خطبة : ( حديث عن الأمانة )

عبدالله البصري
1438/03/10 - 2016/12/09 07:45AM
حديث عن الأمانة 10 / 3 / 1438
الخطبة الأولى :
أَمَّا بَعدُ ، فَـ" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، إِذَا كَانَ بَقَاءُ الأُمَمِ مِن بَقَاءِ أَخلاقِهَا ، وَفَنَاؤُهَا ثَمَرَةً مِن ثَمَرَاتِ ضَعفِ تِلكَ الأَخلاقِ وَذَهَابِهَا ، فَإِنَّ الحَدِيثَ عَنِ الأَخلاقِ وَالتَّواصِيَ بِجَمِيلِ الفِعَالِ ، يَجِبُ أَن يَكُونَ هُوَ السَّائِدَ في مُجتَمَعَاتِ المُسلِمِينَ ، وَيَتَحَتَّمُ أَن يُجعَلَ خَيرَ مَا يُهدَى في المَجَالِسِ مِن كُلِّ أَبٍ لابنِهِ ، أَو في المَدَارِسِ مِن أَيِّ مُعَلِّمٍ لِتِلمِيذِهِ ، بَل وَيَخُصُّ بِهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا أَخَاهُ أَو صَدِيقَهُ أَو رَفِيقَهُ . وَالقُرآنُ الكَرِيمُ وَالسُّنَّةُ المُطَهَّرَةُ هُمَا أَصلُ كُلِّ خُلُقٍ كَرِيمٍ ، وَمَعدِنُ كُلِّ سُلُوكٍ نَبِيلٍ ، وَأَسَاسُ كُلِّ فِعلٍ سَوِيٍّ ، فَتَعَالَوا بِنَا اليَومَ – أَيُّهَا الإِخوَةُ - نُعَرِّجْ في عُجَالَةٍ وَاختِصَارِ عَلَى حَدِيثٍ رَوَاهُ الشَّيخَانِ عَن حُذَيفَةَ – رَضِيَ اللهُ عَنهُ – قَالَ : حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - حَدِيثَينِ قَد رَأَيتُ أَحَدَهُمَا ، وَأَنَا أَنتَظِرُ الآخَرَ . حَدَّثَنَا " أَنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَت في جَذرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ ، ثُمَّ نَزَلَ القُرآنُ فَعَلِمُوا مِنَ القُرآنِ وَعَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ . ثُمَّ حَدَّثَنَا عَن رَفعِ الأَمَانَةِ قَالَ : " يَنَامُ الرَّجُلُ النَّومَةَ فَتُقبَضُ الأَمَانَةُ مِن قَلبِهِ ، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثلَ الوَكتِ ، ثُمَّ يَنَامُ النَّومَةَ فَتُقبَضُ الأَمَانَةُ مِن قَلبِهِ ، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثلَ المَجلِ ، كَجَمرٍ دَحرَجَتهُ عَلَى رِجلِكَ فَنَفِطَ فَتَرَاهُ مُنتَبِرًا وَلَيسَ فِيهِ شَيءٌ - ثُمَّ أَخَذَ حَصىً فَدَحرَجَهُ عَلَى رِجلِهِ - فَيُصبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ ، لا يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الأَمَانَةَ ، حَتَّى يُقَالَ : إِنَّ في بَني فُلاَنٍ رَجُلاً أَمِينًا ، حَتَّى يُقَالَ لِلرَّجُلِ : مَا أَجلَدَهُ مَا أَظرَفَهُ مَا أَعقَلَهُ ! وَمَا في قَلبِهِ مِثقَالُ حَبَّةٍ مِن خَردَلٍ مِن إِيمَانٍ " وَلَقَد أَتَى عَلَيَّ زَمَانٌ وَمَا أُبَالي أَيَّكُم بَايَعتُ ، لَئِن كَانَ مُسلِمًا لَيَرُدَّنَّهُ عَلَيَّ دِينُهُ ، وَلَئِن كَانَ نَصرَانِيًّا أَو يَهُودِيًّا لَيَرُدَّنَّهُ عَلَيَّ سَاعِيهِ ، وَأَمَّا اليَومَ فَمَا كُنتُ لأُبَايِعَ مِنكُم إِلاَّ فُلاَنًا وَفُلانًا ...
