خطبة حمص أحياء العزة

ثابت الأهدل
1433/03/29 - 2012/02/21 07:53AM
هذه خطبة جمعتها من عدة خطب وأضفت إليها وخطبت بها في الجمعة الماضية أحببت أن أضعها بين أيديكم
الخطبة الأولى
الحمد لله، الحمد لله العظيم في قدره، العزيز في قهرِه، العليم بحال العبد في سرِّه وجهره، يسمعُ أنينَ المظلوم عند ضعف صبره، ويجُودُ عليه بإعانته ونصره، أحمدُه على القدر خيرِه وشرِّه، وأشكره على القضاء حُلوه ومُرِّه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الآيات الباهرة، (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ) وأشهد أن نبيَّنا وسيدَنا محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه ما جادَ السَّحابُ بقطره، وطلَّ الربيعُ بزهره، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أَمَّا بَعدُ ، فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ " قُلْ لا يَستَوِي الخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَو أَعجَبَكَ كَثرَةُ الخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللهَ يَا أُولي الأَلبَابِ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ "
1-أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، لَمَّا كَانَ يَومُ أُحُدٍ أَشرَفَ أَبُو سُفيَانَ عَلَى المُسلِمِينَ فَقَالَ : أَفي القَومِ مُحَمَّدٌ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " لا تُجِيبُوهُ " ثُمَّ قَالَ : أَفي القَومِ ابنُ أَبي قُحافَةَ ـ ثَلاثًا ـ قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " لا تُجِيبُوهُ " ثُمَّ قَالَ : أَفي القَومِ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " لا تُجِيبُوهُ " فَالتَفَتَ إِلى أَصحَابِهِ فَقَالَ : أَمَّا هَؤُلاءِ فَقَد قُتِلُوا ، لَو كَانُوا أَحيَاءً لأَجَابُوا ، فَلَم يَملِكْ عُمَرُ نَفسَهُ أَنْ قَالَ : كَذَبتَ يَا عَدُوَّ اللهِ ، قَد أَبقَى اللهُ لَكَ مَا يُخزِيكَ ، فَقَالَ : اُعْلُ هُبَلٌ ! اُعْلُ هُبَلٌ ! فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ :" أَجِيبُوهُ " فَقَالُوا : مَا نَقُولُ ؟ قَالَ :" قُولُوا : اللهُ أَعلَى وَأَجَلُّ " فَقَالَ أَبُو سُفيَانَ : أَلا لَنَا العُزَّى وَلا عُزَّى لَكُم . فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " أَجِيبُوهُ " قَالُوا : مَا نَقُولُ ؟ قَالَ : " قُولُوا : اللهُ مَولانَا وَلا مَولى لَكُم " رَوَاهُ ابنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ ، وفي رِوَايَةٍ لابنِ إِسحَاقَ وَصَحَّحَهَا الأَلبَانيُّ أَنَّ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ قَالَ لأَبي سُفيَانَ : لا سَوَاءٌ ، قَتلانَا في الجَنَّةِ وَقَتلاكُم في النَّارِ .
