خطبة ختام رمضان وزكاة الفطر وسنن العيد

محمد الهرف
1446/09/27 - 2025/03/27 22:52PM

خطبة جمعة28 رمضان1446

 ختام رمضان وسنن العيد وأحكام زكاة الفطر

الحمد للهِ ذي الفضلِ والأنعام، والجودِ والكرمِ والامتنان، وأشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ له، وأشهدُ أنَ محمدا عبدُهُ ورسولُه؛ بعثهُ اللهُ إلى الناسِ بشيراً ونذيراً وداعيا إلى اللهِ بإذنهِ وسراجا منيرا صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليهِ وعلى آلهِ وصحبهِ أما بعد

فاتقوا اللهَ عبادَ الله- (إنَ المتقينَ في جناتٍ ونهر(54) في مقعدِ صدقٍ عندَ مليكٍ مقتدر) واحمدوهُ على نعمةِ الإسلامِ واشكروهُ أنْ بلغكمْ شهرَرمضان وهآنتمْ الآنَ في ختامهِ وآخرِ أيامِه تقبلَ اللهُ صيامَكمْ وقيامَكمْ وجعلني وإياكمْ ممنْ صامهُ وقامهُ إيمانا واحتسابا وقامَ ليلةَ القدرِ إيمانا واحتسابا وغفرَ لي ولكمْ ما تقدمَ منْ ذنوبنا إنهُ هوَ السميعُ العليم

عبادَ اللهِ يا خسارةَ منْ فرَّطَ في هذا الشهر، ويا خسارةَ منْ مضى عليهِ ولمْ يغتنمِ الأجر، ولكثرةِ أسبابِ المغفرةِ فيهِ فقدْ قالَ نبيُنا- صلى اللهُ عليهِ وسلم- الصادقُ الأمينِ (قالَ لي جبريل: رغمَ أنفُ عبدٍ دخلَ عليهِ رمضانُ فلمْ يغفرْ لهُ فقلت: آمين، )

عبادُ اللهِ مضتْ أيامُ الشهرِ بعطشِها وجوعِها وسهَرِها وتعَبِها ، هائنتمْ قدْ نسيتموها وبقي أجرُها، وإنما تُجنى الثمرةُ في الآخرةِ فعنْ أنسِ بنِ مالكٍ- رضيَ اللهُ عنه- قال: قالَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلم: (يؤتى بأشدِ الناسِ بؤسا في الدنيا منْ أهلِ الجنةِ فيصبغُ صبغةً في الجنة، فيقال له: يا ابن آدمْ هلْ رأيتَ بؤساً قط؟ هلْ مرَ بكَ شدةٌ قط؟ فيقول: لا واللهِ يا ربِ ما مرَ بي بؤسٌ قط، ولا رأيتُ شدةً قط) رواهُ مسلم.

عبادَ الله  كما وفقتمْ لنيلِ الأجورِ العظيمة، فحافظوا على حسناتِكمْ وامحوا سيئاتِكمْ حتى تبقى لكمْ حسناتُكمْ فرمضانُ كانَ حديقةً غنَّاءَ لجمعِ الحسناتِ العظيمة، ومحوِ جميعِ السيئاتِ فصيامُهُ إيماناً واحتساباً- إيمانا بأمرِ الله وامتثالاً لهُ واحتسابا للأجرِ على الله- يغفرُ ما تقدمَ منْ ذنبكَ وقيامُه إيمانا واحتسابا يغفرُ ما تقدمَ منْ ذنبكَ وقيامُ ليلةِ القدرِ إيمانا واحتسابا يغفرُ ما تقدمَ منْ ذنبك

وهذهِ أقوالٌ وأفعالٌ يسيرةٌ تغفرُ ما مضى مِنْ ذنوبكمْ فاحرصوا عليها

ففي  صحيح ٍ البخاري بسنده قال قالَ رسولُ الله- صلى اللهُ عليهِ وسلم-

منْ قال:- سبحانَ الله- وبحمده، في يومٍ مائةَ مرة؛ حُطتْ خطاياهُ وإنْ كانتْ مثلَ زَبَدِ البَحر

وفيه قال رسولُ الله- صلى اللهُ عليهِ وسلم

إذا قالَ الإمامُ (غيرِ المغضوبِ عليهمْ ولا الضالينَ ) ، فقولوا آمين، فمنْ وافقَ قولُهُ قولَ الملائكةِ غُفرَ لهُ ما تقدمَ منْ ذنبه

وقالَ قال رسولُ الله- صلى اللهُ عليهِ وسلم (إذا قالَ الإمامُ سمعَ اللهُ لمنْ حمده، فقولوا: اللهمَ ربنا لكَ الحمد، فإنهُ منْ وافقَ قولُهُ قولَ الملائكة، غُفرَ لهُ ما تقدمَ منْ ذنبه)

وقالَ قال رسولُ الله- صلى اللهُ عليهِ وسلم- منْ توضأَ نحوَ وضوئي هذا- وكانَ قد غَسَلَ كلَ عُضوِ ثلاث مرات - ، ثمَ صلى ركعتينِ لا يحدثُ فيهما نفسه، غفرَ لهُ ما تقدمَ منْ ذنبه،

وقال قال رسولُ الله- صلى اللهُ عليهِ وسلم العمرةُ إلى العمرةِ كفارةٌ لما بينهما، والحجُ المبرورُ ليسَ لهُ جزاءٌ إلا الجنة.

واجتهدوا رحمكمْ في الإكثارِ منْ الطاعاتِ فيما بقيَ منْ شهركمْ واختموا شهرَ رمضانْ بالاستغفارِ والتوبةِ إلى العزيزِ الغفارْ فقدَ وعدكمْ ربكمْ بالمغفرةِ فقال- جلٌ وعلا- في الحديثِ القدسيِ (يا عبادي، إنكمْ تخطئونَ بالليلِ والنهار، وأنا أغفرُ الذنوبُ جميعا، فاستغفروني أغفرْ لكم)

فأكثروا من الاستغفار استغفر الله أو اقرنوه بالتوبة فهو أفضل استغفر الله وأتوب إليه وأفضله سيد الاستغفار

وكان نبينا صلى الله عليه يكثر من قول  ربِّ اغفر لي وتُبْ عليَّ إنك أنتَ التوابُ الغفورُ 

اللهمَ اغفرْ لنا وتبَ علينا إنكَ أنتَ التوابْ الغفور

واعلموا أنَ التوفيقَ أنْ تثبُتَ عَقِبَ رمضانْ على العملِ الصالحِ من صيامٍ، وقيامٍ، وقراءةِ قرآن، قالتْ عائشة- رضيَ اللهُ عنها- كانَ رسولُ الله- صلى اللهُ عليهِ وسلم- إذا عَمِلَ عملا أثبته- أيْ داومَ عليه.

فصيامُ الإثنينِ والخميسِ أوصيامُ ثلاثةِ أيامِ منْ كلِ شهرٍ كما هيَ وصيةُ نبينا عليهِ الصلاةُ والسلامُ لأبي هريرةَ أكثرَ راوْ للحديث، وأوصاهُ أيضا بركعتي الضحى وأنْ يوترَ قبلَ أنْ ينام

أقولُ ما تسمعونَ وأستغفرُاللهَ العليَ العظيمَ لي ولكمْ فاستغفروهُ إنهُ هوَ الغفورُ الرحيم

الخطبةِ الثانية

الحمدُ للهِ ربِ السماواتِ وربِ الأرضِ ربِ العالمين، وأشهدُ أنَ لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ إلهُ الأولينَ والآخِرِين، وأشهدُ أنَ محمدا عبدُهُ ورسولهُ إلى الناسِ أجمعينَ صلى اللهُ عليهِ وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعينَ ومنْ تبعهمْ بإحسانٍ إلى يومِ الدين

أيها المؤمنون، لقدْ شرعَ اللهُ لكمْ في ختامِ هذا الشهرِ المباركِ أعمالا: فمِنْ ذلكَ إخراجُ زكاةِ الفطر، ، فرضها رسولُ اللهِ طُهرةً للصائمِ وطُعمهً للمساكين، ومقدارُها صاعٌ منْ غالبِ قوتِ أهلِ البلدِ منْ برٍ أوْ شعيرٍ أوْ أرزٍ أوْ تمرُ أوْ زبيبٍ أوْ أَقِط، وما كانَ أجودُ فهوَ خيرٌ وأفضل،

وتجبَ بغروبِ الشمسِ ليلةَ العيدِ ويجوزُ إخراجُها قبلَ العيدِ بيومٍ أوْ يومينِ يعني بغروبِ شمسِ هذا اليوم ِولا يجوزُ تأخيرُها عنْ صلاةِ العيدِ فإن أخرها فهيَ صدقةٌ منْ الصدقات.

وتُستحبُ عنْ الجنين، ويجبُ أنْ يخرجُها المسلمُ عنْ نفسهِ وكذلكَ عمنْ تلزمُهُ مؤونتُهُ منْ زوجٍ أوْ قريبٍ إذا لمْ يستطيعوا إخراجها عنْ أنفسهمْ فإن استطاعوا فالأولى أنْ يخرجوها عنْ أنفسهمْ لأنهمْ همْ المخاطبونَ بها أصلاً وأما السائقُ والخادمةُ فهمَ مخاطبونَ بإخراجها فإنَ أحببتَ أنَ تخرجَها عنهمْ تبرعا فأخبرْهمْ لتكونَ وكيلاً عنهمْ

وليتحرى منْ سيعطيهُ زكاةَ الفطرِ فلا بدَ منْ أنْ يكونَ منْ أهلِ الزكاةِ منْ الفقراءِ والمساكين فيغلبُ على ظَنِّكَ أنه فقيرٌ أو مسكينٌ ويجوزُ أنْ تعطيَ الفقيرَ عدةَ فطر، كما يجوزُ أنْ تقسمَ الفطرةَ الواحدةَ على عددٍ منْ الفقراءِ وهيَ عبادةٌ تؤجرُعليها وعلى شرائِها وتوزيعها

واعلموا اللهَ أنَ ربكمْ قدْ شرعَ لكمْ في ختامِ شهركمْ التكبير

قالَ اللهُ تعالى (ولتكملوا العدةَ ولتكبروا اللهَ على ما هداكمْ ولعلكمْ تشكرون) [البقرة: 185 ] .

ويبتدئَ التكبيرُ منْ غروبِ شمسِ ليلةِ العيد، حتى حضورَ الإمامِ لصلاةِ العيدِ ويكبرُ المسلمونَ والمسلمات، ويُسنَ في حقِ الرجالِ الجهرُ بالتكبيرِ في المساجدِ والأسواقِ والبيوت، وصفةُ التكبيرِ أنْ يقولَ: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ لا إلهَ إلا اللهُ واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ وللهِ الحمد. أوْ يقولَ اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ كبير

ولا ينبغي لمسلمِ أنْ يتساهلَ بصلاةِ العيد، لأن النبي لمْ يأمرِ النساءَ بالخروجِ لأيِ شيءِ منَ الصلواتِ سوى صلاةِ العيد، ومنَ السنة أنْ يذهبَ مِنْ طريقٍ وأنْ يعودَ منْ طريقٍ آخر

ويخرجُ المسلمُ إليها متطيبا متجملا، ويستحبُ الاغتسالُ لها أيضا.

عبادَ اللهِ منْ صامَ رمضانَ وصامَ ستةَ أيامٍ  منْ شوال؛ كانَ كمنَ صامَ الدهرَ كله، جعلني اللهُ وإياكمْ منهم

وأحسنوا ظنَّكم بالله أن يتقبلَ منكم وأن يغفرَ لكم ويستجيبَ دعائَكم فاللهُ لا يعجزهشيء وقد قال سبحانه (أنا عندَ ظنِ عبدي بي)رواه البخاري ومسلم 

اللهُ اجعلنا ممنْ صامَ رمضانَ إيمانا واحتسابا، واجعلنا ممنْ قامَ رمضانَ إيمانا واحتسابا، واجعلنا ممنْ قامَ ليلةَ القدرِ إيمانا واحتسابا

واجعلنا اللهمَ منْ المقبولين، وتجاوز عنْ ذوبنا وتقصيرنا يا ربَ العالمين، وأعتقْ رقابنا منْ النارِ ووالدينا والمسلمين

اللهمَ إنكَ عفوٌ تحبُ العفوَ فاعفُ عنا وعن والدينا والمسلمين وأصلحْ نياتنا وذرياتنا

اللهم آت نفوسَنا تقواها وزكها أنت خيرُ من زكاها أنت وليُها ومولاها

الله إنا نسألك الهدى والتقى والعفافَ والغنى

واختمْ لنا شهرَ رمضانَ بغفرانكَ والعتقِ منْ نيرانك

اللهم صل محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

وارض عن الخلفاءِ الراشدين وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وارض اللهم عنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل والمشركين واجعل بلدنا آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين وأصلح اللهم أئمتنا وولاة أمورنا واغفرلنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.

 

المشاهدات 1270 | التعليقات 0