خطبة : ( طوبى للغرباء )
عبدالله البصري
1438/06/03 - 2017/03/02 20:21PM
طوبى للغرباء 3 / 6 / 1438
الخطبة الأولى :
أَمَّا بَعدُ ، فَـ" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، مِمَّا صَحَّ عَنهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - مِن طَرِيقِ عَدَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللهُ عَنهُم - أَنَّهُ أَخبَرَ بِغُربَةِ الإِسلامِ في آخِرِ الزَّمَانِ ، فَعن أَبي هُرَيرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أَنَّهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : " بَدَأَ الإِسلامُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ ، فَطُوبى لِلغُرَبَاءِ " رَوَاهُ مُسلِمٌ .
وَعَن سَعدِ بنِ أَبي وَقَّاصٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ – أَنَّهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – قَالَ : " إِنَّ الإِيمانَ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ ، فَطُوبى يَومَئِذٍ لِلغُرَبَاءِ إِذَا فَسَدَ النَّاسُ ... "
وَعَن عَبدِاللهِ بنِ عَمرٍو - رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا – قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ يَومٍ وَنَحنُ عِندَهُ : " طُوبى لِلغُرَبَاءِ " فَقِيلَ : مَنِ الغُرَبَاءُ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : " أُنَاسٌ صَالِحُونَ في أُناسِ سُوءٍ كَثِيرٍ ، مَن يَعصِيهِم أَكثَرُ مِمَّن يُطِيعُهُم " رَوَاهُمَا الإِمَامُ أَحمَدُ ، وَصَحَّحَهُمَا الشَّيخُ أَحمَدُ شَاكِر .
إِنَّهَا الغُربَةُ يَا عِبَادَ اللهِ ، بَدَأَ بِهَا الإِسلامُ في أَوَّلِ مَبعَثِ الحَبِيبِ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ – وَسَيَعُودُ إِلَيهَا كَمَا بَدَأَ بِهَا ، وَلَو تَأَمَّلنَا أُمَّةَ الإِسلامِ بَينَ الأُمَمِ الكَافِرَةِ الضَّالَّةِ في شَرقِ الأَرضِ وَغَربِها ، لَوَجَدنَاهُم قِلَّةً غُرَبَاءَ ، وَقَد صَحَّ عَنهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ أَنَّهَ قَالَ : " وَمَا أَنتُم في أَهلِ الشِّركِ إِلاَّ كَالشَّعرَةِ البَيضَاءِ في جِلدِ الثَّورِ الأَسوَدِ ، أَو كَالشَّعرَةِ السَّودَاءِ في جِلدِ الثَّورِ الأَحمَرِ "
نَعَم – أَيُّهَا الإِخوَةُ – إِنَّ المُسلِمِينَ قَلِيلٌ إِذَا قِيسُوا إِلى مَن في الأَرضِ مِن أُمَمِ الكُفرِ وَالضَّلالِ ، وَذَلِكَ مِصدَاقُ قَولِ الخَلاَّقِ العَلِيمِ – سُبحَانَهُ - : " وَقَلِيلٌ مِن عِبَادِيَ الشَّكُورُ "
وَمَعَ قِلَّةِ المُسلِمِينَ وَغُربَتِهِم بَينَ أَهلِ الأَرضِ ، فَإِنَّ أَهلَ السُّنَّةِ مِن بَينِ المُسلِمِينَ أَنفُسِهِم أَيضًا قَلِيلُونَ ، إِذ إِنَّ المُتَمَسِّكِينَ بِالسُّنَّةِ عِلمًا وَاعتِقَادًا وَقَولاً وَعَمَلاً ، كَانُوا وَمَا زَالُوا مُنذُ انقِضَاءِ القُرُونِ المُفَضَّلَةِ هُمُ القَلِيلَ مِن بَينِ النَّاسِ ، بَل إِنَّ غُربَتَهُم بَينَ المُسلِمِينَ تَكَادُ تَكُونُ أَشَدَّ وَأَعظَمَ مِن غُربَةِ المُسلِمِينَ بَينَ أُمَمِ الأَرضِ مِنَ الكَافِرِينَ ، وَهَذَا مَا أَخبَرَ بِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا رَوَاهُ ابنُ مَاجَه وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ عَن عَوفِ بنِ مَالِكٍ – رَضِيَ اللهُ عَنهُ – قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " افتَرَقَتِ اليَهُودُ عَلَى إِحدَى وَسَبعِينَ فِرقَةً ، فَوَاحِدَةٌ في الجَنَّةِ وَسَبعُونَ في النَّارِ ، وَافتَرَقَتِ النَّصَارَى عَلَى ثِنتَينِ وَسَبعِينَ فِرقَةً ، فَإِحدَى وَسَبعُونَ في النَّارِ وَوَاحِدَةٌ في الجَنَّةِ ، وَالَّذِي نَفسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لَتَفتَرِقَنَّ أُمَّتي عَلَى ثَلاثٍ وَسَبعِينَ فِرقَةً ، وَاحِدَةٌ في الجَنَّةِ وَثِنتَانِ وَسَبعُونَ في النَّارِ " قِيلَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، مَن هُم ؟ قَالَ : " الجَمَاعَةُ " فَانظُرُوا كَيفَ أَنَّ أَهلَ السُّنَّةِ وَهُمُ الفِرقَةُ النَّاجِيَةُ ، إِنَّمَا هُم فِرقَةٌ وَاحِدَةٌ مِن بَينِ ثَلاثٍ وَسَبعِينَ فِرقَةً ، كُلُّهَا فِرَقٌ ضَالَّةٌ زَائِغَةٌ ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى شِدَّةِ غُربَتِهِم ، وَقِلَّةِ عَدَدِهِم بَينَ المُنحَرِفِينَ .