إِنَّهُ لَحَدِيثٌ عَظِيمٌ جَلِيلُ القَدرِ ، تَحَدَّثَ عَن صِفَةٍ عَظِيمَةٍ جَلِيلَةٍ ، كَانَت في صَدرِ الأُمَّةِ الأَوَّلِ ، ثُمَّ لم تَزَلْ تَضعُفُ شَيئًا فَشَيئًا وَتَضمَحِلُّ مِنَ القُلُوبِ ، حَتَّى أَوشَكَت في عَصرِنَا هَذَا أَن تُصبِحَ مِن حَدِيثِ المَاضِي وَذِكرَيَاتِهِ . وَقَولُهُ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ – في الأَمَانَةِ إِنَّهَا نَزَلَت في جَذرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ " أَي في أَصلِهَا ، وَمَعنَاهُ أَنَّ اللهَ – تَعَالى - جَبَلَ القُلُوبَ الكَامِلَةَ وَفَطَرَهَا عَلَى الأَمَانَةِ ، فَمَتى وَجَدتَ الرَّجُلَ أَمِينًا صَادِقًا ، فَاعلَمْ أَنَّهُ مَا زَالَ عَلَى الفِطرَةِ السَّوِيَّةِ ، وَمَتى مَا ظَهَرَ مِنهُ خِيَانَةٌ أَو بَدَت مِنهُ قِلَّةٌ في الأَمَانَةِ ، فَاعلَمْ أَنَّ فِطرَتَهُ قَدِ انتَكَسَت ، وَأَنَّ أَخلاقَهُ في الحَضِيضِ قَدِ ارتَكَسَت .
وَقَولُ حُذَيفَةَ : ثُمَّ حَدَّثَنَا عَن رَفعِ الأَمَانَةِ . المُرَادُ مِنهُ ذَهَابُهَا أَو ذَهَابُ أَهلِهَا ، حَتى يَكُونَ الأَمِينُ في حُكمِ النَّادِرِ فَلا يَكَادُ يُرَى وَلا يُوجَدُ .
وَقَولُهُ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - : " يَنَامُ الرَّجُلُ النَّومَةَ فَتُقبَضُ الأَمَانَةُ مِن قَلبِهِ " يُحتَمَلُ أَنَّ المُرَادَ مِنهُ أَنَّ الأَمَانَةَ تُنزَعُ في حَالِ غَفلَةٍ وَضَعفٍ في العَقِيدَةِ وَالإِيمَانِ ، وَيُحتَمَلُ أَن يَكُونَ عَلَى ظَاهِرِهِ ، وَأَنَّ المَقصُودَ سُرعَةُ رَفعِ الأَمَانَةِ مِنَ القَلبِ ، حَتَّى إِنَّهُ بِمُجَرَّدِ نَومِ امرِئٍ في لَيلٍ أَو نَهَارٍ تُرفَعُ الأَمَانَةُ مِن قَلبِهِ ، فَيَصحُو وَقَد فُقِدَت مِنهُ .
وَقَولُهُ : " فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثلَ الوَكتِ " أَي الأَثَرُ اليَسِيرُ ، وَالمَعنى أَنَّ الأَمَانَةَ تَذهَبُ حَتى مَا يَبقَى مِنهَا إِلاَّ اليَسِيرُ القَلِيلُ " فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثلَ المَجلِ فَنَفِطَ فَتَرَاهُ مُنتَبِرًا " وَالمَجْلُ هُوَ الانتِفَاخُ الَّذِي يَكُونُ في اليَدِ مِن أَثَرِ العَمَلِ بِفَأسٍ وَنَحوِهِ ، أَو في الرِّجلِ بِسَبَبِ الحِذَاءِ وَنَحوِهِ ، يَصِيرُ مِثلَ القُبَّةِ وَيَمتَلِئُ مَاءً وَيَتَوَرَّمُ ، ثم لا يَلبَثُ أَن يَنفَجِرَ فَيَذهَبَ مَا فِيهِ ، وَالمَقصُودُ هُوَ سُرعَةُ ذَهَابِ الأَمَانَةِ وَفُقدَانِهَا .
وَقَولُهُ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ – : " فَيُصبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ لا يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الأَمَانَةَ " مَعنَاهُ يَبِيعُونَ وَيَشتَرُونَ بِكَذَبٍ وَخِيَانَةٍ وَخِدَاعٍ ، وَبِلا أَدَاءٍ لِلأَمَانَةِ أَو وَفَاءٍ بِالعُقُودِ .
