خطبة زكاة الفطر والعيد والتكبير
أحمد بن صالح العجلان
الخطبة الأولى :
الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ وَمَنْ وَالَاهُ وَاسْتَنَّ بِسُنَّتِهِ وَاهْتَدَى بِهُدَاهُ فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ . اخواني شرع لنا ربنا جل وعلا في ختام شهر رمضان زكاة الفطر والتكبير وصلاة العيد، فأما زكاة الفطر فقد فرضها الله طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين روى أبوداود في سننه من حديث ابن عباس r قال: فرض رسول الله rزكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين.وهي صاع من طعام من البر أو الرز أو التمر كما في البخاري :عَنِ ابْنِ عُمَرَ rقَالَ:«فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ rزَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى العَبْدِ وَالحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ مِنَ المُسْلِمِينَ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاَةِ» والصاع يساوي ثلاثة كيلو تقريبًا فأخرجوها عن أنفسكم، وعمن تنفقون عليه من الزوجات والأقارب، ويجوز إخراجها عن الحمل ويجوز إخراجها قبل العيد بيومين فقط، وهو اليوم الثامن والعشرين ولا تجزئ بعد صلاة العيد إلا إذا كان الإنسان جاهلا لا يدري مثل أن يأتي عليه العيد بغتة ووقت وجوبها يبدأ من غروب الشمس ليلة العيد وأفضله ما بين صلاة الفجر وصلاة العيد. حيث أمر بها النبي r أن تؤدى قبل خروج الناس إلى صلاة العيد. ولا يجوز إخراج زكاة الفطر نقودًا، لنص النبي r-على أنواع الأطعمة مع وجود قيمتها ويجوز للشخص أن يوكل أهله أن يخرجوا الزكاة عنه في بلدهم وهو في بلد آخر أو هو يخرجها عن نفسه وعن أهله في بلده الذي هو فيه. وتُدفع الزكاة إلى الفقراء والمساكين فقط، ويجوز أن يعطى المسكين زكاة الجماعة، وكذلك يجوز إعطاء الجماعة من المساكين زكاة الواحد.اخواني شرع الله لنا في ختام هذا الشهر التكبير والذي يبدأ من غروب الشمس ليلة العيد إلى صلاة العيد، قال الله تعالى:﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ وصفته أن يقول المسلم: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد، ويُسنُّ جهر الرجال به في المساجد والأسواق والبيوت إظهاراً لعبادة الله تعالى. بارَك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا جميعًا بما فيه من الآيات والذِّكْر الحكيم. أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم من كلِّ ذنبٍ، فاستغفروه يغفر لكم؛ إنَّه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية :
الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ لَانْبِي بَعْدَهُ. فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ فَتَقْوَى اللَّهِ خَيْرُ زَادٍ وَأَفْضَلُ مَآبٍ وَالْمُوصِلُ إِلَى رِضَى رَبِّ الْعِبَادِ. اخواني احرصوا على آداء صلاة العيد فقد أمر بها النبي r ففي صحيح البخاري عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَt، قَالَتْ: أُمِرْنَا أَنْ نُخْرِجَ الحُيَّضَ يَوْمَ العِيدَيْنِ، وَذَوَاتِ الخُدُورِ فَيَشْهَدْنَ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ، وَدَعْوَتَهُمْ وَيَعْتَزِلُ الحُيَّضُ عَنْ مُصَلَّاهُنَّ، قَالَتِ امْرَأَةٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِحْدَانَا لَيْسَ لَهَا جِلْبَابٌ؟ قَالَ: «لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا» فاخرجوا رحمكم الله إلى الصلاة رجالا ونساء كبارا وصغارا، ولتخرج النساء غير متجملات، ولا متطيبات، وتعتزل الحائض المسجد، والرجال، فالسنة لهم أن يخرجوا متطيبين لابسين أحسن ثيابهم بعد الاغتسال والتنظيف، والسنة أن يأكل الإنسان قبل خروجه إلى صلاة العيد تمرات وترا ثلاثا أو خمسا أو سبعا أو نحوها من الوتر لأنه يحرم صوم يوم العيد ويخرج ماشياً إن تيسَّر، والأفضل أن يذهب إلى صلاة العيد من طريق ويرجع من طريق آخر .عباد الله: اختموا شهركم بالاجتهاد في باقيه، وبالتوبة والاستغفار، واعلموا أن خير الأعمال بخواتيمها. سبحان الله ما أعجلَ اللياليَ والأيامَ هاهي تمضي سريعًا وتنقضي جميعًا ، أتذكرُون يومَ هلَّل هلالُه وتباشرَ الناسُ بظِلالِه لكأنَّهُ الأمسُ القريب ، واليومَ يشيرُ التقويمُ أنهُ اليومُ الثامن والعشرونَ من رمضان . وهكذا هي الدنيا سريعة الإنقضاء ((وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ)) ويا شهرَ رمضانَ ترفَّق ، دموعُ المحبينَ تدفَّق ، قلوبُهم من ألمِ الفراقِ تشقَّق ، عسى منقطعٌ عن ركبِ المقبولينَ يلْحق عسى أسيرُ الأوزارِ يُطلق ، عسى من استوجب النارَ يُعتق بقي أيام قلائل فاستغلوها فإنَّ أبوابَ الجنةِ ما زالت مفتَّحة ، و أبوابَ النارِ ما زالت مُغلقة وإن سوقَ العتقاءِ من النارِ ما زال قائماً ، فأمامنا ليلة أو ليلتان ولا ندري فقد تكون سعادتنا في هذه الليالي الباقية ، فوربي قريباً يُقال انتهى .. قريباً يقال رمضانُ مضى . هذا وصلوا وسلموا على نبيكم كما امركم بذلك ربكم فقال عز من قائل حكيما( ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) و قال صلى الله عليه وسلم (من صلى علي صلاه واحده صلى الله عليه بها عشرا ) اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد بن عبدالله البشير النذير، والسراج المنير، وارضَ اللهم عن الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين : أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن بقيَّة الصحابة، وعن التابعين، وتابعي التابعين، ومَن تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وجودك وكرمك وإحسانك يا أرحم الراحمين. اللهم إنا نسألك من خير ما سألك منه عبدك ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم ونستعيذك من شر ما ستعاذك منه عبدك ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم .اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ ، وَاحْمِ حَوْزَةَ الدِّينِ ، وَاجْعَلْ بَلَدَنَا آمِنًا مُطْمَئِنًّا وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ . وفق ولي أمرنا بتوفيقك يارب العالمين اللهم ادفَع عنَّا الغَلاء والرِّياء، والربا والزنا والزلازل والمِحَن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا خاصَّة، وعن سائر بلاد المسلمين عامَّة يا رب العالمين.. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ عِبَادَ اللهِ :إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْل وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { فَاذْكُرُوا اللهَ الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ، وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ ، وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون} .