خطبة : شرح الصدور في مقدم سيد الشهور
عبدالله البصري
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، نَجَاحُ المَرءِ ثَمَرَةُ اجتِهَادِهِ ، وَقُوَّةُ اجتِهَادِهِ مَبنِيَّةٌ عَلَى وُضُوحِ هَدَفِهِ ، وَإِنَّ مِن حُسنِ حَظِّ العَبدِ أَن يُوَفِّقَهُ اللهُ لِلصَّوَابِ وَيَهدِيَهُ لِلرَّشَادِ ، فَيَستَحضِرَ الغَايَةَ مِن خَلقِهِ في كُلِّ وَقتٍ وَحِينٍ ، وَيَسِيرَ قَصدًا في طَرِيقَ الحَقِّ عَلَى الصِّرَاطِ المُستَقِيمِ ، وَلا تَشغَلَهُ عَنهُ الشَّوَاغِلُ أَو تَصرِفَهُ الصَّوَارِفُ .
وَإِنَّكَ لَو سَأَلتَ كُلَّ إِنسَانٍ في هَذِهِ الحَيَاةِ عَلا شَأنُهُ أَو نَزَلَ : مَا أَغلَى أَمَانِيِّكَ وَمَا أَسمَى أَهدَافِكَ ؟ لأَجَابَ بِمِلءِ فِيهِ : أُرِيدُ الفَوزَ بِالجَنَّةِ وَالنَّجَاةَ مِنَ النَّارِ . وَايمُ اللهِ ـ يَا عِبَادَ اللهِ ـ لَقَد كَانَ هَذَا ـ وَمَا زَالَ ـ هُوَ هَدَفَ السَّائِرِينَ إِلى اللهِ مِن لَدُنِ الأَنبِيَاءِ وَالصِّدِّيقِينَ وَالصَّالِحِينَ ، مَهمَا تَنَوَّعَت أَعمَالُهُم أَو تَعَدَّدَت طُرُقُهُم ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " فَمَن زُحزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدخِلَ الجَنَّةَ فَقَد فَازَ وَمَا الحَيَاةُ الدُّنيَا إِلاَّ مَتَاعُ الغُرُورِ " وَفي الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ لِرَجُلٍ : " كَيفَ تَقُولُ في الصَّلاةِ ؟ " قَالَ : أَتَشَهَّدُ وَأَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ الجَنَّةَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ ، أَمَا إِنِّي لا أُحسِنُ دَندَنَتَكَ وَلا دَندَنَةَ مُعَاذٍ ! فَقَالَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " حَولَهَا نُدَندِنُ "
نَعَمْ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ ذَلِكُم هُوَ الهَدَفُ وَتِلكُم هِيَ الغَايَةُ ، فَوزٌ بِالجَنَّةِ وَنَجَاةٌ مِن النَّارِ .
أَلا إِنَّ مِنَّا أَقوَامًا وَإِنْ زَعَمُوا أَنَّ هَذَا هُوَ هَدَفُهُم وَتِلكَ هِيَ غَايَتُهُم ، إِلاَّ أَنَّهُم بِأَعمَالِهِم وَتَصَرُّفَاتِهِم بَعِيدُونَ عَنِ الجَادَّةِ مُخطِئُونَ لِلطَّرِيقِ ، أَو مُتَقَاعِسُونَ في السَّيرِ مُتَكَاسِلُونَ عَنِ الرَّكبِ " وَمَا أَكثَرُ النَّاسِ وَلَو حَرَصتَ بِمُؤمِنِينَ " " وَإِنْ تُطِعْ أَكثَرَ مَن في الأَرضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللهِ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، لَقَد أَظَلَّكُم شَهرٌ كَرِيمٌ وَمَوسِمٌ عَظِيمٌ ، وَأَوشَكتُم عَلَى بُلُوغِ سُوقٍ مِن أَسوَاقِ المُتَاجَرَةِ مَعَ الغَفُورِ الشَّكُورِ ، وَاللهُ وَحدَهُ يَعلَمُ مَن سَيَبلُغُ تِلكَ السُّوقَ وَمَن سَيَقصُرُ بِهِ الأَجَلُ دُونَهَا ، وَهُوَ ـ تَعَالى ـ المُوَفِّقُ لِمَن شَاءَ إِلى سُلُوكِ أَقوَمِ السُّبُلِ " وَمَن يُرِدِ اللهُ فِتنَتَهُ فَلَن تَملِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيئًا "
أَلا وَإِنَّ مِن حُسنِ التَّوفِيقِ أَن يَعقِدَ العَبدُ العَزمَ عَلَى دُخُولِ ذَلِكَ المَوسِمِ بِأَحسَنِ مَا يَملِكُ مِن بِضَاعَةٍ ، وَأَن يَكُونَ مِن تَخطِيطِهِ لِلرِّبحِ فِيهِ أَن يَعرِضَ أَجوَدَ مَا عِندَهُ ، أَمَّا أَن يَطُولَ بِهِ النَّومُ وَتَشتَدَّ غَفلَتُهُ ، وَيُشَمِّرَ المُجِدُّونَ وَهُوَ في تَهوِيمِهِ وسِنَتِهِ ، فَمَا أَحرَاهُ بِأَن تَطُولَ بَعدَ ذَلِكَ حَسرَتُهُ ! وَأَن تَشتَدَّ يَومَ العَرضِ نَدَامَتُهُ ، أَلا فَاتَّقُوا اللهَ يَا طُلاَّبَ الآخِرَةِ ، وَلْيَكُنْ لَكُم مِنَ النِّيَّةِ عَلَى فِعلِ الخَيرَاتِ وَاكتِسَابِ الحَسَنَاتِ في شَهرِكُمُ الكَرِيمِ ، مَا لَعَلَّهُ أَن يَبلُغَ بِكُم أَعلَى الدَّرَجَاتِ وَأَرفَعَ المَقَامَاتِ ، وَإِن قَصُرَت بِكُمُ السُّبُلُ أَو عَجِزَتِ الحِيَلُ عَن بُلُوغِ الغَايَةِ في العَمَلِ ، وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَستَوِي عِندَهُمُ الأُمُورُ ، فَلا يُمَيِّزُونَ الفَاضِلَ مِنَ المَفضُولِ في الدُّهُورِ ، وَلْيَكُنْ كُلُّ حِرصِكُم عَلَى إِصلاحِ القُلُوبِ قَبلَ دُخُولِ الشَّهرِ ، وَاجعَلُوا تَطهِيرَهَا مَحَلَّ اهتِمَامِكُم وَمَحَطَّ عِنَايَتِكُم ، وَاعمَلُوا عَلَى تَنظِيفِهَا مِن كُلِّ مَا يُبَاعِدُ عَنِ اللهِ وَيَحُولُ دُونَ قَبُولِ العَمَلِ ، وَابدَؤُوا بِذَلِكَ قَبلَ مَا اعتَدتُم عَلَيهِ في مِثلِ هَذِهِ الأَيَّامِ مِن تَوفِيرِ أَنوَاعِ المَطَاعِمِ وَتَكثِيرِ أَصنَافِ المَشَارِبِ ؛ فَـ" إِنَّ اللهَ لا يَنظُرُ إِلى أَجسَادِكُم وَلا إِلى صُوَرِكُم ، وَلَكِن يَنظُرُ إِلى قُلُوبِكُم " وَ" إِنَّهُ لَيَأتي الرَّجُلُ العَظِيمُ السَّمِينُ يِومَ القِيَامَةِ لا يَزِنُ عِندَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ "
نَعَمْ ـ أَيُّهَا الإِخوَةُ ـ " إِنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ لا يَنظُرُ إِلى صُوَرِكُم وَأَموَالِكُم ، وَلَكِنْ يَنظُرُ إِلى قُلُوبِكُم وَأَعمَالِكُم " " فَمَن كَانَ يَرجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا "
لَقَد نَصَّ العُلَمَاءُ ـ رَحِمَهُمُ اللهُ ـ عَلَى أَنَّ التَّخلِيَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى التَّحلِيَةِ ، وَمِن ثَمَّ فَإِنَّ عَلَينَا أَن نُطَهِّرَ قُلُوبَنَا الَّتي هِيَ مَحَلُّ نَظرِ الرَّبِّ ـ سُبحَانَهُ ـ قَبلَ أَن نَملأَهَا بِمَا يُرضِيهِ ، عَلَينَا أَن نَتَجَنَّبَ مَا يَشِينُ قَبلَ أَن نَبحَثَ عَمَّا يَزِينُ ، أَلا وَإِنَّ ثَمَّةَ حَوَائِلَ مَانِعَةً وَحَواجِزَ قَاطِعَةً ، يَجِبُ عَلَينَا اجتِنَابُهَا في كُلِّ وَقتٍ وَلا سِيَّمَا قَبلَ دُخُولِ رَمَضَانَ ، لَعَلَّنَا أَن نَفُوزَ بِالقَبُولِ مِن أَوَّلِ لَحَظَاتِهِ ...
