خطبة : ( رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه )

عبدالله البصري
1444/10/14 - 2023/05/04 13:53PM

الخطبة الأولى :

 

أَمَّا بَعدُ ، فَأُوصِيكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ "

أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، نِعَمُ اللهِ عَلَى العِبَادِ كَثِيرَةٌ " وَإِن تَعُدُّوا نِعمَةَ اللهِ لا تُحصُوهَا " وَإِذَا كَانَتِ النِّعَمُ المَادِّيَّةُ المَحسُوسَةُ هِيَ أَكثَرَ مَا يَغبِطُ النَّاسُ بَعضَهُم بَعضًا عَلَيهَا ؛ لأَنَّهَا تُلامِسُ أَسمَاعَهُم وَتُدرِكُهَا أَبصَارُهُم ، فَإِنَّ النِّعَمَ المَعنَوِيَّةَ أَعظَمُ مِن ذَلِكَ وَأَكبَرُ ، وَقِيمَتَهَا أَعلَى وَأَغلَى ، وَهِيَ أَفضَلُ وَأَجَلُّ وَأَكمَلُ ، وَمِن ثَمَّ كَانَتِ المُحَافَظَةُ عَلَيهَا أَولى وَأَهَمَّ ، وَأَكثَرَ شُكرًا لِلمُنعِمِ وَأَتَمَّ ، وَإِذَا كَانَ الدِّينُ هُوَ أَوَّلَهَا وَأَكمَلَهَا ، فَإِنَّ العَقلَ هُوَ ثَانِيهَا وَأَجزَلُهَا ، بَل إِنَّ الدِّينَ لا يَكُونُ إِلاَّ مَعَ العَقَلِ ، وَمَن ذَهَبَ عَقلُهُ وَزَالُ إِدرَاكُهُ ، رُفِعَ عَنهُ قَلَمُ التَّكلِيفِ ، وَلم يُؤخَذْ مِنهُ حَسَنٌ وَلم يُؤَاخَذْ عَلَى سَيِّئٍ ، وَمِن ثَمَّ كَانَ مِن أَلزَمِ مَا عَلَى الإِنسَانِ أَن يَعتَنيَ بِهِ وَيُحَافِظَ عَلَيهِ بَعدَ دِينِهِ ، عَقلُهُ الَّذِي أَعطَاهُ اللهُ إِيَّاهُ وَامتَنَّ بِهِ عَلَيهِ ، وَفَضَّلَهُ عَلَى غَيرِهِ مِمَّن خَلَقَ بِتَكرِيمِهِ بِهِ " وَلَقَد كَرَّمنَا بَني آدَمَ وَحَمَلنَاهُم في البَرِّ وَالبَحرِ وَرَزَقنَاهُم مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلنَاهُم عَلَى كَثِيرٍ مِمَّن خَلَقنَا تَفضِيلاً " وَإِنَّهُ إِذَا اجتَمَعَ لِلإِنسَانِ دِينُهُ وَعَقلُهُ ، فَقَد تَمَّت عَلَيهِ نِعمَةُ رَبِّهِ ، وَصَارَ لَهُ نُورٌ يَمشِي بِهِ وَيُميِّزُ بَينَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ ، وَيَعرِفُ الخَطَأَ وَالصَّوَابَ وَيُدرِكُ المَصَالِحَ مِنَ المَفَاسِدِ ، وَيُفَرِّقُ بَينَ النَّافِعِ وَالضَّارِّ وَيَستَشرِفُ العَوَاقِبَ وَيَتَوَخَّى المَقَاصِدَ ، فَوَقَى بِذَلِكَ نَفسَهُ مِن كُلِّ شَرٍّ وَسُوءٍ ، وَلم يَسلُكْ بِهَا إِلاَّ مَسَالِكَ الخَيرِ وَالفَضِيلَةِ ، وَلم يَطلُبْ لَهَا إِلاَّ مَا يَنفَعُهَا وَيَرفَعُهَا ، وَأَمَّا إِذَا فَقَدَ دِينَهُ فَقَد خَسِرَ أُخرَاهُ ، فَإِنِ اجتَمَعَ إِلى ذَلِكَ فَسَادُ عَقلِهِ فَقَد خَسِرَ دُنيَاهُ . وَلاجتِمَاعِ شَيَاطِينِ الجِنِّ وَالإِنسِ عَلَى حَربِ ابنِ آدَمَ وَإِفسَادِ دِينِهِ وَدُنيَاهُ وَإِهلاكِهِ في أُخرَاهُ ، فَقَدِ اجتَمَعَت تِلكَ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُحَارَبَةِ الإِنسَانِ في دِينِهِ وَعَقلِهِ ، لِتَتبَعَهَا بَقِيَّةُ الضَّرُورَاتِ الَّتي عَلَيهَا تَقُومُ حَيَاتُهُ مِن نَفسٍ وَعِرضٍ وَمَالٍ ، فَيُصبِحَ بَعدَ ذَلِكَ بَهِيمَةً في صُورَةِ آدَمِيٍّ ، وَحَيَوَانًا في جِلدِ إِنسَانٍ  .