خطبة صلاة الاستسقاء بمحافظة حريملاء بعنوان (اليقين بالله لا على المنخفضات الجويه )

راشد الناصر
1434/04/07 - 2013/02/17 19:49PM
امّا بعد: فاتّقوا اللهَ عبادَ الله، اتّقوه حقَّ تقاتِه، ولا تموتنَّ إلا وأنتم مسلمون، وأنيبوا إلى ربِّكم وأخلِصوا له العبادة، واستغفِروه وتوبوا إليه، ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ تُوبُواْ إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفّرَ عَنكُمْ سَيّئَـاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّـاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الانهار [التحريم:8].
عبادَ الله، إنَّ اللهَ عزّ وجلّ يبتلِي عبادَه بالجَدب وقلَّة الأمطارِ ليتوبوا إليه ويرجِعوا إليه ويتقرَّبوا بالأعمال الصالحة لديه، فتوبوا ـ عبادَ الله ـ إلى ربّكم توبةً نصوحاً، فقد ذمّ الله مَن لا يستكين له عندَ الشدائِد ولا يلتجِئ إليه في طلبِ جميل العوائد، يقول سبحانه: وَلَقَدْ أَخَذْنَـاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُواْ لِرَبّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ [المؤمنون:76].
عباد الله اليقين بفرج الله وحسن الظن به هو اساس خروجنا وبدونهما لن يستقيم الامر ابدا وحينما يتوكل العباد الى غيره فإن الله تعالى يكلهم الى ماتوكلوا عليه فإن توكلوا على ظواهر طبيعيه او منخفضات جويه فإنه تعالى يكلهم الى انفسهم وماتوكلوا عليه لذا ياعباد الله لابد ان نقف وقفة شجاعة مع النفس ونتحسس اليقين بفرج الله وحسن توكلنا عليه ولانعتمد على ظروف مناخيه بل لابد ان نجدد ايماننا ويقيننا بأن الله تعالى قادر على ان ينشئ السحاب في لحظة لاتوجد بوادر الغيث فيها ابدا ولنا في سلفنا وآباءنا العبرة فكيف كانوا يخرجون لصلاة الاستسقاء وكيف كانوا يستعدون للغيث قبلها وكيف كانوا يجهزون مزارعهم ومجاري سيولهم للغيث قبل الصلاة ويغطوا ابآرهم احتسابا للغيث ويخرجون بنساءهم واطفالهم وبهائمهم وقلوبهم قد امتلآت يقينا ان رحمة الله قريبه منهم فما كانوا يعتمدون كل لحظة على مراصد فلكيه بل كانوا خآلين من هذا كله ولكنهم كانوا يملكون قلوبا قد امتلأت باليقين والتوكل وحسن الظن بالله كما في فعل عمر رضي الله عنه حينما خرج للاستسقاء فلم يزد على الاستغفار فقط
وليس معنى هذا ان لانستخدم التقنيه والاجهزة الفلكيه لا بل الذي نمقته ان نعتمد عليها وتتعلق قلوبنا بها فإذا ما امتلأت القلوب بهذه المعاني الساميه وتم الوقوف بقوة مع حظوظ النفس والتوبه من التجاوزات الحسيه والمعنويه وتم تقديم الاعمال الصالحه وتجديد التوبه مع الله ورد المظالم ومنها التعدي على سيول المسلمين فأبشروا وامّلوا اما ماعدآه فإن الله تعالى لايغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم فلاينبغي ان تكون معاصينا على حآلها ويقيننا وتوكلنا ضعيف بالله فهل نحن مستعدون بحق ان نغير ما بأنفسنا هل نحن بحق نرغب في الغيث ام ان خروجنا لايعدوا ان يكون عادة نقوم بها اما بدافع الحيآء من الخلق اوبدافع الرسميه اوغيره من الاسباب
المسألة خطيره جدا وتتعلق بما خرجنا من اجله
نعم منا وفينا المرض وبأيدينا أسباب الشقآء والشفاء فهل نحن مستعدون لذلك بحق
ألا فابتهِلوا إلى ربّكم ياعباد الله وتضرَّعوا إليه فقَد أمرَكم بذلك ووعدَكم الإجابةَ، يقول سبحانه: ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِى الأرْضِ بَعْدَ إِصلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مّنَ الْمُحْسِنِينَ [الأعراف:55، 56]، ويقول سبحانه: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِى وَلْيُؤْمِنُواْ بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ [البقرة:186]،
فتضرَّعوا ـ عبادَ الله ـ إلى ربّكم، وألحُّوا في الدعاء، فإنَّ الله يحبّ الملحِّين في الدّعاء.



[1] أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات، باب: في فضل التوبة والاستغفار (3540) من حديث أنس رضي الله عنه، وقال: "هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه"، وقال ابن رجب في جامع العلوم والحكم (2/400): "إسناده لا بأس به"، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (127).
[2] سنّة قلب الرداء أخرجها البخاري في الجمعة (1011)، ومسلمفي الاستسقاء (894) من حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه.
المشاهدات 2107 | التعليقات 0