(خطبة ) دور الأسرة في التعليم عن بعد
خالد الشايع
الخطبة الأولى ( التعليم عن بعد وموقف الأسرة) 16/1/1442
أما بعد فيا أيها المؤمنون : ونحن نعيش في جائحة كورونا ، وكل يوم تظهر لنا نعم كنا نعيش فيها ولا نقدر لها قدرها ، ثم إذا بنا نفقدها كليا أو جزئيا ، ووالله إن هذا لداع عظيم للناس أن يتفقدوا طريقة تعاملهم مع الله ، فهذه كلها نذر لعل الناس أن يرجعوا لدينهم كما قال تعالى ( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون)
وإن مما افتقدناه بسبب هذه الجائحة ، نعمة التعليم والذهاب للمدرسة ، فأصبح التعليم عن بعد ، ولا يخفى مافي التعليم عن بعد من خلل ، إذ التعليم الأصل فيه أن يكون عن قرب ، ومخالطة ، ومشافهة على الواقع ، خصوصا المرحلة الأولية .
ولعلنا في هذه الخطبة نلقي الضوء على موقف الأسرة من التعليم عن بعد .
عباد الله : لا يخفى على كل عاقل منصف ما تقوم به وزارة التعليم من جهود لضبط التعليم خلال هذه الجائحة ، ولا شك أن الأمر سيكون فيه تقصير ونقص وخلل ، لكن ما لا يدرك كله لا يترك جله ، ولابد أن نكون مع الوزارة يدا بيد لتجاوز هذه الجائحة ، والمستفيد أولا وآخرا هو الطالب .
يحزن كل عاقل عندما يرى بعض الخلق يسخرون من التعليم عن بعد ، وجهد الوزارة في ذلك واضح مع ما فيه من قصور ، ولكن هذه السخرية تفت في العضد ، وتجعل الناس لا يأخذون الأمر محمل الجد .
إن التعليم عن بعد سيصيب هذه الفترة بضعف في المخرجات في جميع المراحل خصوصا المراحل الأولية ، وهذا مما يؤثر على أولادنا ومستقبلهم ، وعطائهم بعد توليهم المناصب لقيادة الدولة ، فلا بد من سد هذا الخلل ، وذلك بالوقوف جنب الطلاب وإكمال الناقص عليهم شرحا وتعليما ، حتى لو اضطر ولي الأمر للاستعانة بمعلم خاص .
معاشر المسلمين : إن كثيرا من الأسر لا تبالي بموضوع تعلم الأولاد ، ولا تقيم له وزنا ، وهذا إضاعة للأمانة ، وتهاون في المسئولية التي علقها الله في عنق الولي ، فلا بد للوالدين أن يهيئا الوضع للأولاد للتعلم ، وكأنهم في فصل دراسي ، ومتابعتهم في الحضور عبر المنصة في أول الوقت ، وحل الواجبات ، فالبعض هداهم الله ينام عن الأولاد ولا يدري هل درسوا أو لا ، ولا يدري هل يتواصل الولد مع منصته أو لا ، فلا بد من المتابعة وإشعار الولد بالمسئولية ، وبيان أهمية الدراسة عن بعد له ، وأنه ربما يرسب في الاختبار
وعلينا أن نشجعهم على ذلك ونبذل لهم المحفزات .
أيها الناس : بينوا لأولادكم كيف يتعلم الطلاب في بعض الدول الفقيرة ، وماهي وسائل التعلم عندهم ، ولو أن ينظرون له عن طريق النت ، فالبعض يدرس في الشارع وآخرون تحت الشجرة في البرية ، وبدون كتب مدرسية ، ومع ذلك يجاهدون ويكافحون ليتعلموا .
شجعوهم وبينوا لهم أهمية العلم ، درسوهم مادرستم في الصغر ، أن من جد وجد ، ومن صبر ظفر ، ارفعوا هممهم في أمانيهم في المستقبل ، بينوا لهم أن من أراد ذلك فعليه بالجد ليناله ، أخبروهم أن العلم لا ينال براحة الجسد .
اللهم أصلح أولادنا ويسر لهم أمورهم ، أقول قولي هذا ............
الخطبة الثانية
أما بعد فيا أيها الناس : إن المعلم هو الأساس والمرتكز لكل أمة ، فهو الذي ينشئ العقول لدى شباب المستقبل ، وهو الذي يبني مناهجهم في الحياة ، وكل أمة تهتم بمعلميها ، وتبوؤهم المنزلة التي تليق بهم ، وتعيطهم الاحترام اللائق بهم ، تجدها أمة متفوقة ، ولديها عقول نابغة ، والعكس بالعكس .
أقول هذا لما أرى وأسمع من تهكم البعض بالمعلمين ، واستنقاص منزلتهم عند البعض ، حتى انغرس ذلك في قلوب طلابنا فاهتزت مكانة المعلم عندهم ، فجعلهم لا يستفيدون منه حق الفائدة ، ولا يحترمونه كما يجب ، إلا من رحم الله .
عباد الله : ويجب على المعلمين أن يحترموا وظيفتهم ، ويعلموا أنها وظيفة الرسل ، وأن على عاتقهم مسؤولية تعليم النشء ، وتربيتهم على معالي الأمور ، وأن لا يؤخذ التعليم على أنه وظيفة وحسب ، بل هو رسالة يجب أن يستشعر المعلم عظمتها ، وكبير نفعها على الأمة ، وأن يجعل من تعليمه قربة إلى الله يرجو ثوابها ، فبث العلم من أعظم الصدقات الجارية التي تجري على المعلم بعد موته .
عباد الله : متى ما استشعر الطالب مكانة العلم ، وحفظ للمعلم مكانته ، واحترم المعلم مهنته ، وأدى رسالته ، خرج لنا نتاج يسعد الأمة وينفض عنها غبار الكسل ، وأصبحت الأمة قائدة للأمم ، فالتعليم هو الأساس ، وبدونه تهوي الأمة في الحضيض .
وختاما عباد الله : تكاتفوا في هذه الأزمة ، فالمستفيد الأول هم أولادكم ، وهي أزمة ستمر بإذن الله ، كما مر غيرها