وَمَعَ تِلكَ الغُربَةِ ، فَإِنَّ ثَمَّةَ غُربَةً ثَالِثَةً هِيَ غُربَةُ الصَّفوَةِ مِنَ المُؤمِنِينَ ، الَّذِينَ هُم وَرَثَةُ الأَنبِيَاءِ وَالصِّدِّيقِينَ وَالصَّالِحِينَ ، أُولَئِكُم هُمُ الطَّائِفَةُ المَنصُورَةُ ، وَالأُمَّةُ القَائِمَةُ بِالأَمرِ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيِ عَنِ المُنكَرِ ، وَالمُشتَغِلِينَ بِتَعلِيمِ العِلمِ وَالدَّعوَةِ إِلى اللهِ وَالجِهَادِ في سَبِيلِهِ ، المُحَارِبِينَ لِلفَسَادِ وَالمُفسِدِينَ المُنَاوِئِينَ لَهُم ، وَهَذِهِ الطَّائِفَةُ المَنصُورَةُ ، هِيَ الأُمَّةُ الَّتي أَمَرَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - أَن تُوجَدَ وَتَكُونَ فَقَالَ – سُبحَانَهُ - : " وَلْتَكُنْ مِنكُم أُمَّةٌ يَدعُونَ إِلى الخَيرِ وَيَأمُرُونَ بِالمَعرُوفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ " وَقَد أَخبَرَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ هَذِهِ الطَّائِفَةَ الصَّافِيَةَ ، سَتَظَلُّ بَاقِيَةً في هَذِهِ الأُمَّةِ إِلى أَن يَأتِيَ أَمرُ اللهِ ، لا يَضُرُّهَا مَن خَذَلَهَا وَلا مَن خَالَفَهَا وَلا مَن نَاوَأَهَا ، حَتَّى يَأتِيَ أَمرُ اللهِ وَهُم ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ .
إِنَّ غُربَةَ الإِسلامِ – أَيُّهَا المُؤمِنُونَ – قَدَرٌ لا بُدَّ مِن وُقُوعِهِ كَمَا أَخبَرَ بِهِ الصَّادِقُ المَصدُوقُ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ – ، غَيرَ أَنَّ هَذِهِ الغُربَةَ لَيسَت دَلِيلاً عَلَى ضَعفِ الدِّينِ ، بِقَدرِ مَا هِيَ دَلِيلٌ عَلَى عِزَّتِهِ وَعُلُوِّ شَأنِهِ وَرِفعَةِ مَكَانَتِهِ ، وَكَونِهِ غَالِيًا نَفِيسًا عَزِيزَ المَنَالِ ، لا يُهدَى إِلَيهِ وَلا يَثبُتُ عَلَيهِ إِلاَّ الصَّفوَةُ مِن خَلقِ اللهِ ، وَلِذَا قَالَ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - : " فَطُوبى لِلغُرَبَاءِ " وَهَذَا وَعدٌ مِنهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – لَهُم بِالخَيرِ الكَثِيرِ الطَّيِّبِ في الدُّنيَا ، وَالأَجرِ العَظِيمِ الوَفِيرِ في الآخِرَةِ ، جَزَاءَ مَا صَبَرُوا وَثَبَتُوا وَعَمِلُوا وَبَذَلُوا وَتَحَمَّلُوا ، وَلا يُنَافِي نَعِيمَ أَهلِ الإِيمَانِ مَا تَشتَدُّ بِهِ غُربَتُهُم في بَعضِ الأَوقَاتِ حَتَّى في بُلدَانِهِم الَّتي هِيَ قَلبُ الإِسلامِ وَعَوَاصِمُ الخِلافَةِ ، وَالمَوَاطِنُ الَّتي طَالَمَا شَهِدَتِ عُهُودَ العِزَّةَ ، وَمِنهَا انطَلَقَت جُيُوشُ الجِهَادِ وَكَتَائِبُ الدَّعوَةِ ، فَمَعَ مَا يُقَاسُونَهُ وَيُعَانُونَهُ مِنَ التَّعَبِ وَمُجَابَهَةِ أَهلِ السُّوءِ لَهُم ، وَالَّتي