2-عِبَادَ اللهِ ، قَبلَ ثَلاثِينَ عَامًا ، وَفي أَرضِ الشَّامِ وَتَحدِيدًا في مَدِينَةِ حَمَاةٍ في سُورِيَّةَ ، عَانى المُسلِمُونَ الأَمَرَّينِ عَلَى يَدِ الجَيشِ النُّصَيرِيِّ الظَّالمِ الغَاشِمِ وَقُتِلَ في تِلكَ المَدِينَةِ وَحدَهَا أَكثَرُ مِن ثَلاثِينَ أَلفًا مِن أَهلِ السُّنَّةِ ، لم يَعلَم بهم آنَذَاكَ إِلاَّ قَلِيلٌ مِنَ المُطَّلِعِينَ وَالمُهتَمِّينَ بِأَمرِ إِخوَانِهِمُ المُسلِمِينَ ، لم يُدعَ لهم حِينَهَا في قُنُوتٍ ، وَلم يُتَرَحَّمْ عَلَيهِم عَلَى مِنبَرٍ ، وَلم يَدعُ لِنَصرِهِم إِلاَّ قَلِيلٌ مِنَ الغَيُورِينَ بِأَصوَاتٍ ضَعِيفَةٍ خَافِتَةٍ ، لم تَكُنْ لِتُسمَعَ أَو تُؤَثِّرَ ، وَأَمَّا أَكثَرُ الأُمَّةِ عَلَى مُستَوَى حُكُومَاتِهَا وَشُعُوبِهَا ، فَقَد كَانُوا في ذَلِكَ الوَقتِ في سُبَاتٍ عَمِيقٍ ، وَأَمَّا اليَومَ فَإِنَّهُ لَمَّا حَاوَلَ الابنُ الظَّالمُ أَن يُعِيدَ سِيرَةَ وَالِدِهِ الغَاشِمِ في تِلكَ البِلادِ ، أَبى اللهُ ـ تَعَالى ـ إِلاَّ أَن يَفضَحَهُمَا جَمِيعًا ، وَأَن يُبَيِّنَ خِزيَ السَّابِقِ بِجُرمِ اللاَّحِقِ ، فَتَنَاقَلَ المُسلِمُونَ في مُختَلِفِ بِلادِهِم وَعَبرَ هَذِهِ الوَسَائِلِ الَّتي فَتَحَهَا اللهُ ، تَنَاقَلُوا مَا جَرَى وَيَجرِي لإِخوَانِهِم ، وَشَاهَدَ العَالَمُ كُلُّهُ أَلوَانًا مِنَ الظُّلمِ وَالطُّغيَانِ الرَّافِضِيِّ النَّصُيرِيِّ المُجرِمِ ، الَّذِي لم يَرحَمْ شَيخًا لِكِبَرِ سِنِّهِ ، وَلا عُجُوزًا لِضَعفِهَا ، وَلا شَابًّا أَعزَلَ مُعرِضًا ، وَلا بِكرًا غَيرَ ذَاتِ قُوَّةٍ وَلا أَطفَالاً بُرَآءَ ، نَعَم ، لَقَد شَاهَدَ العَالَمُ حِقدًا دَفِينًا تَفَجَّرَت نِيرَانُهُ وَفَارَ بُركَانُهُ يَمنَةً وَيَسرَةً في مُدُنِ أَهلِ السُّنَّةِ وَأَحيَائِهِم ، فَقُتِلَ النَّاسُ وَعُذِّبُوا ، وَمُثِّلَ بهم وَأُهِينُوا ، وَحِيلَ بَينَ الأَحيَاءِ وَبَينَ جُثَثِ مَوتَاهُم ، وَقُصِفَتِ المَسَاجِدُ وَمُزِّقَت المَصَاحِفُ ، وَضُيِّقَ عَلَى النَّاسِ حَتى لم يَجِدُوا لُقمَةً وَلم يَهتَنُوا بِشَربَةٍ ، وَالأَدهَى مِن ذَلِكَ وَالأَمَرُّ أَن تَرَى أُمَمُ العَالَمِ هَذَا الظُّلمِ البَشِعِ وَتَشهَدَ تِلكَ الإِبَادَةَ المَقصُودَةَ فَتُصِرَّ عَلَى أَن تُصَوِّتَ ضِدَّ المُسلِمِينَ المُستَضعَفِينَ في مَجلِسِ أُمَمِهَا ، وَتَسمَحَ لِدُوَلٍ وَأَحزَابٍ بَاطِنِيَّةٍ كَإِيرَانَ وَحِزبِ الشَّيطَانِ في لِبنَانَ ، أَن يُفَرِّغُوا شَيئًا مِن حِقدِهِم في صُدُورِ أَهلِ السُّنَّةِ وَظُهُورِهِم في البِلادِ السُّورِيَّةِ ، ثم تَحُولَ في المُقَابِلِ بَينَ إِخوَانِهِم مِن أَهلِ السُّنَّةِ أَن يَتَدَخَّلُوا لِنَصرِهِم
3-ما يجري هذه الأيام، والأيام التي خلت في سوريا إبادةٌ جماعية وحرب طائفية، لا يُستثنى منها النساء، ولا يُرحم الشيوخ والأطفال، قذيفتان في كل دقيقة على حمص، وحصارٌ للعديد من المدن السورية: حماة، وإدلب والزبداني، ودرعا ودير الزور وأحياء سكنية في دمشق وريفها وحلب، وملايين السوريين المُحاصرين داخل منازلهم يُمنعون الماء والكهرباء. إنها قتلٌ لأنفس بريئة، وتدميرٌ لمساكن مؤهلة، واعتداءٌ على مساجد يذكر فيها اسم الله، آليات حربية، ومدفعيات ثقيلة، وقناصة متسلطون، تخويف وإرهاب، ودماءٌ تنزف، وجثث تتساقط.. فأي ضمير يسكت.. وبأي ذنب قُتلت وأُزهقت هذه الأرواح، ومن المسؤول عن تدمير المساكن وإتلاف الممتلكات..
