خطبة جمعه بعنوان (( حسن الخاتمه))

algehani algehani
1440/10/21 - 2019/06/24 15:19PM

حسن الخاتمة

الحمد لله الذي هدانا للإسلام وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، فلله الحمد ربِ السماوات وربِ الأرض ربِ العالمين، وله الكبرياء في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له بيده الخير ومنه الخير وهو على كل شيءٍ قدير، وأشهد أن نبينا محمدًا عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا.

أمّا بعد: فاتَّقوا الله ـ عبادَ الله ـ حقَّ التقوى، وراقبوه في السرِّ والنجوَى.( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)    

 عباد الله :

يقول المولى جل وعلا (أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم، ساء ما يحكمون) .

ساعة الختام هي ملخص حياة الإنسان، والخواتيمُ ميراثُ السّوابق .. وحسن الخاتمة أن يوفّق العبد قبل موته للتوبة عن الذنوب والسيئات، والإقبال على الطاعات والقربات، ثم يكون موته على هذه الحال الحسنة .

فعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أراد الله بعبده خيرًا استعمله، قالوا: كيف يستعمله؟ قال: يوفقه لعمل صالح قبل الموت .

ها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم في سكرات الموت، ترى فاطمة رضي الله عنها ما يتغشاه من الكرب الشديد عند الموت، فتقول: واكرب أبتاه، فيقول لها صلى الله عليه وسلم استبشاراً بلقاء ربه وحسن خاتمته: (ليس على أبيك كربٌ بعد اليوم).

وهذا بلال بن رباح رضي الله عنه تحضره الوفاة فيردد: غدًا نلقى الأحبة: محمدًا وصحبه، فتبكي امرأته قائلة: وابلالاه واحزناه، فيقول: وافرحاه.

وهذا معاذ بن جبل رضي الله عنه عندما نزل به الموت قال: مرحبًا بالموت زائرٌ بعد غياب، وحبيبٌ جاء على فاقة، اللهم إني كنت أخافك، فأنا اليوم أرجوك، اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب الدنيا لجري الأنهار ولالغرس الأشجار، ولكن لظمأ الهواجر، ومكابدة الساعات، ومزاحمة العلماء عند حِلَق الذكر.

وهذا الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رحمه الله،عند إحتضاره  قال لمن حوله: اخرجوا عني فلا يبقى أحد، فخرجوا فقعدوا على الباب، فسمعوه يقول: مرحبًا بهذه الوجوه، ليست بوجوه إنس ولا جان، ثم قال: (تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)،.

وهاهو عامر بن عبدالله بن الزبير المؤذن يجود بنفسه في سكرات الموت، ويعد أنفاس الحياة، وأهله حوله يبكون، وبينما هو يصارع الموت، إذ سمع المؤذّن ينادي لصلاة المغرب، فقال لمن حوله: خذوا بيدي فقالوا: إنك عليل، قال: أسمع داعي الله فلا أجيبه!فأخذوا بيده فدخل مع الإمام في المغرب فصلى ركعة ثم مات في الركعة الثانية رحمه الله.

ولقد جعل الشارع الحكيم علامات بينات، ومبشرات مفرحات، يستدل بها على حسن الخاتمة .

1)  أولها : النطق بشهادة التوحيد عند الموت، لحديث معاذ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة)).

ولذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتلقين الميت هذه الشهادة رجاء أن تكون خاتمة عمله، فقال صلى الله عليه وسلم:

((لقّنوا موتاكم لا إله إلا الله))

2)  ومن علامات حسن الخاتمه : أن يختم للعبد بعمل صالح كصيام أو صدقة أو ذكر،

قال صلى الله عليه وسلم : "مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ، خُتِمَ لَهُ بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ صَامَ يَوْمًا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ، خُتِمَ لَهُ بِه دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ، خُتِمَ لَهُ بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ".

3)  ومن العلامات على حسن الخاتمه : الشهادة في ساحات الجهاد، لقوله تعالى: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون. فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون) .

ومن رحمة الله وفضله على هذه الأمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من سأل الله الشهادة بصدق بلّغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه".

