خطبة: خَطرُ الإحجام، عن حَجِّ البيتِ الحَرام

وليد بن محمد العباد
1443/10/11 - 2022/05/12 10:36AM

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم

خطبة: خَطرُ الإحجام، عن حَجِّ البيتِ الحَرام

الخطبة الأولى

إنّ الحمدَ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا من يهده اللهُ فلا مضلَّ له ومن يضللْ فلا هاديَ له وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه صلّى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا أمّا بعدُ عبادَ الله

إنّ مِن رحمةِ اللهِ بعبادِه أنْ يواليَ عليهم مواسمَ الطّاعات، فما إنْ ودّعْنا شهرَ رمضان، حتى استقبلْنا أشهرَ الحجِّ، وهي موسمٌ للتزوّدِ من التّقوى، وإنّ من أجَلِّ ما يَتقرّبُ به المسلمُ في هذه الأشهرِ أداءَ مناسكِ الحجّ، فإنّ الحجَّ ركنٌ من أركانِ الإسلام، ومبانيه العِظام، قالَ تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ) وقالَ صلى اللهُ عليه وسلّم: بُنيَ الإسلامُ على خمسٍ: شهادةِ أن لا إلهَ إلا اللهُ وأنّ محمدًا رسولُ الله، وإقامِ الصّلاة، وإيتاءِ الزّكاة، وصومِ رمضان، وحَجِّ بيتِ اللهِ الحرامِ لمنْ استطاعَ إليه سبيلا. متفقٌ عليه. فيجبُ على كلِّ مسلمٍ ومسلمةٍ أنْ يبادروا إلى أداءِ ذلك الرّكنِ العظيم، يقولُ عليه أفضلُ الصّلاةِ والتّسليم: تعَجَّلوا إلى الحجِّ فإنّ أحدَكم لا يدري ما يَعرضُ له. ويقولُ عليه الصّلاةُ والسّلام: مَن أرادَ الحجَّ فليتعجَّلْ؛ فإنّه قد يَمرضُ المريض، وتَضِلُّ الضّالةُ وتَعرِضُ الحاجَة. فبادروا رحمَكم اللهُ إلى أداءِ الحجّ، واحذروا من التّفريطِ والتّسويفِ والتّأخير، فكمْ منْ مُفرِّطٍ قدْ نَدِم! وكمْ منْ مُتهاونٍ فوجئَ بحبلِ عُمُرِهِ قد انصرَم! عبادَ الله: إنّ في الحجِّ إلى بيتِ اللهِ الحرامِ من الفضائلِ والمنافعِ ما يَحدو النّفوسَ المؤمنةَ لِرحابِه، ويجعلُ القلوبَ الطّاهرةَ تهفو لأجرِه وثوابِه؛ فقد سُئِلَ النبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّم: أيُّ العملِ أفضل؟ قالَ: إيمانٌ باللهِ ورسولِه، قيلَ: ثمّ ماذا؟ قالَ: الجهادُ في سبيلِ الله، قيلَ: ثمّ ماذا؟ قالَ: حَجٌ مَبرور. والحَجُّ يُكفّرُ ما قبلَه من الذّنوب، وهو سببٌ لدخولِ جنّاتِ النّعيم، يقولُ عليه الصّلاةُ والسّلام: مَنْ حَجَّ فلم يَرفُثْ، ولَم يَفسُقْ، رجَعَ من ذنوبِه كيومِ ولدتْه أُمُّه. والحَجُّ المبرورُ ليسَ له جزاءٌ إلا الجنّة. فاتّقوا اللهَ رحمَكم اللهُ وليبادرْ من لم يحجَّ إلى أداءِ فريضةِ الحجِّ وليغتنمْ فرصةَ فتحِ المجالِ وتحسّنِ الحال، وليشكرْ ربَّه على إدراكِ ذلك الموسمِ وهو في صحّةٍ وعافيةٍ وأمنٍ وإيمان، فما أسعدَ من استجابَ للنّداءِ إلى بيتِ اللهِ العتيق (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ)

باركَ اللهُ لي ولكم بالقرآنِ العظيم، وبهديِ سيّدِ المرسلين، أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ مِن كلِّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفورُ الرحيم

 

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وأصلي وأسلمُ على خاتمِ النبيّين، نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعين، أمّا بعدُ عبادَ الله

فقد فَرضَ اللهُ الحَجَّ مَرةً واحدةً في العُمُرِ، رحمةً بكم وتيسيرًا عليكم، ومع ذلك نجدُ كثيرًا من المسلمينَ هداهم اللهُ لم يحجّوا، مع ما أنعمَ اللهُ عليهم من القدرةِ الماليّةِ والبدنيّة، وهم بذلك على خطرٍ عظيمٍ، فعن عمرَ بنِ الخطّابِ رضيَ اللهُ عنه أنّه قال: مَنْ أطاقَ الحجَّ فلم يحجَّ، فسواءٌ عليه يهوديًّا ماتَ أو نصرانيًّا. نسألُ اللهَ العافية. فاتّقوا اللهَ رحمَكم اللهُ، وبادروا إلى الحجِّ، ولا تلتفتوا لتثبيطِ الشّيطان، ولا تستثقلوا ما فيه من أعمال، ولا تستكثروا ما تنفقونَه عليه من أموال، فإنّ اللهَ يُخلِفُها عليكم، مغفرةً لذنوبِكم، وبركةً في أرزاقِكم، قالَ عليه الصّلاةُ والسّلام: تابعوا بينَ الحجِّ والعمرةِ، فإنّهما يَنفيانِ الفقرَ والذّنوبَ، كما ينفي الكيرُ خَبَثَ الحديد. وعلى الرّجالَ أنْ يحجّوا بنسائِهم، فقد ردَّ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ رجلًا من الجهادِ لكي يَحُجَّ مع زوجتِه، فقالَ له عليه الصّلاةُ والسّلام: ارْجِعْ، فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ. ومَنْ أعانَ امرأةً من محارمِه على أداءِ فَرْضِها، فله مثلُ أجرِها، مع ما يُكتبُ له من أجرِ حَجِّه، وما يُحتسبُ له من صلتِه وبِرِّه، نسألُ اللهَ من فضلِه. اللهمّ وفّقْ مَنْ لم يحجَّ من المسلمينَ لأداءِ فرضِهم، اللهمّ أعنْهم ويسّرْ أمرَهم وتقبّلْ منّا ومنهم، اللهمّ فرّجْ همَّ المهمومين ونفّسْ كرْبَ المكروبين واقْضِ الدَّينَ عن المدينين واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين اللهمّ اغفرْ لنا ولوالدِينا وأزواجِنا وذرّيّاتِنا ولجميعِ المسلمين، برحمتِك يا أرحمَ الرّاحمين عبادَ الله، إنّ اللهَ وملائكتَه يصلّونَ على النبيّ، يا أيّها الذينَ آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليمًا، ويقولُ عليه الصلاةُ والسلام: من صلّى عليّ صلاةً صلى اللهُ عليه بها عشْرًا. اللهمّ صلِّ وسلمْ وباركْ على عبدِك ورسولِك نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه أبدًا إلى يومِ الدّين. وأقمِ الصلاةَ إنّ الصلاةَ تَنهى عن الفحشاءِ والمنكر، ولذكرُ اللهِ أكبرُ واللهُ يعلمُ ما تصنعون.

إعداد/ وليد بن محمد العباد غفر الله له ولوالديه وأهله وذريته والمسلمين جامع السعيد بحي المصيف شمال الرياض 12/ 10 /1443هـ

المشاهدات 492 | التعليقات 0