خطبة: شكر المنان على نعمة الأمن والأمان
وليد بن محمد العباد
بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة: شكر المنان على نعمة الأمن والأمان
الخطبة الأولى
إنّ الحمدَ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا من يهده اللهُ فلا مضلَّ له ومن يضللْ فلا هاديَ له وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه صلّى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا أمّا بعدُ عبادَ الله
فإنّ مِن شُكْرِ اللهِ تعالى التّحَدُّثَ بما أَنْعَمَ اللهُ به على هذه البلادِ مِن نعمةِ الأمنِ والرّخاءِ واجتماعِ الكلمةِ ورَغدِ العيش، فتلك بحمدِ اللهِ نعمةٌ ظاهرةٌ يَنْعَمُ بها المواطنُ والمقيمُ في وطنِنا الكريم، وإنّما يَتَحَقّقُ الأمنُ بتوحيدِ اللهِ وطاعتِه وإقامةِ شرعِه (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ) وأمّا السّياجُ الذي يَحفظُ الأمنَ فهو الولاءُ لولاةِ الأمرِ بالمعروفِ والسّمعُ والطّاعة، والانتماءُ للوطنِ وعدمُ الخروجِ على الجماعة، قالَ تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ) وقالَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: أُوصيكم بتقوى اللهِ والسّمعِ والطّاعة. إنّ تَحَقُّقَ الأمنِ في الأوطانِ نعمةٌ عظيمة، لا يَعرفُ قَدْرَها إلا مَن فَقَدَها، ولهذا لمّا دعا إبراهيمُ عليه السّلامُ قَدَّمَ نعمةَ الأمنِ على الرّزقِ فقال: (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنْ الثَّمَرَاتِ) وقالَ عليه الصّلاةُ والسّلام: مَن أصبحَ منكم آمنًا في سِربِهِ، مُعافًى في جسدِهِ عندَهُ قوتُ يومِهِ، فَكَأنَّما حِيزَتْ لَهُ الدُّنيا. فبالأمنِ تَستقيمُ مصالحُ النّاسِ ويَهنأُ عَيشُهم، ويَتفرّغونَ لعبادةِ ربِّهم وصلةِ أرحامِهم، ورعايةِ مصالحِهم وتنميةِ مجتمعِهم، وبفقدِ الأمنِ تحصلُ الفوضى وتُسفكُ الدّماء، وتُنتهكُ الأعراضُ ويَتسلّطُ الأعداء، نَسألُ اللهَ العافية، فاتّقوا اللهَ رحمَكم الله، واشكروه على ما تَعيشونَه في هذه البلادِ المباركةِ مِن نعمةِ الأمنِ والأمان، فبالشّكرِ تَدومُ النِّعَمُ وتَزداد، قالَ تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) وحافظوا على اللُّحْمَةِ الوطنيّةِ واجتماعِ الكلمةِ ووَحدةِ الصّفِّ، واحذروا مِن السّماعِ للشّائعاتِ التي يَبُثُّها دُعاةُ الفتنةِ الذينَ تّسبّبُوا على كثيرٍ مِن بلدانِ المسلمينَ بالحروبِ والدّمارِ والشّتاتِ والانفلات، واكْتوى أهلُها بنارِ الخوفِ والرُّعْبِ، وفَقَدوا الأمنَ على أنفسِهم وأعراضِهم وأموالِهم. نَسألُ اللهَ أنْ يَحفظَ علينا دينَنا وأمنَنا ووطنَنا وولاةَ أمرِنا، إنّه على كلِّ شيءٍ قدير.
باركَ اللهُ لي ولكم بالقرآنِ العظيم، وبهديِ سيّدِ المرسلين، أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ مِن كلِّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفورُ الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ على إحسانِه، والشكرُ له على توفيقِه وامتنانِه، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشأنِه، وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه الداعي إلى رضوانِه، صلى اللهُ وسلمَ وباركَ عليه وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه وإخوانِه، أبدًا إلى يومِ الدّين. أمّا بعدُ عبادَ الله:
اتّقوا اللهَ حقَّ التقوى، واستمسكوا من الإسلامِ بالعروةِ الوُثقى، واحذروا المعاصي فإنّ أجسادَكم على النّارِ لا تقوى، واعلموا أنّ ملَكَ الموتِ قد تخطّاكم إلى غيرِكم، وسيتخطّى غيرَكم إليكم فخذوا حذرَكم، الكيّسُ مَنْ دانَ نفسَه، وعملَ لمَا بعدَ الموت، والعاجزُ من أتبعَ نفسَه هواها وتمنّى على اللهِ الأمانيّ. إنّ أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ رسولِ الله، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وعليكم بجماعةِ المسلمينَ فإنّ يدَ اللهِ مع الجماعة، ومن شذَّ عنهم شذَّ في النّار.
اللهمّ أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذلَّ الشّركَ والمشركين، ودمّرْ أعداءَ الدّين، وانصرْ عبادَك المجاهدينَ وجنودَنا المرابطين، وأَنجِ إخوانَنا المستضعفينَ في غزّةَ وفلسطينَ، وفي كلِّ مكانٍ يا ربَّ العالمين، اللهمّ عليك باليهودِ الغاصبين، والصّهاينة المعتدين، وسائرِ أعداءِ الملّةِ والدّين، اللهم عليك بهم فإنّهم لا يُعجزونَك، اللهمّ أَنزلْ بهم بأسَك الذي لا يُرَدُّ عن القومِ المجرمين، اللهمّ اهزمْهم وزلزلْهم يا قويُّ يا عزيز، اللهمّ آمِنّا في أوطانِنا ودورِنا، وأصلحْ أئمّتَنا وولاةَ أمورِنا، وهيّءْ لهم البطانةَ الصّالحةَ النّاصحةَ يا ربَّ العالمين، اللهمَّ أبرمْ لأمّةِ الإسلامِ أمرًا رَشَدًا يُعزُّ فيه أولياؤُك ويُذلُّ فيه أعداؤُك ويُعملُ فيه بطاعتِك ويُنهى فيه عن معصيتِك يا سميعَ الدّعاء. اللهمّ ادفعْ عنّا الغَلا والوَبا والرّبا والزّنا والزلازلَ والمحنَ وسوءَ الفتنِ ما ظهرَ منها وما بطن، اللهمّ فرّجْ همَّ المهمومينَ ونفّسْ كرْبَ المكروبينَ واقضِ الدّينَ عن المدينينَ واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، اللهمّ اغفرْ لنا ولوالدِينا وأزواجِنا وذريّاتِنا ولجميعِ المسلمينَ برحمتِك يا أرحمَ الرّاحمين.
عبادَ الله، إنّ اللهَ وملائكتَه يصلّونَ على النبيّ، يا أيّها الذينَ آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليمًا، ويقولُ عليه الصّلاةُ والسّلام: مَن صلّى عليّ صلاةً صلى اللهُ عليه بها عَشْرًا. اللهمّ صلِّ وسلمْ وباركْ على عبدِك ورسولِك نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه أبدًا إلى يومِ الدّين. فاذكروا اللهَ العظيمَ يَذكرْكم، واشكروه على آلائِه ونعمِه يَزدْكم، ولذكرُ اللهِ أكبرُ واللهُ يعلمُ ما تصنعون.
إعداد/ وليد بن محمد العباد غفر الله له ولوالديه وأهله وذريته والمسلمين
جامع السعيد بحي المصيف شمال الرياض 17/ 10/ 1445هـ