4)  ومنها: أن يموت غازياً، أو مرابطاً في سبيل الله، أو يموت بإحدى الميتات التي ورد فيها أجر الشهيد، كالمطعون والمبطون والغريق والحريق، وصاحبِ الهدم والمرأةِ تموت وهي حامل أو بسبب الوضع، والمقتول دفاعاً عن دينه أو نفسه أو ماله،.

5)  ومنها: الموت ليلة الجمعة أو نهارها، لقوله صلى الله عليه وسلم : ((ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر)).

- وإذا كانت هذه العلامات المتقدمة لحسن الخاتمة تظهر للناس، فهناك علامة يعلم بها الميت نفسُه حسن خاتمته؟ وهي: نزول ملائكة الرحمة عليه، تبشره برضوان الله تعالى، فيفرح ويستبشر، قال تعالى: (إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَـٰمُواْ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ ٱلْمَلَـئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بِٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِى كُنتُمْ تُوعَدُونَ).

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بمافيه من الآيات والذكر الحكيم

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئه

فإستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية

الحمد لله معز من أطاعه ومذل من عصاه مجيب دعوة الداعي إذا دعاه  من أقبل إليه صادقا تلقاه ومن ترك لأجله أعطاه فوق ما تمناه، ومن لاذ بحماه وقاه ، ومن توكل عليه كفاه

أحمده سبحانه حمدا يملأ أرضه وسماه،  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له  لا معبود بحق سواه، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الذي اصطفاه وأسرى به إلى سماه وقربه وأدناه ، اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه ومن نصره وآواه واقتفى أثره واتبع هداه.

أما بعد فإعلموا رحمكم الله أن لحسن الخاتمة

أسباباُ كثيرة، يجمعها لزوم الاستقامة على دين الله، قال تعالى (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا) ..

وقد جرت سنة الله سبحانه أن من شب على شيء شاب عليه، ومن شاب على شيء مات عليه، ومن مات على شي بعث عليه.

فمن أعظم أسباب حسن الخاتمة تحقيق التوحيد، وإخلاص الدين لله، والمتابعة لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومنها: المحافَظَةُ على الصَّلواتِ الخمس جمَاعَةً مَعَ المسلِمِينَ، واجتِنابُ الكبائِرِ وعَظائمِ الذّنوبِ، والكف عن ظُلمِ الناسِ، وأداء الحقوق والإحسانُ إلى الخلقِ، كما صح عند الحاكم عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صَنَائِعُ المعروفِ تقِي مصارعَ السّوء"، ومنها: كثرة الدعاء بحسن الخاتمة، وهو دعاء الأنبياء، كما قال يوسف عليه السلام: (توفني مسلماً وألحقني بالصالحين)،

ومن ذلك كثرة ذكر الله تعالى، فمن أكثر ذكر الله كان جديراً بأن يكون ذكر الله حاضراً عند موته .. وهذا من معاني حديث

(تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة) ..

عباد الله ..

إن الموتى لو تكلموا لقالوا لنا: تزودوا من هذه الدنيا بالعمل الصالح .. فإنها فرصة، وقد تكون الفرصة الأخيرة ..

إن الموتى لو بكوا، لم يبكوا من مجرد الموت! وإنما سيبكون من حسرة الفوت.. فقد تركوا دارا لم يتزودوا منها ، ودخلوا دارا لم يتزدوا لها، قال سبحانه (حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون، لعلي أعمل صالحا فيما تركت، كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون).

ألا فأستعدوا للموت قبل نزول الخطر .. وتزودوا بالزاد قبل السفر ..

(وتزودوا فإن خير الزاد التقوى) .

هذا وصلوا وسلموا رحمكم الله على إمام المتقين، وسيد الأولين والآخرين، محمد بن عبد الله، فقد أمركم الله بذلك فقال عز من قائل (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)  اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وآله الطيبين الطاهرين،  وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين، الأئمة المهديين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.

اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين،  وأذلّ الشرك والمشركين، ودمّر أعداء الدين،  اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين.

اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين.

اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، والموت راحة لنا من كل شر،

اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات.

(عباد الله) إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي

يعظكم لعلكم تذكرون

فأذكروا الله العظيم الجليل يذكركم

وأشكروه على نعمه يزدكم

ولذكر الله أكبر والله يعلم ماتصنعون

المشاهدات 2754 | التعليقات 0