خطبة: ختام العشر، وزكاة الفطر

AAlanze AAlanze
1442/09/24 - 2021/05/06 20:59PM

الخطبة الأولى

 

الحمد لله الذي اصطفى من عباده فئاما صبروا على مشقة الطاعة أياما ودهورا، وجازوا قيض المعصية بفيض التقوى محلة وعبورا، (فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا)، وصلى الله على عبده ورسوله محمد بعثه الله مبشرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، أما بعد:

عباد الله: الدنيا معبر وممر، والناس مذ خلقوا لم يزالوا مسافرين، وليس لهم حط عن رحالهم إلا في الجنة أو النار، فحاسبوا أنفسكم، وزنوا أعمالكم، (وتزودوا فإن خير الزاد التقوى).

أيها المسلمون: ها هو هلال رمضان يأخذ في الأفول، وها هي قوافل العتقاء تعزم على القفول، العشر تنصرم، والآجال تُخترَم، فما أسعد الناجين، وما أهنئ المعتقين، وما أقر عين الفائزين، (إن للمتقين عند ربهم جنات النعيم).

رياح الأسخار تحمل أنين المذنبين، وأنفاسَ المحبين، ونسماتِ التائبين، ثم تعود برد الجواب بلا كتاب (أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين).

أيها المؤمنون: ما زال في الوقت متسع، ولم تُبارحنا أيامُ رمضانَ المباركات، وليالي هذا الشهرِ الطاهراتُ التي ترتفع فيها دواوين العتقاء من النار ما زالت تلفحنا بنسائمها الزاكيات، وأرجى ليالي الشهر أن تكون ليلة القدر لم تحن بعد؛ وهي ليلةُ سبعٍ وعشرين، فالله الله بالعمل، والله الله بالدعاء، والله الله بالصلاة، والله الله بالدعاء، إنها لحظاتٌ وأي لحظاتٍ.

وعما قريبٍ يحين موعدُ قُربةٍ من أعظم القربات؛ وهي زكاة الفطر، وهي طهرةٌ للصائم مما قد يكون علق به من آثار اللغو والرفث، كما هي تغني الفقراءَ والمساكينَ عن السؤال يوم العيد، وحكمها الوجوب على كل من ملك يوم العيد وليلتَه صاعا فاضلا عن قوته وقوت من تلزمه نفقته؛ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "كنا نُخرج زكاةَ الفطر صاعا من طعام، أو صاعا من شعير، أو صاعا من تمر، أو صاعا من أقط، أو صاعا من زبيب"، فهذه هي أصنافها، ويُلحق بها الأرز؛ لكونه قوتَ الناس في هذه البلاد اليوم.

ومقدار زكاة الفطر على الشخص الواحد بالصاع يوافق ثلاثَ كيلواتٍ، كما هي فتوى اللجنة الدائمة في بلادنا المباركة حرسها الله تعالى.

وتؤدى زكاة الفطر إلى أحد أهل الزكاة الثمانية، وأَولاهم الفقراء والمساكين، ويُستحب إخراجها عن الجنين؛ لفعل عثمان بن عفان رضي الله عنه، ووقت وجوب إخراجها من غروب شمس آخر أيام رمضان، ويجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين، وأفضل أوقاتِ إخراجها بعد صلاة الفجر يوم العيد قبل صلاة العيد، وإن أخر إخراجها إلى ما بعد صلاة العيد من غير عذر فهو آثم، وتكون صدقة من الصدقات.

ويجب إخراجها طعاما، ولا يصح إخراجها قيمة أو نقودا.

ومن أحكام زكاة الفطر أيضا: أنه يجوز توزيع زكاة الشخص الواحد لعدة فقراء، كما يجوز أن يُعطيَ أكثرُ من شخصٍ زكاةَ فطرهم لفقير واحد.

أيها الصائمون القائمون: وهكذا تدور أيام رمضان دورتَها، وتطوي ساعاتُهُ صفحتَها، حتى يُسفرَ يومُ البِشْرِ والسَّعْدِ: عيدُ الفطر المبارك، فهنيئًا لكم ذلك العيد، وبارك الله يومَكم المجيد: (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا)، أدام اللهُ عليكم السعدَ والسُّرور، وأفاض عليكم بالعيد البهجةَ والحبور، تقبَّل الله منكم الطاعات، وأدام عليكم المسرَّات، غفر الله ذنوبَكم، وأسعد بالخيرات قلوبَكم، وحقَّق لكم صالحَ الآمال، ووفَّقكم لأحسن الأعمال.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وصلى الله على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، أما بعد:

فيا أيها الإخوة المباركون: راعوا سنن نبيكم صلى الله عليه وسلم في العيد: ارفعوا أصواتكم بتكبير الله على ما هداكم من طلوع ليلة العيد حتى صلاةِ العيد، اغتسلوا صبيحة ذلك اليوم الأغر، ثم كُلوا تمراتٍ قبل أن تغدوا إلى الصلاة، أدوا صلاةَ العيدِ مع المسلمين، وخذوا لها نساءكم وأبناءَكم وبناتِكم، اذهبوا إلى صلاة العيد مبكِّرين وماشِينَ إليها إن تيسَّر، وليكن ذهابكم مِن طريقٍ وعودوا من طريقٍ آخر، تجملوا وتطيبوا في ذلك اليوم بأحسن ما تجدون، فإذا دخلتم المساجد فليس ثمة صلاةٌ قبل صلاة العيد ولا بعدها، ولكنْ مَن صلَّى تحية المسجد قبل أن يجلس –مع أنه وقت نهي- فلا حرج عليه، وهي فتوى الإمام محمدِ بن إبراهيمَ آلِ الشيخ وسماحةِ الشيخِ عبدِ العزيزِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ بازٍ، نوَّر الله ضرائحهم.

 أيها الإخوة في الله: أعلنوا الفرحة، وانثروا البهجة، وانشروا البسمة، وأشيعوا السلام، وأذيعوا التهاني، وصلوا الأرحام، واجبروا الكسراء بكلمة أو دعوة أو هدية، استجلبوا الأفراح ولو كانت القلوبُ قِراح، اِستدعوا السعادة ولو غلبت الأتراح، وسعوا على أنفسكم وأهليكم، وجودوا بما تجدون... هذا، وإن الفرح بالعيد لا يخرمه الالتزام بأسباب الوقاية والاحتراز من البلاء، عجَّل الله برفعه، وأعان على دفعه.

وإنَّ من الخسارة الفادحة العظيمة أن ينثلم فرح العيد بالمنكرات أو المعازف أو الاختلاط أو السفور والتبرج، فاتقوا الله في فلذات أكبادكم، (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارًا وقودها الناس والحجارة).

دامت لكم الأفراح، وعاودتكم الأعياد والمسرات، أقر الله أعينكم بما تؤملون، ووقاكم الشرور والمكاره في أنفسكم وأهليكم وأموالكم وأوطانكم ودينكم.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين ..

 

المرفقات

1620334788_ختام العشر وزكاة الفطر-الجمعة الأخيرة في رمضان 25 1442 جامع الزامل.docx

المشاهدات 1322 | التعليقات 0