قَد تَصِلُ إِلى السَّجنِ وَالتَّعذِيبِ وَالتَّنكِيلِ ، وَالإِخرَاجِ مِنَ الأَوطَانِ وَالتَّشرِيدِ وَالتَّقتِيلِ ، فَإِنَّ في قُلُوبِهِم مِنَ السَّعَادَةِ وَالسُّرُورِ والاطمِئنانِ ، وَفي صُدُورِهِم مِنَ الانشِرَاحِ وَالسَّكِينَةِ وَالأُنسِ بِالإِيمَانِ ، مَا يُعَدُّ نَعيمًا مُعَجَّلاً وَجَزَاءً حَسَنًا ، فَضلاً عَمَّا يَعِيشُونَهُ مِن عَظِيمِ رَجَاءٍ وَشَوقٍ لِلِقَاءِ اللهِ ، وأَمَلٍ بِالفَوزِ بِرِضوَانِه وَدُخُولِ جَنَّتِهِ ، وَالنَّظرِ إِلى وَجهِهِ الكَرِيمِ ، هَذَا عَدَا ثِقَتِهِم بمَا بَشَّرَ بِهِ نَبِيُّهُم أَنَّ بِلادَهُم سَتَبقَى مَوَاطِنَ عِزٍّ لِلإِسلامِ وَمَأرِزًا لِلإِيمَانِ ، قَالَ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - :" إِنَّ الإِيمَانَ لَيَأرِزُ إِلى المَدِينَةِ كَمَا تَأرِزُ الحَيَّةُ إِلى جُحرِهَا " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " إِنَّ الإِسلامَ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ ، وَهُوَ يَأرِزُ بَينَ المَسجِدَينِ كَمَا تَأرِزُ الحَيَّةُ في جُحرِهَا " رَوَاهُ مُسلِمٌ .
وَقَالَ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - : " إِنَّ الشَّيطَانَ قَد أَيِسَ أَن يَعبُدَهُ المُصَلُّونَ في جَزِيرَةِ العَرَبِ ... " رَوَاهُ مُسلِمٌ .
وَقَالَ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : " طُوبى لِلشَّامِ ، إِنَّ مَلائِكَةَ الرَّحمَنِ بَاسِطَةٌ أَجنِحَتَهَا عَلَيهِ " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
وَقَالَ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - : " سَتُجَنَّدُونَ أَجنَادًا ، جُندًا بِالشَّامِ وَجُندًا بِالعِرَاقِ وَجُندًا بِاليَمَنِ " قَالَ عَبدُاللهِ : فَقُمتُ فَقُلتُ : خِرْ لي يَا رَسُولَ اللهِ . فَقَالَ : " عَلَيكُم بِالشَّامِ ، فَمَن أَبَى فَلْيَلْحَقْ بِيَمَنِهِ وَلْيَسْتَقِ مِن غُدُرِهِ ؛ فَإِنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - قَد تَكَفَّلَ لي بِالشَّامِ وَأَهلِهِ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَأَحمَدُ وَغَيرُهُمَا وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
وَقَالَ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - : " إِنَّ فُسطَاطَ المُسلِمِينَ يَومَ المَلحَمَةِ بِالغُوطَةِ ، إِلى جَانِبِ مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا دِمَشقُ ، مِن خَيرِ مَدَائِنِ الشَّامِ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " أَتَاكُم أَهلُ اليَمَنِ ، هُم أَرَقُّ أَفئِدَةً وَأَليَنُ قُلُوبًا ، الإِيمَانُ يَمَانٍ وَالحِكمَةُ يَمَانِيَةٌ " متفق عليه .