وَإِنَّ مِنَ الحُرُوبِ الَّتي وَجَّهَهَا الأَعدَاءُ إِلى أَهلِ هَذِهِ البِلادِ وَغَيرِهَا مِن بُلدَانٍ الإِسلامِ ، حَربَ المُخَدِّرَاتِ وَالمُسكِرَاتِ ، تِلكَ المُهلِكَاتُ المُفسِدَاتُ المُوبِقَاتُ ، الَّتي نَسمَعُ وَنَقرَأُ وَتَصِلُ إِلَينَا الأَخبَارُ في كُلِّ يَومٍ ، بِاكتِشَافِ أَعدَادٍ هَائِلَةٍ مِن أَنوَاعِهَا وَأَشكَالِهَا ، مَا بَينَ مَشرُوبٍ وَمَأكُولٍ وَمَشمُومٍ ، وَمُنَبِّهٍ مُنَشِّطٍ وَمُفَتِّرٍ مُكَسِّلٍ ، لا يَشُكُّ مَن يَرَى كَثرَتَهَا وَتَنَوُّعَهَا وَازدِيَادَ دُخُولِهَا وَتَوَفُّرِهَا ، أَنَّهَا حَربٌ شَرِسَةٌ مَدعُومَةٌ دُولِيًّا ، وَمَكرٌ كُبَّارٌ مُخَطَّطٌ لَهُ مِن جِهَاتٍ مُتَمَكِّنَةٍ ، يُقصَدُ بِهِ المُسلِمُونَ في دِينِهِم وَعُقُولِهِم وَأَنفُسِهِم ، وَيُرَادُ بِهِ إِفسَادُ أَعرَاضِهِم وَأَكلِ أَموَالِهِم ، وَضَربُ مَبَادِئِهِم وَتَحطِيمُ أَخلاقِهِم ، وَتَدمِيرُ قِيَمِهِم وَإِذهَابُ مُرُوءَاتِهِم ، أَجَل أَيُّهَا الإِخوَةُ ، إِنَّ حَربَ المُخَدِّرَاتِ وَإِن لم تَكُنْ مُوَاجَهَةً بِسِلاحٍ نَارِيٍّ ، فَإِنَّهَا أَشَدُّ مِنهُ فَتكًا ، وَأَعظَمُ مِنهُ خَطَرًا وَأَطوَلُ أَثَرًا ، فَالعَدُوُّ المُوَاجِهُ بِالسِّلاحِ ظَاهِرُ العَدَاوَةِ ، بَيِّنُ الهَدَفِ وَاضِحُ الغَايَةِ ، تَأخُذُ بِالأَفرَادِ وَالجَمَاعَاتِ الغَيرَةُ وَالحَمِيَّةُ لِمُوَاجَهَتِهِ ، فَيُقَاتِلُونَهُ جَمِيعًا بِشَجَاعَةٍ وَيُنَابِذُونَهُ بِبَسَالَةٍ ، وَيُرخِصُونَ النُّفُوسَ لِصَدِّهِ وَمَنعِهِ ، وَأَمَّا تِلكَ الحُرُوبُ النَّاعِمَةُ الصَّامِتَةُ ، المُختَفِيَةُ وَرَاءَ أَسمَاءٍ لامِعَةٍ أَو أَلوَانٍ خَادِعَةٍ ، وَالَّتي مِن وَسَائِلِهَا تِلكَ المُخَدِّرَاتُ وَالمُسكِرَاتُ ، فَإِنَّهَا حُرُوبٌ يُفسِدُ بِهَا كُلُّ فَردٍ نَفسَهُ بِنَفسِهِ ، وَيُخرِبُ بَيتَهُ بِيَدِهِ ، وَيَهدِمُ بُنيَانَهُ بِمِعوَلِهِ ، وَيُزِيلُ عَقلَهُ بِاختِيَارٍ مِنهُ ، وَيَخسَرُ مَعَ ذَلِكَ دِينَهُ وَمَالَهُ وَعِرضَهُ ، وَيُصبِحُ آلَةً لإِفسَادِ مُجتَمَعِهِ ، وَحَربَةً لِطَعنِ وَطنِهِ ، بَعدَ أَن يُؤذِيَ أَهلَهُ وَأُسرَتَهُ ، وَلَرُبَّمَا أَتَى بَعدَ ذَلِكَ مَا لم تَأتِهِ البَهَائِمُ ، وَوَقَعَ فِيمَا لم تَقَعْ فِيهِ مِن زِنًا وَوُقُوعٍ عَلَى المَحَارِمِ . كَم مِن شَابٍّ عَقَّ وَالِدَيهِ ، وَمُتَعَلِّمٍ أَخفَقَ في دِرَاسَتِهِ ، وَعَامِلٍ فَقَدَ عَمَلَهُ وَأَهمَلَ مَصدَرَ رِزقِهِ ، وَرَبِّ أُسرَةٍ قَصَّرَ في حَقِّ أُسرَتِهِ ، بَل وَزَرَعَ فِيهَا الخَوفَ بَعدَ الأَمنِ ، وَسَقَاهَا الشَّقَاءَ بَعدَ السَّعَادَةِ ، بَل وَكَم مِن فَتَاةٍ هُتِكَ عِرضُهَا وَدُنِّسَ شَرَفُهَا ، وَفَقَدَت عِفَّتَهَا وَصَارَت فَضِيحَةً عَلَى أَهلِهَا وَقَومِهَا ، كُلُّ ذَلِكَ بِسَبَبِ المُخَدِّرَاتِ وَالوُقُوعِ في شِرَاكِ مُرَوِّجِيهَا وَمُوَزِّعِيهَا ، مِمَّن يَظهَرُونَ في صُوَرِ أَصحَابٍ وَأَصدِقَاءَ وَمُرَافِقِينَ وَزُمَلاءَ ، وَهُم في الحَقِيقَةِ ذِئَابٌ مَسعُورَةٌ ، بَل كِلابٌ مَأجُورَةٌ ، وَرَاءَهَا تُجَّارٌ خَاسِرُونَ ، وَرُؤُوسُ إِفسَادٍ ظَالِمُونَ ، جَعَلُوا هَذِهِ المُخَدِّرَاتِ وَالمُسكِرَاتِ وَسِيلَةً لِنَيلِ المَالِ الحَرَامِ ، وَطَرِيقًا لِلتَّخرِيبِ وَبَثِّ الإِجرَامِ ، وَمِفتَاحًا لِلتَّمَكُّنِ مِنَ الشُّعُوبِ وَقِيَادَتِهَا إِلى مَا يَشَاؤُونَ مِن مَهَاوٍ وَمَهَالِكَ .

أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، لَقَد جَعَلَ اللهُ الإِنسَانَ مَسؤُولاً عَن حِفظِ عَقلِهِ وَسَمعِهِ وَبَصَرِهِ ، وَسَيَسأَلُهُ تَعَالى عَمَّا استَرعَاهُ مِن ذَلِكَ ، وَلِهَذَا حَرَّمَ عَلَيهِ كُلَّ مَا يَضُرُّهُ ، وَنَهَاهُ عَن قَتلِ نَفسِهِ ، قَالَ تَعَالى : " إِنَّ السَّمعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنهُ مَسؤُولاً " وَقَالَ تَعَالى :  " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الخَمرُ وَالمَيسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزلامُ رِجسٌ مِن عَمَلِ الشَّيطَانِ فَاجتَنِبُوهُ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ . إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيطَانُ أَن يُوقِعَ بَينَكُمُ العَدَاوَةَ وَالبَغضَاءَ في الخَمرِ وَالمَيسِرِ وَيَصُدَّكُم عَن ذِكرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَل أَنتُم مُنتَهُونَ " وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : " لَعَنَ اللهُ الخَمرَ وَشَارِبَهَا وَسَاقَيَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبتَاعَهَا ، وَعَاصِرَهَا وَمُعتَصِرَهَا ، وَحَامِلَهَا وَالمَحمُولَةَ إِلَيهِ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وقال صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ عَلَى اللهِ عَهدًا لِمَن يَشرَبُ المُسكِرَ أَن يَسقِيَهُ مِن طِينَةِ الخَبَالِ " قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، وَمَا طِينَةُ الخَبَالِ ؟ قَالَ : " عَرَقُ أَهلِ النَّارِ " أَو " عُصَارَةُ أَهلِ النَّارِ " رَوَاهُ مُسلِمٌ . وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَن شَرِبَ الخَمرَ وَسَكِر لم تُقبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَربَعِينَ صَبَاحًا ، وَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللهُ عَلَيهِ " رَوَاهُ ابنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .

أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، مَن عَافَاهُ اللهُ مِن هَذِهِ المُخَدِّرَاتِ وَالمُسكِرَاتِ فَلْيَحمَدِ اللهَ وَلْيَشكُرْهُ عَلَى مَا مَنَّ بِهِ عَلَيهِ مِنَ السَّلامَةِ مِن آفَةٍ هِيَ مِن أَشَدِّ آفَاتِ هَذَا الزَّمَانِ ، وَالعَافِيَةِ مِن بَلِيَّةٍ مِن أَكبَرِ بَلِيَّاتِهِ ، وَمَنِ ابتُلِيَ بِشَيءٍ مِن هَذَا ، أَو كَانَ لَدَيهِ مُبتَلًى مِن أَقَارِبِهِ ، فَلْيَعلَمْ أَنَّهُ مَريضٌ يَحتَاجُ إِلى عِلاجٍ ، وَغَريقٌ يَتَشَوَّفُ إِلى إِنقَاذٍ ، وَمِن ثَمَّ فَلا بُدَّ مِن فَتحِ قُلُوبِ الشَّفَقَةِ ، وَمَدِّ جُسُورِ المَحَبَّةِ ، بِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ وَنَصِيحَةٍ مُخلِصَةٍ ، وَمُعَامَلَةٍ حَسَنَةٍ وَبِنَاءِ عِلاقَةٍ حَمِيمَةٍ ، وَسُلُوكِ أَسَالِيبَ مُنَوَّعَةٍ وَاتِّخَاذِ طُرُقٍ مُختَلِفَةٍ ، يُمزَجُ فِيهَا التَّرغِيبُ بِالتَّرهِيبِ ، وَيُقرَنُ الثَّوَابُ بِالعِقَابِ ، مَعَ التَّحَلِّي بِالصَّبرِ وَالتَّحَمُّلِ ، وَسَعَةِ البَالِ وَبُعدِ النَّظَرِ ، ودُعَاءِ اللهِ بِالهِدَايَةِ وَالتَّوفِيقِ ، وَسُؤَالِهِ السَّلامَةَ وَالعَافِيَةَ ، وَالحَذَرِ مِنَ الاستِهزَاءِ وَالسّخرِيَةِ ، فَالقُلُوبُ بِيَدِ اللهِ ، يُقَلِّبُهَا وَيُصَرِّفُهَا كَيفَ يَشَاءُ ، وَلَو شَاءَ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا ، وَانتَصَرَ لِلمُؤمِنِينَ مِنَ الكَافِرِينَ وَلأَهلِ الحَقِّ مِنَ الظَّالِمِينَ ، وَلَكِنْ لِيَبلُوَ بَعضَكُم بِبَعضٍ " لَقَد أَنزَلنَا آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَاللهُ يَهدِي مَن يَشَاءُ إِلى صِرَاطٍ مُستَقِيمٍ " " إِنَّكَ لا تَهدِي مَن أَحبَبتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعلَمُ بِالمُهتَدِينَ "

 

 
الخطبة الثانية :

 

أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ "  وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثمِ وَالعُدوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ "

أَيُّهَا الإِخوَةُ ، إنَّ مَا تُعلِنُ عَنهُ جِهَاتُ الأَمنِ مِن كَثرَةِ المُخَدِّرَاتِ ، وَتَنَوُّعِ طُرُقُ إِدخَالِهَا إِلى البِلادِ ، إِنَّ ذَلِكَ لَيُوحِي أَنَّ لَهَا سُوقًا رَائِجَةً ، وَأَنَّ خَلفَ ذَلِكَ مُؤَامَرَةً شَدِيدَةً ، وَأَنَّ وَرَاءَ تِلكَ المُؤَامَرَةِ أَعدَاءً لِلأَخلاقِ وَالدِّينِ وَالعَقيدةِ ، وَإِرَادَاتٍ خَبِيثَةً لإِفسَادِ البِلادِ وَإِهلاكِ العِبَادِ ، وَقَصدًا لِتَأَخُّرِ الأَوطَانِ وَتَخَلُّفِ أَبنَائِهَا ، وَسَعيًا حَثِيثًا دُونَ نُهُوضِهَا وَرُقِيِّهَا ، وَتَركِيزًا عَلَى الشَّبَابِ وَالشَّابَّاتِ مِنَ الأَبنَاءِ وَالبَنَاتِ ، لِجَعلِهِم أَدَوَاتٍ لإِيقَاعِ الجَرَائِمِ وَنَشرِ المَصَائِبِ ، مِنِ اغتِصَابٍ وَسَرِقَةٍ وَقَتلٍ ، وَذَهَابِ أَمنٍ وَحُلُولِ خَوفٍ ، وَقَد قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ في الحَدِيثِ المُتَّفَقِ عَلَيهِ : " كُلُّكُم رَاعٍ وَكُلُّكُم مَسؤُولٌ عَن رَعِيَّتِهِ " فَعَلَينَا جَمِيعًا أَن نَنتَبِهَ لِمَن تَحتَ أَيدِينَا ، وَأَن نُتَابِعَهُم مُتَابَعَةَ رِعَايَةٍ وَحِمَايَةٍ ، أَمرًا لَهُم بِالصَّلاةٍ ، وَمُسَابَقَةً لَهُم إِلى المَسَاجِدِ وَالجَمَاعَاتِ ، وَتَحذِيرًا لَهُم مِن طُرُقِ الهَلاكِ وَسَرَادِيبِ الضَّيَاعِ ، وَأَن نَكُونَ مَعَ هَذِهِ الحَملةِ الوَطَنِيَّةِ الَّتي بَدَأَتهَا بِلادُنَا لِلقَضَاءِ عَلَى المُخَدِّراتِ ، بِوَضعِ أَيدِينَا بِأَيدِيهِم وَالتَّعَاوُنِ مَعَهُم عَلَى القَضَاءِ عَلَى هَذَا الوَبَاءِ المُهلِكِ ، بِالتَّبلِيغِ عَنِ المُرَوِّجِينَ وَمُنَابَذَةِ المُجرِمِينَ ، وَتَنبِيهِ المُغَرَّرِ بِهِم وَمُعَالَجَةِ المُدمِنِينَ ، وَأَن نَكُونَ عَلَى وَعيٍ وَحَذَرٍ وَإِدرَاكٍ لِحَجمِ الخَطرِ ، فَالبِلادُ بِلادُنَا وَالأَولادُ أَولادُنا ، وَنَحنُ جَسَدٌ وَاحِدٌ إِذَا فَسَدَ مِنهُ عُضوٌ فَسَدَ كُلُّهُ ، وَ" مَثَلُ المُؤمِنِينَ في تَوَادِّهِم وَتَرَاحُمِهِم وَتَعَاطُفِهِم مَثَلُ الجَسَدِ ، إِذَا اشتَكَى مِنهُ عَضوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالحُمَّى " " وَالمُؤمِنُونَ وَالمُؤمِنَاتُ بَعضُهُم أَولِيَاءُ بَعضٍ يَأمُرُونَ بِالمَعرُوفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ "

المرفقات

1683197581_رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه.docx

1683197593_رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه.pdf

المشاهدات 1043 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا