خطبة : ( شهر الصبر )
عبدالله البصري
شهر الصبر 16 / 9 / 1439
الخطبة الأولى :
أَمَّا بَعدُ ، فَـ" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، رَمَضَانُ شَهرُ الصَّبرِ ، تَجتَمِعُ فِيهِ أَنوَاعُ الصَّبرِ الثَّلاثَةُ : الصَّبرُ عَلَى طَاعَةِ اللهِ ، وَالصَّبرُ عَن مَعَاصِيهِ ، وَالصَّبرُ عَلَى أَقدَارِهِ المُؤلِمَةِ ، فَفِي رَمَضَانَ صِيَامٌ وَقِيَامٌ ، وَصَلاةٌ وَتِلاوَةُ قُرآنٍ ، وَفِيهِ بِرٌّ وَجُودٌ وَإِحسَانٌ ، وَإِطعَامٌ طَعَامٍ وَتَفطِيرُ صُوَّامٍ ، وَفِيهِ ذِكرٌ وَدُعَاءٌ وَتَوبَةٌ وَاستِغفَارٌ ، وَفِيهِ كَفٌّ لِلِّسَانِ عَنِ الكَذِبِ وَالزُّورِ وَاللَّغوِ ، وَزَمٌّ لَهُ عَنِ السَّبِّ وَالشَّتمِ وَالصَّخَبِ ، وَمَنعٌ لَهُ عَنِ الجِدَالِ وَالغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ ، وَفِيهِ غَضٌّ لِلبَصَرِ عَنِ النَّظَرِ إِلى مَا لا يَحِلُّ ، وَإِغلاقٌ لِلأُذُنِ عَن سَمَاعِ مَا لا يَجُوزُ ، وَحِفظٌ لِبَقِيَّةِ الجَوَارِحِ مِنِ اقتِرَافِ المَعَاصِي وَاجتِرَاحِ السَّيِّئَاتِ وَالآثَامِ ، وَفي نِهَارِ رَمَضَانَ يَترُكُ الصَّائِمُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهوَتَهُ ، فَيُحِسُّ بِأَلَمِ الجُوعِ وَحَرَارَةِ العَطَشِ ، وَتُصَارِعُهُ نَفسُهُ تَوقًا إِلى مَا تَشتَهِيهِ فَيَمنَعُهَا وَيَحجُزُهَا ، وَكُلُّ ذَلِكَ يَحتَاجُ إِلى صَبرٍ وَمُصَابَرَةٍ ، وَقُوَّةِ عَزِيمَةٍ وَمُجَاهَدَةٍ . وَإِنَّهُ لا يَصُومُ عَبدٌ رَمَضَانَ صِيَامًا حَقِيقِيًّا تَامًّا ، مُخلِصًا فِيهِ للهِ ، مُتَحَرِّيًا سُنَّةَ رَسُولِ اللهِ ، مُؤَدِّيًا لِلفَرَائِضِ كَمَا أُمِرَ ، مُستَكثِرًا مِنَ النَّوَافِلِ كَمَا نُدِبَ إِلى ذَلِكَ ، كَافًّا جَوَارِحَهُ عَمَّا حَرَّمَ اللهُ ، إِلاَّ وَخَرَجَ مِن شَهرِهِ وَقَدِ اكتَسَبَ صِفَّةَ الصَّبرِ ، إِذْ إِنَّ صَبرَ شَهرٍ كَامِلٍ عَلَى أَدَاءِ الصَّلَوَاتِ خَمسَ مَرَّاتٍ مَعَ الجَمَاعَةِ في المَسَاجِدِ ، مَعَ الحِرصِ عَلَى إِدرَاكِ تَكبِيرَةِ الإِحرَامِ مَعَ الإِمَامِ ، وَحُضُورِ صَلاةِ التَّرَاوِيحِ كَامِلَةً وَإِتمَامِ القِيَامِ ، وَالمُحَافَظَةِ عَلَى السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ قَبلَ الصَّلاةِ وَبَعدَهَا ، وَحِفظِ الجَوَارِحِ عَنِ الحَرَامِ تَنَاوُلاً وَنَظَرًا وَاستِمَاعًا ، وَالصَّبرِ عَنِ الأَكلِ وَالشُّربِ وَالجِمَاعِ ، إِنَّ كُلَّ هَذَا لا بُدَّ أَن يُغَيِّرَ النَّفسَ لِلأَحسَنِ وَالأَجمَلِ ، وَيُلزِمَهَا الأَفضَلَ وَالأَكمَلَ ، وَأَمَّا مَن لم يَصبِرْ عَلَى هَذِهِ الأُمُورِ ، أَو أَخَذَ مِنهَا وَتَرَكَ ، وَكَانَ صَومُهُ مَخرُومًا بِالتَّهَاوُنِ في فَرَائِضِ الصَّلَوَاتِ ، وَالنَّومِ عَنِ الجَمَاعَاتِ ، وَالتَّكَاسُلِ عَنِ النَّوَافِلِ وَالتَّفرِيطِ فِيهَا وَفي صَلاةِ التَّرَاوِيحِ وَالقِيَامِ ، وَأَطلَقَ بَصَرَهُ وَأَرخَى سَمعَهُ وَأَفلَتَ لِسَانَهُ ، وَعَكَفَ عَلَى مُشَاهَدَةِ المُسَلسَلاتِ وَعَصَفَت بِهِ مَشَاهِدُهَا المُحَرَّمَةُ ، وَاكتَفَى مِنَ الصَّومِ بِتَركِ الطَّعَامِ وَالحِرمَانِ مِنَ الشَّرَابِ ، فَذَاكَ حَظُّهُ مِن صَومِهِ الجُوعُ وَالعَطَشُ فَحَسبُ ، وَهُوَ إِذْ لم يَصبِرْ في رَمَضَانَ وَالشَّيَاطِينُ مَحبُوسَةٌ ، فَهُوَ في غَيرِ رَمَضَانَ أَقَلُّ صَبرًا وَأَقرَبُ جَزَعًا ، وَأَكثَرُ تَفَلُّتًا وَأَدنَى لاتِّبَاعِ شَهَوَاتِ نَفسِهِ الضَّعِيفَةِ الأَمَّارَةِ بِالسُّوءِ ، الَّتِي صَرَعَتهُ في رَمَضَانَ وَالشَّيَاطِينُ مَغلُولَةٌ مُصَفَّدَةٌ ، فَكَيفَ إِذَا اجتَمَعَت عَلَيهِ مَعَهُم في غَيرِ رَمَضَانَ ؟! أَجَل - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - مَن لم يَطهُرْ قَلبُهُ في رَمَضَانَ وَتَزكُ فِيهِ نَفسُهُ ، وَلم تَقوَ إِرَادَتُهُ وَيَصدُقْ عَزمُهُ ، وَلم يَنتَصِرْ عَلَى نَفسِهِ وَيَغلِبْ شَهوَتَهُ ، وَلم يَتَرَفَّعْ عَنِ الأَحقَادِ وَالضَّغَائِنِ وَلم يَتَخَلَّصْ مِنَ الجَدَلِ وَالعِنَادِ ، فَمَتى عَسَاهُ أَن يُحَصِّلَ هَذِهِ الفَضَائِلَ ؟! نَعَم – أَيُّهَا الإِخوَةُ – مَن لم يُهَذِّبْهُ رَمَضَانُ وَيُؤَدِّبْهُ شَهرُ الصَّبرِ ، فَمَا أَضعَفَ نَفسَهُ وَأَدنَى هِمَّتَهُ ، وَمَا أَسوَأَ حَظَّهُ وَأَقَلَّ كَسبَهُ !! وَإِلاَّ فَقَد جَاءَ في السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ تَسمِيَةُ رَمَضَانَ شَهرَ الصَّبرِ ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " صَومُ شَهرِ الصَّبرِ وَثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِن كُلِّ شَهرٍ صَومُ الدَّهرِ " رَوَاهُ الإِمَامُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " صَومُ شَهرِ الصَّبرِ وَثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِن كُلِّ شَهرٍ يُذهِبنَ وَحَرَ الصَّدرِ " رَوَاهُ البَزَّارُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . أَجَل – أَيُّهَا الإِخوَةُ - إِنَّ الصَّومَ لا يَخلُو مِن أَلَمٍ يُصِيبُ الأَجسَادَ ، وَإِضعَافٍ لَهَا وَإِنهَاكٍ ، وَالعَبدُ في رَمَضَانَ يَترُكُ شَهَوَاتِهِ للهِ وَنَفسُهُ تُنَازِعُهُ إِلَيهَا ، وَيَترُكُ رَاحتَهُ وَيَنصَبُ في عِبَادَةِ رَبِّهِ ، وَيَحفَظُ وَقتَهُ مِنَ أَن يَضِيعَ فِيمَا لا فَائِدَةَ فِيهِ ، وَلَكِنَّهُ يَجِدُ جَزَاءَ ذَلِكَ عِندَ رَبِّهِ مُضَاعَفًا أَضعَافًا كَثِيرَةً ، لا يَعلَمُ قَدرَهَا لِعِظَمِهَا إِلاَّ هُوَ – سُبحَانَهُ - وَفي الحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ – يَقُولُ : " كُلُّ عَمَلِ ابنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الحَسَنَةُ عَشرُ أَمثَالِهَا إِلى سَبعِ مِئَةِ ضِعفٍ . قَالَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - إِلاَّ الصَّومَ فَإِنَّهُ لي وَأَنَا أَجزِي بِهِ ، يَدَعُ شَهوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِن أَجْلِي " رَوَاهُ مُسلِمٌ . أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ – أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَلْنَصبِرْ عَلَى طَاعَةِ اللهِ وَمَا يُرضِيهِ عَنَّا ، وَلْنَصبِرْ عَن مَعصِيَتِهِ وَمَا يَجلِبُ سَخَطَهُ عَلَينَا ، لْنَغلِبْ أَهوَاءَنَا وَلْنَنتَصِرْ عَلَى أَنفُسِنَا ، وَلْنُعَوِّدْهَا الخَيرَ وَلْنُرَوِّضْهَا عَلَى الطَّاعَةِ ، وَلْنُدَرِّبْهَا عَلَى الإِحسَانِ ، وَلْنَأخُذْهَا بِالجِدِّ وَالاجتِهَادِ ، وَلْنَحذَرِ الكَسَلَ وَحُبَّ الرَّاحَةِ وَالدَّعَةِ ، فَإِنَّ مَن أَرَادَ أَن يَنعَمَ بِالرَّاحَةِ الأَبَدِيَّةِ وَالنَّعِيمِ الخَالِدِ في الآخِرَةِ ، لم يَشغَلْهُ حُطَامُ الدُّنيَا الزَّائِلُ ؛ إِذِ النَّعِيمُ لا يُدرَكُ بِالنَّعِيمِ ، وَلا رَاحَةَ لِمَن لا تَعَبَ لَهُ ، وَلا فَرحَةَ لِمَن لا هَمَّ لَهُ ، وَلا لَذَّةَ لِمَن لا صَبرَ لَهُ ، وَلا نَعِيمَ لِمَن لا شَقَاءَ لَهُ ، وَكُلَّمَا كَانَتِ النُّفُوسُ أَشرَفَ وَالهِمَّةُ أَعلَى ، كَانَ تَعَبُ البَدَنِ أَوفَرَ وَحَظُّهُ مِنَ الرَّاحَةِ أَقَلَّ " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ "
الخطبة الثانية :
أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ – تَعَالى – وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ " وَمَن يَتَّقِ اللهَ يُكَفِّرْ عَنهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعظِمْ لَهُ أَجرًا "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، رَمَضَانُ شَهرُ الصَّبرِ ، وَالصَّبرُ المَحمُودُ هُوَ حَبسُ النَّفسِ فِيمَا يَقتَضِيهِ الشَّرعُ وَيُحَبِّهُ اللهُ ، وَحَبسُهَا عَمَّا لا يَقتَضِيهِ الشَّرعُ مِمَّا لا يُحِبُّهُ اللهُ ، وَإِذَا كَانَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يَستَثقِلُ حَبسَ نَفسِهِ عَلَى الطَّاعَاتِ وَيَتَفَلَّتُ مِن أَوَامِرِ الشَّرعِ وَنَوَاهِيهِ ، وَيَتَخَفَّفُ مِنَ العِبَادَاتِ وَلا يَستَكثِرُ مِنهَا ، ظَانًّا أَنَّهُ بِذَلِكَ يَعِيشُ في حُرِّيَّةٍ مُطلَقَةٍ في دُنيَاهُ ، فَقَد أَخطَأَ وَلم يُصِبْ ، إِذْ إِنَّ الإِنسَانَ في الحَقِيقَةِ لم يَزَلْ في حَبسٍ مُنذُ أَن كَانَ في صُلبِ أَبِيهِ ثم في بَطنِ أُمَّهِ ، ثم في مَهدِهِ ثم في سَنَوَاتِ دِرَاسَتِهِ ، ثم هُوَ في حَبسٍ في عَمَلِهِ وَوَظِيفَتِهِ وَكَدِّهِ عَلَى أَهلِهِ وَعِيَالِهِ ، ثم هُوَ بِمَوتِهِ يَقَعُ في حَبسٍ في قَبرِهِ ، ثم إِنْ وَقَعَ في الثَّامِنِ وَهُوَ أَشَدُّهَا وَالعِيَاذُ بِاللهِ ، أَنسَاهُ ذَلِكَ مَرَارَةَ كُلِّ حَبسٍ قَبلَهُ ، وَمِن ثَمَّ فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ لا بُدَّ مِن حَبسٍ ، فَالمُؤمِنُ العَاقِلُ يُدخِلُ نَفسَهُ حَبسَ التَّقوَى وَالطَّاعَةِ بِاختِيَارِهِ أَيَّامًا مَعدُودَاتٍ أَو سَاعَاتٍ قَلِيلاتٍ ؛ لِيَحصُلَ لَهُ بَعدَ ذَلِكَ الإِطلاقُ بِدُخُولِهِ الجَنَّاتِ ، وَيَحذَرُ مِن إِطلاقِ نَفسِهِ فِيمَا تُحِبُّ وَتَشتَهِي ؛ لِعِلمِهِ أَنَّهُ يَؤُولُ إِلى حَبسِ الأَبَدِ في النَّارِ ، قَالَ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " يُؤتَى بِأَنعَمِ أَهلِ الدُّنيَا مِن أَهلِ النَّارِ يَومَ القِيَامَةِ فَيُصبَغُ في النَّارِ صَبغَةً ، ثُمَّ يُقَالُ : يَا ابنَ آدَمَ ، هَل رَأَيتَ خَيرًا قَطُّ ؟! هَل مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ ؟! فَيَقُولُ : لا وَاللهِ يَا رَبِّ ، وَيُؤتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ بُؤسًا في الدُّنيَا مِن أَهلِ الجَنَّةِ ، فَيُصبَغُ صَبغَةً في الجَنَّةِ ، فَيُقَالُ لَهُ : يَا ابنَ آدَمَ ، هَل رَأَيتَ بُؤسًا قَطُّ ؟! هَل مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ ؟! فَيَقُولُ : لا وَاللهِ يَا رَبِّ ، مَا مَرَّ بي بُؤسٌ قَطُّ ، وَلا رَأَيتُ شِدَّةً قَطُّ " رَوَاهُ مُسلِمٌ . أَلا فَاتَّقِ اللهَ – أَيُّهَا المُسلِمُ – وَاحذَرْ مِن حَبسِ عَقلِكَ في مُستَنقَعَاتِ هَوَاكَ وَأَوحَالِ شَهَوَاتِكَ " وَاصبِرْ نَفسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدعُونَ رَبَّهُم بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجهَهُ وَلا تَعدُ عَينَاكَ عَنهُم تُرِيدُ زِينَةَ الحَيَاةِ الدُّنيَا وَلا تُطِعْ مَن أَغفَلْنَا قَلبَهُ عَن ذِكرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمرُهُ فُرُطًا " إِيَّاكَ أَن تَخرُجَ مِن رَمَضَانَ كَمَا دَخَلتَهُ بِسَبَبِ انفِلاتِكَ وَعَدمِ صَبرِكَ ؛ فَـ "... رَغِمَ أَنفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيهِ رَمَضَانَ ، ثم انسَلَخَ قَبلَ أَن يُغفَرَ لَهُ ..." هَكَذَا قَالَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – في الحَدِيثِ الَّذِي أَخرَجَهُ التِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وَمَعنَى (رَغِمَ أَنفُهُ) أَيْ لَصِقَ أَنفُهُ بِالتُّرَابِ ، وَهَذِهِ كِنَايَةٌ عَن حُصُولِ الذُّلِّ لَهُ ، فَيَا للهِ مِمَّن يُرِيدُ حُرِّيَّةَ نَفسِهِ بِإِعطَائِهَا شَهَوَاتِهَا ، فَيَحصُلُ لَهُ الذُّلُّ مِن حَيثُ أَرَادَ العِزَّ ، وَلَو أَنَّهُ أَقَامَهَا عَلَى الحَقِّ وَالطَّاعَةِ وَصَبَرَهَا عَلَى العَمَلِ الصَّالِحِ ، لَنَالَ بِذَلِكَ العِزَّ وَالفَخرَ ، وَلَحَصَلَت لَهُ الرِّفعَةُ وَالشَّرَفُ وَالحَيَاةُ الطَّيِّبَةُ ، قَالَ – سُبحَانَهُ - : " مَا عِندَكُم يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللهِ بَاقٍ وَلَنَجزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجرَهُم بِأَحسَنِ مَا كَانُوا يَعمَلُونَ . مَن عَمِلَ صَالِحًا مِن ذَكَرٍ أَو أُنثَى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلَنُحيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجزِيَنَّهُم أَجرَهُم بِأَحسَنِ مَا كَانُوا يَعمَلُونَ "
المرفقات
الصبر-7
الصبر-7
الصبر-8
الصبر-8
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق