وأمن خائفنا . اللهم رحمتك .. ... اللهم أنج عبادك اللهم عليك بالرافضة الحوثيين المعتدين في الشهر الحرام اللهم خالف بين كلمتهم وألق الرعب في قلوبهم وزلزل الأرض من تحت أقدامهم اللهم لا ترفع لهم راية ولاتبلغهم غاية واجعلهم لمن خلفهم عبرة وآية ، اللهم أفرغ ...اللهم أقم علم الجهاد .... على العباد اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا .. اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم ابسط أمننا ، وأهلك عدونا، ووحد صفوفنا ، اللهم وفقنا ولاة ورعية لهداك والعمل في رضاك ، اللهم اجعل ثأرناعلى من ظلمنا ، وانصرنا على من عادانا ، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ، ولا تجعلالدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا ، اللهم أنت عضدناونصيرنا ، بك نحول وبك نصول وبك نقاتل ، اللهم احفظ بلاد الحرمين من كيد الكائدينوحسد الحاسدين ، اللهم كن لولاتها مؤيدًا ونصيرًا ومعينًا وظهيرًا ، اللهم واربطعلى قلوب جنودنا الذائدين عن مقدساتنا والمرابطين على حدودنا وثغورنا ، اللهم قوعزائمهم ، وأنزل السكينة عليهم ، اللهم احفظهم بين أيديهم ومن خلفهم ....عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والبغي والمنكر يعظكم .