خطبة جمعة : تحريم أذية المسلمين

ALbeshre ALbeshre
1439/02/07 - 2017/10/27 08:07AM

بسم الله الرحمن الرحيم

الخطبة الأولى :

الحَمْدُ للهِ الوَلِيِّ الحَمِيدِ؛ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، وَحَرَّمَ أَذِيَّةَ الخَلْقِ بِلاَ حَقٍّ، نَحْمَدُهُ عَلَى نِعَمِهِ وَآلائِهِ، وَنَشْكُرُهُ عَلَى عَطَائِهِ وَإِحْسَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ؛ خَلَقَ آدَمَ مِنْ قَبْضَةٍ قَبَضَهَا مِنْ جَمِيعِ الْأَرْضِ، فَجَاءَتْ أَخْلاَقُ بَنِي آدَمَ عَلَى قَدْرِ الْأَرْضِ؛ فَفِيهِمُ الطَّيِّبُ والْخَبِيثُ وَالسَّهْلُ وَالْحَزْنُ وَبَيْنَ ذَلِكَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أَثْنَى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ فِي الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ، وَأَعْلَى ذِكْرَهُ فِي العَالَمِينَ، وَخَاطَبَهُ سُبْحَانَهُ بِقَوْلِهِ: [وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ]

{القلم:4}، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَلاَ تَكْفُرُوهُ، وَخُذُوا دِينَهُ بِعَزْمٍ وَقُوَّةٍ؛ [فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ] }الزُّخرف:43. {

أيها المسلمون: لقد دعا الإسلام إلى مكارم الأخلاق، وحث عليها، ورغب فيها؛ فدعا إلى العشرة الطيبة، والمعاملة الحسنة، كما دعا إلى لين الجانب، وبذل الندى، وكفّ الأذى، وأخبر -صلى الله عليه وسلم- أن كفَّ الأذى من أفضل خصال الإسلام، فعن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قلنا: يا رسول الله! أيُّ الإسلام أفضل؟ قال: "من سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده" متفق عليه .

إن الإسلام دين شامل كامل من جميع الجوانب… فنظم أمور العباد الدينية والاقتصادية والاجتماعية، وجعل لها ارتباطا وثيقاً بالأحكام الشرعية .

ومما اهتم به الإسلام وأكَّد عليه تقويةُ العلاقة بين المسلمين، والحفاظُ على أواصر الترابط الاجتماعي، مبيِّناً الرابطة القوية التي تجمعهم، وهي الأخوَّةُ في الدين فقال: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [الحجرات:10].

وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- قال: "لاَ تَحَاسَدُوا وَلاَ تَنَاجَشُوا وَلاَ تَبَاغَضُوا وَلاَ تَدَابَرُوا وَلاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا. الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ؛ لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يَخْذُلُهُ وَلاَ يَحْقِرُهُ. التَّقْوَى هَا هُنَا" وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، "بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُه".

فاحتقار المسلم، وانتهاك حرماته، والتعدي على حقوقه وممتلكاته، من علامات الشر في العبد.

بل أكد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أمر هام، وله شأن عظيم في تقوية أواصر المحبة بين المسلمين، فقال: "لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ".

وحذَّرَ الله -جل وعلا- من إيذاءِ المؤمنين، فقال -سبحانه-: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) [الأحزاب:58]، وهذا يشمل الإيذاءَ الحسي والمعنوي، بالقول أو بالفعل، كالاعتداء على الأموال والممتلكات والحُرُمات، أو السبِّ والشتم، أو الاتهامات الكاذبة، أو الشائعات المغرضة. وليعلم من يفعلُ ذلك أنَّ الله -جل وعلا- يدافع عن عباده المؤمنين، ويُبطلَ كيد الكاذبين، (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا) [الحج:38].

ومن حرص النبي -صلى الله عليه وسلم- على حفظ حقوق المسلمين وعدم إيذائهم، ما جاء في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لأصحابه: "إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ بِالطُّرُقَاتِ!" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لَنَا بُدٌّ مِنْ مَجَالِسِنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا أَبَيْتُمْ إِلاَّ الْمَجْلِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ"، قَالُوا: وَمَا حَقُّهُ؟ قَالَ: "غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلاَمِ، وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْىُ عَنِ الْمُنْكَرِ"، فأمَرَ الرسول -صلى الله عليه وسلم- بإعطاء المسلم حقَّهُ، ومن حقِّهِ كفُّ الأذى بجميع أنواعه وصنوفه ودرجاته.

فإذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- قد قال لمن يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة: "اجْلِسْ فَقَدْ آذَيْتَ"، فما أكبر منها أشدُّ وأعظم.

ومن شدة الحرص على عدم إدخال الشكوك بين المسلمين، وعدم فتح الباب للشيطان للإفساد بينهم، قال -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا كُنْتُمْ ثَلاَثَةً فَلاَ يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ صَاحِبِهِمَا؛ فَإِنَّ ذَلِكَ يُحْزِنُهُ".

وفي رواية عند الترمذي: "فَإِنَّ ذَلِكَ يُؤْذِي الْمُؤْمِنَ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَكْرَهُ أَذَى الْمُؤْمِنِ"؛ فأذيّة المؤمنين والإضرارُ بهم ذنب عظيم، وجرم كبير، وسببٌ لسخطِ الله -جل وعلا- وغضبِه.

معاشر المؤمنين: صعد النبي -صلى الله عليه وسلم- يوما على المنبر فَنَادَى بِصَوْتٍ رَفِيعٍ، فَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ، وَلَمْ يُفْضِ الْإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ، لَا تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ، وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ، وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ يتَّبِعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ يتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ يتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ".

فالمسلمُ الحَقُّ هُوَ من كفَّ أذاهُ عن المسلمين، كما جاء في الصحيحين عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ".

عباد الله: ويزداد جُرمُ الأذى وإثمُهُ وشناعتُه عندما يكون موجَّهاً إلى أحدٍ من أهل العلو والتقوى والصلاح؛ عَن أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ"، فمن ذا الذي يقدر على محاربة الله عز وجل؟.

ومن الجرائم العظمى إيذاء الجار، فالجار له حق عظيم على جاره، عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُه".

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ".

وفي الحديث المتفق عليه: "مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلا يُؤْذِ جارَهُ"، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: "هِيَ فِي النَّارِ".

فاتقوا الله عباد الله، واحذروا من أذية المسلمين في أنفسهم أو أموالهم أو أعراضهم.

واعلموا -عباد الله- أنَّ الذبَّ عن أعراض المسمين من فضائل الأعمال؛ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "مَنْ ذَبَّ عَنْ لَحْمِ أَخِيهِ بِالْغِيبَةِ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُعْتِقَهُ مِنْ النَّارِ".

وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟" قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لاَ دِرْهَمَ لَهُ وَلاَ مَتَاعَ. فَقَالَ: "إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاَةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ".

اللهم إنا نسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، والفوز بالجنة والنجاة من النار.

أقول ما قلت، فما كان من صوابٍ فمن الله، وما كان من خطأ فمن نفسي والشيطان، والله ورسوله بريئان منه.

واستغفروا الله؛ إن الله غفور رحيم.

 

الخطبة الثانية :

الحمد لله على إحسانه، والشّكر له توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أنّ سيّدنا ونبيّنا محمّدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، اللهمَّ صلّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه .

أما بعد: أيها المسلمون، فأوصيكم ونفسي بتقوى الله -عز وجل-، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ) [التوبة:119].

أحبتي في الله: اعلموا أن إيذاء المسلمين يأتي على صور شتى، بعضها يجهله الناس، وبعضها يتساهلون في أمره، وليس من الممكن ذكر جميعِ صورِ الأذى، ولكن سأذكر بعضاً من الصور لتُعرف وتتقى ويقاسُ عليها غيرها.

فمن صور إيذاء المسلم: مكايدتُه، وإلحاقُ الشر به، واتهامُهُ بالباطل، ورميُهُ بالزور والبهتان، وتحقيرُه، وتصغيرُه، وتعيِيرُه، وتنقصُّهُ، وثَلْمُ عِرضِهِ، وغِيبَتُهُ، وسَبُّه وشتمُه، وطعنُهُ ولعنُهُ، وتهديدُه، وترويعُه، وابتزازُهُ، وتتبُّعُ عورته، ونشرُ هفوته، وإرادةُ إسقاطِه وفضيحتِه، وتكفيرُه، وتبديعُه، وتفسيقُه، وقتالُهُ وحملُ السلاح عليه، وسلبُه ونهبُه، وسرقتُه، وغِشُّه، وخداعُه، والمكرُ به، ومُماطَلتُهُ في حقه، وإيصالُ الأذى إليه بأيِّ وجهٍ أو طريق.