=أيُّ زمانٍ هذا؟ وأيُّ غُزاة أولئك؟ أيعود هولاكو؟ أم تتكرر مأساة التتر في بلاد المسملين؟ أين ثمار الاجتماعات؟ وأين تفعيل قرارات المجالس والهيئات والمنظمات؟ أليس بالمقدور وضع حد للمجرمين؟ والأخذ على أيدي السفهاء، وإنهاء حرب الإبادة قبل النهاية؟ إنه وضع مأساوي يتخطى الوصف، يفرض على ضمير العالم أن يستيقظ ويتحرك وإذا كان الصلف النصيري اليوم، والتحالف الرافضي ظاهراً في حرب الإبادة في سوريا، فالتاريخ يعيد نفسه..
=وكما احتاج المسلمون في زمن التتر إلى قادة وأمراء صالحين، ومجاهدين صادقين يدافعون عن أعراض المسلمين ودمائهم وبلادهم وممتلكاتهم يحتاج المسلمون اليوم في بلاد الشام إلى قادة أمثال (المظفر قطز) كما يحتاجون إلى علماء ناصحين يقولون بالحق وبه يعدلون، أمثال العز بن عبدالسلام وابن تيمية رحمهما الله ، وقيمة العالم تبرز في الأزمات، وحاجة الأمة إلى العلماء الصادقين كمثل حاجتهم للقادة والأمراء الصالحين.
4-مأساة المسلمين اليوم في أرض الشام مسؤولية المسلمين جميعاً نصرةً وغوثاً، ودعاءً، ولا يجوز بحال أن تقتل الأنفس جهاراً، وتهدم البيوت نهاراً.. ولا تسلم المساجد من الأذى، والمسلمون يتفرجون أو مجرد حوقلة يحوقلون.. والله تعالى يقول: ﴿ وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر ﴾، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً"..
=أما وقد اجتمع على إخواننا في سوريا قسوة العدو، وشدة البرد، وقلة الطعام، وانقطاع الكهرباء والفقر، والمسغبة، والمرض، والتهجير، والإبادة والمكر، ومؤازرة الباطنيين ومكر المنافقين، فلا مفرّ من العون والنصرة.. وكلٌ بقدره، لإنقاذ ما تبقى من شعب حكم عليه نظامٌ مستبدٌ بالموت!
الظلم والجور وبشار..وماهر والحرب والنار
وجوقة رائدها حقدها ..فسيفها في البغي بتار
وما جنى شبيحة! لم تزل ..تروى لهم في القتل أخبار
جريمة في الشام يصلى بها ..شعب تهاوت فوقه الدار
شعب رأى من جيشه غازيا ..يغزوه والقائد غدار
خمسون عاما عاش آلامها ..يحكمه بالقهر أشرارر
في حمصنا من جوره جمرة ..وفي حماة منه إعصار
دمشقنا تبكي على حالها..فدمعها بالحزن مدرار
والشام، كل الشام، مجروحة ..وناطق الأزمة مهذار
ياشامنا الغالي تصبر ففي ..ظلمة هذا الليل أنوار
5-مَهمَا انتَفَشَ العَدُوُّ الكَافِرُ أَو تَبَختَرَ ، وَمَهمَا أَبرَزَ أَعوَانُهُ مِنَ المُنَافِقِينَ وَالبَاطِنِيِّينَ رِيشَهُم وَمَدُّوا أَجنِحَتَهُم ، فَإِنَّ في الأُمَّةِ مَن بَاعُوا الأَروَاحَ للهِ وَصَدَقُوهُ مَا عَاهَدُوهُ عَلَيهِ وَهُم مَاضُونَ في الجِهَادِ في سَبِيلِهِ بِأَلسِنَتِهِم وَأَموَالِهِم وَأَنفُسِهِم ، وَمَهمَا انخَذَلَ أَيُّ مُجتَمَعٍ مِن مُجتَمَعَاتِ المُسلِمِينَ أَوِ انشَغَلَ بِشَهَوَاتِهِ أَو عَبَثَت بِهِ الأَهوَاءُ ، فَإِنَّ البَدِيلَ مَوجُودٌ إِلى قِيَامِ السَّاعَةِ ، وَمَا زَالَ في الأُمَّةِ هُنَا وَهُنَاكَ خَيرٌ ، وَنَحنُ نَرَى المُسلِمِينَ ـ وَللهِ الحَمدُ ـ عَلَى مُختَلِفِ مُستَوَيَاتِهِم يُسَاهِمُونَ في نُصرَةِ إِخوَانِهِم ، بِالتَّصرِيحَاتِ الَّتي تَشفِي الصُّدُورَ مِن بَعضِ أَولِيَاءِ الأُمُورِ ، وَبِالقُنُوتِ في الصَّلَوَاتِ ، وَبِالدُّعَاءِ وَاللُّجُوءِ إِلى اللهِ في الخَلَوَاتِ وَالجَلَوَاتِ ، وَبِالتَّبَرُّعِ لهم بِالمَالِ ، وَبِمُقَاطَعَةِ مَصنُوعَاتِ الدُّوَلِ المُعَادِيَةِ ، كَالصِّينِ وَالرُّوسِ وَإِيرَانَ ، وَكُلُّ تِلكَ أَنوَاعٌ مِن نُصرَةِ المُسلِمِينَ لإِخوَانِهِم . فَعَسَى اللهُ أَن يُبَارِكَ في الجُهُودِ وَإِن قَلَّت ، وَقَد قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " كَم مِن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَت فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ " وَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرتَدَّ مِنكُم عَن دِينِهِ فَسَوفَ يَأتي اللهُ بِقَومٍ يُحِبُّهُم وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ في سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخَافُونَ لَومَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضلُ اللهِ يُؤتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ " وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِن أُمَّتي ظَاهِرِينَ عَلَى الحَقِّ لا يَضُرُّهُم مَن خَذَلَهُم حَتى يَأتيَ أَمرُ اللهِ وَهُم كَذَلِكَ " رَوَاهُ مُسلِمٌ . وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا ، فَإِنَّمَا يُملَى لهم وَالنَّارُ مَثوًى لهم " إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَموَالَهُم لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيهِم حَسرَةً ثُمَّ يُغلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ يُحشَرُونَ . لِيَمِيزَ اللهُ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجعَلَ الخَبِيثَ بَعضَهُ عَلَى بَعضٍ فَيَركُمَهُ جَمِيعًا فَيَجعَلَهُ في جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ " وَ" إِنَّ اللهَ لَيُملِي لِلظَّالِمِ حَتى إِذَا أَخَذَهُ لم يُفلِتْهُ


الخطبة الثانية
أما بعد ............
يا حمصُ جرحُكِ في قلبي يجاورني *معي يَبيتُ وفي صُبْحي يباكرني
أبيتُ ليلي على نارٍ مؤجَّجةٍ ** من الأنينِ وآلامي تُساهِرُني
يا حمصُ يالوحةً للمجد تِرْسُمها ** دماءُ شعبٍ، رُؤاها لا تُغادِرُني
ما أنتِ وَحْدَكِ يا حمْصَ الإباءِ فقد ** صرنا جميعاً فأَحزاني تُبَادرُني
مدائنُ الشامِ يا حِمْصَ الإباءِ، لها *جيشٌ من الألَم القاسي يُكاثِرُني
في كلِّ ناحيةٍ من شامٍ عزَّتنا ** صَوْتٌ من الحسرة الكبرى يُناظِرُني
أقول يا حمصُ والأيَّام قادمةٌ ** بما نُحِبُّ، وعَزمي لا يُهاجِرُني
غداً سألقاكِ في ليلِ الأَسى قَمَراً * يمحو الظَّلامَ،وبالذكرى يُسَامِرُني
1-حمص تذكرنا برجل قال لصديقه قيس بن مكشوح حينما بلغهما أمر النبي (صلى الله عليه وسلم): قد ذُكر لنا أن رجلاً من قريش يقال له محمد، قد خرج بالحجاز، يقول: إنه نبي، فانطلق بنا إليه حتى ننظر أمره، فإن كان نبيًّا كما يقول؛ فإنه لن يخفي عليك، كان غير ذلك؛ علمنا، فرفض قيس ذلك، فذهب هو إلى المدينة، ونزل على سعد بن عبادة، فأكرمه، وراح به إلى النبي (فأسلم. وقيل: إنه قدم المدينة في وفد من قومه زُبَيْد، فأسلموا جميعًا.
=في يوم اليرموك حارب في شجاعة واستبسال يبحث عن الشهادة، حتى انهزم الأعداء، وقبيل معركة القادسية طلب قائد الجيش سعد بن أبي وقاص مددًا من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ليستعين به على حرب الفرس، فأرسل أمير المؤمنين إلى سعد رجلين فقط، هما: هذا الرجل، وطليحة بن خويلد، وقال في رسالته لسعد: إني أمددتك بألفي رجل. الطبراني.
=وعندما بدأ القتال ألقى بنفسه بين صفوف الأعداء يضرب فيهم يمينًا ويسارًا، فلما رآه المسلمون؛ هجموا خلفه يحصدون رؤوس الفرس حصدًا، وأثناء القتال وقف وسط الجند يشجعهم على القتال قائلاً: يا معشر المهاجرين كونوا أسودًا أشدَّاء، فإن الفارس إذا ألقى رمحه يئس. فلما رآه أحد قواد الفرس يشجع أصحابه رماه بنبل، فأصابت قوسه ولم تصبه، فهجم عليه فطعنه، ثم أخذه بين صفوف المسلمين، واحتز رأسه، وقال للمسلمين: اصنعوا هكذا. وظل يقاتل حتى أتمَّ الله النصر للمسلمين. الطبراني. وفي معركة نهاوند، قاتل في هذه المعركة أشدَّ قتال حتى كثرت جراحه، وفتح الله على المسلمين نهاوند، وظفر في تلك المعركة بالشهادة، ودفن كما قيل بحي من أحياء حمص له بابان مطلان على المدينة فسمي الحي باسمه
=إنه عمرو بن معد يكرب الزبيدي والحي "بابا عمرو" ثم صارت شجاعات أهل هذا الحي فيما بعد تنسب للتراب الذي دفن فيه رجلٌ شجاعٌ كالصحابي عمرو.
= وتذكرنا حمص بخالد بن الوليد عندما استوطن حمص ومكث بها حتى مات رحمه الله في 18 رمضان سنة 21هـ وهو يقول :'لقد حضرت كذا وكذا زحفاً وما في جسدي شبرا إلا وفيه ضربة سيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم وها أنا أموت على فراشي حتف أنفي كما يموت البعير فلا نامت أعين الجبناء ' , 'ما ليلة يهدي إلى فيها عروس أو أبشر فيها بغلام بأحب إلى من ليلة شديدة الجليد في سرية من المهاجرين أصبح بهم العدو' . 'لقد طلبت القتل في مظانه فلم يقدر لي إلا أن أموت على فراشي وما من عملي شئ أرجى عندي بعد لا إله إلا الله من ليلة بتها وأنا متترس والسماء تهلني تمطر إلى الصبح حتى نغير على الكفار ثم قال إذا أنا مت فانظروا إلى سلاحي وفرسي فاجعلوه عدة في سبيل الله' ثم أوصى بماله إلى عمر بن الخطاب
كان ذلك في حمص وفي حي الخالدية الذي يزأر اليوم تحت القصف النصيري
=فارفَعوا أكُفَّ الضراعة، وتوسَّلوا إلى الله بألوان الطاعة أن يرَحمَ إخوانكم المُستضعفين والمُضطهَدين والمَنكوبين في كل مكان، ادعُوا دعاءَ الغريقِ في الدُّجَى، ادعُوا وأنتم صادقون في الرَّجَا، أن يجعل الله للمُسلمين من كل همٍّ فرَجًا، ومن كل ضيقٍ مخرَجًا.
المرفقات

130.doc

المشاهدات 2258 | التعليقات 0