خطبة: رسالةُ حُبٍّ ووَفَاء للطّلابِ والمعلمينَ والآباء

وليد بن محمد العباد
1445/02/01 - 2023/08/17 00:25AM

بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة: رسالةُ حُبٍّ ووَفَاء للطّلابِ والمعلمينَ والآباء

الخطبة الأولى

إنّ الحمدَ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا من يهده اللهُ فلا مضلَّ له ومن يضللْ فلا هاديَ له وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه صلّى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا أمّا بعدُ عبادَ الله

يَستقبلُ أبناؤُنا الطّلابُ والطّالبات، عامًا دراسيًّا جديدًا يَنهلونَ فيه مِن المعرفة، ويَدرسونَ ويَتدرّبونَ ويَتعلّمون (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) فبالعلمِ تَستنيرُ العقولُ وتَزْكو القلوبُ وتَهتدي النّفوس، قالَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَن خرجَ في طلبِ العلمِ فهو في سبيلِ اللهِ حتّى يَرجِع. وأَفضلُ العلومِ وأشرفُها علومُ الشّريعة، والتي أساسُها الكتابُ والسّنّةُ وما تَفرّعَ عنهما، فإنّها نورٌ وعصمةٌ وهدايةٌ وأخلاق، فانهلوا منها فهي قِوامُ الدّنيا والدّين، بها تُبنَى القيمُ ويَتَهذّبُ السّلوكُ ويَنتشرُ الحُبُّ والعدلُ والوسطيّةُ والسّلام، ثمّ احرصوا على اكتسابِ وإتقانِ ما تَميلونَ إليه مِن العلومِ النّافعة، التي يَحتاجُها العبادُ والبلاد، لتَكتفيَ الأمّةُ بأبنائِها لبنائِها، وتَستغنيَ عن غيرِها لرُقيِّها ونمائِها، فيا أيّها الطّلابُ والطّالباتُ أصلحَكم الله، استحضروا النّيّةَ الصّالحةَ في طلبِ العلمِ عندَ ذهابِكم إلى المدرسة، فبذلك تَتَعلّمونَ وتُؤجرون، وتَرفعونَ الجهلَ عنكم، وتَنفعونَ مجتمعَكم وأمّتَكم، ثمّ احْرِصوا على الاجتهادِ في الدّراسة، والتّزوّدِ مِن العلمِ والمعرفة، وأداءِ الواجباتِ في وقتِها، والحفظِ والفهمِ وكثرةِ المراجعة، فبقدرِ الكَدِّ تُكتسبُ المعالي * ومَن طلبَ العُلا سَهِرَ الليالي. واحذروا الكسلَ والإهمال، فاليومَ لا مجالَ للخمول، ولا مكانَ للكسول. وابتعدوا عن المبالغةِ باللّباسِ وإدمانِ القهوةِ والوجباتِ السّريعة، وَاعْـلَمْ بِأَنَّ الْعِلْـمَ لَيْـسَ يَنَالُـهُ * مَنْ هَمُّهُ فِي مَطْعَـمٍ أَوْ مَلْبَـسٍ. واحذروا مِن رُفقاءِ السّوء، ومِن كلِّ مَن يَدعوكم إلى دُخانٍ أو شيشةٍ أو مخدّرات، فإنّها دمارٌ للصّحةِ والعقلِ والشّرفِ والدّين، واحذروا مِن الجوّالِ الذي بينَ أيديكم، لا تَنشغلوا به عن دراستِكم، واستخدموه فيما يَنفعُكم، وتَجنّبوا ما يُعرضُ فيه مِن شبهاتٍ وشهوات، ومِن تَضييعِ الأوقاتِ بمتابعةِ التّافهينَ والتّافهات. جعلَكم اللهُ هداةً مهتدين، ورفعَ بكم رايةَ الوطنِ والدّين. أيّها المعلمونَ والمعلّماتُ أرشدَكم الله، اتّقوا اللهَ فيمن استرعاكم اللهُ مِن فلذاتِ أكبادِ المسلمين، فإنّهم أمانةٌ في أعناقِكم، وأنتم أهلٌ لحملِ تلك الأمانةِ وأدائِها إنْ شاءَ الله. باركَ اللهُ فيكم وفي جهودِكم ونفعَ بكم المسلمين. أيّها الآباءُ والأمّهاتُ وفّقَكم الله، إنَّ مُهمّةَ تربيةِ الأولاد، مُهمّةٌ عظيمة، خصوصًا في هذا الزّمنِ، فكلكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيّتِه. كونوا أكثرَ يقظةً في متابعتِهم والقربِ منهم، وكثرةِ الدّعاءِ لهم، وتوجيهِهم بالرِّفقِ واللّينِ والحوار، أحسنوا تربيتَهم ورعايتَهم. فإنّكم غدًا بإذنِ اللهِ سوفَ تَتفيّؤونَ في ظلالِهم، وتَجنونَ مِن جميلِ خصالِهم، وتَسعدونَ ببرِّهم ووصالِهم. أَقَرَّ اللهُ أعينَكم بصلاحِهم ونجاحِهم وفلاحِهم، وأراكم فيهم ما تُحبّون، إنّه على كلِّ شيءٍ قدير. فاتّقوا اللهَ رحمَكم الله، واجعلوا مِن العلمِ والدّراسةِ والعامِ الدّراسيِّ الجديد، سبيلًا لرضا اللهِ وبرِّ الوالدين، ووسيلةً لعمارةِ الأرضِ وسعادةِ الدّارين، وفرصةً لتنظيمِ الأوقاتِ واكتسابِ أفضلِ العادات، لتفوزوا بالكرامةِ مِن ربِّ الأرضِ والسّموات (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)

باركَ اللهُ لي ولكم بالقرآنِ العظيم، وبهديِ سيّدِ المرسلين، أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ مِن كلِّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفورُ الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ على إحسانِه، والشكرُ له على توفيقِه وامتنانِه، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشأنِه، وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه الداعي إلى رضوانِه، صلى اللهُ وسلمَ وباركَ عليه وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه وإخوانِه، أبدًا إلى يومِ الدّين. أمّا بعدُ عبادَ الله

اتّقوا اللهَ حقَّ التقوى، واستمسكوا من الإسلامِ بالعروةِ الوُثقى، واحذروا المعاصي فإنّ أجسادَكم على النّارِ لا تقوى، واعلموا أنّ ملَكَ الموتِ قد تخطّاكم إلى غيرِكم، وسيتخطّى غيرَكم إليكم فخذوا حذرَكم، الكيّسُ مَنْ دانَ نفسَه، وعملَ لمَا بعدَ الموت، والعاجزُ من أتبعَ نفسَه هواها وتمنّى على اللهِ الأمانيّ. إنّ أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ رسولِ الله، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وعليكم بجماعةِ المسلمينَ فإنّ يدَ اللهِ مع الجماعة، ومن شذَّ عنهم شذَّ في النّار.

اللهمّ أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذلَّ الشركَ والمشركين، ودمّرْ أعداءَ الدّين، وانصرْ عبادَك المجاهدينَ وجنودَنا المرابطين، وأنجِ إخوانَنا المستضعفينَ في كلِّ مكانٍ يا ربَّ العالمين، اللهمّ آمِنّا في أوطانِنا ودورِنا، وأصلحْ أئمّتَنا وولاةَ أمورِنا، وهيّءْ لهم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ يا ربَّ العالمين، اللهمَّ أبرمْ لأمّةِ الإسلامِ أمرًا رشدًا يُعزُّ فيه أولياؤُك ويُذلُّ فيه أعداؤُك ويُعملُ فيه بطاعتِك ويُنهى فيه عن معصيتِك يا سميعَ الدعاء. اللهمّ ادفعْ عنّا الغَلا والوَبا والرّبا والزّنا والزلازلَ والمحنَ وسوءَ الفتنِ ما ظهرَ منها وما بطن، اللهمّ فرّجْ همَّ المهمومينَ ونفّسْ كرْبَ المكروبينَ واقضِ الدّينَ عن المدينينَ واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، اللهمّ اغفرْ لنا ولوالدِينا وأزواجِنا وذريّاتِنا ولجميعِ المسلمينَ برحمتِك يا أرحمَ الرّاحمين

عبادَ الله، إنّ اللهَ وملائكتَه يصلّونَ على النبيّ، يا أيّها الذينَ آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليمًا، ويقولُ عليه الصلاةُ والسلام: من صلّى عليّ صلاةً صلى اللهُ عليه بها عشْرًا. اللهمّ صلِّ وسلمْ وباركْ على عبدِك ورسولِك نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه أبدًا إلى يومِ الدّين. فاذكروا اللهَ العظيمَ يَذكرْكم، واشكروه على آلائِه ونعمِه يَزدْكم، ولذكرُ اللهِ أكبرُ واللهُ يعلمُ ما تصنعون.

إعداد/ وليد بن محمد العباد غفر الله له ولوالديه وأهله وذريته والمسلمين

جامع السعيد بحي المصيف شمال الرياض 2/ 2/ 1445هـ

المشاهدات 1285 | التعليقات 0