كل ذلك ظلمٌ وجُرْمٌ وعدوان لا يفعلُهُ إلا من شُحِن جوفه بالبغضاء والضغناء، وأُفعِمَ صدره بالكراهية والعداء؛ يفعل ذلك من أجل أن يُحزِنَ أخاهُ ويؤذِيَه، وأن يُهلِكَه ويُردِيَه، وكفى بذلك إثما!.

ومن صور الإيذاء: التشويشُ على المُصلِّين في المساجد برفع الأصوات، والمزاحمة، والمدافعة، وتخطِّي الرقاب، والإتيان إلى المسجد بالروائح الكريهة المنتنة.

فعن عبد الله بن بُسْر -رضي الله عنه- قال: جاء رجلٌ يتخطَّى رقاب الناس يوم الجمعة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب، فقال: "اجلس فقد آذيت" رواه أبو داود وابن ماجه.

وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: اعتكف النبي -صلى الله عليه وسلم- في المسجد، فسمعهم يجهرون بالقراءة، فكشف الستر، وقال: "ألا إن كلكم مُناجٍ ربَّه، فلا يؤذِينَّ بعضُكم بعضًا، ولا يرفع بعضكم على بعضٍ في القراءة" رواه أبو داود.

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من أكل من هذه الشجرة فلا يقربنَّ مسجدنا، ولا يؤذينَّا بريح الثوم" رواه مسلم، وفي لفظ: "فإن الملائكة تتأذَّى مما يتأذَّى منه بنو آدم".

وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان الناس يسكنون العالية، فيحضرون الجمعة وبهم وَسَخٌ، فإذا أصابهم الرَّوح سطعت أرواحهم فيتأذَّى بها الناس، فذُكِرَ ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "أولا يغتسلون؟!" رواه النسائي.

ومن صور الأذى: التخلِّي في طرق الناس وأفنيتهم، وقضاء الحاجة في أماكن تنزُّههم، وجلوسهم، وتنجيسها، وتقذيرها بالأنجاس والمهملات؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "اتقوا اللعَّانَيْن"، قالوا: وما اللعَّانان يا رسول الله؟ قال: "الذي يتخلَّى في طريق الناس، وظِلِّهم" رواه مسلم.

وعن أبي برزة الأسلمي -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله! دُلَّني على عملٍ يُدخِلُني الجنة، قال: "اعزِلِ الأذَى عن طريق المسلمين" رواه أحمد.

ومن صور الإيذاء والاعتداء: إيذاء الرجلِ زوجتَه بالجور، والظلم، والقهر، والقسوة، والغلظة، والبخل، والحرمان، والتهمة، والظن، والتخوين، والشك في غير رِيبة، ومعاملتها بالخلق الدنيء، واللسان البَذِيء الذي لا تَبْقَى معه عِشْرَة، ولا يدوم معه استقرارٌ ولا سكونٌ ولا راحة.

ومن الرجال من يترك زوجته مُعلَّقة، لا ذات زوجٍ ولا مُطلَّقة، ليحمِلَها على الافتداء ودفع عِوَضِ المُخالعة ظلماً وعدواناً، ومن الرجال من يحرم المرأة أولادها بعد تطليقها إمعاناً في الإساءة والأذى.

ومن صور الأذى: إيذاء المرأة زوجَها بالمعاندة والمعارضة والمكايدة والاستفزاز، وعدم رعاية حقِّه في المغيب والمشهد، إلى غير ذلك من الصور التي يرفضها الشرع الحكيم، ويأباها الطبع السليم، والعقل المستقيم.

فاتقوا الله أيها المسلمون واحذَروا من أذيّة إخوانِكم بأيّ نوعٍ من أنواع الأذى أو صورةٍ من صوَر الإضرَار، فذلكم وقوعٌ في شرّ عظيم وخطرٍ جسيم، واسلَموا بدينكم، وحافِظوا على أعمالكم، فرسولنا صلى الله عليه وسلم يقول: "من آذى المسلمين في طرقِهم وجبت عليه لعنتُهم" أخرجه الطبراني بسند حسن، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل: يا رسول الله، إنّ فلانة تصلّي الليلَ وتصوم النّهار وتؤذي جيرانَها بلسانها، فقال: "لا خيرَ فيها، هي في النّار" صححه الحاكم وغيره.

ثمّ إنّ الله جلّ وعلا أمرنا بأمر عظيمٍ تسعَد به حياتنا وتفلح به أخرانا، ألا وهو الإكثار من الصلاة والسلام على نبيّنا وسيّدنا وحبيبنا.

فقال سبحانه : ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) الأحزاب:56.

................الدعاء

 

 

المشاهدات 6718 | التعليقات 0