مِن ذَلِكَ الشِّركُ بِجَمِيعِ أَنوَاعِهِ ، خَاصَّةً مَا يَتَعَلَّقُ بِإِرَادَةِ غَيرِ اللهِ في العَمَلِ ، بِالرِّيَاءِ فِيهِ وَطَلَبِ السُّمعَةِ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " وَلَقَد أُوحِيَ إِلَيكَ وَإِلى الَّذِينَ مِن قَبلِكَ لَئِن أَشرَكتَ لَيَحبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ " وَقَالَ ـ تَعَالى ـ في الحَدِيثِ القُدسِيِّ : " أَنَا أَغنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّركِ ؛ مَن عَمِلَ عَمَلاً أَشرَكَ فِيهِ مَعِي غَيرِي تَرَكتُهُ وَشِركَهُ "
وَمِمَّا يَحُولُ بَينَ العَبدِ وَبَينَ رَبِّهِ وَيُحبِطُ عَمَلَهُ ، العُقُوقُ وقَطِيعَةُ الأَرحَامِ وَهَجرُ القَرَابَاتِ ، قَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " تُفتَحُ أَبوَابُ الجَنَّةِ يَومَ الاثنَينِ وَيَومَ الخَمِيسِ ؛ فَيُغفَرُ لِكُلِّ عَبدٍ لا يُشرِكُ بِاللهِ شَيئًا إِلاَّ رَجُلاً كَانَت بَينَهُ وَبَينَ أَخِيهِ شَحنَاءُ فَيُقَالُ : أَنظِرُوا هَذَينِ حَتَّى يَصطَلِحَا ، أَنظِرُوا هَذَينِ حَتَّى يَصطَلِحَا ، أَنظِرُوا هَذَينِ حَتَّى يَصطَلِحَا " وَفي الحَدِيثِ الحَسَنِ : " ثَلاثَةٌ لا يَقبَلُ اللهُ مِنهُم يَومَ القِيَامَةِ صَرفًا وَلا عَدلاً : عَاقٌّ وَمَنَّانٌ وَمُكَذِّبٌ بِالقَدَرِ "
وَمِمَّا يَمنَعُ رَفعَ العَمَلِ وَإِجَابَةَ الدُّعَاءِ أَكلُ الحَرَامِ ، قَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ " يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لا يَقبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا ، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ المُؤمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ المُرسَلِينَ فَقَالَ : " يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بما تَعمَلُونَ عَلِيمٌ " وَقَالَ : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقنَاكُم " قَالَ : وَذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشعَثَ أَغبَرَ ، يَمُدُّ يَدَهُ إِلى السَّمَاءِ : يَا رَبِّ يَا رَبِّ ، وَمَطعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِّيَ بِالحَرَامِ ، فَأَنَّى يُستَجَابُ لِذَلِكَ " وَقَالَ : " وَلا يَقبَلُ اللهُ إِلاَّ الطَّيِّبَ " وَقَالَ : " لا يَقبَلُ اللهُ صَدَقَةً مِن غُلُولٍ "
وَمِمَّا يَجِبُ عَلَى المَرءِ قَبلَ دُخُولِ الشَّهرِ أَن يَتَجَنَّبَ المُنكَرَاتِ في بَيتِهِ وَنَفسِهِ وَأَهلِهِ ، وَمِن أَخَصِّ ذَلِكَ في وَقتِنَا الحَاضِرِ القَنَوَاتُ الفَضَائِيَّةُ ، فَإِنَّ التَّهَاوَنَ بِالمُنكَرَاتِ وَتَركَهَا تَنخُرُ في كيانِ المُجتَمَعِ قَاطِعٌ عَنِ اللهِ ، قَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " مُرُوا بِالمَعرُوفِ وَانهَوا عَنِ المُنكَرِ قَبلَ أَن تَدعُوا فَلا يُستَجَابَ لَكُم "
أَلا فَاتَّقُوا اللهَ ـ عِبَادَ اللهِ ـ وَاحرِصُوا عَلَى أَلاَّ يَدخُلَ شَهرُكُم وَفِيكُم مَن تَلَبَّسَ بِشَيءٍ مِن هَذِهِ المَعَاصِي وَأَمثَالِهَا ، مِمَّا يَقطَعُ عَنِ اللهِ وَيُحبِطُ الأَعمَالَ وَيَحُولُ دُونَ قَبُولِهَا وَرَفعِهَا ، أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ . أَيَّامًا مَعدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَرِيضًا أَو عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِن أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِديَةٌ طَعَامُ مِسكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيرًا فَهُوَ خَيرٌ لَهُ وَأَن تَصُومُوا خَيرٌ لَكُم إِنْ كُنتُم تَعلَمُونَ . شَهرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الهُدَى وَالفُرقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَو عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِن أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ اليُسرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ العُسرَ وَلِتُكمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُم وَلَعَلَّكُم تَشكُرُونَ . وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَستَجِيبُوا لي وَلْيُؤمِنُوا بي لَعَلَّهُم يَرشُدُونَ "
أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ ـ تَعَالى ـ وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ .
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، تَذهَبُ اللَّيَالي وَالأَيَّامُ سِرَاعًا ، وَتَتَوَالى الشُّهُورُ وَالأَسَابِيعُ تِبَاعًا ، وَهَا هِيَ الأُمَّةُ تَرقُبُ ضَيفًا عَزِيزًا وَتَمتَلِئُ شَوقًا إِلى قَادِمٍ كَرِيمٍ ، يَفرَحُ بِهِ المُؤمِنُ وَيُحِبُّ بُلُوغَهُ ، وَ" مَن أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ "
أَلا فَاتَّقُوا اللهَ ـ عِبَادَ اللهِ ـ وَاستَعِدُّوا بِإِصلاحِ القُلُوبِ وَتَنقِيَةِ الصُّدُورِ ، وَاعقُدُوا العَزمَ عَلَى التَّقَرُّبِ إِلى اللهِ وَالمُتَاجَرَةِ مَعَهُ بِأَحسَنِ مَا تَجِدُونَ " إِنَّ الَّذِينَ يَتلُونَ كِتَابَ اللهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقنَاهُم سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرجُونَ تِجَارَةً لَن تَبُورَ . لِيُوَفِّيَهُم أُجُورَهُم وَيَزِيدَهُم مِن فَضلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ "
أَلا وَإِنَّ مِمَّا يُنَبَّهُ عَلَيهِ وَهُوَ لا يَخفَى ، مَا نَهَى عَنهُ النَّبيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ في قَولِهِ : " لا يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُم رَمَضَانَ بِصَومِ يَومٍ أَو يَومَينِ إِلاَّ أَن يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَومًا فَلْيَصُمْ ذَلِكَ اليَومَ " وَعَن عَمَّارِ بنِ يَاسِرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ قَالَ : " مَن صَامَ هَذَا اليَومَ ـ يَعني يَومَ الشَّكِّ ـ فَقَد عَصَى أَبَا القَاسِمِ .
المشاهدات 6758 | التعليقات 7
اللهم بلغنا سيد الشهور
واشرح منا الصدور
يا عزيز يا غفور
[IMG]http://www.vb-khutabaa.com/picture.php?albumid=3&pictureid=36[/IMG]
أحسنت يا شيخ عبدالله .
قولك ( نجاح المرء ثمرة اجتهاده ) عبارة تحتاج إلى تقويم ، فالأولى أن يقال : نجاح المرء من توفيق الله له ، ولا مانع أن يشار إلى أثر الاجتهاد في النجاح.
ولا يخفى على شريف علمكم ( وما بكم من نعمة فمن الله ) وأنه لابد من مشاهدة فضل الله على العبد ، ولو وكل المرء إلى نفسه واجتهاده لم يفلح .
أجزم أن ذلك لا يخفى عليكم ، ولكن يخشى على العوام إذا سمعوا هذا أن يتساهلوا في نسبة النعم لغير الله ، وقد بدأ هذا التساهل يظهر ، مما يحتاج إلى حزم وحيطة من أهل العلم .
نفع الله بك ، وبارك في جهودك .
أثابك الله .
في رأيي أن الخطيب قد أشار إلى ما ذكر الشيخ المهنا مباشرة بعد الجملة التي كانت عليها الملاحظ فقد قال : وَإِنَّ مِن حُسنِ حَظِّ العَبدِ أَن يُوَفِّقَهُ اللهُ لِلصَّوَابِ وَيَهدِيَهُ لِلرَّشَادِ ...
فهذه إشارة إلى أن المرء لا فضل له ولا نجاح إلا بتوفيق الله ...
عبدالله البصري
أثابك الله ـ شيخ عبدالله ـ على هذه الملحوظة القيمة .
وأنا أطلقت العبارة اعتمادًا على أن عامة المسلمين ممن أنار الله أبصارهم وبصائرهم لا يخفى عليهم أنه لن يدخل الجنة أحد بعمله ، وأنه كما قال ـ سبحانه ـ : " ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكا منكم من أحد أبدًا " وأن العمل مجرد سبب ، وهو أمر مشروع كما نتفق عليه .
قال ـ سبحانه ـ : " ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون "
وقال : " ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون "
وقال : " وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون "
وقال : " كلوا واشربوا هنيئًا بما كنتم تعملون "
وقال : " كلوا واشربوا هنيئًا بما أسلفتم في الأيام الخالية "
وعلى كل حال أنا أردت أن تكون هذه جملة افتتاحية يعلم بها السامع أنه لا بد للنجاح من عمل ، وأوافقك أنه كان من الأكمل أن يقال : نجاح المرء بعد توفيق الله ثمرة اجتهاده .
لكن الجملة الافتتاحية كلما كانت أخصر كانت أوقع في السمع وأشد تأثيرًا .
أسأل الله أن يعفو عن زللنا وتقصيرنا ، وألا يؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا .
تعديل التعليق