وَقَولُهُ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - : " حَتَّى يُقَالَ لِلرَّجُلِ مَا أَجلَدَهُ مَا أَظرَفَهُ مَا أَعقَلَهُ " أَيْ يُوصَفُ بِقُوَّةِ الجَسَدِ وَحُسنِ الوَجهِ وَبَهَاءِ الهَيئَةِ وَفَصَاحَةِ اللِّسَانِ ، بَل وَحِدَّةِ العَقلِ وَتَفَتُّحِ الذِّهنِ وَصَفَاءِ التَّفكِيرِ وَالتَّميِيزِ بَينَ الحَسَنِ وَالقَبِيحِ ، وَالحَقِيقَةُ أَنَّهُ " مَا في قَلبِهِ مِثقَالُ حَبَّةٍ مِن خَردَلٍ مِن إِيمَانٍ "
وَفي هَذَا – أَيُّهَا المُسلِمُونَ - فَائِدَةٌ جَلِيلَةُ القَدرِ ، وَتَوجِيهٌ نَبَوِيٌّ كَرِيمٌ ، قَلَّ مَن يَنتَبِهُ لَهُ وَيُقَدِّرُهُ ، خَاصَّةً في زَمَانِنَا ، حَيثُ كَثُرَ اغتِرَارُ النَّاسِ بِالمَظَاهِرِ الخَارِجِيَّةِ ، فَأَثَّرَت في قُلُوبِهِم وَامتَلَكَت نُفُوسَهُم ، بَل وَخَدَعَتهُمُ وَمَالَت بِهِم عَنِ الحَقِّ في تَقوِيمِ الرِّجَالِ ، وَجَنَّبَتهُمُ الصِّدقَ في حُكمِهِم عَلَى الآخَرِينَ وَثَنَائِهِم عَلَيهِم ، مُغَتَرِّينَ بِمَظَاهِرِهِم ، غَافِلِينَ عَن حَقِيقَةِ مَخَابِرِهِم ، مُتَعَامِينَ عَن ضَعفِ إِيمَانِهِم وَقِلَّةِ أَمَانَتِهِم وَدِيَانَتِهِم ، وَهَذَا مِنِ انتِكَاسِ المَفَاهِيمِ وَعَدَمِ سَلامَةِ المَعَايِيرِ في الحُكمِ عِندَ النَّاسِ ، إِذْ يَمدَحُونَ أَحَدَهُم بِجَلَدِهِ وَطُولِ صَبرِهِ عَلَى تَحصِيلِ دُنيَاهُ ، أَو بِفَصَاحَةِ لِسَانِهِ وَجَهَارَةِ صَوتِهِ في الجَدَلِ وَالمُخَاصَمَاتِ ، أَو طُولِ لِسَانِهِ في الرَّدِّ عَلَى الآخَرِينَ وَإِسكَاتِهِم ، أَو بِقُوَّةِ جَسَدِهِ وَدَهَاءِ عَقلِهِ وَقُدرَتِهِ عَلَى غَلَبَةِ الآخَرِينَ وَلَو بِمُخَادَعَتِهِم ، وَهُوَ في الحَقِيقَةِ خَاوِي الجَوفِ خَالي القَلبِ مِمَّا يُمدَحُ بِهِ ، وَخَاصَّةً الأَمَانَةَ ، الَّتي هِيَ مِن أَقوَى دَلائِلِ الإِيمَانِ ، وفي الحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الإِمَامُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ عَن أَنَسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ : مَا خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - إِلاَّ قَالَ : " لا إِيمَانَ لِمَن لا أَمَانَةَ لَهُ ، وَلا دِينَ لِمَن لا عَهدَ لَهُ "
وَقَولُ حُذَيفَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - : وَلَقَد أَتَى عَلَيَّ زَمَانٌ ... يَقصِدُ بِهِ زَمَنَ الصَّدرِ الأَوَّلِ في الإِسلامِ ، حِينَ كَانَتِ الأَمَانَةُ مُستَقِرَّةً في القُلُوبِ ، فَالمُؤمِنُ يَدفَعُهُ إِيمَانُهُ لأَدَائِهَا ، وَالنَّصرَانيُّ أَوِ اليَهُودِيُّ يَدفَعُهُ مَن يَتَوَلاَّهُ ... وَأَمَّا اليَومَ فَمَا كُنتُ لأُبَايِعَ مِنكُم إِلاَّ فُلانًا وَفُلانًا ... يَعني - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أَنَّهُ عَادَ لا يَثِقُ إِلاَّ بِأَشخَاصٍ مُعَيَّنِينَ في دِيَانَتِهِم وَأَمَانَتِهِم .. وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى عُلُوِّ شَأنِ الأَمَانَةِ عِندَ الصَّادِقِينَ وَأَهلِ العُقُولِ الرَّشِيدَةِ وَالفِطَرِ السَّلِيمَةِ ، وَلِذَلِكَ قَالَتِ ابنَةُ شُعَيبٍ – عَلَيهِ السَّلامُ - لأَبِيهَا في شَأنِ مُوسَى – عَلَيهِ السَّلامُ - : " قالَت إِحدَاهُمَا يَا أَبَتِ استَأجِرهُ إِنَّ خَيرَ مَنِ استَأجَرتَ القَوِيُّ الأَمِينُ "
أَلا فَاتَّقُوا اللهَ – أَيُّهَا المُسلِمُونَ – وَأَدُّوا الأَمَانَةَ في كُلِّ مَا يُوكَلُ إِلى أَحَدِكُم حِفظَهُ ويُخلَّى بَينَهُ وَبينَهُ ، سَوَاءٌ عَمَلاً للهِ كَانَ ، أَو تَكلِيفًا مِن غَيرِهِ بِأُجرَةٍ ، أَو وَدِيعَةً أو سرًّا " إِنَّ اللهَ يَأمُرُكُم أَن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلى أَهلِهَا وَإِذَا حَكَمتُم بَينَ النَّاسِ أَن تَحكُمُوا بِالعَدلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا "
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُم وَأَنتُم تَعلَمُونَ . وَاعلَمُوا أَنَّمَا أَموَالُكُم وَأَولادُكُم فِتنَةٌ وَأَنَّ اللهَ عِندَهُ أَجرٌ عَظِيمٌ . يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجعَلْ لَكُم فُرقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُم سَيِّئَاتِكُم وَيَغفِرْ لَكُم وَاللهُ ذُو الفَضلِ العَظِيمِ "
الخطبة الثانية :
أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ – تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ " وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجعَلْ لَهُ مَخرَجًا وَيَرزُقْهُ مِن حَيثُ لا يَحتَسِبُ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، إِنَّ الأَمَانَةَ خُلُقٌ عَظِيمٌ ، بَل هِيَ أَصلٌ مِن أُصُولُ الأَخلاقِ ؛ لِتَعَلُّقِهَا بِشُؤُونِ العِبَادِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنيَوِيَّةِ ، وَلِتَوَقُّفِ الفَلاحِ وَالنَّجَاحِ في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ عَلَيهَا ، قَالَ – تَعَالى - : " قَد أَفلَحَ المُؤمِنُونَ " ثم ذَكَرَ عَدَدًا مِن صِفَاتِهِم إِلى أَن قَالَ : " وَالَّذِينَ هُم لِأَمَانَاتِهِم وَعَهدِهِم رَاعُونَ " ثم خَتَمَ الآيَاتِ بِقَولِهِ : " أُولَٰئِكَ هُمُ الوَارِثُونَ . الَّذِينَ يَرِثُونَ الفِردَوسَ هُم فِيهَا خَالِدُونَ " وَالأَمَانَةُ صِفَةُ الرُّسُلِ وَالأَنبِيَاءِ ، فَفِي سُورَةِ الشُّعَرَاءِ نَجِدُ نُوحًا وَلُوطًا وَهُودًا وَصَالِحًا - عَلَيهِمُ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ – يَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنهُم لِقَومِهِ : " إِنِّي لَكُم رَسُولٌ أَمِينٌ " وَقَد لُقِّبَ نَبِيُّنَا - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – بِالأَمِينِ لِمَا عُرِفَ عَنهُ مِن صِدقٍ وَأَمَانَهٍ وَوَفَاءٍ بِالعَهدِ .
وَالأَمَانَةُ عَلامَةُ الإِيمَانِ ، وَفِيهَا بَرَاءَةٌ مِنَ النِّفَاقِ ، فَفِي الصَّحِيحَينِ قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " آيَةُ المُنَافِقِ ثَلاثٌ : إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَا وَعَدَ أَخلَفَ ، وَإِذَا ائتُمِنَ خَانَ "
وَأَمَّا الخِيَانَةُ فَهِيَ مِن أَسبَابِ عَدَمِ مَحَبَّةِ اللهِ ، قَالَ – تَعَالى - : " إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الخَائِنِينَ " وَلِعَدَمِ مَحَبَّتِهِ – تَعَالى - لِلخَائِنِ فَإِنَّهُ يُخَلِّي بَينَهُ وَبَينَ غَدرَتِهِ في الدُّنيَا حَتى يُفضَحَ بها يَومَ القِيَامَةِ ، فَفِي الصَّحِيحَينِ قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " إِنَّ الغَادِرَ يُنصَبُ لَهُ لِوَاءٌ يَومَ القِيَامَةِ فَيُقَالُ : هذِهِ غَدرَةُ فُلانِ بنِ فُلانٍ "
أَلا فَاتَّقُوا اللهَ – أَيُّهَا المُسلِمُونَ – وَأَدُّوا الأَمَانَةَ عَلَى كُلِّ حَالٍ ، وَلا يَغُرَّنَّكُم مَن تَهَاوَنَ بها أَو فُقِدَت مِن قَلبِهِ ، فَقَد قَالَ إِمَامُكُم – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - : " أَدِّ الأَمَانَةَ إِلى مَنِ ائتَمَنَكَ ، وَلا تَخُنْ مَن خَانَكَ " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وغيرهما وصححه الألبانيُّ .
المرفقات

حديث عن الأمانة.doc

حديث عن الأمانة.doc

حديث عن الأمانة.pdf

حديث عن الأمانة.pdf

المشاهدات 1646 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا