خطبة ختام رمضان استغفار واستدراك وأحكام زكاة الفطر

محمد الهرف
1445/09/25 - 2024/04/04 19:48PM

الحمدلله رب العالمين نحمده على إدراك رمضان، والإعانةِ على الصيام

والقيام، ونسأله أن يختم لنا شهرنا بالقبول والرضوان، والعتق من النار، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله؛ بعثه الله إلى الناس ليخرجهم من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، فبلغ الرسالة ، وأدى الأمانة، ونصح الأمة،صلوات الله وسلامه  عليه كلما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :

 فاتقوا الله- عباد الله- وأطيعوه، فهاهو شهرُ رمضان يودعُكم , شاهدا عليكم ، فهنيئا لمن عمره بالطاعات , واسكتثر فيه من القربات , وهنيئا لمن صامه وقامه إيمانا واحتسابا , وهنيئا لمن قام ليلة القدر إيمانا احتسابا , جعلنا الله وإياكم منهم وتقبل منا ومنكم إنه هو السميع العليم 

عباد الله ياخسارة من فرط في هذا الشهر , ويا خسارة من مضى عليه ولم يكتسب فيه عملا  صالحا

وياخسارة من دخل في حديث المصطفى الذي قال فيه (قال لي جبريل : رغم أنف عبدِ دخل عليه رمضانُ فلم يغفْر له فقلتُ : آمين ،)  

إذا أنت لم ترحل بزاد من التُّقى *** ولاقيت بعد الموت من قد تزودا

ندمتَ على أن لا تكون كمثله *** وأنك لم تَرصُدْ كما كان أرصدا

عباد الله هكذا ترحل الأعمار , , فبالأمس القريب كنا نستقبل  شهر رمضان ، ونحن الآن نودعه، اللهم تقبله منا , واجعلنا ممن صامه وقامه إيمانا واحتسابا . 

       أيها الناس ذهب التعب وبقي الأجر , والكيس من استعد لآخرته ,  فإن اليوم عمل , وغدا توفية الجزاء

 (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ(سورة آل عمران

 عباد الله مضت أيام الشهر بحرها وعطشها وجوعها وسهرها وتعبها، هائنتم قد نسيتموها وبقي أجرها ، وإنما تجنى الثمرة في الآخرة فعن أنس بن مالك رضي الله عنه فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغ في النار صَبغة،- أي : يغمس غمسة - ثم يقال: يا ابن آدم : هل رأيت خيرا قط؟ هل مر بك نعيم قط؟

فيقول: لا والله يا رب.   ويؤتى بأشدِّ الناس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ صَبغة في الجنة، فيقال له: يا ابن آدم هل رأيت بؤسا قط؟ هل مر بك شدة قط؟فيقول: لا والله يا رب ما مر بي بؤس قط، ولا رأيت شدة قط) رواه مسلم.

نسي المؤمن المعذب في الدنيا , كل ما أصابه فيها بغمسة واحدة في الجنة، ونسي الكافر الفاجر كل النعيم الذي عاشه سنين طويلة في الدنيا , بغمسة واحدة في النار اللهم إنا نسألك الجنة ونعوذ بك من النار

عباد أحسنوا ختام شهركم , وتوبوا إلى الله واستغفروه فقد كان نبيكم يستغفر الله ويتوب إليه في اليوم أكثر من مائة مرة , اللهم إنا نستغفرك ونتوب إليك ,  واسألوه أن يجبر الخلل في شهركم , واعلموا أن التوفيق أن تثبت عقب رمضان على العمل الصالح،ورمضان مدرسة , قد استفدتم منها الصيام , والقيام , وقراءة القرآن ,  واعلموا أن انتهاء العمر سيكون كانتهاء رمضان، يمر سريعا ولا يبقى إلا العمل

، أيها الناس الأعمال بالخواتيم , فاجتهِدوا في الإكثار من الطاعات فيما بقي من شهركم فأنتم في أفضل أيامه ولياليه ، وبقي ثلاثة أيام، فلا زالت الفرصة مواتية ، و الخيرات متوافرة ، ووَقَدْ تَكُونُ لَيْلَةُ الْقَدْرِ فِيمَا بَقِيَ، فشمروا لاغتنامها , ومن لم يحسن استقبال رمضان فليحسن وداعه

واعلموا أنكم إذا قمتم ليلة القدر كأنكم قمتم ثلاثا وثمانين سنة بل أكثر فاستغلوها بالصلاة مع الإمام في التراويح والقيام

وأكثروا في ختامه من الاستغفار يُغفَر لكم ما اقترفتم من خللٍ وتقصير، ومَن أحسن وأصلح فيما بقي يرجى أن يغُفر له ماقد سلف

 

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ) اللهم أجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم...

الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أنّ نبيّنا محمّدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليمًا مزيدًا.
أمّا بعد: أيها المسلمون، لقد شرع الله لكم في ختام هذا الشهر المبارك أعمالاً: فمن ذلك إخراج زكاة الفطر، ،فرضها رسول الله طهرةً للصّائم وطْعمة للمساكين، ومقدارها صاع من غالب قوت أهل البلد من بر أو شعير أو أرز أو تمر أو زبيب أو أقط، وماكان أجود فهو خير وأفضل،
وتجب بغروب الشمس ليلة العيد ويجوز إخراجها  قبل العيد بيوم أو يومين ولا يجوز تأخيرها عن صلاة العيد فإن أخرها فهي صدقة من الصدقات.
أيها المسلمون،: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعا من تمر أو صاعاً من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين) رواه البخاري ومسلم.

 وتستحب عن الجنين فقد كان السلف رضي الله عنهم يخرجونها عنه.
ويجب أن يخرجها عن نفسه وكذلك عمن تلزمه مؤونته من زوجة أو قريب إذا لم يستطيعوا إخراجها عن أنفسهم فإن استطاعوا فالأَولى أن يخرجوها عن أنفسهم لأنهم المخاطبون بها أصلاً , وأما السائق والخادمة فإنهم هم المخاطبون بإخراجها فإن أحببت أن تخرجها عنهم تبرعا فأخبرهم لتكون وكيلا عنهم 

وتجب زكاة الفطر على من وجد ثمنها زائدا عما يحتاجه من نفقة يوم العيد وليلته

وليتحر من سيعطيه زكاة الفطر فلا بد أن يكون من أهل الزكاة من الفقراء والمساكين , ويجوز أن تعطي الفقير عدة فطر , كما يجوز أن تقسم الفطرة الواحدة على عدد من الفقراء

واعلموا يا عباد الله أن ربكم قد  شرع لكم في ختام شهركم التكبير 
قال الله تعالى( وَلِتُكْمِلُواْٱلْعِدَّةَ وَلِتُكَبّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة:185].
ويبتدأ التكبير من غروب الشمس ليلة العيد، حتى حضور الإمام لصلاة العيد ويكبر المسلمون ذكوراً وإناثاً، ويسن في حق الرجال الجهر بالتكبير في المساجد والأسواق والبيوت، إعلاناً لتعظيم الله وشكره وأما النساء فإنهن يكبرن سراً لأنهن مأمورات بالتستر فلا يجهرن بالتكبير وصفة التكبير أن يقول: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد. أو يقول  الله أكبر الله أكبر الله أكبر كبيرا

ولا ينبغي لمسلم أن يتساهل بصلاة العيد

فقد  أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم حتى النساء أمرهن أن يخرجن ولم يأمر عليه الصلاة والسلام النساء بالخروج لأي شيء سوى صلاة العيد ، و من السنة أن يذهب الإنسان من طريق وأن يعود من طريق آخر

ويخرج المسلم إليها متطيباً متجملاً، ويستحب الاغتسال لها أيضاً.

عباد الله من صام رمضان وصام  سِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ؛ كَانَ كَمَنْ صَامَ الدَّهْرَ كُلَّهُ،جعلني الله وإياكم منهم

الله اجعلنا ممن صام رمضان إيمانا واحتسابا , واجعلنا ممن قام رمضان إيمانا واحتسابا ,واجعلنا ممن قام ليلة القدرإيمانا واحتسابا

واجعلنا اللهم من المقبولين,وتجاوز عن ذوبنا وتقصيرنا يا رب العالمين ،وأعتق رقابنا من النار ووالدينا وذرياتنا والمسلمين

ثم صلوا وسلموا

 

المشاهدات 59 | التعليقات 0