فَهَذِهِ البِلادُ وَالمَوَاقِعُ ، لَن يَزَالَ فِيهَا مَن يَقُومُ بِأَمرِ الدِّينِ وَيَرفَعُ رَايَتَهُ ، فَاللَّهُمَّ اجعَلْنَا مِنَ الغُرَبَاءِ الَّذِينَ يَصلُحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاسُ وَيُصلِحُونَ مَا أَفسَدَ النَّاسُ ، وَيَثبُتُونَ عَلَى الإِسلامِ حَتَّى يَلقَوكَ غَيرَ مُبَدِّلِينَ وَلا مُغَيِّرِينَ .
الخطبة الثانية :
أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ – تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ " وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجعَلْ لَهُ مَخرَجًا . وَيَرزُقْهُ مِن حَيثُ لا يَحتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمرِهِ قَد جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيءٍ قَدرًا "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، حِينَمَا يَرَى بَعضُ النَّاسِ البَاطِلَ قَد عَلا زَبَدُهُ وَانتَفَخَ وَانتَفَشَ ، وَصَارَ لَهُ مُنَظَّمَاتٌ تَرعَاهُ وَقَنَوَاتٌ تَبُثُّهُ وَمُؤَسَّسَاتٌ وَدُعَاةٌ ، وَأَنظِمَةٌ تَفرِضُهُ وَتُقَوِّيهِ وَدُوَلٌ تُؤيِهِ وَجُيُوشٌ تَحمِيهِ ، فَإِنَّهُ قَد يَغتَرُّ بِهِ وَيَنجَرِفُ إِلَيهِ ، أَو يُصَدِّقُ بهِ وَيَشُكُّ في الحَقِّ الَّذِي مَعَهُ ، وَقَد يُحبَطُ آخَرُونَ وَيَيأَسُونَ وَيَقنَطُونَ ، لَكِنَّ المُؤمِنِينَ الَّذِينَ لَهُم حَظٌّ مِنِ اطِّلاعٍ عَلَى مَا وَصَفَ بِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – الغُرَبَاءَ ، يَعلَمُ أَنَّهُم قَومٌ صَالِحُونَ قَلِيلٌ في أَهلِ سُوءٍ كَثِيرٍ ، وَأَنَّ مَن يَعصِيهِم أَكثَرُ مِمَّن يُطِيعُهُم ، وَأَنَّهُم مُتَمَسِّكُونَ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ حِينَ يَتَمَسَّكَ النَّاسُ بِآرَاءِ الرِّجَالِ أَو يُعرِضُونَ عَنِ الإِسلامِ بِالكُلِّيَّةِ ، وَأَنَّهُم دَاعُونَ إِلى القُرآنِ وَالسُّنَّةِ حِينَ يَترُكُ النَّاسُ الدَّعوَةَ إِلَيهِمَا ، وَأَنَّهُم صَابِرُونَ عَلَى مَا يَلقَونَهُ مِن إيذَاءٍ وَعِنَادٍ وَمُخَالَفَةٍ وَتَكذِيبٍ ، وَحِينَئِذٍ وَحِينَ يَقرَأُ المُؤمِنُونَ نَحوَ قَولِ رَبِّهِم : " وَإِنْ تُطِعْ أَكثَرَ مَن في الأَرضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللهِ "
وَقَولِهِ : " وَمَا أَكثَرُ النَّاسِ وَلَو حَرَصتَ بِمُؤمِنِينَ "
وَقَولِهِ : " وَلَكِنَّ أَكثَرَ النَّاسِ لا يُؤمِنُونَ " فَإِنَّهُم لا يَستَنكِرُونَ مَا يُصِيبُ المُؤمِنِينَ الغُرَبَاءَ مِنِ ابتِلاءٍ ، بَل يَزدَادُونَ صَبرًا وَيَقِينًا ، وَيَتَّجِهُونَ إِلى مَن بِيَدِهِ الأَمرُ فَيُعَلِّقُونَ بِهِ قُلُوبَهُم ، جَاعِلِينَ نُصبَ أَعيُنِهِم قَولَ رَبِّهِم لِنَبِيِّهِ : " فَاصبِرْ إِنَّ وَعدَ اللهِ حَقٌّ وَلا يَستَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ "
وَقَولَهُ - تَعَالى - : " وَلَو يَشَاءُ اللهُ لانتَصَرَ مِنهُم وَلَكِنْ لِيَبلُوَ بَعضَكُم بِبَعضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا في سَبِيلِ اللهِ فَلَن يُضِلَّ أَعمَالَهُم . سَيَهدِيهِم وَيُصلِحُ بَالَهُم . وَيُدخِلُهُمُ الجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُم "
المرفقات
طوبى للغرباء.doc
طوبى للغرباء.doc
طوبى للغرباء.pdf
طوبى للغرباء.pdf
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق